أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - من يحاكم المتَّهّم...القضاء أَم الإعلام؟















المزيد.....

من يحاكم المتَّهّم...القضاء أَم الإعلام؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3892 - 2012 / 10 / 26 - 13:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الأنظمة الديمقراطية لا بد من وجود معارضة ديمقراطية مسؤولة، تراقب نشاطات الحكومة وتحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، إذ لا توجد حكومة جيدة إلا بمعارضة جيدة. ولكن في العراق، العلاقة بين السلطة والمعارضة تشبه لعبة القط والفأر، أقرب إلى العداء منه إلى معارضة ديمقراطية حريصة على مصلحة الشعب، فهدف المعارضة هنا الطعن في كل ما تفعله وما لا تفعله السلطة، تتصف باستخدام العنف في الخطاب، ولغة التسقيط والتحقير والتخوين، والتأليب، وحتى بعضها يلجأ إلى العنف المسلح، والتعاون مع حكومات أجنبية للإطاحة بحكومة وطنية منتخبة ومشاركة بها. فالحالة العراقية فريدة من نوعها، إذ يمكن لأي كيان سياسي أن يكون مشاركاً في السلطة ومعارضاً لها وحتى يتآمر عليها في نفس الوقت.

والعنف في خطاب المعارضة ليس جديداً، بل ولد مع ولادة الدولة العراقية المشوهة على يد القابلة البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى، وكنتاج مباشر لثورة العشرين، واستمر إلى يومنا هذا. وكل ما تغير هو الجهة التي نتهم السلطة بالعمالة لها. ففي نظر المعارضة، كان حكام العهد الملكي عملاء للاستعمار البريطاني، وفي عهد ثورة 14 تموز كان الزعيم عبدالكريم قاسم عميلاً للسوفيت، أراد إعلان الشيوعية، أما اليوم فنوري المالكي هو عميل لإيران، يريد إقامة حكم ولاية الفقيه، وينفذ أوامر السيد علي خامنئي. هذه هي لغة المعارضة بالأمس واليوم دون تغيير.

والملاحظ أيضاً، أن المعارضة تحاول إبراز كل قضية وكأنها صراع بين شخصين، أحدهما يمثل الشر المطلق، وعادة هو رئيس الوزراء، والآخر يمثل الخير المطلق وأياً كان حتى ولو كان إرهابياً مثل طارق الهاشمي! فالمعارضة تتهجم على الحكومة عند حصول أية عملية إرهابية، أو فساد مالي وإدراري، وتتهمها بالضعف والتهاون، وتطالب رئيس الوزراء بالاستقالة لأنه فشل في دحر الإرهاب. ولكن ما أن تقوم الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على المشتبه بهم في الإرهاب أو الفساد حتى وترفع بعض أطراف المعارضة عقيرتها بالصراخ وتتهم الحكومة بإلقاء القبض على أناس أبرياء، وتطالب بإطلاق سراحهم دون محاكمة، وقد حصل هذا حتى في حالة سفاح الدجيل.

وآخر صراع نشهده في هذه الأيام هو ما يخص قضية البنك المركزي ومحافظه الدكتور سنان الشبيبي، حيث أثيرت ضجة واسعة على شكل مقالات، ورفع مذكرات احتجاجية، وحملة جمع تواقيع على نداءات للدفاع عن الشبيبي، المتهم، وحتى قبل أن تتضح حيثيات المشكلة. وكأية أزمة عراقية، تمت شخصنتها، فطرحت على أنها صراع شخصي بين رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي، ومحافظ البنك المركزي، الدكتور سنان الشبيبي. وحجة المدافعين عن الأخير هي أن رئيس الوزراء يريد الانتقام لأنه طلب قرضاً بـ 15 مليار دولار، فرفض محافظ البنك ذلك حفاظاً على أموال الشعب، ثم نشرت مقالات أخرى رفعوا المبلغ إلى 65 مليار دولار! ربما كتاب هذه المقالات لم يعرفوا ضخامة هذه الأرقام، ولا يدرون أن صرف أي مبلغ لا يتم إلا بموافقة البرلمان وبمنتهى الشفافية والعلنية.

