ملاحظات حول الوضع في الأرجنتين إثر انتفاضة ديسمبر 2001

المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1125 - 2005 / 3 / 2 - 11:14
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

1) مقدمة :
تعددت الاوصاف : ازمة عضوية للرأسمالية ، سيرورة او وضع ثوري ، انتفاضة مواطنة ، وضع قبل ثوري ، حركة من اجل جمهورية ثانية ،الخ . بصرف النظر عن التسميات تجتاز الارجنتين سيرورة تاريخية استثنائية . فالظاهرة الاهم في الوضع الراهن متمثلة فعلا في حركة اجتماعية غير مسبوقة بالارجنتين منذ انتفاضة قرطبازو وروزاريازو في سنوات 60/70 وهذه المرة مع تعبئة في قلب البلد وفي العاصمة بيونس ايرس .
تبشر هذه الاحداث بتمردات وثوراث القرن 21 الممكنة المتجهة ضد الليبرالية الرأسمالية . نعم شهدت السنوات الاخيرة انفجارات مضادة لليبرالية كما حدث في الاكواتور ، لكن هذه اول مرة يشهد فيها بلد كالارجنتين تركيبا لازمة اجتماعية وسياسية مستديمة و حركة تنظيم ذاتي من هذا القبيل .
يدل اقتحام الحركة الجماهيرية العنيف للساحة الاجتماعية والسياسية ودينامية حركة الجماهير ومداها ومطامحها اليومية ، وكذا ما لديها من ارادة تغيير اجتماعي وسياسي للبلد ، على ان البلد يشهد سيرورة ثورية . لكن يتعين في هذه المرحلة رصد حدود السيرورة ، فالازمة الاجتماعية والسياسية شاملة لكن المؤسسات لم تنهار و ما زال كل من الدولة والجيش والنظام والبرلمان قائما . و يعيش المجتمع تعبئة عن آخره لكن ليس ثمة بديل سياسي يساري ذي مصداقية. فالذين في الاسفل لم يعودوا يريدون لكن الذين في الاعلى …ما زالوا يستطيعون .
تنتشر التجمعات الشعبية لكنها لا تشكل بعد عناصر ازدواجية سلطة وتتفجر الحركات الاجتماعية لكن ما زالت تعوزها قوة القيادة لتشكيل بديل سياسي . ويشهد اليسار، المكون من منظمات تروتسكية ومن حزب شيوعي ومن منظمات اشتراكية صغيرة ، توسعا لكنه مجزأ ومنقسم ومطبوع بالعصبوية .

