أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث الجادر - حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 4















المزيد.....

حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 4


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 3889 - 2012 / 10 / 23 - 15:57
المحور: الادب والفن
    


كانت كلمة ماما التي شددت على نطق حرفها بشكل غريب وبموسيقيه حزينه كافيه لان تكسر عنادي وكبري ولأجهش بالبكاء الذي .. ما ان احست بدمعه ينساب على اصابعها وقميصها حتى رفعت راسي باتجاهها وانحت عليه . كموسم ربيعي , يهطل كينونه.. من العطر ودفء الانفاس ..و ترسم بشفتيها على وجهي بحركات الفراشه ..قبلاتها المتسارعه ولتنهضني بعدها وتمسك بيدي وتركض نحو غرفة الصف وتهمهم بغضب( وداعتك لالقن هذوله المعدان درسا لن ينسوه هم وقردتهم يسرى ..هذه) ..وفعلا استخدمت ملاكي فريده كل اسلحتها الى ان قلبت ظهر المجن وكانت تفعل ذلك باصرار جعلت قسم من المعلمات وكل طلبة المدرسه يظنون بانني ابن اخت الست فريده او انني ربيبها !! الامر الذي شجعني بعد ذلك لاناصب العداء لليسرى التي بقت هذه المسكينه هدفا لعدائيتي وهي لا تملك لاحول ولا قوه سوى البكاء الصامت الذي تخاف ان تجيب على سببه حذرا مني ومن تكذيب الاخريين لها .. وبطلب من اهلها وبتوسل نقلت يسرى الى الشعبه الثانيه ظنا منهم بانها ستكون بمامن..لكن هذا لم يفت بعضدي وبدات اتحينها في فترة الاستراحات واتابعها اينما ذهبت حتى اذا ما انتهى الدوام وبدانا بمغادرة المدرسه اكون قد تهيئت لان امارس ضدها كل ما اوتيت من عدوانيه وكلما كان رد فعلها هادى وسلبي وهي غالبا ما تلجىء الى البكاء دون ان تنطق اي كلمه فكانت بذلك تستثير غضبي وكانني اتذكر حالها اول مرة حينما اعترضت على تصرفي معها ..اصبحت يسرى تميل الى الانفراد وهي تقضي اوقات الاستراحه منشغله بالتواري عني وفي اغلب الاوقات كانت تهرع راكضة في نهاية الدوام كي تتقي مشاكستي وعدوانيتي ولما اكتشفت عجز مقدرتي في اللحاق بها ومجاراتها في الركض.. رحت ابحث عن طريقة استطيع بها من ان استعين باحد ما للحاق بها او اعاقتها , حاولت كثيرا من ان اجد احد من زملائي واصدقائي لكنهم كانوا يرفضون ورغم حبهم لي لا يتوانون في ملامتي وتوبيخي لان يسرى بنظرهم بريئه ولم تفعل ما يستوجب ايذائها .. فلم يتبق امامي الا اللجوء الى نوري الكردي وعصابته المؤلفه من ولدين.. فقد كان نوري يلقب بكيس العقوبات .. ولم ينجوا احد منا من عدوانيته الشرسه ..فلسبب ولغير سبب كان نوري ينقض فجاه على احدنا ويبدا بضربه ضربا مبرحا ..او ان يترصد واحدنا منا في اثناء خروجنا من المدرسه وينقض عليه وهو يركض بعصى تهوي عاى راسه او يقذفه بحجاره يكون هدفها كل الجسد باستثناء الراس .. وهكذا بدات بالتقرب من هذا الوحش الذي كان دوما معزول هو ورفيقيه .. وكانت النتيجه الاوليه لهذا التقرب وبعد اول فترة استراحه هي ان نوري قرر ان انضم الى عصابته وان اكون تابعا له لكن فقط خارج المدرسه لانني لا استطيع ان اكون كذلك في اثناء الدوام.. كان حذقا في انتقاء الادوار فهذا يليق بان يؤدي هذا الفعل وذاك لا يليق به ان يفعل ذلك... وهكذا اصبحت عضوا في عصابة نوري والذي اوكل لي في اول يوم مهمة سرقة كف من الطرشانه (المشمش المجفف ) المعروض في اكياس القنب الكبيره امام احد المتاجر فلقد كانت مدرستنا (المعتصم الابتدائيه المختلطه ) تقع في محلة التوراة التي تضم اكبر مخازن الحبوب في الشورجه ...تقبلت المهمه بدون تردد وشرعت باداؤها دون ان ارجاع قائمة الممنوعات والتعليمات العائليه ولم احسب لها اي حساب , كانت مهمه سهله نوعا ما باستثناء ما تتطلبه في النهايه من انطلاقه وقائيه في الركض .. فما ان لامست كف يدي حبات الطرشانه حتى قبضت عليها بقوه وافردت ساقاي بالركض لمسافة امتار ثم استدرت لاجد رفاقي في نهاية الزقاق الضيق متهيؤن ايضا الى الركض وهم يراقبون ما هو خلفي .. وحينما وصلت لهم قبض نوري على الغنيمه ووضعها في حقيبته وانطلق في ركضه خاطفه كانه الجان بينما تبعانه ونحن شبه منهكين وهو يتقافز ويستدير بحركات فجائيه اثناء ركضه حتى وصلنا الى الطريق العام وهناك تقاسمنا الغنيمه دون اي تعليق فقد كانت انفاسنا تكاد تنقطع ولا قدره لنا سوى اللهاث والاشارات ...لفتره بالقصيره انشغلت في استعادةة طبيعة تنفسي ومغالبة الشعور بالتعب ,, وحينها كنت قد عدت الى العالم الذي تتحكم فيه لائحة الممنوعات والتعاليم العائليه والتي تمنع ولاي سبب كان الجلوس على قارعة الطريق فهذا لا يعني الا مؤشر على انحطاط الاخلاق .. وبينما ان اشتم هذا التابو السخيف , وقع نظري على ممر ضيق وقصير ينتهي بباب لمنزل.. كان فعلا مخبىء نموذجي لان اخترق ممنوع الجلوس او الاستراحه في الشارع فاستدرت نحوه والقيت بجسدي على عتبة الدار بعد ان ركنت حقيبتي الى جانبي .. لحظات وقد عاد كل شيء الى طبيعته , اول شيء فكرت به هو ان الكبار كان لهم الحق في ان يعاملوا طفولتي بمثل ذلك الجفاء .. نعم .. همست في داخلي .. الان عرفت انهم محقين .. فانا افتقر للبراءه التي تحملها الطفوله والشر والقسوه يتتجاجان في ... اردت ان اهتف بصوت عالي .. نعم فانا شرير .. انا لست طفل .. كانت اثناء ذلك تعتري جسدي رعشه هادئه تبث في روحي شعور بالفرح الحذر ..وتتناقل صور الاشياء والاشخاص في مخيلتي .. صورة يسرى وهي تعبس في وجهي ..صورتها وهي تنكس راسها وتبكي بصمت , صورة وجه امي وهي تبتسم بهدوء .. وجه نوري الابيض الناصع البياض ونتؤ العرق الاخضر في اوداجه وهو يصرخ ويحثني على الركض , صورة التاجر الذي استدار الى لحظة انطلقت بالركض .. وجه الست الفريده الذي تتلألىْ ملامحه في طيف من تدرجات اللون الوردي .. جمع الطالبات الاكبر سنا امام باب مدرسة القدس المجاوره لمدرستنا وهن يقمن بتظاهره طوعيه يرددن فيها ( فلسطين عربيه لتسقط الصهيونيه ) ( فلسطين حره ... شيلوا سفارتكم ) .. منظر مديرة مدرستنا التي خرجت الى هذه الطالبات وهي تستهزء بهن وتعترض بسخرية واستغراب على تصرفهن هذا وتخاطبهن ( عيني هاي مدرسة المعتصم مو السفاره الفرنسيه !!) ... ومثل صدى , قادم من بعيد .. بدا صوت انشودة فلسطينيه يزحف على مخيلتي يرافقها طيف لصوره الفدائي الملثم حيث يردد الصوت الاجش المحبب لدي (فدائي ..فدائي سابقى فدائي واقضي فدائي الى ان تعود.) كان الصوت يروح ويجيء مثل ارجوحة جلست عليها روحي.. وهي تردد ( قسما بداري وبركان ثاري سابقى فدائي الى ان اعود .. فدائي ياارضي يا ارض الجدود) ..وكلما رددت كلمات هذه الانشوده تزايد شعوري بالحقد على يسرى وترأى لي وجهها الهادىء الحزين وكانها للتو ادركت ماذا كنت اعني بحبي لها ولماذا اخترتها من دون كل طفلات العالم ..لان تكون حبيبتي .. غبيه هذه( الاول مكرر).. غبيه ..لا تستحق ان تكون الثالثه في ترتيب المتوفقين في الصف وهي لا تدرك ان المعلمات يتعاطفن معها لكونها فلسطينيه... مغروره هذه السخله السوداء ويجب ان اجعلها تدفع ثمن غرورها واسائتها لي .. اتعجب من هذه الجحوده كيف تسيء لمن يعشق فلسطين ويحفظ ويردد دوما انشودة الفدائي , لكن الامر قد هان وها هي نهايتها تقترب فغدا ستبؤء محاولتها في التهرب من القصاص بالفشل وستسقط بين يدي ذليلة منكسره .. يتبع



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 3
- حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 2
- حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 1
- من اجل تصحيح المسار .. لا للاباحيه ..لا للتخنث
- اليسار العراقي)) وعي المهمه المصيريه ))وتكتيك الشخصنه
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج5
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج4
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج3
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج2
- الرأسماليه تكثفت .. والكارثه على الابواب...ج1
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج 16
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج15
- حول تقييمات بعض الفوضويين لليسار العراقي..2
- حول تقييمات بعض الفوضويين لليسار العراقي
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج14
- طريقنا وفلسفة الثوره ..ج13
- طريقنا..وفلسفة الثوره ...ج12
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 11
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 10
- طريقنا..وفلسفة الثوره ج 9


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث الجادر - حينما ..ذبحوا ..حبيبتي... 4