أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - «المنطق الفلسطيني» وفهم الثورات العربية














المزيد.....

«المنطق الفلسطيني» وفهم الثورات العربية


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السؤال «الفلسطيني» هو لماذا لا تطرح الثورات شعارات تخص فلسطين؟ أو لماذا لا ترفع العلم الفلسطيني؟ ويصبح ذلك أساس النظر إلى الثورات، وتحديد الموقف منها. ربما هناك سذاجة في الطرح، أو ربما يكون هو المدخل للتشكيك في هذه الثورات، على أساس أن فلسطين هي «المؤشر» على وطنية الثورات، وهي البوصلة التي تعطي «الشرعية» (أو الوطنية) لهذه الثورات.

هذه نرجسية فلسطينية نتجت من «تأليه» الذات، ووضعها في مركز الكون. حيث يجب على كل العرب أن يثبتوا كل يوم أنهم قد حفظوا «النشيد الوطني الفلسطيني»، وأنهم يكررون الألفباء السياسية التي لا بديل منها. لكن هذه النرجسية تُظهر كم أن المنطق الشكلي هو الذي بات يحكم النظر إلى ما يجري. شكلية لا ترى سوى الأعلام التي ترفرف، والشعارات التي تحتل الساحات. وهي تريد أن يصبح علم فلسطين هو الطاغي على الأعلام التي يحملها الشعب خلال ثورته، والتي تخصه في بلده. وأن تكون الشعارات هي ليس من أجل إسقاط النظم، بل من أجل فلسطين فقط.

هل تحمل الثورات همّ فلسطين؟ وهل إن التغيير الذي ستحدثه سينعكس بالضرورة على مسألة فلسطين؟

لم يسعف الثورات أن الشعب التونسي بُعيد رحيل بن علي رفع شعار «الشعب يريد تحرير فلسطين». ولا أسعف الشعب المصري الزحف لتحطيم السفارة الصهيونية. ولا الشعب الليبي الذي قال وهو يدخل طرابلس «جايينك فلسطين». ولا الشعب السوري الذي كرر رفع اللافتات حول فلسطين، ولا الشعار «من أجل تحرير فلسطين نريد إسقاط النظام»... وشعارات وأفكار كثيرة تكررت حول فلسطين.

لا ننسى أن العقود الماضية شهدت حملات تضامن كبيرة في العواصم العربية، لكن إلى ماذا قادت؟ فقط التعبير المعنوي عن الوقوف مع الشعب الفلسطيني. وهو أمر لم يفد واقعياً وإنْ أبرز الاهتمام بفلسطين، وهو الأمر الذي كان يغذي النرجسية الفارغة. فماذا يفيد التعاطف في معركة فعلية؟ ربما كان شعور كثير من النخب العربية أن هذا التضامن لا يغيّر شيئاً في الواقع هو الذي دفعها إلى التحوّل الداخلي من أجل تحقيق التغيير، حيث إن دعم فلسطين ينطلق من إسقاط النظم المرتبطة بالإمبريالية، والمتحالفة مع الدولة الصهيونية، أو التي تهادنها وتقيم علاقات سرية معها. وهذه المعادلة صحيحة، لأن الدعم المعنوي لا يفيد كثيراً، وبالتالي يجب العمل على إسقاط النظم التي تدعم الدولة الصهيونية وتمنع تطوير الصراع ضدها. ولأن الصراع ضد الدولة الصهيونية ليس صراعاً فلسطينياً فقط، بل صراع عربي ضدها نتيجة واقع كونها «قاعدة عسكرية» إمبريالية تتلبس مجتمعاً مدنياً، تستهدف السيطرة الإمبريالية على المنطقة، فالمطلوب المواجهة وليس الدعم المعنوي فقط. ففلسطين ليست مشكلة فلسطينية، بل إنها مشكلة عربية بامتياز.

من هذه الزاوية، يمكن أن نلمس المسألة ليس من منظور شكلي يتعلق بعدد الأعلام الفلسطينية التي رُفعت أو الشعارات التي تناولت فلسطين، بل من منظور الصيرورة الواقعية التي تفرض بالضرورة أن يكون كل ميل عربي الى تحقيق التطور الاقتصادي والديموقراطية والوحدة أساساً لتصادم مع الإمبريالية ومع الدولة الصهيونية، التي هي الحارس لبقاء الوضع الراهن، والتي ستعمل على مواجهة كل ميل تحرري وحدوي. وحيث يترسّخ في الوعي الشعبي أن كل عمل من أجل إسقاط النظم، وتجاوز النمط الاقتصادي القائم، هو تصادم مع الذين يكرّسون هذا الواقع، ويعملون على بقاء التخلف والنهب والنظم التابعة.

إن الترابط بين سيطرة النظم المافيوية والمرتبطة بالسيطرة الإمبريالية والخاضعة للمنطق الصهيوني، وبين المطالب البسيطة التي أسست لكل هذا المد الثوري، من البطالة إلى تدني الأجور إلى انهيار التعليم والصحة إلى الاستبداد والقمع، إلى النهب والبذخ الذي تمارسه الفئات الحاكمة. وبالتالي سيبدو واضحاً أن تحقيق هذه المطالب «البسيطة» لن يتم من دون صراع مع الطغم الإمبريالية التي تكرّس هذه النظم، والتي هي نظم طغم مافيوية تسهّل نهب تلك الطغم وهي تمارس نهبها. لهذا يمكن تأكيد أن آفاق الثورات العربية ستفتح ملف فلسطين بقوة، وستفتح ملف السيطرة الإمبريالية، وتؤسس لإعادة بناء المشروع التحرري العربي، بغض النظر عن نتائجها القريبة، والتي هي نتاج ميزان قوى سابق، لكنه غير ثابت لأن القوى التي تسيطر الآن لا تحمل حلولاً لكل المشكلات المجتمعية، الأمر الذي يبقي الثورات مستمرة ومتطورة، وتفرض تحقيق التغيير الجذري. وهو التغيير الذي سيترابط مع المشروع التحرري العربي، ويفتح على تحقيق الاستقلال والوحدة، وتكون فلسطين حاضرة فيه بقوة. فالثورات تفتح على مرحلة جديدة ستعيد قضية فلسطين إلى الطاولة، وستفرض العودة إلى تحقيق المشروع التحرري العربي. فهي ليست ثورات من أجل تغيير أشخاص، بل تغيير نظم بما يعني تغيير النمط الاقتصادي والتكوين السياسي والعلاقات والتحالفات والاصطفافات. إنها بداية نهوض جديد سيغيّر وضع المنطقة خلال العقد الحالي.

أخيراً، ربما يكون كل ما اشرنا اليه هو تحليل لما يمكن أن تنتجه الثورات، لكن من دون أن ننسى الاحساس الشعبي بفلسطين الذي ظهر في حملات التضامن السابقة والذي ظل قائماً، والذي لم يلغه الميل الى تغيير النظم، بل فتح على تحويله إلى فعل.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أخفق اليسار في فهم المسألة السورية؟
- هل من حل بغير رحيل السلطة؟
- «هدنة العيد» وإدارة «الأزمة» السورية
- أي معنى للشعب وأي منظور له؟
- الثورة السورية في عالم جديد
- الوضع السورى .. المعقد
- الماركسية وطريق انتصار الانتفاضات في البلدان العربية
- عن الخطاب السياسي للمعارضة السورية
- الإمبريالية: كسياسة أم كاقتصاد سياسي؟
- الثورة ستنتصر والأسد سيسقط
- ملاحظات حول أزمة الماركسية في الوطن العربي
- الحركة القومية العربية: تجربة نصف قرن - فصل من كتاب -الهزيمة ...
- الخلافة الإسلامية وأوهام العودة إلى الوراء
- مصائر الشمولية سورية في صيرورة الثورة
- سلامة كيلة في حوار مفتوح حول: الانتفاضات في الوطن العربي، لم ...
- بعد انتصارات الإسلاميين: الفارق بين الإسلام التركي والإسلام ...
- بعد الانتفاضات العربية الإسلام السياسي في قمة مجده أو.. غرور ...
- ماذا بعد تشكيل المجلس الوطني السوري؟ حال المعارضة السورية بع ...
- عن دور الإسلاميين في الانتفاضة السورية
- حدود -الممانعة- السورية


المزيد.....




- قاعدة العديد بقطر.. صورة أقمار صناعية تُظهرها شبه خالية قبل ...
- تحديث مباشر.. إيران تستهدف قاعدة العديد وقطر -تحتفظ بحق الرد ...
- صواريخ إيران باتجاه قطر والعراق.. إليكم ما صرح به مسؤولون
- غضبٌ بعد تفجير كنيسة في دمشق، والشرع يعِد بالـ-جزاء العادل- ...
- بريطانيا تتّجه لتصنيف -بالستاين أكشن- كمنظمة إرهابية.. وحراك ...
- الاحتفال بيوم الأب في لاهاي
- الحرب تتوسع... إيران تستهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر
- أسباب الالتفاف الإسرائيلي حول تأييد ضرب إيران
- ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون
- قطر تدين بشدة الهجوم الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلامة كيلة - «المنطق الفلسطيني» وفهم الثورات العربية