أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - أنهم يقتلون الجياد















المزيد.....

أنهم يقتلون الجياد


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 14:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    








فجأة ورد في خاطري فلم ( أنهم يقتلون الجياد ) حين قرأت تصريح السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ودعوته للكفاءات العراقية في الخارج للعودة والمشاركة في بناء الوطن.
تذكرت قصة ذلك الفلم الذي عرض عام 1969 ونال شهرة كبيرة ورشح عدة مرات لنيل جائزة الأوسكار. مخرج الفلم سيدني بولاك وهو أحد أعمدة الإخراج في السينما العالمية وبطلة الفلم جين فوندا والفلم مأخوذ عن رواية للكاتب هوراس مكوي. حبكة الفلم تتناول فترة الركود الاقتصادي الأمريكي في ثلاثينيات القرن العشرين حيث بدت هناك أعراض كارثة اقتصادية أشاعت البطالة والجوع بين الناس. القصة تبدأ من دعوة لمسابقة رقص جائزتها مبلغ 1500 دولار وهو مبلغ خيالي ذلك الوقت. الحفلة أو السباق يكون في حلبة دائرية يتراكض فيها المتسابقون ويدورون لحد قطع الأنفاس ومن يسقط أولا يخرج من السباق، وفوق المدرجات يجلس الأثرياء يتناولون الطعام ويتلذذون بمشاهدة ذلك السباق الجنوني للجياع، أي أن الأثرياء قدموا الجائزة ليتسلوا برؤية هؤلاء المساكين يتساقطون صرعى لأجل الظفر بالجائزة. هناك لقطات جانبية تكمل أحداث الفلم منها استعراض لطفولة بطل الفلم ولحصان خائر القوى يطلق عليه الرصاص وتكرر اللقطات لعدة مرات.
يشارك في السباق عدد من الناس المحبطين الجائع منهم والفقير والفلاح وأيضا الممثل والمثقف المفلس، على هؤلاء بكل تنوعاتهم الرقص والهرولة دون توقف والصمود حتى النهاية إسعادا للأغنياء ومحاولة للحصول على مبلغ الجائزة. أثناء وفي حدة السباق والتنافس وانهيار عدد من المتسابقين لا بل موتهم، يوضع شرط جديد للمسابقة وهو أن يتزوج الراقص رفيقته أثناء المارثون تسلية للأثرياء. ترفض بطلة الفلم هذا العرض وتعده شيئا مهينا، وقتها يخبر منظم السباق البطلة بأن السباق يكلف كثيرا ولهذا سوف يتم خصم النفقات من قيمة الجائزة ويعني هذا في نهاية الأمر أن لا يبقى للمتسابق شيئا يذكر من الجائزة لهذا تنسحب البطلة مع رفيقها في الرقص وتجلس معه في غرفة خارج حلبة السباق وتخبره أنها لا تريد الحياة بعد الآن وتعطيه مسدسا وتطلب منه أن يطلق عليها الرصاص.
يسألها رفيقها عن سبب رغبتها الانتحار، وقبل أن يطلق النار على رأسها، تجيبه.
كل هذا الصراع لا جدوى منه .. إنهم يقتلون الجياد ..أليس كذلك؟
لقد راهنت بكل قواها وعزيمتها وجسدها من أجل أن تربح هذا السباق لتعيش ولكنها أدركت بأنها خدعت مثل الآخرين وأن الجميع لدى هؤلاء الأثرياء وفي نهاية المطاف جياد خاسرة. ينتهي الفلم دون أن نرى الفائز سيء الحظ.

السيد رئيس الوزراء نوري المالكي أدرى من غيره بالمعاملة القاسية والرخيصة التي تُعامل بها الخبرات والكفاءات العلمية والمهنية والبحثية الموجودة منها والتي تريد العودة، وإن كانت جعبته وجعبة مستشاريه تخلوا من أية معلومة عن وقائع خشنة ومستهجنة وقبيحة تعامل بها الكفاءات والخبرات الراغبة بالعودة للوطن فمن الموجب عليه دعوة بعض كفاءات الخارج من الذين عادوا للتوظيف في وزارات الدولة ويسألهم كيف جوبهوا من قبل الموظفين حين قدموا معاملات إعادتهم أو توظيفهم، وكيف كانوا ضحايا للروتين والمساومات وكم دفعوا تحاشيا لنزق موظف واستهتاره، وكم استغرق مارثون سباقهم لأجل ذلك.
السلطة في العراق بدلا من أن تكرم الكفاءات والخبرات الموجودة لديها والتي تعاني الأمرين لا بل مهددة في أرزاقها ومواقعها الوظيفية، نجدها تضع عينها على كفاءات الخارج لتزج بها في سباق مرثوناتها المهلكة والمستهجنة.
ما الذي جهزته السلطة لعودة الكفاءات والخبرات إلى وطنها، هل هو الوقوف على أبواب الدوائر أم طلب المستمسكات الأربع المبشرة بدخول الجنة، شهادة الجنسية وهوية الأحوال المدنية والبطاقة التموينية وبطاقة السكن أم ترى معادلة الشهادة ومن أرقى الجامعات العالمية بالشهادة الجامعية العراقية ثم يأتي بعد ذلك تصديق مختار المحلة وبعد كومة أشهر استنزفت الجهد والمال يطلب أعادة الوثائق إلى سفارات العراق مرة أخرى لتدقيقها وتأكيد صحة صدورها، وأخيرا وليس أخرا على العائد أن يقدم أطروحته مترجمة ومصدقة ليطلع عليها ذلك الموظف الأمي اللئيم ويجد فيها ما يفي رغبته السادية في الإيذاء.
إذا أراد السيد المالكي معرفة كيف تتم معاملة الكفاءات العلمية والاطلاع على المزيد من المعوقات والمعرقلات التي يواجهها العائد، لا بل حتى الكفاءات الموجودة الآن في العراق، عليه أن يطلب من أحد المحايدين والنزيهين حقا من غير مؤسسته الإدارية أو الحزبية تقديم تقرير بالذي يحصل هنا وهناك.
هل فكرت السلطة أن تفرد لمثل هؤلاء شعبة خاصة تتمتع بالحيادية وتضم كفاءات وخبرات متقدمة تلتزم بمهنية وعلمية صرفة لتقوم باستقبالهم وتدقيق أوراقهم الشخصية ووثائقهم العلمية وشهادات خبرتهم وتصنفهم بما يناسب وضعهم المهني والإنساني والعلمي دون أن توضع وتخضع معاملة استقبالهم وتدقيق وثائقهم لأمي خريج مدرسة ابتدائية صيرته الرتبة الحزبية مديرا ليطيح بكل أحلام هؤلاء الذين حلموا بالعودة وخدمة وطنهم، وليوقعهم حظهم العاثر أمام موظف لا يعرف التمييز بين كفاءة وكفاية أو بين فخامة وضخامة ليذلهم بعنجهيته الفارغة. موظف يريد منهم الاشتراك في سباق أسمه العودة إلى الوطن وعليهم قطع جميع الأشواط دون كلل أو ملل أو تأفف والوقوف في مسطر العمل بانتظار لحظة الانطلاق ثم بعد ذلك عليهم أن يحتملوا عذاب ما يواجهونه في الوظيفة، فشوط السباق طويل ويحتاج مجهودا مضاعفا، وفي كل مرحلة من مراحل هذا العذاب الروتيني يردد هذا الموظف على أسماعهم النشيد الوطني العتيد، يكفيكم دلالا ورغدا عشتموه خارج العراق وغيركم ذاق العذاب.عند هذه الحدود من الجفوة وقسوة التعامل تنهار الأحلام وتتضح عبثية العودة ومشاركة البعض من هؤلاء الموظفين الأوباش بناء وطن.
أنه سباق المارثون ومن يسقط فهو حصان خاسر والمهم في هذا الأمر أن فوق المدرجات يجلس علية القوم ويقام لهم حفل صاخب تقدم فيه مائدة عامرة وهم جاءوا ليشاهدوا أبناء الشعب العراقي يتراقصون ويهرولون حد الموت لأجل لقمة عيش ليس إلا، ولأجل حلم كانوا يريدون فيه تحقيق ذواتهم وخدمة وطنهم.
أنهم الأثرياء حديثو النعمة الذي يريدون من الجميع الاشتراك في سباق المارثون الملوث الذي يقيمونه. أخوتنا الأعداء المكتفون بتبادل الأنخاب.. الجميع لديكم جياد خاسرة ..أليس كذلك؟



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة من ألف ليلة وليلة حكتها طيور دجلة
- الاخوان المسلمون ومشروع إحياء دولة الخلافة الإسلامية
- كل ما عرف عن تأريخ شارع اسمه المتنبي
- وداعا حمارنا الحبيب أبو صابر
- من دروس الأخلاق في أعراف السياسة
- من يستحي من ما حل بتمثال معروف الرصافي
- ما آل أليه حزب الدعوة
- مكرمة السيد القائد
- المالكي وطارق الهاشمي وبينهما مشعان الجبوري
- الإيمو.. حقد الدشداشة على أناقة الأزياء الأخرى
- لعيد الحب أحزانه أيضا
- الجريمة طريق لتقاسم العراق
- ديج أبن أوادم
- مؤتمر لتقاسم العراق أم إعادة هيكلة المحاصصة
- رئيس الوزراء العراقي مراد علم دار مهدد بالاعتقال
- الديمقراطية في العراق ضلالة وهذر
- ما يضمره السلفيون لدعاة الحريات المدنية
- سياسيون ساعون لتمزيق العراق 2
- سياسيون ساعون لتمزيق العراق
- صمت الطليان


المزيد.....




- فرنسا تدعو روسيا وليس بوتين للمشاركة في احتفالات ذكرى إنزال ...
- الكرملين: كييف تسعى لوقف إطلاق النار خلال الألعاب الأولمبية ...
- الإيرانية والإسرائيلية أيضا.. وزير الخارجية الأردني يؤكد -سن ...
- المتنافسون على السلطة في ليبيا -يعارضون- خطة أممية لحل الأزم ...
- وزيرا الدفاع الأمريكي والصيني يعقدان أول محادثات منذ 18 شهرا ...
- باريس -تدعو- روسيا من دون بوتين للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء ...
- زيلينسكي يوقع قانون التعبئة الجديد لحشد 500 ألف جندي إضافي ب ...
- أوكرانيا أرادت تصفية الصحفي شاري واتهام روسيا باغتياله
- الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس: إسرائيل سترد على إيران في ا ...
- لافروف: الولايات المتحدة وحلفاؤها يشعرون بقلق متزايد بشأن عم ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - أنهم يقتلون الجياد