الحرية .. خنجر مسموم

هبه سعد أبوالمجد

الحوار المتمدن-العدد: 3905 - 2012 / 11 / 8 - 20:56
المحور: المجتمع المدني
    

"أنا حرة" .. "الباحثات عن الحرية" .. "حين ميسرة" .. "هي فوضى" .. "مذكرات مراهقة" .. "أسرار البنات" .. عمارة يعقوبيان" .. "احكي ياشهرزاد" .. "أيام في الحلال"... .
كل هذه الأسماء وأكثر تبيح "الجنس قبل الزواج"، نعم.. "الجنس" بدون حتى التفكير في الزواج، لكن في النهاية هي مجرد أفلام لها فئة معينة من الجمهور تنتظرها وتبحث عنها وتجد غايتها فيها، لكن حينما يكون لهذه الأفلام صدى على أرض الواقع فهذا حقًا ما يُرعِب، هذا حقًا ما يدفعنا إلى المواجهة على قدرٍ كبيرٍ من القوة يعادل قوة هذه "الوقاحة" و"البجاحة" التي يبرر بها أصحاب "الزنا" ما يفعلونه تحت شعار "الحرية"... .
كعاتي في ممارسة هواية الإمساك بـ"الريموت كنترول" والتغيير بين القنوات الفضائية المكتظة بالأفلام والمسلسلات والبرامج – مما لا يستهويني كثيرًا – ونادرًا ما يستوقني شيء أشاهده وأندمج معه، لكن في هذه المرة استوقفني برنامج اسمه "أجرأ الكلام" للإعلامي "طوني خليفة" المشهور بجرأته، وليس البرنامج نفسه أو الإعلامي ما استوقفني وإنما موضوع الحلقة الصادم ألا وهو "الجنس قبل الزواج"، بل ما داعب عقلي أن أشاهده وألَّا أضغط على زر تغيير القناة هو وجود مَن يرى أن هذا من حقه ومن حرياته الكاملة ولا دخل للدين أو للمجتمع في هذا، ودعوني أنقل لكم بعض مما استفزني في هذا البرنامج من آراء عقيمة لا أساس لها من الصحة ولا توصف إلا بأقذر الأوصاف.... .
في مقدمة البرنامج يقول الإعلامي "طوني":
(( الجنس قبل الزواج بين تحريم الدين والشريعة له، وما بين مَن يفعلون هذا جِهارًا أو في الخفاء.. الكلام عن الجنس قبل الزواج ممنوع الاقتراب منه أو حتى التكلم عنه لكن في "أجرأ الكلام" الليلة هناك مَن قرر الكلام، ومَن يرفض رفضًا باتًّا هذا الكلام... )) .
ثم جاء تقرير به العديد من التصريحات التي صدمتني بحق، فيقول د.أحمد ندى – روائي وشاعر – مؤكدًا بأنه من الصعب جدًا القول بأنه لا يوجد في مصر من الشباب مَن لا يمارس الجنس قبل الزواج!!! .
وما أضحكني بطعم البكاء ما قيل مِن إحصائيات تشير إلى أنه يوجد نسبة 50% من الشباب في مصر يقومون بممارسة العلاقات الجنسية الكاملة قبل الزواج، وبأن النسبة في الفتيات التي تقوم بهذا أقل بكثير فهي 3% فقط، وكأن هؤلاء الشباب كانوا يمارسون الجنس مع بنات من خارج البلاد!!! .
ثم يعود مَن صدمني بتصريحه في بداية التقرير مرةً أخرى ليصدمني بآخر ويقول بأن كل شخص له مطلق الحرية في اختيار شكل العلاقة التي يرتضيها طالما أنها ليس بها أي شكل من أشكال الخديعة أو الإرغام أو الكذب، وطالما أن هذا الشخص ارتضى هذه العلاقة فليس من حق أي شخص باسم السُلطة أو باسم المجتمع أن يمنع هذه العلاقة!!! .
ثم يأتي الجزء الأهم في البرنامج عند الإفصاح عن وجود بعض الأشخاص الذين يجاهرون بعلاقاتهم الجنسية قبل الزواج، أحدهم شاب يُدعَى "تامر" في التاسعة والثلاثين من عمره، والضيف الآخر فتاة في الثماني والعشرين من عمرها.. الرجل بالطبع وافق على كشف هويته بدون تردد، لكن البنت والتي سُميت بـ"ندى" رفضت الكشف عن هويتها... .
كل هؤلاء في كَفّة وضيف الحلقة "طارق الديري" – مخرج وكاتب مستقل – في كفَّةٍ أخرى، والسبب سأفصح عنه قريبًا... .
سأسرد الحوار الذي دار بين مذيع البرنامج "طوني خليفة" وبين ضيفه "طارق الدميري":
طوني : هل لكَ علاقات جنسية قبل الزواج؟!
طارق : مفيش حد ملوش علاقات جنسية قبل الزواج.
طوني : أسألك عن نفسك.. أجب.
طارق : نعم..
طوني : هل هي علاقات جنسية كاملة؟!
طارق : علاقاتي الجنسية تصل لدرجة 90% من العلاقة.
طوني : لا تعتبر نفسك زاني؟!
طارق : لا .. لا أنا مش زاني.
طوني : هل تزوجت مِن أحدٍ ممَن قمتَ معها بعلاقات جنسية؟!
طارق: لأ؛ لأني مش عايزة أتجوزهم.. في فرق!!!! .
طوني : هل من الممكن أن تتزوج من فتاة كان لها علاقات جنسية سابقة مع غيرك حتى وإن كان صديقك وأنت تعلم ذلك؟!
طارق : أكيد .. لو مفيش كدب من الأول أكيد؛ فما قبل الزواج حاجة، وما بعد الزواج حاجةن ما قبل العلاقة حاجة، وما بعد العلاقة حاجة تانية خالص.. المعاشرة مش شيء حرام طالما المجتمع على علم بيها!!! .
ثم تأتي الطامة الكبرى حينما يسأله "طوني": هل تسمح لأختك أن تمارس الجنس قبل الزواج؟!
فيرد طارق : لو قدام المجتمع وقدام الناس أكيد هسمح بيه!!!.. معنديش مانع!!!!.
والله إن كان لا يمنعني أدبي واخلاقي أن أَسُبَّكَ بأقذر السُباب ما ترددتُ، ولكني سأقول لكَ جملة واحدة: ((أنتَ دَيُّـــــوث)).... .
بالفعل ما حدث في هذه الحلقة كما وصفته أ.آمنة مُصير هو نوع من أنواع "البجاحة" و"الوقاحة".. .
أيها السادة ما الذي يحدث؟! أهذه من علامات قرب يوم القيامة؟! ما هذه الجرأة؟! لا لا .. هذه ليستْ جرأة فالجرأة محمودة ولكن هذه "بجاحة".... .
لكَ الله يا عقلي على ما يزدحم فيك من تساؤلات وتشويش على مبادئي الراسخة.... .

#هبه_سعد_أبوالمجد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات