أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - تعليق مختصر علي برنامج الاشتراكيين الثوريين















المزيد.....

تعليق مختصر علي برنامج الاشتراكيين الثوريين


حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 11:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


أصدرت حركة الاشتراكيون الثوريين برنامجا هو تصورها لاستكمال مهمات الثورة . و البرنامج في هذا الرابط http://www.e-socialists.net/node/8597 .
أول ما تلاحظه في هذا البرنامج هو أنه برنامج راديكالي جدا من حيث شكله فتجد نسبة الحد الأدنى للحد الأقصى للأجور 10 أقل من الشائع و هو 15 و تجد نقاط كثيرة متعلقة بالتأميم و الإصلاح الزراعي الخ. لذا فلا يمكن إلا أن تسأل من الذي سوف يحقق هذه "المطالب" أو الأهداف كلها؟ و هذا هو جوهر أي برنامج ثوري ما هي طبيعة السلطة التي نسعى الآن و فورا لقيامها؟ و علي هذه النقطة الجوهرية لا يقدم البرنامج أي رد. أن الهدف من أي برنامج ثوري هو تحديد طبيعة "النظام" الذي يجب أن تسعي القوي الثورية لأقامته. و هذا هو معني تجاوز غموض شعارات الثورة التي ألمح لها هذا البرنامج المعنون " برنامج الاشتراكيين الثوريين لاستكمال الثورة المصرية، ". و علي غرار هذا البرنامج يوجد منذ ما قبل الثورة عشرات البرامج و كلها يجمعها عدم الإجابة علي السؤال المركزي و هو عن أي سلطة نتحدث. هل سيمكن تحقيق مثل هذه المطالب في ظل النظام القائم؟ هل الضغط الشعبي من أسفل سيكون كافيا لإرغام النظام علي تبديل جلده تماما و تحقيق مثل هذه الإصلاحات الواسعة النطاق. أن من الواضح أن هذه الإصلاحات لا يمكن تحقيقها في ظل هذا النظام. لذا يصبح من الضروري أن يقدم أي برنامج ثوري طبيعة النظام "الجديد" الذي يمكنه أن يحقق هذا البرنامج .و في مقالات أخري تحدثت عن الجمهورية الديمقراطية الشعبية كأداة ضرورية لنقل مصر من عصر الاستبداد لعصر أكثر حرية. لكن الاشتراكيين الثوريين لم يكلفوا أنفسهم عناء مناقشة أو حتي تحديد موقف من هذا الشعار الجامع الذي هو حقا الشعار الذي يجلي غموض مطالب الثورة المصرية. خاصة و أن كل برنامج مطلبي هو هيكل يتسع و يضيق حسب التطورات الفعلية التي تجري علي الأرض و حسب تعقد الصراع الطبقي.علي كل حال لنتجاوز عن هذا و لنري ما الذي يقدمه لنا هذا البرنامج

تحت عنوان العدالة الاجتماعية - السياسة الاقتصادية العامة نري ما يمكن تسميته بفلسفة هذا البرنامج فيقول "وبالطبع لا يمكن تحقيق ذلك سوى من خلال دولة تقوم بالدور الرئيسي في الاقتصاد، دولة تكون مسئوليتها الرئيسية ليس تنمية أرباح رجال الأعمال بل تنمية الموارد لتحسين وتطوير معيشة الأغلبية." فالبرنامج هو مجموعة من المطالب التي يرجي أن تقوم "الدولة" باتخاذها. و بالنظر لباقي المطالب نجد أننا أمام دولة ناصرية مستبدة تسيطر و تتحكم في كل الموارد . مثل هذه الدولة التي تمتلك القاعدة الاقتصادية الضخمة لابد أن تكون دولة أستبدادية مهما قيل عن الرقابة الشعبية التي تصبح هنا ذرا للرماد في العيون مادام الأساس الاجتماعي للاستبداد قائما و هو الاحتكار الاقتصادي.و في قضية الموارد يجب الإجابة علي ثلاثة أسئلة عن توزيع الموارد و تنمية الموارد و أدارة الموارد. و قد أجاب البرنامج عن قضية التوزيع عن طريق تقديم عدد من الإصلاحات -مثل الحد الأدنى و الأقصى – و هي المطالب التي أصبحت مطالب شعبية الآن. أما عن التنمية فلم يقدم لنا البرنامج إلا أشياء عامة متعلقة بإقامة مشروعات كبري ! و لم يتوقف البرنامج ليسأل هل ما نحتاجه هو مشروعات كبري أم صغري و هل نستطيع أقامة مشروعات كبري أم لا و ما هي طبيعة مثل هذه المشروعات. فعلي سبيل المثال مشروع تطوير الري في الوادي لاستخدام أساليب الري الحديثة هو من المشروعات "الكبري" لأنه سيتكلف عشرات المليارات و لكنه أيضا من المشروعات الصغري لأنه قابل للتنفيذ بتكنولوجيا محلية و بشكل تراكمي و هكذا مشروع أنتاج الكهرباء من المراوح و الطاقة الشمسية لها نفس الخصائص و أعادة بناء و نقل العشوائيات و سوف نتعرض له لاحقا. مثل هذا النوع من المشروعات هو ما نريد مشروعات لا تحتاج لرؤس أموال كبيرة للبدء فيها و لا تحتاج تكنولوجيا متقدمة تستورد و يمكن أن تدار مباشرة بواسطة المنتجين. لكن البرنامج و قد عول علي الدولة الأخطبوطية الكبيرة لا يتساءل عن هذه الأشياء. أما عن أدارة الموارد فيقول لنا البرنامج أنه "بالطبع" يجب أن يكون في يد الدولة أي يقدم لنا برنامجا رجعيا في مضمونه يدعو للعودة للناصرية

و من الغريب أن يضع ضمن البرنامج مطالب بالغة التطرف مثل "وقف سداد أقساط وفوائد الديون الخارجية التي راكمها النظام السابق وإعادة توجيهها للاستثمار العام في الصحة والتعليم والسكن” و مثل "وقف التعامل نهائياً مع الصندوق والبنك الدوليين " و لا يقدم لنا البرنامج أي جواب عن كيفية تحقيق مثل هذه المطالب في دولة تعتمد علي التصدير -البترول و السياحة- ألا تؤدي مثل هذه الإجراءات لشل كامل للاقتصاد؟ أن المنطلق في البرنامج هنا هو منطلق أخلاقي في المحل الأول . فمادام من "حقنا" ألا ندفع الديون فيجب ألا ندفع بصرف النظر عن علاقات القوي. مثل هذه المطالب هي أشياء طفولية لو قدر للاشتراكيين الثوريين أنفسهم أن يحكموا لما قاموا بتنفيذها. ثم أن القدر الأكبر من ديون الحكومة المصرية هو ديون محلية – الديون الخارجية حوالي 35 مليار دولار أي 200 مليار جنية بينما المحلية تتجاوز 500 مليار جنية – فهل نتوقف أيضا عن دفع الديون المحلية التي نهبها النظام السابق؟ و كيف يمكن في عالم اليوم المندمج أن تتوقف مصر عن التعاون مع البنك الدولي مثلا ؟ ألا يدرك كاتب البرنامج أن هذا سيؤدي لنتائج كارثية علي الاقتصاد و السياسية بالتالي؟ في الأغلب أن كاتب البرنامج لم يفكر كثيرا في مثل هذه النقاط بل وضعها لأنها تبدو متطرفة و "يسارية"

و عن العمال و الفلاحين يقدم البرنامج عدد من النقاط كثير منها هي نقاط الاتفاق الشعبي العام و بعضها مستوحي من الدولة الناصرية مثلا "تأميم صناعة وتجارة السماد وتوجيه منتجاته للسوق المحلي بدلاً من التصدير " في أتساق مع نظرية الدولة الناصرية المهيمنة. و علي نفس المنوال يتحدث البرنامج عن تشغيل البطالة و تثبيت المؤقتين و الالتزام بتعيين الخرجين علي غرار الطريقة الناصرية رغم أن الناصرية نفسها عجزت عن تحقيق ذلك حتي في أقصي لحظاتها. أن عدد العاطلين في مصر لا يمكن أن يقل عن 10 مليون شخص من قوة العمل التي تبلغ 26 مليونا. و هذا بالطبع لان الإحصاءات الرسمية تورد من يبيع مناديل الورق باعتباره "يعمل" و إذا أضفنا النساء فلن يقل عدد العاطلين عن 20 مليون شخص لان الإحصاءات الرسمية أيضا تعتبر النساء المتزوجات غير راغبات في العمل و لا تضم من النساء لقوة العمل إلا 5 مليون أو أكثر قليلا. و لو افترضنا أن العاطلين 10 مليون فكيف تتوفر استثمارات تكفي لتوظيف كل هؤلاء و هي لن تقل عن 100 مليار جنية -هذا عدا الاستثمارات الأخري الضرورية للتعليم و الصحة الخ – أن النموذج الناصري الذي يتبناه هذا البرنامج لم ينهار إلا لأنه لم يستطيع الوفاء بمثل هذه الالتزامات. و مع التأميميات الكبري التي يدعو لها البرنامج فلا يمكن تصور إلا أن القطاع الخاص سيتوقف عن الاستثمار أيضا بينما هو يقدم حاليا 80% من الاستثمارات . أن كاتب أو كتاب البرنامج لا يدركون أنه من المحتم أن تمر مصر بمرحلة انتقالية تمتد لسنوات حتي يمكن أزاله الآثار المروعة لنظام مبارك و من سبقه. و في هذه المرحلة لا مفر من تشجيع القطاع الخاص و الأجنبي علي الاستثمار في مصر و إلا وقعنا في كارثة اجتماعية كبري. أنه لأمر مؤسف أن يتحدث البرنامج عن هذه الأمور باستخفاف كما لو أنها ليست أمور تتعلق بحياة و عيش ملايين من البشر.

من الأمور الجيدة في هذا البرنامج أنه يفرد قسما خاصا للمرأة و قضاياها. لكن مفهوم كاتب البرنامج أو كتابه عن قضايا المرأة للأسف مفهوما مشوشا و ملوثا علي وجه الخصوص بمفاهيم اليمين الديني عن النساء و خاصة عن مقارنة النساء في مصر بالنساء في الدول الإمبريالية. يقول البرنامج "كذلك تتعرض النساء لاَضطهاد ذي جذور ثقافية يستخدمها النظام والإعلام وأصحاب العمل لترسيخ مفاهيم رجعية تساعدهم في التحكم في النساء والرجال معاً. “ و هو هنا يروج لاقصي الأفكار يمينية عن جذور أضطهاد النساء فيضعها باعتبارها "جذور ثقافية" بينما أن الواقع نفسه و خصوصا في مصر يفضح أن أضطهاد النساء ما هو إلا أضطهاد طبقي و أن علي العكس هذه "الجذور الثقافية" أنما تنبني علي هذا الاضطهاد الطبقي. و هذا الاضطهاد الطبقي ليس حكرا علي النمط الرأسمالي و أنما يمتد لكل أنماط الإنتاج الطبقية. و لقد قامت الرأسمالية بتحرير النساء من الاضطهاد الواقع عليهن من قبل الإفظاع المتخلف. و لم تفعل ذلك إلا لتضطهدهن بطريقتها الخاصة عبر العمل المأجور. كما حررت الفلاحين من القنانة كي تستعبدهم في سوق العمل كعمال "أحرار" أن مثل هذه الأسس لفهم قضايا المرأة مشوشة في البرنامج تشويشا بالغا. بل أن البرنامج يعتبر أن "وبين الرؤية الرأسمالية التي تستخدم النساء لترويج بضاعتها وتحول جسد النساء لسلعة في خدمة المستهلكين الرجال. “ و هذا مجرد نقل عن اليمين الديني. فالنساء في الرأسمالية ليسوا سلعة. و النساء اللاتي يعملن في الجنس في المجتمعات الرأسمالية نسبتهم قليلة جدا للنساء العاملات – عدد العاملات النساء في الولايات المتحدة مثلا يفوق الرجال – و بدون شك أن عبودية الجنس هي أحد مظاهر عبودية النساء و العمل المأجور لكن أختصار عبودية العمل المأجور لدي النساء في عبودية الجنس هو تشويه فظ. و هذا التشوية الفظ أنما هو خدمة مجانية يقدمها البرنامج لليمين الديني الإسلامي فيساوي بين وضع المرأة في مصر و وضعها في الدول الرأسمالية المتقدمة. و كل من وضع قدم في تلك الدول يدرك فورا أن هذا محض كذب لا أكثر.بل يساوي بين وضع النساء حاليا و وضعهم في مصر نفسها قبل المد الرجعي الإسلامي و حتي هذا هو مجرد كذب عاري عن الصحة. أن اليمين الديني يتبني مفاهيم أقطاعية عن النساء أكثر تخلفا بما لا يقاس في الرأسمالية أو حتي مصر الليبرالية أو الناصرية.لكن البرنامج يساير هذا اليمين طالما يعتبره – للأسف- “القوى السياسية الإصلاحية " و أي سخرية بل أي مسخرة أن يتبني برنامج يساري عن النساء مفاهيم أشد أعداء النساء رجعية! و لهذا فأن هذا البرنامج شديد اليسارية يمتنع عن ذكر الزواج المدني في بند الحقوق الشخصية خوفا من إيذاء مشاعر اليمين الديني.علي أن الخلط في المفاهيم ليس هو أسواء ما في البرنامج عن النساء. أن البرنامج بإهماله التام للحركة النسائية المستقلة أنما ينكر عمليا تحرير النساء رغم كل "الإصلاحات" التي يوردها. أن تحرير النساء كما تحرير باقي الفئات و الطبقات لن يتم إلا عبر نضال هذه الفئات الموحد المستند لفهم حقيقي لقضاياهم.

نفس الخدمات المجانية المقدمة لليمين الديني في قضية المرأة تقدم مرة أخري في القضية الأخري الأثيرة لديه و هي قضية الأقباط "المسيحيين" و يميل البيان لإنكار الواقع و هو أن أضطهاد المسيحيين ليس مجرد أضطهاد بهدف فصل العامل المسيحي عن المسلم و أنما هو أضطهاد أجتماعي شامل.فالمسيحي في مصر مضطهد بسبب دينه و عقيدته. و الدليل علي هذا أن ابسط مسلم يمكنه أن يقيم جامع أو زاوية حيث يعمل بينما أغني مسيحي لا يمكنه أن يفعل ذلك و إلا قامت الدنيا. و لا يتسع المجال هنا لتقديم نقد كامل لمفهوم الاشتراكيين الثوريين عن قضية الاضطهاد الديني في مصر. غير أننا نواجه مرة أخري بنفوذ اليمين الديني الفكري وسط الاشتراكيين الثوريين. فكما المساواة بين أوضاع النساء في مصر تحت نفوذ اليمين الديني و أوضاعهم في العالم. المساواة بين رجعية هذا اليمين و رجعية الكنيسة المصرية. و يتجنب البيان تحديدا الإشارة لاضطهاد المخالفين الدينين علي هذا النحو بل يستخدم التعبير الشائع و هو "الفتنة الطائفية" كما لو أننا لا نعلم أي طائفة تعتدي علي أي طائفة!! و رغم ذلك يجد كتاب البرنامج في أنفسهم جرأة كي يسخروا من شعار الحركة الوطنية المصرية "الدين لله و الوطن للجميع" و هو الشعار الذي يعكس مفهوما أكثر تقدما بكثير مما يقدمه البرنامج نفسه!!
ثم يأتي البرنامج علي أقسام التعليم و الصحة و السكن. و في كل هذه الأقسام نجد نفس الشئ الدولة الناصرية تطل علينا من جديد بنفس الطريقة. و يتسأل المرء كيف يفوت كتاب البرنامج أن يقدموا تصورا عن أسباب انهيار الناصرية و قد كانت تقوم بمعظم ما يدعون أليه؟ ناهيك عن كيفية توفير الموارد لتحقيق كل هذه الإنجازات. أن الشعبوية لا تكلف شيئ لكن لما التوقف عند هذه الحدود المتواضعة؟ لما لا نطالب بمدارس حديثة مجهزة بملاعب و حمامات سباحة و مستشفيات عصرية و فيلات لسكن العاملين ؟ بما أننا لسنا مطالبين بأن نضع الموارد في حسابنا؟ لما لا نطالب بإقامة 100 جامعة جديدة و 100 مدينة جديدة في صحرائنا !! الشعبوية بعد الناصرية هي من سمات هذا البرنامج.و من الطريف مثلا أن نجد البرنامج يدافع عن مساكن العشوائيات التي هي ليست مساكن أدمية كما يعلم جيدا كتاب البرنامج فقط من أجل عيون الشعبوية .

أن حل قضايا التعليم و الصحة و السكن لا يمكن أن يتم و لا يجب أن يتم إلا علي حساب هذه الدولة المركزية التي يعشقها كتاب هذا البرنامج. أي بأن يكون التعليم و الصحة و السكن تحت السيطرة الكاملة للسكان كل في موقعه أو حيه أو قريته و أن ترفع الدولة يدها تماما عن هذه الأمور إلا فيما يتعلق بالتمويل و القضايا القومية. و في هذه الحالة سيقوم السكان بابتداع الأساليب و الوسائل الجديدة لحل مثل هذه الأزمات الطاحنة. و أن يكون التزام الدولة بمجانية التعليم و الصحة و الحق في السكن عبر السلطات المحلية لقد أنتهي عصر الدولة الناصرية و بدأت الثورة عصرا جديدا علينا أن نفكر بروحه و لا نطلق أشباح الماضي مهما كانت عزيزة علينا.

