محمود فنون
الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 00:18
المحور:
القضية الفلسطينية
قال محمود عباس
"لقد زرت صفد مرة من قبل. لكنني أريد ان أرى صفد. من حقي ان أراها .. لا أن أعيش فيها."
من حقه ان يراها لا ان يعيش فيها هي تعبير عن التنازل عن حق العودة .
و كذلك طمأن الإسرائيليين انه لن تكون انتفاضة في عهد حكمه .واكد على احقية اسرائيل في الاراضي التي احتلتها عام 1948م .
على اثر ذلك انطلق سيل عرمرم من التصريحات على السنة قيادات الفصائل الوطنية والاسلامية . هناك تفريط بأحد الثوابت الفلسطينية ,تفريط بحق العودة .هذا أمر لا يتوجب السكوت عليه ,وفي بلاد غير بلادنا تقال حكومات ورؤساء دول لهذا السبب.
هل تصريحات القيادات الفلسطينية هي قذائف حقيقية ؟ ام مجرد اختراق لحاجز الصوت في سماء القاهرة ؟ام انها تسجيل للتاريخ كما تفعل قيادات بعض الفصائل ؟تلك القيادات التي تعتقد ان التاريخ سينشغل بما قالته في يوم من الايام .
وهل هذه التصريحات في حدود "مشروع فتح " ام هبطت عنه؟.
أسجل أولا وللعبرة :
اولا :في عام 1974 تم طرح شعار السلطة الوطنية على الضفة والقطاع والذي تم تقنينه فيما بعد بشعار حق العودة والدولة في الضفة والقطاع وحق العودة .
كان هذا الطرح تنازلا عن الاهداف الفلسطينية المعلنة والمتفق عليها حتى ذلك التاريخ والمتمثلة بتحرير فلسطين كل اراضي فلسطين بحدودها الانتدابية من رجس الصهيونية وعودة الفلسطينيين الى فلسطين المحررة الى مدنهم وقراهم (مراجعة شعارات ومواقف تلك الفترة .مراجعة دراستي "القيادة الفلسطينية من اللجنة التنفيذية الى اللجنة العربية العليا الى الهيئة العربية العليا الى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "
على اثر هذا التنازل من القيادة الرسمية لمنظمة التحرير المتمثلة بقيادة فتح ومساندة الجبهة الديموقراطية ,ظهرت جبهة الرفض بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومعها القيادة العامة وجبهة النضال الشعبي ,وأعلنت جبهة الرفض رفضها لهذا التنازل والتفريط بالحقوق الوطنية الفلسطينية وانسحبت من اللجنة التنفيذية للمنظمة .
لقد كانت جبهة الرفض قوة فاعلة وكانت فاعلة وجادة في رفضها
غير ان سقف هذا الرفض لم يصل الى حدود ثني هذه القيادة الرسمية عن موقفها كما انه لم يتم عزلها او تهميشها . بل انها وبمساندة من الدول العربية اصبحت الناطق الرسمي والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .,
وفي يوم من الايام عادت جبهة الرفض الى اللجنة التنفيذية دون ان يتغير شيئ جوهري في موقف قيادة المنظمة .
حصلت مواقف عديدة أدت الى ظهور معارضة جادة لمواقف القيادة الرسمية المهيمنة على المنظمة بدعم مالي وسياسي من الدول العربية الرجعية .لم تصل المعارضة الى موقف من المنظمة يزيد عن الانسحاب من اللجنة التنفيذية واصدار البيانات .
ثانيا :جاء ما سمي بمؤتمر السلام في علم 1991 م وقد قررت القيادة الذهاب لهذا المؤتمر ,فتشكلت جبهة رفض قوية هذه المرة تألفت من جميع الفصائل الفلسطينية ما عدا فتح ,وضمت الى جانب فصائل المنظمة كل من الجهاد الاسلامي وحماس وعدد واسع من الرجالات والشخصيات الفلسطينية الاعتبارية وجمدت فصائل المنظمة عضويتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة والبالغة تسعة من ثمانية عشر .
لقد كان اصطفافا واسعا وفاعلا ,ولكنه لم يستطع منع القيادة عن الذهاب بالموقف الفلسطيني حيث تقودها الاحداث والنوازع ,كما ان هذا الاصطفاف الواسع لم يثن هذه القيادة عن أي سلوك .
وكانت مفاوضات واشنطن واتفاقات اوسلو هي النتيجة.
وكانت هذه القيادة تقول "دعهم يقولون ما يشاءون ,وانا افعل ما أشاء" وهكذا كان الحال دوما .
لقد تم التنازل عن الدولة وتقرير المصير وحق العودة "والكل قيام ينظرون" فقط سجلوا مواقفهم للتاريخ والكثير منهم كان متذبذبا وله رجل هنا ورجل في ساحة القيادة الرسمية .
انهم لم يتفقوا على اية مواقف من شأنها ان تشكل عزلا أو مضايقة للقياة الرسمية واقتصرت الحالة على الاصطفافات واصدار البيانات وكثرة الاجتماعات .
وجففت الانظمة العربية الموارد المالية لفصائل المنظمة والتي بدورها لم تجد بديلا وكان وضعها صعبا وتعاني كثيرا ,بينما لم تكن القيادة الرسمية تعاني من أي شيء .
لقد كانت تتخذ القرارات في اجتماعات مقلصة للجنة التنفيذية وتقبل منها هذه القرارات والمواقف من جانب الامريكان والاسرائيليين وكل من والاهم ,ولم يقف أي منهم ليسأل عن توقيع الجبهة الشعبية او حماس مثلا .
والآن تتصاعد المواقف حدة بعد المقابلة التي نشرتها القناة الثانية والتي اكد فيها عباس عن الامتناع عن المطالبة بأراضي فلسطين المحتلة عام 1967 م مؤكدا على مواقف القيادة الرسمية تاريخيا وبدون مناسبة سوى استجابة لمطالب العرابين الذين يريدون منه تأكيد مواقفه .
ولكن ثالثة الأثافي كانت في الحديث عن حق العودة .
ان الحديث عن التخلي عن حق العودة قائما من الجهات المعبرة عن السلطة والجهات التي تمهد الارض لمواقف السلطة .ولكن الأمر هذه المرة جاء من رئيس السلطة ,الذي هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تمثل الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده ,سواء شاءت الفصائل الوطنية والإسلامية أو أبت فالرفض الفعلي له دروب أخرى غير اصدار البيان وغير تقسية الكلمات .
ان تقسية الكلمات مهمة ولكنها لا تصل الى حدود منع عباس من التنازل عن حق العودة بل انه سيمضي بموقفه هذا الى حين جعل هذا الموقف تعبيرا عن مصلحة وطنية عليا .كما حال التنسيق الأمني .
لقد تنازلت هذه القيادة عن معظم الوطن دون وجه حق وقبل ان تكون هناك اية مساومات سياسية .(انا لا اؤيد التنازل في كل الأحوال )
من المفيد التذكير ان البرجوازية وخاصة البرجوازية المشوهة كما في بلادنا هي مستعدة للتنازل بطبيعتها ومن تلقاء نفسها وقد انخرطت في النظام العربي الرسمي في مرحلة الردة و اخضعتها الانظمة العربية التابعة ,ودوخها الكومبرادور الفلسطيني المنتشر في بقاع الارض .كما اتبعت معها عدة جهات ضاغطة سياسة العصا والجزرة.كل هذه كانت عناصر دفع نحو التنازل ومنع من العودة عن هذه التنازلات .
ان القيادة الحالية هي استمرار لذات القيادة الفلسطينية ولكن في ظروف اشد رجعية وأكثر قساوة ,وهذه القيادة كانت ولا زالت مستعدة للتنازلات لمجرد البرهنة على قدرتها على اتخاذ المواقف الهابطة واثبات حسن النية .
نعود الى تصريحات قيادات القوى التي ازعجها ويجب ان يزعجها تصريحات محمود عباس .
ان هذه القوى في وضع عاجز ,وانها لا ترفع سقف تعليقها على تصريحات محمود عباس الى درجة المساس الفعلى بوضعه القيادي ودوره الرسمي .
بل اجازف بالقول انها لن تسع الى الوصول لحالة الافتراق والطلاق .ان وضعها منسجم مع سقف تصريحاتها ,وستظل القافلة تسير دون توقف .
ان قيادات الرفض جميعا يخشون على انفسهم ومصالحهم ,كما انهم لا يقودون شيئا يذكر من الشعب الفلسطيني .
اما فتح ومشروع فتح فسوف نعود له في مقالة لاحقة .
#محمود_فنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