أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة















المزيد.....


بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة


حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3672 - 2012 / 3 / 19 - 14:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة

هذا المقال تعليق علي مقال كتبه الأستاذ خليل كلفت علي موقع الحوار المتمدن بعنوان "سباق رئاسي محموم في مصر بين مرشحين محتملين على رئيس محتمل لجمهورية غير محتملة"
في هذا الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=299231

و المقال المذكور يتناول العديد من القضايا التي أتفق و أختلف معه فيها لكنني سأركز هنا علي نقد فكرته عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية و سألمح أيضا لقضايا آخري تناولها الأستاذ خليل و لا أتفق معه فيها.

لماذا أدعو للمشاركة في أنتخابات الرئاسة؟

في أعقاب الثورة المصرية نشأت عمليتين سياسيتين متعارضتين. عملية ثورية تهدف لأسقاط النظام الذي لم تسقط الثورة إلا راسه و عملية الثورة المضادة التي تهدف لإعادة الترتيب للبيت البرجوازي الحاكم من ناحية و إلي سحق الثورة من ناحية آخري. و العملية الثورية كانت وسائلها هي المظاهرات الضخمة المطالبة بتحولات سياسية معينة و الاعتصامات و المواجهات المفتوحة مع قوي الأمن و الجيش. و في مواجهة الثورة عمد المجلس عسكري و حلفاؤه من إخوان و سلف و فلول و غيرهم إلي إعادة ترتيب بيت النظام المتهاوي عبر الاستفتاء علي التعديلات الدستورية و أنتخابات مجلس الشعب و الشوري ثم الانتخابات الرئاسية. و بسبب أمور عدة سنعرض لها فيما بعد أخذت العملية الثورية السياسية تتضائل في فاعليتها و يتضائل الدعم الشعبي لها. و مع أنتهاء معارك محمد محمود و المعارك اللاحقة لها أختفي عمليا وجود عملية سياسية ثورية مستقلة. و كاتب هذه السطور من الذين دعوا لمقاطعة انتخابات مجلس الشعب. حيث جرت بينما العملية الثورية السياسية ما زالت قائمة. فقد كان من الطبيعي أن تتركز كل القوي علي دفع العملية الثورية. و قد أتقفت كل القوي اليسارية و حتي الليبرالية علي أن انتخابات مجلس الشعب كانت تجري وفق قوانين لا ديمقراطية معيبة . اختلفت هذه القوي حول المشاركة في انتخابات مجلس الشعب من عدمها. و لما كانت العملية السياسية الثورية جارية فقد كان من الطبيعي أن أقف مع مقاطعة أنتخابات مجلس الشعب و ضد المشاركة فيها و مع التركيز علي العملية السياسية الثورية التي ما لبثت أن اشتعلت حقا كما توقعت و حدثت معارك محمد محمود التي أجبرت قسما من هؤلاء الذين كانوا مع المشاركة في الانتخابات علي تعليق حملاتهم الانتخابية.
لكن الانتخابات الرئاسية تأتي وسط جو مختلف حيث توقفت تلك العملية السياسية الثورية. و يجب أن أوضح هنا أن توقف هذه العملية السياسية لا يعني بأي حال توقف الثورة أو هزيمتها . أن الثورة يحركها أعمق الدوافع الاجتماعية و لن تتوقف ما لم تسحق تماما و هو ما لم يحدث و من الصعب حدوثه أو أن تصل لأهدافها أو قسم هام منها. بل ربما يكون توقف هذه العملية السياسية الثورية بمعني ما لصالح الثورة. أي لصالح تطور لأحق لعملية سياسية ثورية تنهض علي أسس أكثر صحة. و هنا تصبح المشاركة في أنتخابات الرئاسة ضرورة لاستغلال هذه الفرصة للدعاية الثورية. أي أن نستغل عملية الثورة المضادة لدعم الثورة نفسها من خلال فضح هذه الثورة المضادة أمام أوسع قطاعات الشعب و من خلال بناء أساس سياسية و تنظيمية لنهوض لاحق للثورة.
