أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحي الحبوبي - إستأصالية مقال نصيحة تونسية إلى الإسلاميين الحداثيين















المزيد.....

إستأصالية مقال نصيحة تونسية إلى الإسلاميين الحداثيين


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 00:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طالعت على صفحات جريدة القدس العربي ليوم 30 نوفمبر2011، بكثير من الدهشة والاستغراب، مقالا بعنوان نصيحة تونسية للإسلاميين الحداثيين لأستاذي الجليل الشيخ منجي المازني، الذي تعلمت على يده أدبيات الكتابة و أصول النقد العلمي، فكان مثالا للمربي الفاضل و العطاء بلا حدود.
لكن ذلك لا يشفع له عند إنكار المسلمات والانزلاق في المتاهات والسقوط في المطبات التي نصبها لنفسه، ولا يمنعني بالتالي من إبداء ملاحظات سريعة حول ما جاء في مقاله.
فالعنوان بادئ ذي بدء، لا يستقيم، لأن في تونس اليوم، هناك شقان سياسيان على طرفي نقيض، هما الإسلاميون ممثلين في حركة النهضة وحزب التحرير والأحزاب ذات المرجعية الدينية والحداثيون ممثلين في القطب الحداثي وحزب العمال الشيوعي و الاحزاب ذات التوجه اليساري. وهما تياران تدوروبينهما معارك طاحنة حول مفهوم الدين و الهوية و الوطنية والإنتماء إلى الغرب من خلال التحديث المجتمعي. فهذا يرشق الآخر بالرجعية والظلامية والتخلف، والآخر يتهمه بالتبعية للغرب، وحتى بالكفر والزندقة والخروج من الملة. فكيف يستساغ والحالة تلك ان يكون عنوان مقال الشيخ المازني نصيحة تونسية للإسلاميين الحداثيين
أما فيما يخص مضمون المقال، فالشيخ المازني، وفي معرض لومه على جريدة الشعب، يقول ما كان ينبغي لها أن تسمح بنشر مواضيع تتعلق بالقضايا السياسية وتنحاز إلى فئة دون أخرى .وهذا القول ليس إستئصاليا وإقصائيا ومنتقصا لحرية الجريدة فحسب، يل يعني فيما يعني أن الشيخ نصب نفسه واضعا ومسطرا للخط التحريري للجريدة، متناسيا أن جريدة الشعب، جريدة جامعة، تهتم ليس فقط، بالأحوال الاجتماعية للعمال،بل وكذلك بالتكوين النقابي الذي يشمل جميع المجالات الثقافية والفكرية والسياسية والإقتصادية وحتى الرياضية.وإني أعترف هنا أن اهم ملحق ثقافي أنجزته جريدة تونسية، إنما هو ملحق جريدة الشعب تحت عنوان منارات . وكان أدب السجون الذي هو محاولة لكسر طوق التبعية للسجان و ضرب من ضروب الإنعتاق، من أواخر القضايا التي بحثها الملحق. ولا اعتقد أن هذا اللون من الأدب بعيد عن السياسة. فالسياسة كانت ولا تزال في دول الإستبداد، رافدا للسجون. واليوم في تونس أصبحت السجون والمنافي هي رافد مهم للسياسة، حتى ان المجلس التاسيسي المنتخب أخيرا، يضم صلبه أعضاء كثيرين، كانوا إلى عهد قريب نزيلي سجون. بل ان رئيس الجمهورية القادم وكذلك الوزير الاول عرفا السجن هما الآخران.
في نهاية التحليل فإن جريدة الشعب، ومن ورائها الإتحاد، مهمتها الأساسية هي تعبئة العاملين بالفكر والساعد حول مطالب وإصلاحات إقتصادية واجتماعية وسياسية.وليعلم الشيخ أن المثقفين المنتمين إلى الإتحاد هم فئات واسعة جدا ، فلماذا يريد إسكات صوتهم وإبعادهم عن السياسة وحرمان القارئ من آرائهم المستنيرة، المختلفة المشارب، التي تجعل من قراءة الصحيفة ضرب من العبادة .وهذا ما قصده كانط حين قال"إن قراءة الصحف هي لون من ألوان صلاة الصبح"، وضروري هنا، إستثناء الصحف الصفراء التي تعج بها الساحة الإعلامية التونسية، والتي هي اقرب إلى المواخير منها إلى الصحافة التي تحترم القارئ. أما جريدة الشعب فهي جريدة مناضلة بالقلم منذ بداية القرن الماضي وبالتالي فهي رائدة وتستحق الثناء لوقوفها مع المضطهدين أينما كان اصطفافهم المذهبي والفكري. ولقد كنت من بين الذين شملتهم الجريدة، زمن الخلوع، برعايتها لقضيتي في صراعي مع ذراع آلة الإستبداد الجبارة للطاغية بن علي الهارب، ألا وهي الإدارة التي طالما كانت لا تختلف عن الصنم الذي يعبد، ولا يطاله النقد لأنه يلتزم بالتعليمات الفوقية فقط، ولا ينظر إلى المواطن بما هو مواطن، يتمتع بكل ما نفترضه المواطنة من حقوق في مقابل واجبات يؤديها عن طيب خاطر؛إحتراما للقانون وليس خوفا من العصى الغليظة والسوط المسلطين عليه صباحا مساء ويوم الأحد ، كما يقول الشاعر الصغير أولاد احمد .
وفي موضع آخر من المقال، يتهم شيخنا الجليل الحداثيين ضمنيا بأنهم إقصائيين، لأنهم لم يطبقوا قاعدة" الدين لا يتدخل في السياسة" على جريدة الشعب. لكن الشيخ المازني، يناقض نفسه بنفسه في آخر المقال ويفصح عما يخالج نفسه من عداء صارخ للحداثيين فينصحهم بالعيش خارج الوطن أي في المهجر، إذ يقول لهم وإذا كان بعض إخواننا الحداثيين لا يستطيعون العيش إلا مع الحداثة ... التي رفضها الشعب فليذهبوا إلى بلد ينتج هذه الحداثة وليعيشوا فيه .
اليس هذا الصنيع هو ذاته، ما أتاه المخلوعان غير المأسوف عليهما، بورقيبة و بن علي، مع معارضيهما في الرأي وخاصة المنتمين منهم إلى حركة النهضة التي عانت الويلات في صبر وجلد. وهو ما يعتبر بحق إستاصالا مقيتا، وفعلا فاشيا، يذكرنا بفترة ما بين الحربين العالميتين وبعض فترات تاريخنا الإسلامي التي قسمت الأرض فيها إلى قسمين أو دارين لا ثالث لهما، وهما دار سلم للمسلمين ودار حرب للكافرين أو الحداثيين الذين تعاملهم الأغلبية في تونس على إنهم كفارا وهذا خطأ فادح في الحكم على الناس من قبيل محاكمة النوايا procès d’intentions التي هي آلية أساسية من آليات الحكم الاستبدادي لما قبل قيام الثورة التي من الواجب القطع معها نهائيا، وإلى الأبد.
ونظرا إلى أن النقد هو ميزة أساسية للعقل المستنير، الساعي دوما إلى الإبداع والتحديث، و محاولة الانتقال من مرحلة الإتباع إلى مرحلة الإبداع، فإني أستسمح شيخي الفاضل، الأستاذ منجي المازني، أن يغير مفهومه للحداثة. فهي كما يحددها أصحابها الغربيون « تجسد صورة نسق اجتماعي متكامل، وملامح نسق صناعي منظم وآمن وكلاهما يقوم على أساس العقلانية في مختلف المستويات والاتجاهات» وهي عند جيدن » تتمثل في نسق من الانقطاعات التاريخية عن المراحل السابقة حيث تهيمن التقاليد والعقائد ذات الطابع الشمولي والكنسي »كما أنها في البدء كانت مذهبا أدبيا أو نظرية فكرية تدعو إلى التمرد على الواقع، والانقلاب على القديم بكل جوانبه ومجالاته. ولا أخال أن في هذه التعريفات، ما يدل صراحة على إن الحداثة رديف للكفر والإلحاد، حتى ندعو من يعتنقها لمغادرة الوطن والعيش بدار الكفر. ثم أليس الوطن لكل أبنائه، مهما كانت مرجعياتهم الفكرية؟
هذه ملاحظات أوردتها بسرعة ودون ترتيب، وسيكون لي مع فضيلة الشيخ المازني، لقاء ودي أتمم فيه وجهة نظري بمزيد من الاستفاضة والسجال العقلاني الهادئ ، بعيدا عن التهجم والتجريح الذي طبع –للأسف- ثقافتنا العربية على مدى تاريخها المديد.وليعذرني شيخي الفاضل،فإن قسوت عليه، فلمعرفتي برحابة صدره، وتقبله للنقد الجاد الذي هو مقوم رئيس للحداثة التي يناصبها العداء.
فتحي الحبوبي/مهندس



#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى محرقة غزة بالرصاص المسكوب
- عن سرية دفن فولتير والقذافي
- البداوة الفكرية لمحترفي الإفتاء وفق الأهواء
- ممارسات سياسية بين فلسفة القوة والنظرية الداروينية للخلق
- لا لحوارالأديان في ظل إنحباز بابا الفتيكان
- الشيوعية والإسلام والفشل في ممارسة الحكم


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فتحي الحبوبي - إستأصالية مقال نصيحة تونسية إلى الإسلاميين الحداثيين