نأتي الآن لقسم الحرية و الديمقراطية.و بعد تكرار الفهم المغلوط للثورة و لما يسميه البرنامج الإصلاحية الإسلامية الخ الخ يصل البرنامج لشيء إيجابي و هو "ما زلنا نحتاج للنضال من أجل خلق ديمقراطية شعبية مباشرة " حقا أن مجمل البرنامج يعادي هذه الديمقراطية الشعبية بما أنه يضع كل الأمور في يد الدولة لكن لنري كيف ينظر البرنامج لهذه الديمقراطية الشعبية.علي عادة البرنامج فأنه يتطلع لسلطة الدولة نفسها لبناء "اللجان الشعبية" فيأتي بند هذه اللجان ضمن البنود القانونية للحريات العامة -إلغاء الطوارئ الخ- و يتصور القارئ كما لو أننا نتحدث عن الاتحاد الاشتراكي حتي يكون النقل من الناصرية كاملا.و لكن علي كل حال فأن هذا النضال من أجل بناء لجان شعبية أو من أجل تحويل المحليات للجان شعبية ذات سلطة هو نضال واجب و ضروري أيا كانت الصياغة. و بما أن البرنامج أستعرض عدد من النقاط الهامة بخصوص الحريات العامة أود أن أصيف نقطة يتغافلها كثيرين متعلقة بالفضاء الإعلامي. أن هذا الفضاء الإعلامي – موجات الأثير التي تحمل القنوات الفضائية – هي ملك للشعب ضمن ممتلكاته مثل الأرض و ماء النيل و الموارد الطبيعية و الآثار. أن استخدام مثل هذه الموجات يجب من قبل مستثمرين يجب أن يقابله مساهمتهم في تخصيص موجات إذاعية و تلفزيونية لعامة الشعب و للمحليات كما يجب أن يقابله كشف كامل عن السر التجاري لمثل هذه الفضائيات. أن حرية الصحافة هي كلمة جوفاء بدون وسائل الصحافة بل هي لا تخدم علي الأغلب سوي الرجعية الدينية و القومية الحاكمة.

أخيرا نأتي للقسم المخصص لما يعرف عادة بالقضية الوطنية. و في هذا القسم يسوق البرنامج النقاط المعروفة حول إلغاء معاهدة كامب ديفيد و الخ.

يبقي أن نتناول ما لم يتناوله البرنامج و هو كثير. لقد أغفل البرنامج تماما قضايا فقراء المدن و هم من قاموا فعليا بالثورة و قدموا الشهداء و قضايا فقراء المدن تتراوح ما بين معالجة قضية أطفال الشوارع باعتبارهم مسئولية الدولة عبر منظمات محلية – المحليات – أعادة التأهيل المهني و التوظيف و السكن معالجة مشكلة العشوائيات ببناء مساكن إنسانية و مجتمعات جديدة علي أن يشارك سكان هذه العشوائيات في التخطيط و التنفيذ و في الاستفادة المادية أذا كان مكان العشوائية من ما له مردود عالي – مثلا بولاق أبو العلا – بحث قضيتي المخدرات و الدعارة بشكل مجتمعي و أعادة التأهيل الاجتماعي للضحايا. كما أغفل البرنامج قضية البيئة أغفالا تاما .

أن أي برنامج لا يمكنه أن يكون برنامجا شاملا و لا يمكنه إلا أن يكون بوصلة للنضال فالمسار الفعلي للصراع الطبقي هو ما يحدد في النهاية أي الحلول و الشعارات يمكن حشد الجماهير حولها و في آي لحظة . لكن أيضا بدون برنامج لا يمكن المضي قدما للأمام و علي وجه الخصوص لا يمكن المضي قدما للأمام و اجتياز أمتحان الواقع دون تحديد موقف واضح من السلطة و هو ما يغفله هذا البرنامج و هو الذي يجب أن يكون جمهورية ديمقراطية شعبية.



#حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق الثورة المصرية
- ما هي ديكتاتورية البروليتاريا؟
- بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة
- الديمقراطية الشعبية المصرية
- عن العسكر و الإخوان و البرلمان
- مندوب حزب التحالف يذهب للقاء مينا دانيال
- عرقنة مصر
- عزف علي أوتار الثورة
- الدول المصرية
- ستنتصر ثورتنا رغما عن المجلس العسكري
- دعوة لعقد مؤتمر وطني للقوي الثورية
- معضلات الثورة المصرية في حلقتها الجديدة
- 18 نوفمبر و تكرار خطاء 11 فبراير
- بالصلاة علي النبي
- ماذا ما بعد؟ مقدمة لخريطة طريق لانتصار الثورة
- بين الانتخابات المصرية و الحرب الإمبريالية الأولي
- مرة ثانية الإسلاميين
- تكتيك النظام و تكتيك الثورة
- التمييز الديني والعولمة


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - تعليق مختصر علي برنامج الاشتراكيين الثوريين