و دعوتي للمشاركة في انتخابات الرئاسة لا تعني مطلقا أن هناك أية أمكانية لنجاح مرشح ثوري. فحتي لو كانت مثل هذه الإمكانية قائمة فأن حمام من الدم سيريقه النظام قبل أن تتحقق. كما لا تعني دعوتي للمشاركة في الانتخابات أن الرئيس الجديد سيكون منقذا للمصر كما تصور دعايات النظام و حلفاءه. بل أن الرئيس الجديد أما يكون تابعا للمجلس العسكري أو ديكتاتورا جديدا. و من المنطقي أنني أعارض بكل قوة شكل الجمهورية الرئاسية الشخصانية القائم في مصر.لكن يجب ملاحظة أمر هام و هو أن عدم المشاركة لن تحل هذه القضايا الكبري بينما المشاركة ربما لو أحسن استخدامها تكون فرصة لتوعية الشعب حولها.
يقول الأستاذ خليل عن موقف القوي الثورية التي تؤيد المشاركة في الانتخابات "وهناك بصورة خاصة فكرة استغلال الفرص التى تفتحها فترة الدعاية الانتخابية فى نشر الدعاية الثورية عن أهداف ومطالب الثورة. و تنطوى هذه الفكرة الأخيرة على مغالطة تقوم على موازنة خاطئة بين فرص الدعاية الثورية التى تسمح بها فترة قصيرة وضيقة ومقيَّدة من دعاية الانتخابات الرئاسية وفرص الدعاية الثورية التى تسمح بها فترات مفتوحة وواسعة وبلا قيود من الفعل الثورى. “ و لست أدري عن أي "مغالطة" يتحدث الأستاذ خليل؟ و في فقرة أخري يتحدث الأستاذ خليل عن ما يسميه "البديل" أي البديل عن المشاركة في الانتخابات و يقول "الا يمثل هذا النشاط الثورى اليومى المتواصل للعمال والعاملين والمهنيين والطلبة و باقى فئات الشعب مجالا واسعا توضع فيه الطاقات الثورية للطليعة بأفرادها وجماعاتها وأحزابها ونقاباتها العمالية والمهنية لتطوير هذه الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات والمظاهرات من حيث الوعى والتنظيم وتحقيق الأهداف الملائمة لكل فترة؟ ".
الأستاذ خليل ينصحنا بأن نترك الانتخابات و البديل لدية هو الاحتجاجات التي تجري في طول مصر و عرضها.لكن الأستاذ خليل يضع تعارضا من أختراعه هو بين النشاط الثوري للحركة الاحتجاجية و بين المشاركة في الانتخابات. رغم أن مثل هذا التعارض لم يقل به أي من مؤيدي المشاركة. بل علي العكس يري مؤيدي المشاركة في الانتخابات أن هذه الانتخابات نفسها أكبر دعم و تطوير للحركة الاحتجاجية. فإذا كان التعارض ناشئ من محدودية القوي الثورية فالأجدر بالأستاذ خليل أن يري أن المشاركة في عملية سياسية واسعة هي توظيف أفضل للقدرات المحدودة لصالح الحركة الاحتجاجية نفسها.و سوف نناقش هذا تفصيلا. بل أن الأستاذ خليل يتهم دعاة المشاركة في الانتخابات بالمغالطة بينما تقع المغالطة لدية هو نفسه حينما يقارن الفترة الزمنية للانتخابات بالعمل الواسع و الدائم وسط صفوف الحركة الاحتجاجية. فمن قال له أن دعاة المشاركة في الانتخابات ينون أن يجلسوا في منازلهم عقب الانتخابات!
يقول الأستاذ خليل عن مظاهرات 25 يناير 2012 الأخيرة "فكيف يمكن لشخص أن يتصور أن زمن الثورة قد وَلَّى مع أن موجتها الأخيرة لم يمض عليها وقت طويل؛ " و هو يقول هذا في معرض مناقشته للإحباطات التي أصابت بعض الثوار. و تفسير حيرة الأستاذ خليل بين عدم فوات وقت الثورة و بين إحباطات هؤلاء الذين صنعوها هو أن الثورة ارتبطت بعملية سياسية متواصلة وثورية منذ خلع المخلوع و تواترت حركتها و مظاهراتها العارمة و أعتصاماتها. و بينما الأستاذ خليل له كل الحق في أعتبار أن زمن الثورة لم يولي بعد بل و أمامه الكثير جدا قبل حدوث ذلك فأن الثوار علي الأرض يرون عمليتهم السياسية و قد توقفت و لذا يصابوا بالإحباط و ربما بعضا منهم يخلط هذا بذاك. يخلط الثورة كعملية سياسية – اجتماعية – جماهيرية كبري بحلقة من حلقاتها السياسية. و غياب هذه العملية السياسية هو ما كان يجب أن يدعو الأستاذ خليل إلي تأييد المشاركة في أنتخابات الرئاسة تحديدا من أجل دفع الثورة و من أجل أستنهاض عملية سياسية ثورية جديدة بدلا من تلك التي انتهت.و أحب أن أتوقف هنا لأشير لأننا حينما دعونا لمقاطعة أنتخابات مجلس الشعب لم نحتاج أن نبحث عن "بديل" كان البديل قائم يفقع العين. بل كنا نري أن أنتخابات مجلس الشعب هي نفسها البديل عن عمليتنا الثورية السياسية التي كانت تجري وقتها.

حملة خالد علي

يتغافل الأستاذ خليل المبادرة الثورية التي قام بها العديد من النشطاء بترشيح المحامي الشاب خالد علي لرئاسة الجمهورية. و كما هو معروف فأن خالد علي محامي أرتبط أسمه بعدد من أهم القضايا العمالية في السنوات الأخير و هو شاب يكاد سنة يتجاوز النصاب القانوني من 40 سنة للترشح. و كانت أسماء أخري مطروحة نذكر منهم النائب ذياد العليمي غير أنه أصغر من أن يترشح للرئاسة. ما يهمنا هنا أن عديد من النشطاء وجدوا في حملة للمشاركة في الانتخابات خلف خالد علي فرصة كي يمارسوا نشاطا سياسيا واسعا أنتشر في العديد من المحافظات. و من المحتمل طبعا ألا تستطيع حملة خالد علي أن تتجاوز حاجز 30 ألف توقيع و هو حاجز وضع خصيصا لمنع اليسار و الثوريين من الترشح. لكن أيا كان الأمر فنحن أمام حملة ذات طبيعة ثورية تهدف إلي التفاعل مع الشارع و علي رأسها واحد من أكثر المرتبطين بالحركة الاحتجاجية لسنوات. أن هذه المبادرة تعني أمرين علي جانب كبير من الأهمية أولهما أن العملية السياسية الثورية قد توقفت مما دفع بهؤلاء الشباب لاختراع حملة خالد علي ثانيهما أن هؤلاء الشباب وجدوا في المشاركة في انتخابات الرئاسة -حتي و أن كان مجرد الترشح غير مضمون – فرصة لهم كي يتفاعلوا مع الشارع و يطرحوا برنامجا ثوريا و يساندوا الحركة الاحتجاجية.

هل يمكن أن تكون الحركة الاحتجاجية بديلا عن الفعل السياسي؟

نشأت في مصر حركة احتجاجية كبري سنوات قبل الثورة كما نشأت إلي جانبها حركة سياسية للحريات العامة و سارت كلتا الحركتين كما قضبان القطار متوازيتين و لكن غير ملتقيتين. الحركة الاحتجاجية ركزت علي الحصول علي مكاسب أقتصادية محدودة و علي الدفاع عن مستوي معيشة العاملين الذي أخذ يتهاوى مع سيادة الفساد و الخصخصة و أرتفاع الأسعار خاصة منذ مجيء حكومة نظيف.أما حركة الحريات العامة فقد ركزت همها علي قضايا متعلقة بالحريات العامة و علي مناهضة توريث الحكم خاصة منذ أنطلاق حركة "كفاية". و لما كانت حركة الحريات العامة لم تطرح تصورا عن شكل الحكم الذي تسعي أليه و أكتفت بمناهضة حكم مبارك العفن دون رؤية أوسع لما هو مطلوب بعد مبارك كما أنها لم تتبني مطالب الحركة الاحتجاجية التي كانت جزئية علي كل حال. و من ناحيتها لم تطرح الحركة الاحتجاجية مطالب علي المستوي القومي و ما كان لها أن تفعل ذلك و قد جردت من كل أسلحة التنظيم و النقابات عبر عقود من المصادرة الرسمية. و لم تكن قوي اليسار قادرة – و حتي ربما راغبة- في لحم الشقة بين الحركتين بطرح برنامجا ثوريا يقدم رؤية شاملة لدمج كلتا الحركتين. و في لحظة الثورة اندمجت الحركتين-وكذا حركة فقراء المدن الأصغر - في ميدان التحرير و غيره من ميادين الثورة علي أرضية شعار "أرحل" فكان رحيل المخلوع هو هدف مباشر و مشروع و ثوري لكلا التوجهين. و عقب خلع مبارك استمرت حركة الحريات العامة تطرح مواقف و شعارات عبر عمليتها السياسية الثورية السابق الإشارة لها. بينما رجعت الحركة الاحتجاجية لمواقعها دفاعا عن لقمة العيش التي تدهورت حتي عن ما قبل الثورة.و كما تطورت حركة الحريات العامة لتصبح عملية ثورية كاملة كما اشرنا من قبل فأن الحركة الاحتجاجية تطورت هي الاخري و أخذت تبني نقاباتها المستقلة التي تجاوزت الآن 300 نقابة غير الاتحادات. و رغم ذلك لم تصل هذه الحركة للانتقال من المستوي الاقتصادي للمستوي السياسي. و أعني هنا بالمستوي السياسي طرح مطالب تتعلق بالوطن بكامله حتي لو كانت هذه المطالب مطالب أقتصادية. و أبرز مثال علي مثل هذا المطلب السياسي الاقتصادي هو الحد الأدنى للأجور.أن مهمة الدمج بين الحركتين عن طريق طرح رؤية ثورية تدمج كلا الطرفين – وكذلك مطالب فقراء المدن – هي مهمة سياسية في المحل الأول. و هذه المهمة هي أهم ما تحتاجه الحركة الاحتجاجية الآن . تحتاج لرؤية سياسية عن المجتمع الذي نريده. و لا يمكن أن تقدم مثل هذه الرؤية و يطرح برنامج الجمهورية الديمقراطية الشعبية دون عملية سياسية.أن الحركة الاحتجاجية تعلم و قد تعلمت جيدا ما الذي عليها أن تفعله كي تزيد الأجر أو تثبت المؤقتين و هي تقوم بذلك دون الحاجة لأيا كان. لكن حاجتها ماسه لتري نفسها في صورة مجتمع جديد. و للأسف فأن العملية السياسية الثورية عقب الثورة انشغلت بقضايا هامة و لكنها جزئية عن نشر برنامجا ثوريا. و لم يكن يمكن لها أن تتبني مثل هذا البرنامج دون أن تتبني مهمة الاستيلاء علي السلطة السياسية. و هو الأمر الذي لم يحدث. و بسبب غياب التركيز علي قضية السلطة السياسية و علي برنامج الجمهورية الديمقراطية الشعبية من جانب الثوار فأن قدرتهم علي جذب الحركة الاحتجاجية كانت محدودة . هذا طبعا مع الهجوم المستمر علي الثورة ماديا و معنويا أدي لتراجع الدعم الشعبي لهذه العملية الثورية و بالتالي انطفاءها.أن الحركة الاحتجاجية تحتاج بالضبط ما هو ليس لديها أي السياسية و تحديدا الرؤية العامة للمجتمع الجديد و كيفية بناؤه في الواقع.