المشكلة هنا، أنك إذا ما تورطت في الكتابة عن أية قضية عراقية، ولم تساير التيار المعارض في كل ما يقولون ضد السلطة، فأنت متهم بالعمالة للسلطة ومنتفع منها، علماً بأن العديد من هؤلاء المعارضين يستلمون رواتب سخية من حكومة إقليم كردستان، ومنهم برتبة وزير متقاعد...الخ. على أي حال، تعالوا نستعرض الأمور عسى أن نتوصل إلى الحقيقة، ولنبدأ ببعض الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان وهي:
أولاً، البنك المركزي هيئة مستقلة، ولكن هذا لا يعني أنه محصن من الفساد وطليق اليدين غير خاضع لأية جهة مراقبة ومساءلة. فالبرلمان أعلى سلطة تشريعية منتخبة في البلاد من حقه، بل ومن واجبه مراقبة أية هيئة، مستقلة أو غير مستقلة.

ثانياً، تركزت كتابات معظم المدافعين عن الدكتور سنان الشبيبي، محافظ البنك، على انتمائه العائلي وحسبه ونسبه. ومع احترامنا الكبير لأسرة الشبيبي، ومكانتها المرموقة، وتضحياتها في سبيل القضايا الوطنية، إلا إنه من نافلة القول أن الانتماء العائلي لا يمنح الشخص المناعة ضد الفساد. وهذا لا يعني أني أشك بنزاهة الدكتور الشبيبي، فالرجل صاحب كفاءة ونزاهة، التقيته مرة بشكل سريع في مؤتمر المعارضة العراقية عام 1999 في نيويورك، وهو معروف بالكفاءة والخلق الكريم. ولكن ما أريد قوله هو أن كيل المديح لشخص بالاعتماد على الحسب والنسب هو أسلوب بدوي قديم، وغير مقبول في عصرنا الراهن، إذ ليس هناك شخص معصوم عن الخطأ و فوق المساءلة، وهذه قاعدة عامة في المجتمعات المتحضرة وخاصة الديمقراطية منها. لذلك أعتقد أن الذين دافعوا عن الشبيبي من منطلق انتمائه العائلي فقد أساءوا له أكثر مما أفادوه.

ما هي المشكلة؟
لتوضيح الصورة للقارئ الكريم، أرى من المفيد أن أذكر شيئاً عن المشكلة ولو بإيجاز شديد كما نشرتها وكالات الأنباء، وهي كما يلي:
أولاً، قبل أشهر تصاعدت وتيرة الاتهامات بشأن عمليات تهريب العملة التي أثرت على أسعار بيع الدولار في الأسواق المحلية وأدت إلى زيادة سعر صرفه، مما طالب نواب بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إيقاف عمليات بيع العملة في مزادات البنك المركزي، لأن العراق يخسر أموالاً كبيرة جراء تهريبها يومياً إلى خارج الحدود.
ثانياً، طلب الدكتور سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي، من رئيس الوزراء فصل 4 مدراء عامين في مؤسسته، ولم ينفذ الطلب.
ثالثاً، كشف رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في (7 تشرين الأول 2012)، عن وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي، مشيراً إلى أن المجلس باشر بتحقيق "معمق" في سياسة البنك المركزي منذ العام 2003، وتعهد بمتابعة التحقيق "شخصيا" لأهمية القضية.
رابعاً، كان عضو اللجنة التحقيقية بشأن عمل البنك المركزي هيثم الجبوري أكد في (14 تشرين الأول الحالي) صدور مذكرات اعتقال ومنع سفر بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي ومسؤولين في البنك، وفيما اعتبر أن بقاء المحافظ في الخارج سيثبت تهم الفساد.

وكما ذكرنا أعلاه، أن خصوم المالكي من الكتاب والسياسيين، يقتنصون كل فرصة لتوظيفها من أجل الطعن والهجوم عليه وتحميله مسؤولية الأزمة. لذلك طرحوا قضية البنك المركزي وكأنها مسألة خصومة وثأر بين رئيس الوزراء ومحافظ البنك، وتبين أن الأمر ليس كذلك.

ففي لقاء له مع الصحافة، أكد رئيس الحكومة نوري المالكي، الاربعاء، (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 السومرية نيوز، بغداد) – ["عدم صلة حكومته بمذكرة اعتقال محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي، موضحا أن الاضطراب الذي حدث بسعر العملة العراقية حفز العديد من الجهات الرقابية للتحقيق في نشاط البنك". وأضاف المالكي أن "اللجنة رفعت تقريرها الموقع من قبل رئيس البرلمان أسامة النجيفي، الى هيئة النزاهة مباشرة دون ان يمر على الحكومة"، مبينا أن"الهيئة رفعت هي الأخرى تقريرها مع تقرير اللجنة الى محكمة التحقيق الخاصة بقضايا النزاهة في مجلس القضاء الاعلى... وأن المحكمة أصدرت اوامر القبض بحق محافظ البنك سنان الشبيبي وعدد من موظفي البنك للتحقيق معهم"، مشيرا إلى أن "مجلس الوزراء صوَّت بالإجماع تقريبا بعد حصول هذه التطورات على تكليف عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية للقيام بمهام محافظ البنك حتى اشعار اخر".(1)
ومن كل ما تقدم، نفهم أن الهجوم الذي شنه مناصرو الدكتور الشبيبي على المالكي كان مخالفاً للواقع، وإنه كان بدوافع كيدية وليس الدفاع عن السيد الشبيبي. ومن هنا خسر هؤلاء السادة مصداقيتهم.

من الرابح والخاسر من هذه الضجة؟
لا شك أن الضجة مفتعلة ولا مسوغ لها، ولو من حق الكتاب والسياسيين إدلاء آرائهم في كل ما يخص الشأن العام، ولكن الطريقة التي تعاملوا بها مع الأزمة كانت تنم عن نوايا انتقامية، وكان مردودها معكوساً على المعارضين. ولعل أكثر الخاسرين هو السيد سنان الشبيبي بسبب توظيف قضيته لأغراض سياسية، وللكسب السياسي. بينما كان المفروض معالجة الأزمة دون تحزب وإثارة، وترك الأمور للسيد الشبيبي نفسه ليختار الطريقة الصحيحة لمواجهة الأزمة بالطرق القانونية لتبرئة ساحته. والرابح هنا هو المالكي حيث ترك خصومه يصعدون من حملتهم ضده في قضية لا علاقة له بها كما أثبت ذلك في تصريحاته الأخيرة المشار إليها أعلاه، وبذلك فقد سحب البساط من تحت أقدامهم، وخسروا مصداقيتهم أمام الرأي العام العراقي.

ما المطلوب عمله؟
لا أحد يشك بنزاهة الدكتور سنان الشبيبي وبراءته من التهمة، لذلك فالمطلوب منه أن يعود إلى العراق، ويواجه التحقيق ليثبت براءته. أما إذا اختار البقاء في الخارج وعدم حضوره التحقيق فإنه سيحاكم غيابياً وفي هذه الحالة ستثبت عليه التهمة، ونحن لا نريد له هذا المصير. أما الذين تظاهروا بالدفاع عنه فكان غرضهم ليس الدفاع عن الشبيبي، بل بغضاً للمالكي الذي أثبت أنه لم يكن طرفاً في الصراع. وأنا واثق لو كان المالكي قد دافع عن سنان الشبيبي، لاتخذ المدافعون عنه موقفاً منه مشابهاً لموقفهم من عبدالفلاح السوداني، وزير التجارة السابق. فأخطر ما يهدد العدالة هو عندما يتعرض القضاء إلى الضغوط من قبل الإعلام. فالقضاء هو وحده المسؤول للبت في هذه الأمور وليس الإعلام.

[email protected] العنوان الإلكتروني
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/ الموقع الشخصي
http://www.ahewar.org/m.asp?i=26أرشيف الكاتب على موقع الحوار المتمدن:
ـــــــــــــــــــــــ
1- المالكي: لا علاقة لنا بمذكرة اعتقال الشبيبي
http://www.akhbaar.org/home/2012/10/137257.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعن جرائم البعث لا تتكلموا..!
- الشريعة الإسلامية كتبت لحل مشاكل القرون المنصرمة وغير صالحة ...
- لست تابعاً للمالكي، والعلمانية أفضل نظام لحكم العراق
- من وراء رفع صور خامنئي في العراق؟
- عراقيو الداخل... عراقيو الخارج
- مخاطر تمرير قانون العفو العام عن مرتكبي الإرهاب والفساد
- بهنام أبو الصوف في ذمة الخلود
- الفيلم المسيء والرد الأسوأ
- حول إغلاق النوادي الاجتماعية في بغداد
- في مواجهة حرب الإشاعات
- انفصام بعض السياسيين العراقيين عن الواقع
- من المستفيد من الفتنة الطائفية؟
- من هم سماسرة الطائفية؟
- البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!
- فخري كريم واللعب بالنار الطائفية
- من وراء قتل العلماء والأكاديميين العراقيين؟
- القاعدة في سوريا
- رايح زايد ويه المالكي!!!
- سوريا تحترق..اللهم لا شماتة
- هل ما حدث يوم 14 تموز ثورة أَم انقلاب؟


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - من يحاكم المتَّهّم...القضاء أَم الإعلام؟