أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - فتحي الحبوبي - المجلس التأسيسي التونسي إمبراطوريّة للجشع















المزيد.....

المجلس التأسيسي التونسي إمبراطوريّة للجشع


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3872 - 2012 / 10 / 6 - 20:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



«الفقير يطلب الكثير، و لكن الجشِع يطلب كل شيء»

سيروس

يعرّف المنجد في اللغة العربيّة المعاصرة "النفس الجشعة" بأنّها " المحبّة للكسب، الساعية بلهفة إلى المال و الطامعة فيه فوق الحدّ و الاعتدال. و يضيف لسان العرب، أن الجشع هو أن تأخذ نصيبك و تطمع في نصيب غيرك.
و يعتبر الجشع من الشرور التي هي على درجة عالية من الخطورة، حتّى أنّه يحتلّ في المسيحيّة، المرتبة الثالثة ضمن الخطايا السبع المميتة، المعروفة باسم الذنوب الكاردينالية. وهي التي تتألف من "الرغبة" و"الشراهة" و"الجشع" و"الكسل" و"الغضب" و"الحسد"، و"الغرور.
هذه التعريفات المقتضبة تنطبق تماما على أغلبيّة المتعاطين العرب للشأن العام، قديما وحديثا. بل لعلّها تتماهى مع الأغلب الأعم من السياسيين والبرلمانيين التاسيسيين التونسيين بشكل يدحض الشك. وهو ما يلاحظه المواطن دون عناء، عند متابعته لمقترحات مشاريع النواب التي تهمّ أشخاصهم، من منح ومرتّبات وامتيازات عديدة، أفردوا بها ذواتهم بسخاء بلغ نهاية مداه. ممّا يضفي مشروعيّة السؤال، عمّا إذا كانوا حقّا نوابا للشعب، الذي أنتخبهم، في غفلة من الزمن، ليس حبّا فيهم وافتتانا بمشاريع أحزابهم التنمويّة، بل في محاولة لنسيان رجال و جحيم مافيا نظام المخلوع بن علي. بما يعني مجرّد الاستعاضة بهم عن سابقيهم. لكن تأكّد اليوم أنّ هؤلاء النواب إنّما هم على شاكلة سابقيهم. بل ولعلّهم أكثر تعاسة وغباء. فاستحقّوا بذلك -وعن جدارة- أن يكونوا شرّ خلف لشرّ سلف. فضلا عن أنّ ألكثير منهم قد برهنوا أنّهم نواب لأنفسهم فحسب وليس لناخبيهم الذين يدّعون تمثيلهم صباحا مساء، ويوهمون بذلك في كل المنابر الإعلاميّة المتاحة لهم، صحفا واذاعات وقنوات تلفزيّة، عموميّة وخاصّة. بل وحتّى عبر صفحاتهم الشخصيّة في الفايسبوك .
فهل هذه إرادة الشعب الحقيقية وثورته السلميّة الجبّارة، المحفورة في ذاكرة الوطن، على الظلم والفساد والجشع و الابتزاز الممنهج الذي برع فيه اليوم "نواب أنفسهم" اللاهثون وراء المصالح الشخصيّة بما يوحي أنّ الوطن الثائر ومقدراته الماليّة المتواضعة، بات في وضع "غنيمة حرب" يتصارع على نهشها بشراهة وشراسة المفترسون الذين جاءت بهم انتخابات أكتوبر 2011، وأغلبهم نكرات خارج إطار أحزابهم التي هي بدورها، وفي الأغلب الأعم، حديثة النشأة وجاءت بها الثورة. بما يعني أنّها هي الاخرى كانت نكرة إلى حدّ تاريخ دخول بعض مرشحيها إلى المجلس التأسيسي. و لعلّها في أحسن الأحوال، كانت تنشط تحت الأرض، ولم يكن في مقدورها العمل تحت الشمس، لينجذب إليها المواطن.
ثمّة استنتاجات بديهيّة وذات دلالات لا تخطئ الصواب، يخلص إليها كل متابع لمسار نشاطات نواب المجلس الوطني التأسيسي التونسي الذي حدّد له المرسوم الذي أوجده، مهمّة أساسية، تكاد تقتصر على كتابة الدستور الجديد في أجل لا يتجاوز السنة.
أبرز هذه الإستنتاجات أن المجلس لم ينته بعد حتّى من صياغة المسوّدة -وليس المسودّة كما هو شائع- وكأنّه غير معني بتبديد الوقت في وجهة ثانية ذات علاقة بالمصادقة على اتفاقيات وقوانين، و مساءلات لوزراء ومسؤولين من الصفّ الأول، وسجالات حول مسائل، رغم أهمّيتها، فإنّها لا تعني المواطن بالدرجة الأولى في حياته اليوميّة .والأمثلة على ذلك كثيرة ولكن ليس هذا المجال مجالها .
يضاف إلى ذلك، نقاشات متشنّجة و مملّة طبعت وميّزت تدخّلات النواب، وترجمت عن طفوليّة سياسية فاقدة للحس الاستراتيجي للطروحات المتّسمة أحيانا كثيرة بالغباء (النيابي) الذي تحكمه التوهّمات الصبيانيّة الحالمة والنرجسيّة المرضيّة أمام الكاميرا. وهي مشاهد أقرب الى السوريالية، وما بعد السوريالية منها إلى العمل النيابي!
وإلّا فما معنى أن يقترح النواب الذين يفترض أن يذودوا عن كرامة المواطن الذي أنتخبهم ، في ظل وضع اقتصادي متأزّم وأنظمة تقاعد مصابة بالعجز المالي منذ سنوات، مشروع قانون ينصّ على إقرار منحة تقاعد للنواب الشبّان بعد انتهاء مهامهم النيابيّة التي لن تتجاوز السنتين، في حدود ثلث منحتهم الحاليّة، بما يعني التمتّع بجراية مدى الحياة تعادل حوالي مرتّب مدير عام بالوظيفة العموميّة أو أستاذ جامعي، بدعوى حفظ كرامة النائب بعد مغادرته المجلس التأسيسي !!! فهل حفظوا قبل ذلك كرامة منتخبيهم وسعوا بصدق لحل مشاكلهم، حتّى يلتفتوا إلى أنفسهم للاغداق عليها بسخاء من المال العام بما ينهك إقتصاد البلاد. أم أن ّ ذلك من باب "الأقربون أولى بالمعروف" ليس إلّا ؟!.
ليس هذا فقط، بل أن ّ القانون المقترح ينصّ كذلك على تمكين النائب المتقاعد من الجمع بين جراية التقاعد والمنح المخصّصة له من طرف المجلس التأسيسي. وهي منح كانت إلى وقت قريب في حدود 2200د وارتفعت بفعل المطالبة بالزيادة إلى أكثر من 4000د دون اعتبار بقية الامتيازات كمنح السكن والتنقلات و مجانية الأكل تحت قبّة المجلس.
أمّا ما يثير الاستغراب بشكل مخصوص في هذا المضمار فهو تمتّع نواب دوائر الخارج بالمنح والامتيازات بالعملة الاجنبية التي قد تصل إلى مبلغ يناهز12 ألف دينار مثلما هو الشأن بالنسبة إلى النائبة الاولى لرئيس المجلس الوطني التأسيسي. وهو ما يمثّل حوالي 40 مرة الأجر الأدنى المضمون للعامل التونسي. بينما لا تتجاوز منحة النائب البرلماني الفرنسي 5 مرات الأجر الأدنى المضمون في فرنسا . بل لا يتجاوز مرتّب الرئيس الفرنسي نفسه 15 مرة الأجر الأدنى المضمون لبلاده.
يحدث هذا الهدر للعملة الصعبة، في وقت تعاني فيه البلاد من تراجع احتياطيات النقد الأجنبي التي تدحرجت لتغطّي تكلفة الواردات لمدة لا تتجاوز 96 يوما بدلا من120 يوما . وهي المدّة التي تعتبر مريحة بالنسبة لإقتصاد أي بلد ينشد التعافي ومن ثمّ الازدهار. وهو دليل إضافي لاستهانتهم بالمصلحة العليا للبلاد ولقراءتهم الخاطئة لأوزانهم المنتفخة.
إنّ نواب المجلس التاسيسي في حاجة ملحّة اليوم ،إلى صدمة كهربائيّة عنيفة، حتّى لا يفيقوا من غفلتهم واستغفالهم للشعب «بعد خراب البصرة». لأن الغضب الشعبي على النواب وأدائهم الضعيف ومطالباتهم الماديّة المشطّة بلغت حدّا ينبأ بالإنفجار الذي لا يستبعد أن يكون ثورة ثانية. ما دام المواطن قد «رجع بخفّي حنين» من ثورة 14 يناير2011 ، بعد أن خاب سعيه و ضاع جهده وخاب أمله في نواب صدّق الكثير منهم حينما عبّروا عن استعدادهم للعمل التطوعي داخل المجلس ورغبتهم في الحفاظ على المال العام والسعي لتوظيفه في المشاريع التنموية في الجهات المهمّشة تحقيقا لأهداف الثورة المجيدة، فإذا بهم يكشفون عن أنياب دراكولا. لكن ليعلموا أنّ قانونهم لن يمرّ طبقا لقاعدة المتنبّي الذهبيّة القائلة: ليس كل ما يتمنّاه المرء يدركه،، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. وغدا لناظره قريب.
المهندس فتحي الحبّوبي



#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا للاستفزاز و لا للعنف المجاني واللصوصيّة المنظّمة
- وقفات نضاليّة خارح الإتّجار ومنطق الغنيمة السياسيّة
- الأجر الأدنى المضمون بين نوّاب المجلس التأسيسي التونسي والرئ ...
- جولة في زحمة عنف ما بعد الثورة
- عن الأسس النظريّة للدولة المدنيّة
- نقّاد الفكر الديني وثالوث التكفير والإضطهاد والقتل
- عن سيرورة تشكّل مفهوم الحداثة
- جدليّات الحداثة والقدامة والثورة وارتداداتها
- في علاقة المفكر الحر بالسلطة والفقيه
- المثقف بين السياسة والفكر
- بين هروب محمود درويش وهروب القادة العرب المهزومين
- فضل إنتعاش المقاومة على الثورات العربية
- إستأصالية مقال نصيحة تونسية إلى الإسلاميين الحداثيين
- في ذكرى محرقة غزة بالرصاص المسكوب
- عن سرية دفن فولتير والقذافي
- البداوة الفكرية لمحترفي الإفتاء وفق الأهواء
- ممارسات سياسية بين فلسفة القوة والنظرية الداروينية للخلق
- لا لحوارالأديان في ظل إنحباز بابا الفتيكان
- الشيوعية والإسلام والفشل في ممارسة الحكم


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - فتحي الحبوبي - المجلس التأسيسي التونسي إمبراطوريّة للجشع