أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول إلغاء البطاقة التموينية















المزيد.....

حول إلغاء البطاقة التموينية


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 19:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفادت الأنباء "أن مجلس الوزراء قرر يوم (6 تشرين الثاني 2012)، استبدال البطاقة التموينية المطبقة حالياً بمبالغ نقدية توزع على المشمولين بالنظام المذكور بواقع (15) ألف دينار لكل فرد... واعتبر المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ، أن هذا القرار جاء للقضاء على حالات الفساد المرافقة لتوزيعها، مشيراً إلى إن الحكومة أضافت مبلغ 3 آلاف دينار لكل فرد على سعر المواد التموينية والمقدر بنحو 12 ألف دينار."
أرجو ملاحظة العبارة التي وردت في قرار مجلس الوزراء: "استبدال البطاقة التموينية المطبقة حالياً بمبالغ نقدية" وليس إلغاء البطاقة التموينية، كما ورد في معظم المقالات.

وكأي عمل تتبناه الحكومة، (صح أو خطأ)، لقي هذا القرار معارضة تباينت بين الشدة والاعتدال، منها بدافع الحرص على مصلحة الفقراء، ومنها بدوافع انتهازية لتوظيف هذا القرار للكسب السياسي. لذا، أرى من المفيد مناقشة هذه المسألة بهدوء وموضوعية للوصول إلى وضع حل عادل يحمي الفقراء من العوز، ويحمي أموال الشعب من الضياع والفساد.

إن نظام البطاقة التموينية جاء كضرورة لا بد منها بعد فرض الحصار الاقتصادي الأممي على العراق على أثر غزو صدام حسين للكويت عام 1990. واستجابة لمطالبة المعارضة العراقية آنذاك، وضعت المنظمة الدولية (برنامج النفط مقابل الغذاء) بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 986، لعام 1995؛ وهو برنامج يسمح للعراق بتصدير جزء محدد من نفطه، ليستفيد من عائداته في شراء الاحتياجات الإنسانية لشعبه، تحت إشراف الأمم المتحدة. ولهذا السبب وضعت حكومة البعث نظام البطاقة التموينية لمنع ثورة الجياع، وإلا لحلت كارثة مروعة في الشعب العراقي.

وبعد سقوط حكم البعث عام 2003 استمرت الحكومات المتعاقبة بالعمل على هذا النظام لأسباب كثيرة منها، وجود شرائح واسعة من الفقراء والعاطلين عن العمل. ولكن مع ذلك، لم يخلو هذا النظام من سلبيات، منها: خلق مجال للفساد المالي، وجلب مواد غذائية فاسدة، ووصول هذه المساعدات إلى أناس هم بالأساس لا يحتاجونها لأنهم يتمتعون بدخول جيدة.

كذلك نسمع بين حين وآخر، تصريحات يطلقها قادة سياسيون يطالبون بتوزيع الثروات النفطية على الشعب بذريعة أن النفط ملك الشعب...الخ. وهذه الدعوات مشبوهة ولأغراض انتهازية ومكاسب سياسية حزبية ضيقة. فثروة الشعب يجب أن تبقى بيد الحكومة المنتخبة لتصرفها على الإعمار، والخدمات، ورفع المستوى المعيشي، والتعليمي والصحي...الخ، وليس توزيعها نقداً على الناس كرشوة لشراء الأصوات في الحملات الانتخابية.

لا شك أن مخلفات العهد البعثي البائد لا يمكن التخلص منها في سنوات، فهناك شرائح واسعة من الفقراء والأيتام والأرامل والمعوقين من الحروب العبثية والعمليات الإرهابية... وأصحاب الدخل المحدود دون مستوى خط الفقر. ولكن صحيح أيضاً أن ليس كل الذين يستلمون البطاقات التموينية هم فقراء كما أشرنا أعلاه، لذا فنظام البطاقات التموينية يحتاج إلى إصلاح دون شك. فلو استمر نظام التموين على وضعه الحالي بدون ضوابط، و استجيبت مطالبات توزيع الثروات النفطية على الناس، فهذا يعني تحويل الإنسان العراقي إلى إنسان يعيش ليأكل بدلاً من أن يأكل ليعيش. وهذا يؤدي إلى تفشي الكسل والخمول، وبالتالي القضاء على المحفزات التي تدفع الإنسان للعمل والبناء والإبداع والتقدم.
لذا، فترك نظام التموين على وضعه الحالي أمر غير مقبول، وكذلك منح كل فرد 15 ألف دينار بغض النظر عن وضعه المالي، كما جاء في قرارا الحكومة، أمر غير عادل.

من الحكايات التي كنا نسمعها في المقارنة بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي في مساعدة الشعوب الفقيرة، أن الرأسمالي إذا أراد مساعدة شخص فقير قدم له المال نقداً لشراء احتياجاته، فما ان ينتهي هذا المال حتى ويعود الفقير الجائع إلى الرأسمالي يطالب بالمزيد، وهكذا يبقى مصير الشعوب الفقيرة بيد الأنظمة الرأسمالية. أما الدول الإشتراكية، فتساعد الفقير العاطل عن العمل بأن تقدم له عدة صيد السمك مثلاً، وتدربه، وتشجعه على العمل ليعيش من وراء هذا العمل. وهذا يعني أن الدول الإشتراكية كانت تساعد الشعوب الفقيرة بتقديم المساعدات على شكل بناء معامل ومدارس ومعاهد تدريب... الخ، كي تنهض هذه الشعوب وتتعلم كيف حل مشاكلها الاقتصادية.