الانتخابات في المجتمع الرأسمالي

تقدم الانتخابات في المجتمع الرأسمالي فرصة للمقهورين أن يختاروا قاهريهم لعدد من السنوات. و بحكم السيطرة الكاملة للطبقة البرجوازية علي أدوات الإنتاج بما فيها أدوات الدعاية و الإعلام و التعليم لا يمكن أن تغير الانتخابات مهما كانت ديمقراطية و شفافة من الطبيعة الديكتاتورية طبقيا للمجتمع الرأسمالي. لكن فترات الانتخابات هي فترات ضعف في هذا المجتمع. فهي الفترات التي تتسابق فيها الأجنحة المختلفة و الأيديولوجيات المتصارعة و المتحالفة ضمن الطبقات المالكة و الحاكمة في المجتمع البرجوازي علي أكتساب أصوات الناخبين. و هي الفترات التي تطرح فيها أسس هذا المجتمع للنقاش الواسع المفتوح و أن شكليا. لذا ليس غريبا أن نجد الاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق ترتبط بالانتخابات و خاصة الرئاسية في مجتمعات قريبة من مصر مثل كينيا و أثيوبيا و السنغال و أمثلة أخري عديدة. و في العالم الثالث تكتسب هذه الانتخابات -رغم القيود المشددة- أهمية أكبر حيث لا تتمتع الطبقات الحاكمة بأيديولوجية موحدة. فمثلا لدينا تتصارع أيديولوجية دينية رجعية متخلفة مع أيديولوجية الدولة الرسمية كما تطورت منذ أيام عبد الناصر. كما لا تتمتع الطبقة الحاكمة بتأييد واسع من الطبقة الوسطي أو البرجوازية الصغيرة و ثورتنا خير برهان علي ذلك. ناهيك عن القوي الثورية و الإصلاحية التي تبادر لاستغلال هذا الضعف المؤقت في المجتمع أما لتعديله بشكل واضح أو لتغييره جذريا. لذا فعدم المشاركة في الانتخابات ليست ترفا مباح للقوي الثورية إلا أذا كانت هناك دوافع جدية لها. أما ناتجة عن نفوذ واسع للقوي الثورية أو عن وضع سياسي خاص مثلما كان حالنا وقت الانتخابات البرلمانية حينما كان لدي القوي الثورية عمليتها السياسية الخاصة الممثلة في الاعتصامات و المظاهرات المليونية الخ.

لماذا كانت المشاركة في الانتخابات لها كل هذا الخطر؟

يقول الأستاذ خليل "فما الذى يحرِّك ويدفع قوى الثورة المصرية وكل مرشحيها المحتملين الذين يأخذون الآن فى التحول إلى مرشحين فعليِّين فى هذا الاتجاه المدمر؟ إن الأوْلَى بهذه القوى والأحزاب (ومرشحيها الرئاسيِّين) أن تركز طاقاتها المحدودة "بالفعل" فى فترات بعينها، وإنْ كانت غير محدودة "بالقوة" بوجه عام فى زمن الثورة، على تطوير الثورة بدلا من المشاركة فى تصفية الثورة، " . فالأستاذ خليل يعتبر أن المشاركة في الانتخابات هي مشاركة في تصفية الثورة . و لا يقول لنا لما هي مشاركة في تصفية الثورة . و الأهم لا يقول لنا كيف ستكون المقاطعة التي يدعو لها حافزا للثورة. يلتف الأستاذ خليل حول هذه الأسئلة الجوهرية و لا يجيب في مقاله الطويل . فهو يعارض فكرة استغلال الانتخابات للدعاية السياسية بما يسميه "البديل" الذي برهنا سابقا علي أنه ليس "بديل" حقا. لكن لنفترض أنه كذلك فما هو الفارق بين هذا و ذاك؟ ربما الفارق هو زرع الأوهام عن النظام و عن رئيسه الجديد؟ هذا ما يقال من جانب مؤيدي المعارضة. و أليس الذين يدعون للمقاطعة -بدون عملية سياسية ثورية- يروجون أوهاما عن مقاطعة لن تحدث في الواقع تماما مثل أنتخاب رئيس ثوري أليس أهدار فرصة الانتخابات في الدعاية السياسية هو فقدن لشرط رفع الأوهام عن أعين الشعب. ثم ما هو الوزن الفعلي للقوي الثورية في الشارع المصري الذي يسمح بكلمات كبيرة من نوع "تصفية الثورة" و "الاتجاة المدمر" الخ. أليست هذه أوهام عن القوي الثورية نفسها المصنفة حسب الأستاذ خليل نفسه علي أنها "طاقاتها محدودة"

الديمقراطية من أعلي و من أسفل

يقول الأستاذ خليل "ساد عدم إدارك حقيقة أن هدف الثورة الكامن فى صميمها إنما يتمثل فى الديمقراطية الشعبية من أسفل. وبالتالى فإنه بدلا من التركيز بقدر المستطاع على هدف تحقيق هذه الديمقراطية، جرى التركيز بأكثر كثيرا من المستطاع على إصلاح السلطة السياسية من أعلى" يخلط الأستاذ خليل هنا قضية الديمقراطية من أعلي و من أسفل و يقدمهما علي أنهما عمليتين مستقلتين بل و يري أنه جري تركيز علي الديمقراطية من أعلي علي عكس الواقع. لقد أحجمت القوي الثورية عن المشاركة في السلطة أو حتي التفكير في الاستيلاء عليها. أن الديمقراطية من أعلي تعني هذا تحديدا أن تقوم القوي الثورة بانتزاع السلطة و من ثم مقرطة النظام و المجتمع . و قبيل خلع المخلوع لم تنتبه القوي الثورية لهذا الاحتمال أو حتي رفضته – بحجج متنوعه منها أن الثوار غير معروفين – و بالطبع كان موقفها ينطوي علي الثقة بالمجلس العسكري. و في عملية الإطاحة بحكومة شفيق تكرر نفس المشهد. أن القوي الثورية -علي عكس كلام أستاذ خليل – لم تسعي للديمقراطية من أعلي. بل هي مارست دائما الديمقراطية من اسفل أي عبر الضغط الشعبي. و بالطبع في كل مرة كان المجلس العسكري يناور بسهولة طالما أن الاستيلاء علي السلطة مباشرة و المقرطة من أعلي لم تطرح أبدا علي جدول الثوار. و الغريب أن الأستاذ خليل نفسه يقول ذلك حيث يقول "وكانت وما تزال هناك من أسفل "ثورات" إيجابية لا حصر لها ضد الإدارة "المرفوضة" والمديرين "المرفوضين" فى مختلف المواقع الصناعية والإدارية والإعلامية ومختلف الشركات والجامعات وغيرها. “ و هل كان سلوك الثورة غير ذلك و هل كانت الإطاحة بمبارك غير هذا الفعل من أسفل!!
و بشكل عام فان الفعل الجماهيري يكون منصبا دائما في البدء علي الضغط علي النظام من اسفل من أجل تحقيق مطالب معينة.و في سياق هذه العملية تتعلم الجماهير أن تبني هي سلطة بديلة. كما يتعلم العمال من الأضراب أهمية أن يؤسسوا نقابة مستقلة أو أن ينتزعوا نقابتهم. و كما نشأت سلطات شعبية من رحم الحركات الثورية الكبري في ثورات روسيا و اسبانيا مثلا.و السلطات الشعبية لا يمكن أعتبارها نضال من اسفل و لا من أعلي بل هي بديل عن مجمل النظام. و في المثال العمالي ينتقل العمال إلي الإدارة الذاتية عبر تجاربهم في الأضراب و النقابة.أما النضال من أعلي فهو هدف كل ثورة أي الاستيلاء علي السلطة السياسية و قهر ممثلي النظام القديم عنوه و تحقيق الإصلاحات من أعلي بقوة السلطة المنتزعة و هو للأسف لم يحدث في ثورتنا.و لا تمثل لذلك المشاركة في الانتخابات بحد ذاتها إلا نضالا من أسفل من حيث هي عملية هدفها الأساسي هو أوسع تفاعل سياسي مع الشعب. و بالطبع فأن نجاح المرشح الثوري للرئاسة أمر ليس من الجدي بحثه الآن

كلمة عن المنهج

يقدم الأستاذ خليل "تعريفا" ما ثم ينطلق منه لمحاكمة الواقع.فمثلا المشاركة في الانتخابات تصلح زمن الاستقرار المقاطعة تصلح زمن الثورة .مثلا هنا "أننا نعود الآن إلى زمن الثورة المضادة المنتصرة متجهين إلى استقرار النظام الرأسمالى التابع وأننا ننتقل من تاكتيك مقاطعة الانتخابات الذى يفترض زمن الصراع بين الثورة والثورة المضادة إلى تاكتيك المشاركة الذى تفترضه الظروف العادية المستقرة وغير الثورية " و رغم أن مثل هذا التعريف هو أمر تحكمي تماما و يمكن تبديله أو إلغاؤه كليه إلا أن الأستاذ خليل يحاكم به الواقع كما لو كان هذا التعريف الخاص جدا هو الواقع فعلا بينما الواقع الحقيقي هو الأفكار و الآراء التي يجب محاكمتها. و لا يوجد عيب في صياغة تعريفات و مفاهيم و تجريدات من كل نوع مستخلصة من البحث النظري و التاريخي. لكن علينا أن نخضع تعريفاتنا لواقعنا و ليس العكس فربما تصلح المقاطعة في زمن الاستقرار و المشاركة في زمن الثورة بل أن التاريخ ملي بأمثلة علي هذا و ذاك.
و يقول مثلا الأستاذ خليل أن "أن الثورة السياسية التى تأتى فى سياق ثورة اجتماعية (كما كان الأمر فى ثورات البلدان الرأسمالية الصناعية الحالية) تنقل الثورة من الطبقة المالكة والحاكمة فى إطار النظام الانتقالى القائم قبل الثورة إلى الطبقة الرأسمالية المالكة والحاكمة بعد الثورة، حيث ينتقل إلى سيطرتها الطبقية كل من الاقتصاد والسلطة السياسية وكل شيء آخر. أما ثورات العالم الثالث أىْ المستعمرات وأشباه المستعمرات السابقة فإنها لا تحدث فى سياق الثورة الاجتماعية بمفهومها الصحيح وإنما تحدث فى سياق التبعية الاستعمارية حيث تبقى السلطة بعد نجاح الثورة المعادية للطبقة الرأسمالية " و هذا مثال آخر علي المفهوم التحكمي. لا ننوي مناقشة مفاهيم الأستاذ خليل هنا عن الثورة السياسية التي نراها بالمناسبة غير صائبة فقط نشير لان الأستاذ خليل ينطلق من مفهومه الذي وضعه هو لمحاكمة الواقع. فيفترض طالما أن التعريف لم يتحقق أنه حدثت "أخطاء" بل يقرأ في الواقع أشياء لم تحدث مثل التركيز علي الديمقراطية من اعلي كما يقول.

أن دور كل ثوري أن يبحث دون كلل عن الواقع الفعلي للحركة الجماهيرية و أن يستخدم كل الوسائل المتاحة لدفعها للأمام في طريق تحقيق أهدافها الكبري و أن يتحلى بالمرونة الكافية كي ينتقل من الهجوم للدفاع و ما بينهما من تكتيكات. أن الثوري لا يستقي سلوكه السياسي من نصوص جامدة بل من واقع الممارسة النضالية و من واقع المزاج و الميول الجماهيرية المرتبطة بها.



#حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الشعبية المصرية
- عن العسكر و الإخوان و البرلمان
- مندوب حزب التحالف يذهب للقاء مينا دانيال
- عرقنة مصر
- عزف علي أوتار الثورة
- الدول المصرية
- ستنتصر ثورتنا رغما عن المجلس العسكري
- دعوة لعقد مؤتمر وطني للقوي الثورية
- معضلات الثورة المصرية في حلقتها الجديدة
- 18 نوفمبر و تكرار خطاء 11 فبراير
- بالصلاة علي النبي
- ماذا ما بعد؟ مقدمة لخريطة طريق لانتصار الثورة
- بين الانتخابات المصرية و الحرب الإمبريالية الأولي
- مرة ثانية الإسلاميين
- تكتيك النظام و تكتيك الثورة
- التمييز الديني والعولمة


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة