أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - المادة 76















المزيد.....


المادة 76


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 1126 - 2005 / 3 / 3 - 11:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


وحتي لا تكون الديمقراطية نصوصًا شكلية، وحتي تكون الممارسة فعلية، يجب التأكيد علي أن التغييرات المطلوبة في البناء السياسي والقانوني لنظام الحكم في مصر والتي تشكل الأساس الضروري لتطوير الممارسة الديمقراطية هي إقامة جمهورية برلمانية، تقوم علي انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه انتخابًا حرًا مباشرًا من بين أكثر من مرشح وتقوم علي الفصل بين منصب رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية علي أن يتحمل مجلس الوزراء المسئولية كاملة أمام مجلس الشعب، وإجراء إصلاح دستوري يحد من مظاهر الوصاية علي الشعب ويتناول بصفة خاصة المادتين رقمي 74 و75 الخاصتين بإصدار قوانين استثنائية، واستفتاء الشعب عليها دون الرجوع إلي مجلس الشعب».

(من البرنامج السياسي للمؤتمر العام الأول لحزب التجمع في أبريل عام 1980)

«الإصلاح السياسي الشامل كان نقطة الالتقاء بين جميع الأحزاب والقوي المعارضة طوال العشرين عامًا الماضية، وقد أعربت هذه الأحزاب والقوي عن مطالبها الجماعية المتعلقة بهذا الإصلاح في مجموعة من المبادرات والوثائق والبيانات في أعوام 87 و94 و97 و99 و2003، غير أن كل المحاولات الجادة للحوار مع الحكومة وحزبها من أجل تحقيق هذا الإصلاح لم يكتب لها النجاح، ولذلك قررنا اللجوء إلي الشعب ودعوته إلي العمل الجاد المتواصل في إطار حركة منظمة ومتتابعة المراحل لتحقيق مطالبنا والتي من ضمنها اختيار رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح وتقليص سلطاته وتخليه عن انتمائه الحزبي».

(بيان صادر عن الأمانة العامة للتوافق الوطني للإصلاح السياسي في 21 سبتمبر 2004)

«مطلوب وبشكل عاجل إلغاء المواد 74 و132 و137 و138 و139 و140 و142 و152 و202 وتعديل المواد 73 و75 و76 و77 و78 و82 و84 و107/1 و112 و115/2 و127 و128 و133 و136 و141 و147 و148 و153 و55/1 والبند (أ) من المادة 156 و173/1 و204 من أجل انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه من بين أكثر من مرشح قبل انتخابات الرئاسة في ديسمبر المقبل»

(لجنة الدفاع عن الديمقراطية يناير 2005)

إن مطالبنا بتغيير الدستور ليصبح دستورًا مدنيا يليق بشعب عريق، ويسمح بالانتخاب الحر لرئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح، ويحدد صلاحياته مثلما يحدث في جميع الدول المتحضرة، ولا يسمح له بالبقاء في الحكم أكثر من مرتين متتاليتين، ويتيح إمكانية مراقبته ومحاسبته هو وحكومته وجميع مؤسسات الحكم ويتيح لجميع المصريين جميع حقوق المواطنة.

(الحملة الشعبية من أجل التغيير في مظاهرة أمام جامعة القاهرة يوم 21 فبراير 2005)

«لقد تقدمت صباح اليوم باقتراح إلي مجلسي الشعب والشوري لتعديل نص المادة 76 من الدستور والخاصة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية ليكون انتخابه انتخابًا حرًا مباشرًا من بين مرشحين متعددين عبر الاقتراع العام السري، طبقًا لنص المادة 189 من الدستور».

(محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية في لقائه مع قيادات تنفيذية وشعبية بالمنوفية يوم 26 فبراير 2005)

ويجيء طلب الرئيس مبارك بتعديل المادة 76 من الدستور مفاجأة للبعض خاصة أن هناك تصريحات سبقت هذا الحدث نفي فيها قيادات في الحزب الحاكم وجود نية لاختيار رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح. فمنذ عام تقريبًا أطلق جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني لاءاته الشهيرة في وجه أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وقال: لا لتعديل الدستور، وكذلك كلام صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني في سبتمبر 2004 وقوله: إن الحديث عن الإصلاح الدستوري هو أمر لاحق بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وليس سابقًا عليه. في الوقت نفسه نتذكر تصريح كمال الشاذلي وزير مجلس الشعب قوله: إن مبارك هو الرئيس القادم قبل حتي عرض الموضوع علي البرلمان!!

وهذا الأمر دفع أمانة التوافق الوطني للإصلاح السياسي والدستوري في يناير 2005 في أن تبدي دهشتها من مثل هذه التصريحات «المحبطة» .

وفي الوقت الذي أعلنت فيه المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي عن ترحيبها بتعديل المادة 76 من الدستور كشفتا عن قلقهما من عدم مصاحبة ذلك بإجراءات سياسية وتشريعية مثل إلغاء حالة الطوارئ وتوفير ضمانات حقيقية للانتخابات وتعديل قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، مما يتيح حرية تلك الأحزاب ويرفع القيود عن نشاطها الجماهيري السلمي لتتمكن من المنافسة، بعد إجراء هذا التعديل المهم الذي جاء بعد نضال طويل لكل قوي المعارضة وعلي رأسها حزب التجمع الذي أعلن منذ تأسيسه عن أهمية الديمقراطية التي لا تتجزأ ولن تتحقق إلا بانتخابات رئاسية حرة، وبين أكثر من مرشح وجاءت سطور البرنامج السياسي العام الأول عام 1980 معبرة عن ذلك ومطالبة به، وشارك الحزب طوال تلك الفترة في أعمال جبهوية مع كل القوي الوطنية لتحقيق هذا المطلب الجوهري والأساسي.

حتي جاء البرنامج العام الرابع للحزب عام 1999 بعنوان «بناء مجتمع المشاركة الشعبية والذي حملت سطوره كلمات تؤكد أن مقومات مجتمع المشاركة الشعبية لن تتحقق في ظل النظام السياسي القائم واحتكار السلطة، وطالب بإلغاء نظام الاستفتاء وإجراء انتخابات رئاسية من بين أكثر من مرشح لإعادة الثقة لدي المواطن، وأصدر التجمع مئات التقارير والبيانات ونظم المؤتمرات مطالبًا بذلك.

ولأن الديمقراطية فعل لا يتجزأ وهذا ما أكدت عليه لجنة الحوار الوطني القائمة حاليا بين المعارضة والحكومة فإن حزب التجمع قد ربط منذ تأسيسه بين بنود الديمقراطية التي لا يمكن أن تتحقق منقوصة فلا يمكن مثلا إجراء انتخابات نزيهة في ظل حالة الطوارئ وحصار الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، فكانت فكرة الديمقراطية هي الأساس الذي طالب «التجمع» دائمًا بتفعيلها لتحقيق التغيير الجذري والحقيقي.

المشاركة الشعبية :

قدم «التجمع» منذ البداية فكره التنموي المستقبلي في برنامجه العام، حيث يري ضرورة بناء مجتمع المشاركة الشعبية، كضرورة لمواجهة الأزمات والعقبات والمعوقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وكضرورة لتحديث مصر وبناء قواعد أساسية للعلم والتكنولوجيا، حيث يقوم مجتمع المشاركة الشعبية الذي يدعو له التجمع ويناضل من أجل تحقيقه علي أربعة أركان أساسية هي: التنمية الوطنية المتواصلة والمعتمدة علي القدرات الذاتية المتنامية، والعدالة الاجتماعية، والديموقراطية السياسية، والثقافة الديموقراطية التقدمية العقلانية، وأساس هذا المجتمع الجديد هو نمو الدور النشط للإنسان المصري واتساع نطاق المشاركة الشعبية في جميع المجالات، وفقا لمبدأ المشاركة في إصدار القرار والمشاركة في التنمية وزرع الأشجار والمشاركة في توزيع عادل للثمار.

وتبني حزب التجمع منذ نشأته مبدأ أولوية الديموقراطية وأولوية الإصلاح السياسي والديموقراطي لتحديث وتطوير المجتمع المصري، ويؤمن بأهمية التطوير والتغيير السلمي الديموقراطي، رغم ما يواجهه هذا الأمر من عقبات.

وكما يعتقد حزب التجمع في أهمية الديموقراطية البرلمانية فإنه يري أهمية إضافة عدة أدوات جديدة، تكفل فرص المشاركة الشعبية في صنع القرارات واتـخاذها، وتكفل إمكانية مراقبة الحكومة بمختلف مستوياتها في أداء مسئوليتها، بما يتطلبه ذلك من ضرورة إحداث تغيير جذري في ثقافة المجتمع، باتجاه دعم الثقافة الديمقراطية والسلوك الديمقراطي ، وطرح ديمقراطية المشاركة، التي هي ليست فقط نظاما للحكم، بل أيضاً نظاما للحياة، يشمل مختلف جوانب المجتمع وشئونه، أي مقرطة المجتمع، ومقرطة الدولة، ومقرطة الحكم، حيث تستهدف ديموقراطية المشاركة احترام التعددية، وقيام مجتمع مدني قوي، وتأمين حد أدني من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يكون أساساً للتكافؤ في القدرة السياسية، وإقرار الحقوق والحريات السياسية والمدنية، وتنمية ثقافة ديمقراطية تقوم علي قيم الاعتراف بالآخر والحوار الموضوعي والتسامح، وتأكيد الوحدة الوطنية كقيمة مجتمعية تكفل حقوق المواطنة المتكافئة لجميع المواطـنين، وإقامة حكم محلي شعـبي حقيقي يكون بمثابة البنية التحتية الصلبة للنظام الديمقراطي علي المستوي القومي .

معارك متواصلة:

وفي دراسة أعدها محمد فرج مسئول التثقيف للحزب أكد أن أعضاء التجمع وقيادته خاضوا منذ عام 1976 نضال متصل ومعارك متواصلة، فقد كان انحياز التجمع واضحاً منذ البداية لاستقلال الوطن وحرية المواطنين، وظل هذا الانحياز هو البوصلة الهادية والموجهة لمواقف التجمع وسلوك أعضائه، في النقابات العمالية، في النقابات المهنية، في المجالس المحلية، في الريف، في المدن، في الأحياء الشعبية، وفي مجلس الشعب

ووقف حزب التجمع موقفاً واضحاً ودائماً مع ضرورة الإصلاح السياسي والديموقراطي، فالتجمع ينظر للحريات العامة والديموقراطية وحقوق الإنسان باعتبارها ضرورة حياة، ومقدمات أي تحديث أو تقدم، لذلك يناضل حزب التجمع من أجل أن تكون الديموقراطية أسلوباً شاملاً للحياة، في البيت والمدرسة والشارع والعمل والنادي وأجهزة الدولة، من أجل أن تكون الديموقراطية أساس العلاقات بين أفراد المجتمع، وأساس العلاقات بين الحكام والمحكومين، بين الأجهزة التنفيذية والأجهزة الشعبية .

ويقوم الإصلاح السياسي الذي يناضل من أجل تحقيقه حزب التجمع علي قاعدة أساسية هي : ضرورة اختيار قيادات المجتمع والدولة بالانتخاب الحر المباشر من بين أكثر من مرشح، بما تتطلبه هذه القاعدة من ضرورة وجود نظام للانتخابات يضمن حريتها ونزاهتها وعدم تزويرها .

وفي سبيل ذلك وقف التجمع ضد عمليات تزوير الانتخابات وتزييف إرادة الناخبين، بالفضح الإعلامي، ورفع القضايا ضد تزوير الانتخابات، كما تقدم نواب التجمع في مجلس الشعب بمشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ووضع ضمانات منع التزوير.

وقد أسفر هذا النضال مع جميع القوي الديموقراطية والقانونية عن تقدم محدود في هذا الشأن، تمثل في رضوخ الحكومة لضرورة الإشراف القضائي علي انتخابات مجلس الشعب، بعد طول رفض، وطول تبرير، وذلك بعد الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية انتخابات مجلس الشعب بإشراف قضائي جزئي .

وإن كان الحكم قد التف علي هذا المكسب الديموقراطي، في بقية انتخابات مجلس الشعب 2000، وبصفة خاصة في رفض سريان الإشراف القضائي الكامل علي انتخابات المجالس المحلية، وعلي الاستفتاءات، وشهد المجتمع المصري مرة أخري عودة نظام التزوير الشامل للانتخابات، أي عودة أساليب تسويد البطاقات بالجملة، وملء الصناديق عن آخرها، وحصول مرشحي الحكومة في المحليات علي عدد كبير من آلاف الأصوات التي لم تدل بأصواتها أبداً .

ويقوم الإصلاح الديموقراطي الشامل الذي مازال يناضل التجمع من أجل تحقيقه، علي ضرورة إطلاق حق تكوين الأحزاب، وتأكيد وتطوير نظام التعددية السياسية، وقيام النظام السياسي علي مبادئ التعددية والانتخابات الحرة وتداول السلطة، وخضوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية كسلطة رقابة وتشريع، واستقلال القضاء، وإقامة حكم محلي شعبي فاعل وحقيقي، وإقامة مجتمع مدني قائم علي التعددية وحرية تكوين الجمعيات الأهلية، وتأكيد الحريات العامة والحقوق المدنية وحقوق الإنسان.

التحديات

وتقول قرارات المؤتمر العام الرابع إن هذه التطورات الراهنة ـ وغيرها ـ تفرض تحديات مهمة علي الوطن والحزب خلال السنوات القادمة . ولايمكن رسم خط سياسي جديد وصحيح للمرحلة القادمة دون الالتفات إلي قرارات مؤتمرنا السابق والتطورات التي حدثت خلال السنوات الاخيرة و لقد أكد المؤتمر في تقريره السياسي وبيانه الختامي أن ممارسات الحكم القائم طوال السنوات الست الماضية قد عمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وأن الحكم واصل تراجعه عن الهامش المحدود من الديمقراطية .. وأن التغيير كان ومازال الهدف والبوصلة المحركة للحزب . وسعينا للتغيير يستند فقط للأساليب الديمقراطية السلمية، ومدخلنا إليه هو الإصلاح السياسي الديمقراطي، وهدفه هو تحقيق التنمية الوطنية المستقلة المعتمدة علي الذات وتحقيق العدل الاجتماعي، ووقف تدهور مستوي معيشة الطبقات الشعبية والوسطي.

وأكدت أوراق التجمع أن ممارسات الحكم القائم طوال السنوات الماضية قد عمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في ظل تخلي الدولة عن دورها المفترض في التنمية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وإطلاقها لحرية رأس المال المحلي والأجنبي في الاستغلال، واعتمادها علي القروض والمعونات الأجنبية والرهان علي رأس المال الأجنبي في توفير الاستثمارات اللازمة للتنمية، وانحيازها الواضح ضد الطبقات والفئات الأفقر في المجتمع وقطاعات عريضة من الطبقة الوسطي، وهرولة الحكم لبيع وتصفية القطاع العام والمؤسسات الاقتصادية والخدمية وصولا إلي هيئة الكهرباء ومجمع الألومنيوم وهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية والقطاع المصرفي وقطاع التأمين بكل الآثار السلبية لبيع هذه المؤسسات وغيرها علي الأمن القومي والتنمية والموازنة العامة للدولة .

وعدم الاستجابة لمطالب التجمع بالإصلاح السياسي تسبب في مجموعة من الظواهر البالغة الخطورة في مقدمتها انتشار البطالة بصورة غير مسبوقة، وبالتالي تكوين جيش من المحبطين اليائسين، واحتياطي دائم للعنف والإرهاب وخصم من قوي الإنتاج والتنمية .. وازدياد حدة الفقر .. وشيوع الفساد وانخراط كبار المسئولين فيه .. وتراجع الإنفاق الحقيقي علي الخدمات الاجتماعية الضرورية كالتعليم والصحة والإسكان الشعبي .. وتحميل النساء والأطفال والشباب خاصة عبء هذه السياسات الخاطئة. وحتي الانجازات التي تحققت في ظل الحكم القائم فقد تحمل عبئها في الأساس الطبقات الشعبية والوسطي.

وواصل الحكم تراجعه عن الهامش المحدود من الديمقراطية : والديمقراطية التي يسعي إليها التجمع، هي منظومة متكاملة تنهي احتكار تحالف طبقي أو حزب واحد أو فرد للسلطة. وتفتح الباب أمام التداول السلمي للسلطة، وتطلق الحريات العامة وتلتزم بحقوق الإنسان كما وردت في المواثيق الدولية0

وكشف التجمع منذ تأسيسه أن جوهر النضال الديمقراطي ومركز الثقل فيه هو العمل البرلماني الذي يمكن من خلاله وصول الحزب أو التحالف الحزبي للسلطة لتنفيذ برنامجه إذا مااختاره الشعب، أو التأثير في القرار من خلال تواجد فعال في البرلمان . وتحتل المحليات دورا محوريا في هذا الأمر ، ولكن الديمقراطية لاتعني العمل البرلماني فقط ، فهناك أساليب ديمقراطية عديدة لاتقل أهمية وحيوية عن العمل البرلماني، من أهمها العمل النقابي والعمل في المنظمات الديمقراطية عامة، وتنظيم الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، وتوزيع البيانات وجمع التوقيعات، وجميع أساليب الاحتجاج السلمي.

لقد حسم «التجمع» منذ فترة طويلة علي المستوي الفكري وفي الحوار الذي دار عقب انتخابات مجلس الشعب وعرضت نتائجه في دورة اللجنة المركزية ( نوفمبر 1987) وفي أدبياته المختلفة ثم في مشروع البرنامج الجديد «بناء مجتمع المشاركة الشعبية» الموقف من الحكم القائم في مصر منذ 13 مايو 1971 وحتي اليوم، باعتباره النقيض لما ندعو إليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

وهدف التغيير الذي يدعو إليه الحزب سعيا لقيام حكم ديمقراطي منحاز للطبقات الشعبية والوسطي . وعلي هذا الطريق يخوض حزبنا معارضة جذرية لاهوادة فيها ضد سياسات الحكم والمؤسسات والأشخاص المسئولين عن هذه السياسات مؤكدا أنه من الضروري أن نحرص في تعاملنا مع الحكم وحوارنا وصراعنا معه، علي إبراز وجه الحزب باعتباره قوة المعارضة الجذرية، وتعميق التمايز القائم، خاصة إذا فرضت مصلحة جماهيرية أو قومية موقفا مشتركا في قضية ما . ولابد أن يكون رفض الدولة الدينية والأحزاب الدينية والتمسك بالدولة والمجتمع المدني الديمقراطي الذي يستند إلي دستور مدني وقانون مدني يؤكد حق المواطنة لجميع المواطنين .. والتسليم بحق كل القوي والتيارات السياسية في إقامة أحزابها طبقا لأي أيديولوجية أو مرجعية تختارها .. ورفض أي إدعاء أو محاولة لفرض مرجعية أيديولوجية علي أساس ديني علي الدولة والمجتمع، فالمرجعية الوحيدة للدولة والمجتمع هي الدستور المدني.

التنسيق

وتقول أوراق التجمع المتعاقبة : إن إنقاذ البلاد من أزمتها الراهنة يتطلب إنهاء هذا الخيار المستحيل المفروض علينا منذ سنوات، بين الحكم وحزبه وأحزاب أخري تمثل اجتماعيا نفس الاتجاه، وبين قوي الإسلام السياسي وحلفائهم والتي تطرح نفسها كبديل للحكم، وكلاهما عاجز عن إخراج البلاد من هذه الأزمة.

والخروج من هذه الدائرة المغلقة يتطلب بناء قطب أو بديل ثان يضم كل قوي الديمقرطية والتقدم والعقلانية.

وهي مهمة يجب أن يضعها الحزب في رأس مهامه العاجلة .

وحدد المؤتمر العام الرابع مجموعة من الأولويات في نضالنا الديمقراطي (ست قضايا أساسية)، وفي نضالنا علي الساحة الاقتصادية والاجتماعية ( عشر قضايا )، وكذلك أولويات نضالنا.وهي لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوي السياسية . وكانت هذه اللجنة قد تأسست عقب انتخابات مجلس الشعب (نوفمبر - ديسمبر 1995) وما حدث فيها من تزوير غير مسبوق . وعقد رؤساء أحزاب التجمع والوفد والعمل والناصري والأحرار وممثلو الاخوان المسلمين والشيوعيين اجتماعا في مقر حزب الوفد يوم 19 ديسمبر 1995، قرروا خلاله تكوين لجنة تنسيق دائمة من د. نعمان جمعة (الوفد) وحامد محمود (الناصري) وعادل حسين (العمل) وحسين عبد الرازق (التجمع) وحلمي سالم (الأحرار) وممثلي الشيوعيين والإخوان المسلمين . وولدت «لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوي السياسية» في 6 يناير 1996 عقب إقرار رؤساء الأحزاب لورقة العمل الخاصة باللجنة وتحديد هدف اللجنة في العمل المشترك من أجل إصلاح سياسي ودستوري ديمقراطي وبصفة خاصة إجراء انتخابات حرة ونزيهة . وقد سجل التقرير السياسي المقدم للمؤتمر العام الرابع أن لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوي السياسية حققت عددا من الأعمال الجبهوية أهمها «مؤتمر الأحزاب والقوي السياسية» دفاعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي عقد يومي 9 و10 ديسمبر 1997 وأثمر إصدار نداء إلي الأمة دفاعا عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وبرنامج ديمقراطي للإصلاح السياسي والدستوري . وقد شارك في هذا المؤتمر بالإضافة إلي رؤساء وقيادات الأحزاب وكوادرها 102 من قادة الفكر والسياسة والشخصيات الديمقراطية من جميع المدارس والاتجاهات، ناقشوا خلاله 27 بحثا.

وفي 10 ديسمبر 1998 عقد المؤتمر دورة ثانية في شكل حلقة نقاشية حول «تطور الأوضاع الديمقراطية في مصر «انتهت إلي تأسيس» جبهة للإصلاح السياسي والديمقراطي» تضم ممثلين للأحزاب والقوي السياسية والشخصيات الديمقراطية العامة ومراكز ومنظمات حقوق الإنسان والنقابات وأساتذة الجامعات وفقهاء القانون والمفكرين والكتاب والصحفيين الذين يقبلون برنامج الإصلاح السياسي والدستوري الديمقراطي.

وفي 29 مارس 2000 نظمت اللجنة مؤتمرا سياسيا تحت شعار «لا لحالة الطوارئ.. ومن أجل انتخابات حرة نزيهة» . وصاغت اللجنة مواقف مشتركة للأحزاب والقوي السياسية السبع المكونة لها، في مواجهة البنية التشريعية والسياسية المعادية للديمقراطية القائمة، ومشروعات القوانين التي أعدتها وأصدرتها الحكومة، خاصة ضد قانون اغتيال حرية الصحافة (93 لسنة 1995) ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية (32 لسنة 1964 و153 لسنة 1999) وتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا . وقامت بدور مهم في التنسيق في انتخابات المحليات، وفي تكوين رأي عام مؤيد لمشروع قانون مباشرة الحقوق الانتخابية (السياسية) الذي أعدته الأحزاب عام 1990 وتبنته اللجنة وتقدم به خالد محيي الدين وتسعة من النواب للمرة التاسعة لمجلس الشعب في دورته عام 2000.

وامتد عمل اللجنة في عامي 1998 و 1999 - بتكليف من رؤساء الأحزاب - إلي التنسيق في نشاط الأحزاب في مواجهة السوق الشرق أوسطية والعدوان الأمريكي البريطاني علي العراق ومقاومة الحصار المفروض علي الشعب العراقي، وبعض جوانب القضية الفلسطينية بما في ذلك إصدار نداء القدس.

وتم الاتفاق علي تكوين «جبهة الإصلاح السياسي والدستوري» في ديسمبر 1998، ومخاطبة رئيس الجمهورية حول نظام الاستفتاء علي الرئاسة، وكان هناك عدد من الشخصيات العامة ومراكز حقوق الإنسان، أعدت «نداء من أجل الإصلاح السياسي والدستوري في مصر» بعد ذلك بعدة أشهر، ووقع عليه حوالي 150 من الساسة والشخصيات العامة في مقدمتهم رؤساء وقادة الأحزاب (سبتمبر 1999)!

المبادرة

من هنا وجد حزب التجمع أن من واجبه إعادة طرح برنامج مصري للتغيير الشامل يقوم أساسا علي الوثائق الجبهوية التي شارك حزب التجمع في صياغتها أعوام 1997 و1999 و2003، وعلي قواسم مشتركة يمكن للقوي الوطنية المصرية أن تلتقي حولها وأن تعمل علي أساسها وهو البرنامج الذي أقره المكتب السياسي لحزب التجمع في 10 ابريل 2004 بعنوان :برنـامــج للتغيير الـوطــني مؤكدا أن التغيير السياسي والدستوري الديمقراطي هو المدخل الصحيح والوحيد للتغيير الشامل و هو تحقيق الديمقراطية وتوفير الحريات العامة وضمان حقوق الإنسان، ولا يمكن تحقيق الديمقراطية دون توفير أربعة شروط أساسية تشمل .. تداول السلطة سلميا عبر انتخابات برلمانية دورية حرة ونزيهة .. ضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق والعهود الدولية .. قيام مؤسسات ديمقراطية مستقلة والفصل بين السلطات والمشاركة الشعبية من خلال حكم محلي ديمقراطي حقيقي وانتخاب المحافظين ورؤساء المدن ومجالس محلية تملك سلطات حقيقية .. وإطلاق الحرية الكاملة للقطاع الأهلي وحرية وتعددية وسائل الإعلام والتنمية الشعبية.

وهذه الصورة المتكاملة لديمقراطية المشاركة الشعبية لن تتحقق بين يوم وليلة ،وإنما في خضم معارك متوالية تكسبها الجماهير أحيانا وتخسرها أحيانا أخري . وكخطوة في هذا الطريق خلال عامي 2004 و 2005 حيث يشهد العام الأخير الاستفتاء علي رئاسة الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب، فإن تحقيق إصلاح سياسي ودستوري يستهدف إقامة جمهورية برلمانية ديمقراطية يتطلب مايلي:

1- انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح وتخلي رئيس الجمهورية عن انتمائه الحزبي طوال فترة توليه لمنصبه0

2- تحديد وتقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدستور0

3- إلغاء المادة 74 من الدستور درءا لإساءة استخدام السلطات المطلقة الخطيرة الواردة فيها .. وأن تتم هذه التعديلات الدستورية قبل انتهاء فترة الرئاسة الحالية في عام 2005 بفترة كافية .

وتؤكد كل وثائق التجمع أن الحزب سيستمر في نضاله لتحقيق الإصلاح الجذري والشامل لهذا الشعب، وهذا ما جاء في المذكرة التي تلقاها فتحيسرور رئيس مجلس الشعب منذ أيام من وفد تجمعي برئاسة حسين عبد الرازق الأمين العام في خطوة جديدة للمطالبة بالديمقراطية الشاملة0ر



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا .. يا حضرة الضابط
- رسالة الدكتور رفعت السعيد التى لم يفهمها النظام الحاكم فى مص ...
- الحكومة تسعى للحجر على اموال العمال فى مصر
- إعتراف رسمى : إنهيار حقوق الانسان فى مصر
- الاصلاح السياسى والدستورى أمام رئيس مجلس الشعب المصرى
- إنهيار شركة عملاقة
- حبيبتى صاحبة الجلالة
- خطر جديد يهدد عمال مصر ... مؤامرة لحرمان 18 مليون عامل من عل ...
- لا تمسحى دموعك يا أمال
- الرئيس الذى يريده الشعب المصرى .
- نص حوار السيد راشد رئيس إتحاد نقابات عمال مصر ووكيل مجلس الش ...
- حكومة مصر تفرط فى الامن القومى
- مصر تمنح إسرائيل مركزا إحتكاريا فى المنطقة العربية بــــ- ال ...
- أيام الغضب العمالى فى مصر
- كيف إنتصر عمال شركة طرة الاسمنت على الحكومة المصرية ؟؟
- من يشعل الفتنة الطائفية فى مصر ؟
- دردشة مع العامل طه سعد عثمان قبل الرحيل الكبير
- مؤتمر شرم الشيخ الدولى يخدم المصالح الامريكية .
- عمال مصر يواصلون الانتصار على الأمن والادارة والحكومة
- المناخ العام لاحتجاجات عمال مصر : الجو الاجتماعى ملوث والقوا ...


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - المادة 76