هذه السياسية صحيحة حتى في العلاقة بين الحكومة والشعب في الدولة الواحدة. نعم، الثروة النفطية وغيرها من الثروات الوطنية هي ملك الشعب كما جاء في الدستور، ولكن هذا لا يعني أن تقوم الحكومة بتوزيع هذه الثروة على الناس على شكل هبات نقدية دون ضوابط. فالثروة النفطية هي ثروة ناضبة وليست ملك هذا الجيل فقط، وإنما هي ملك الأجيال القادمة أيضاً، ويجب أن لا يرحل هذه الجيل مشاكله المالية إلى الأجيال القادمة.

فواجب الحكومة أن تتصرف بهذه الثروة بعقلانية، وذلك عن طريق استثمارها ببناء الركائز الاقتصادية، مثل المعامل، والطرق، والمدارس، والمعاهد، والجامعات، والمحطات الكهربائية، ومشاريع إسالة الماء، والصرف الصحي وتقديم الخدمات...الخ، وبذلك تخلق ملايين الوظائف للعاطلين. كذلك مطلوب من الحكومة مساعدة الطلبة الفقراء بفتح الأقسام الداخلية المجانية للطلبة، وحتى تقديم المساعدات المالية لهم لتوفير تكافؤ الفرص أمامهم لإكمال دراساتهم الجامعية...الخ، وليس بتبديد الثروة بتوزيعها على الناس كيفما اتفق كما يطالب بها بعض السياسيين لأغراض انتهازية ودعائية حزبية رخيصة.

ولحسن الحظ، انتبه شعبنا إلى هذه الدعوات المشبوهة، ففي انتخابات عام 2005 رفع الدكتور أحمد الجلبي، رئيس حزب المؤتمر العراقي، شعار: (توزيع واردات النفط على الشعب) وتطبيق ما يسمى بنظام ألاسكا...الخ، وحاول كسب أهل البصرة في دعايته الانتخابية برفع شعار (نفط البصرة لأهل البصرة)، ولكن مع ذلك لم يفز حزب الجلبي حتى بمقعد واحد في تلك الانتخابات. وهذا دليل على أن شعبنا لم يعد تنطلي عليه هذه الشعارات المشبوهة، ولا مقالات المتزايدين والمتاجرين بمآسي وبؤس الفقراء.

ما العمل؟
وعليه فالحل الصحيح في رأيي هو، وضع نظام يشبه ما هو متبع في الغرب مثل الضمان الاجتماعي (social security)، ودفع مساعدات مالية للعاطلين عن العمل (unemployment benefit).
وهذا يتطلب وضع دراسة علمية رصينة من قبل خبراء الاقتصاد والمال والاجتماع لمعرفة المستوى اللائق من الدخل للعائلة العراقية وفق معدلات التضخم الاقتصادي والمستوى المعيشي في العراق. ومن هذه الدراسة يمكن معرفة خط الفقر، وعلى ضوئه تمنح الحكومة المساعدات المالية للعوائل والأفراد الذين يعيشون دون مستوى هذا الخط. أما منح هذه المساعدات على شكل هبات مالية بدون ضوابط، وحتى للمقتدرين مالياً فهذا تبذير بل سرقة لأموال الشعب. إن ضخ الترليونات من الدنانير في السوق يؤدي إلى تضخم إقتصادي مريع (inflation) من نتائجها هبوط قيمة العملة ورفع أسعار السلع، وبالتالي تكون النتائج معكوسة، وأول المتضررين منها هم الفقراء.
[email protected]



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مواجهة الحرب الإعلامية التسقيطية
- من يحاكم المتَّهّم...القضاء أَم الإعلام؟
- وعن جرائم البعث لا تتكلموا..!
- الشريعة الإسلامية كتبت لحل مشاكل القرون المنصرمة وغير صالحة ...
- لست تابعاً للمالكي، والعلمانية أفضل نظام لحكم العراق
- من وراء رفع صور خامنئي في العراق؟
- عراقيو الداخل... عراقيو الخارج
- مخاطر تمرير قانون العفو العام عن مرتكبي الإرهاب والفساد
- بهنام أبو الصوف في ذمة الخلود
- الفيلم المسيء والرد الأسوأ
- حول إغلاق النوادي الاجتماعية في بغداد
- في مواجهة حرب الإشاعات
- انفصام بعض السياسيين العراقيين عن الواقع
- من المستفيد من الفتنة الطائفية؟
- من هم سماسرة الطائفية؟
- البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!
- فخري كريم واللعب بالنار الطائفية
- من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟
- القاعدة في سوريا
- رايح زايد ويه المالكي!!!


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - حول إلغاء البطاقة التموينية