2) نتائج الاقتصاد فائق الليبرالية

نتجت هذه التعبئة الاستثنائية عن تطبيق سياسات ليبرالية خربت البلد . ويجدر التذكير بذلك بقوة : ليست الأرجنتين بلدا متخلفا،فهي ثالث قوة اقتصادية في امريكا اللاتينية .
من ضمن 37 مليون الذين يتكون منهم سكان البلد ثمة مليون طالب . وتمثل الارجنتين ، على مستوى شبكات التلفزيون ، البلد الاكثر كثافة بعد الولايات المتحدة الامريكية وكندا . انها بلد متطور لكنه يظل خاضعا للسيطرة في السياسة والاقتصاد العالميين . انه بلد شهد تركيبا لانظمة شعبوية –بونابارتية وانظمة ديكتاتورية عسكرية لكنه حافظ على جملة منظومات حماية قومية . انفجرت كل منظومات الحماية تلك مع العولمة الليبرالية . وهذا ما يفسر البعد القومي والمعادي للامبريايلة في التعبئة الجارية ، ويتجلى قبل كل شيء في اسم ايام الانتفاضة نفسه : الارجنتينازو ثم في شعور بكون البلد خاضعا للسيطرة وضحية نهب من البنوك الدولية والشركات متعددة الجنسية ومنهك بالدين الخارجي .
تعيش الارجنتين انكماشا اقتصاديا منذ اربع سنوات وتشهد تدميرا لجهاز الانتاج الوطني وخصخصة عامة لكافة المنشآت العمومية ،لا الخدمات العمومية وحدها ، بلا ايضا الصناعة الوطنية التي كانت تؤمن 50% من الانتاج القومي في نهاية سنوات 70 . وتعرضت الارجنتين لاعادة تنظيم لاقتصادها منتقلا من نموذج يسوده انتاج وطني لمنتجات احلال الواردات الى نموذج قائم على الصادرات المرتبطة بامثل دمج في السوق العالمية مرفوق بتفكيك معمم . هذا ما يشير اليه بطريقته الخاصة احد مسؤولي مجموعة BNP Paribas قائلا :" جرت لبرلة الاقتصاد اذن بوتيرتين : احداهما سريعة بالنسبة لاسواق الرساميل والوساطة البنكية والاسعار والقطاع العام الموجه للسوق واخرى بطيئة وجزئية بالنسبة لسوق العمل … بصراحة ان مقاومة الجسم الاجتماعي الارجنتيني كانت لا تزال قوية جدا … تكتسي الازمة بالارجنتين شكلا نقديا لكنها في المقام الاول نتيجة ازمة نموذجها للانتاج واعادة التوزيع . لم يعد الاقتصاد يشتغل سوى لفائدة الشركات متعددة الجنسية - معدلات ربع فائقة و وعقود تدبير حر free managment ( بيع المعارف التقنية ) اتاوات ، الخ ودمج لا يفتأ يكبر بواسطة الصادرات واستدانة لا تفتأ تتضخم –بلغ الدين 146 مليار دولار وبلغت خدمة الدين 20% من الميزانية الوطنية .
كما انفجر الدين الداخلي ،الدين الوطني ودين الاقاليم : 143.768 مليار دولار فيما يخص دين الدولة و 168.622 مليار دولار فيما يخص دين الاقاليم . ومنذ 1999 اصطدمت سياسة معادلة العملة الوطنية بالدولار ( 1 بيزو = 1 دولار ) بفك ارتباط الريال البرازيلي ، الذي منح ،عند خفض قيمته ، تفوقا لصادرات البرازيل واساء الى اقتصاد الارجنتين وذلك في اطار ظرفية متسمة بتراجع للتجارة العالمية اصاب في الصميم صادرات الارجنتين وهي زراعية اساسا .
تراكمت التطورات من جراء ذلك وصولا الى هروب الرساميل – زهاء 140 مليار دولار أي ما يعادل حجم الدين - الذي امتد الى الاحتياطات البنكية وادى الى وقف التسديد . ومذاك انخفض الانتاج الصناعي بقرابة 20 % في ديسمبر . ويترقب الملاحظون نفس النسبة في يناير . وتشير الاحصاءات الرسمية الى نسبة بطالة بلغت 30 % و يواجه 45 % من الاجراء مشاكل تشغيل ، أي اكثر من 6 ملايين اجير من 14.5 مليون من السكان النشطين . ..وتجدر الاشارة ايضا ان بهذا البلد 14 مليون فقير و4.5 مليون معوز . ومن المرتقب ،اذا ارتفعت الاسعار ب 10%، ان يزداد عدد الفقراء ب 1.3 مليون شخص . ان كان الفقراء سائدون في بيونس ايرس وضاحيتها فان اللافت هو سيرورة افقار الطبقات الوسطى و الشعبية . تعني سياسة قابلية تحويل كل الارصدة الى البيزو ( 1 دولار = 1 بيزو ) في سوق حيث يتسارع سقوط قيمة العملة المحلية – يبادل الدولار اليوم ب2 بيزو وحتى اكثر وسيشهد البيوز مزيدا من التدهور- قلنا تعني تلك السياسة ان الدولة ستتحمل أكلاف قابلية التحويل لملايين المدخرين ولكن بوجه خاص لرأسمال المنشآت متعددة الجنسية
وتتصاعد اسعار المواد الاساسية بنسب بين 10 و30 % . لقد انخرط الوضع الارجنتيني في دوامة تضخم طيار .
والهدف واضح في هكذا وضع :انه تحميل الفئات الشعبية اعباء الازمة بواسطة خفض قيمة العملة فبعد خفض معاشات التقاعد والاجور ب13 % ارتفعت الاسعار . ويتعين على اقتطاعات جبائية جديدة وتقليص الميزانيات الاجتماعية اداء كلا من قابلية تحويل العملة والدين …
عندها يمكن لهذا التضخم الطيار ، بعد تقليص آخر للاجور والميزانيات الاجتماعية ، أي يهيئ الدولرة . ومع ذلك لا يكفي هذا صندوق النقد الدولي . فمنذ بداية الازمة والى غاية اليوم ، وبينما الحكومة والطبقات السائدة تتوسل اليه مساعدة من 50 الى 70 مليار دولار ، لم يمد صندوق النقد الدولي الاقتصاد الارجنتيني ولو بدولار واحد . فبتوجيه من الخزينة الامركية يتصرف صندوق النقد الدولي كأنه يريد تعميق الازمة . ويتقدم بشروط مفرطة اذ يطالب بخصخصات جديدة –تعليم وصحة - وهجمات جديدة على مستوى حياة الارجنتينيين . يجب ان يعاني الارجنتينيون ، هكذا يهدد صندوق النقد الدولي. وتسعى الولايات المتحدة الامريكية الى تركيع الارجنتين ،ففي ظل الزوبعة الاجتماعية الراهنة ترفض الحكومة الامريكية اولا كل مبادرة قد تبدو تنازلا للتعبئة الجماهيرية . ولعل سياستها ترمي ايضا الى توجيه انذار الى كل الطبقات السائدة بالقارة الامريكية والى اضعاف الارجنتين لاضعاف الميركوسور والبرازيل وخلق شروط تحسين هوامش المناورة الامريكية عبر l’ALCA اتفاق التجارة الحرة بالامركيتين .

3) بعض عوامل الازمة السياسية

كما تتحدد دينامية الوضع بازمة سياسية حادة . فحكومة دوهالدي حكومة ضعيفة وانتخاب الرئيس معترف به قانونيا لكن لا شرعية له بنظر ملايين الارجنتينيين . ونشير ايضا الى فساد عالم السياسة وانتشاره في ظل منعم ، لدرجة حديث بعض الملاحظين عن بورجوازية رثة .
هذه الحكومة ضعيفة لانها واقعة في كماشة ضغوط الامبريالية الامريكية التي تمارس ضغطا متناميا لتطبيق سيلساتها التقويمية من جهة و ومقاومة الحركات الاجتماعية لخطط الامبريالية والحكومات .
ولا ننسى ان فريق دوهالدي جاء بعد يومي انتفاضة طردت رئيسين وبالتالي عدم استقرارها .
لكن تلك ليست اخر ورقة بيد الامبريالية والطبقات السائدة ولم يحدث تغيير للنظام وهو ما يمثل فرقا كبيرا قياسا على ثورة فبراير 1917 بروسيا . وليس بالاحرى ، خلافا لبعض تحاليل منظمات تروتسكية مثل الحركة من اجل الاشتراكية MST ، حكومة من نوع كيرينسكي ( اخر حكومة بورجوازية قبل الثورة ) . ومازال ضعف بديل سياسي لدى الحركات في الاسفل وهوامش المناورة لدى الامبريالية يمنحان امكانيات جملة تركيبات سياسية للبرجوازية . لكن البلد يشهد وضع ازمة سياسية مفتوحة فكل المؤسسات عرضة للنقد والاتهام من طرف ملايين الارجنتينيين .
" فلينصروا جميعا عن آخرهم" هذا شعار كل المظاهرات وهو يعبر عن رفض جماهيري لكافة الساسة وكافة المؤسسات من المحكمة العليا الى الجمعية التشريعية . وهو رفض شامل ويدل على ازمة شرعية عند الكتل الثلاث الرئيسية والاحزاب الحاكمة : البيرونية والحزب الراديكالي ويسار الوسط .
وترتبط ازمة الشرعية تلك بفقد الاحزاب التقليدية ،التي جففتها قساوة الهجوم الليبرالي، للقاعدة الاجتماعية والسياسية . وتجلت هذه الازمة المؤسسية في تأجيل انتخابات مارس 2001 الى نوفمبر 2003 . وتشكل تلك الازمة المؤسسية جزعا حقيقيا للطبقات السائدة . وكان اول انذار للطبقات السائدة متمثلا في حجم الاصوات غير المعبر عنها والملغاة والمستنكفة ( اكثر من 40 % ، 9 مليون مسجل ) و تراجع اصوات البيرونيين والراديكاليين وكذا اهمية الاصوات لصالح اقصى اليسار – مليون صوت من اصل 14 مليون معبر عنها في الانتخابات الاخيرة (60 % من المسجلين ) . وتعطي استطلاعات الرأي اليوم 20 % لزامورا وهو مناضل يساري منحدر من الحركة من اجل الاشتراكية ولا يستبعد الملاحظون كافة ، ان نظمت انخابات اليوم ، سناريو شديد التعقيد تكون فيه الاصوات لصالح اليسار ذات وزن يحصر النظام .
لكن الاكثر دلالة هو عواقب التحولات الاجتماعية الليبرالية التي شهدتها البيرونية في ظل حكومة منعم . فسيرورة اضفاء طابع ليبرالي اجتماعي هذه اضعفت ، وحتى خربت ، جملة قطاعات اجتماعية للبيرونية محررة بذلك فضاء لتطور حركات اجتماعية مستقلة عن البيرونية . وهكذا فان حكومة دوهالدي التي تم تقديمها كتنويع شعبوي للبيرونية ، ممثلة بشكل ما مصالح برجوازية وطنية ورأسمالية منتجة ، ابانت منذ التوضيحات الاولى لبرامجها التقويمية وجهها الحقيقي أي كونها منفذا لخطط الامبريالية والشركات متعددة الجنسية . ومن تنازلات الى اخرى لا تبدو الحكومة سوى كحكومة يتعين عليها خلق شروط تطبيق خطط صندوق النقد الدولي.
وهذا ما يبرز بجلاء اكبر حدة ضعف البرجوازية الوطنية في بلد مدمج في الاقتصاد المعولم . …
كما ان ازمة الشرعية هذه تطال ايضا المؤسسات كافة مما يحفز طموح اعادة مناقشة كل المسائل السياسية واعادة بناء مشروع جديد واعادة تحديد مؤسسات جديدة ومواجهة الفساد المعمم بمؤسسات تمثل فعلا الشعب الارجنتيني . . من هنا ينبع الطابع الوظيفي لمنظور جمعية تأسيسية - صيغة عامة – تعبر عن ضرورة سيرورة تناقش فيها كل مسائل الديمقراطية السياسية : دستور جديد ، نمط الانتخابات ،اشكال التمثيل ، العلاقات بين الجمعيات المحلية ، وتلك الخاصة بالاقاليم ، جمعية وطنية ، وضع المنتخبين ومراقبتهم وقابلية عزلهم .

4) دينامية الحركات الجماهيرية

ادى تركيب ازمة اقتصادية وازمة اجتماعية وازمة سياسية شاملة الى الانفجار وتشكل حركة جماهيرية وتنظمها ذاتيا ، وهو ما يمثل اكبر ظواهر الوضع السياسي الراهن بالارجنتين . ان الحركة الراهنة نصف-عفوية بمعنى ان قوتها تتجاوز بشكل واسع كل المنظمات لكنها ثمرة تراكم جملة حركات اجتماعية ضد السياسة الليبرالية . انها ثمرة ثلاث عقود من التعبئات الاجتماعية : اولى النضالات ضد عمليات الخوصصة في بداية سنوات 90 والنضالات الاجتماعية ضد حكومة منعم سنة 1994 مع بروز اتحاد عمال الارجنتين CTA - نقابة مستقلة عن البيروقراطية البيرونية - وتعبئات الحواجز على الطرق منذ 1997 . وتجدر الاشارة ايضا الى يوم الاضراب العام الوطني في 13 دجنبر قبيل ايام انتفاضة 19 و20 ديسمبر والذي دعت اليه النقابتان CTA اتحاد عمال الارجنتين و CGT الاتحاد العام للعمل والاستشارة حول الفقر والبؤس التي نظمتها Frenapo الجبهة ضد الفقر من 14 الى 17 ديسمبر حيث صوت 3 مليون شخص من اجل دخل أمان من 500 بيزو . ويوما بعد الاضراب العام بدأ سلب الاسواق الكبرى . لكن ظهور التجمعات الشعبية ، تجمعات الاحياء، ، تجمعات الجيران ، في قلب العاصمة بيونس ايرس هو الذي يشكل ظاهرة كبرى .تنعقد هذه التجمعات كل اسبوع في نهاية بعد الزوال في يوم معين في كل حي من بيونس ايرس ،غالبا في حديقة الحي ، و تعبر عن تعبئة جوار حيث يتحكم الجيران في تعبئتهم الخاصة بهم . وهذا يحيل الى تقليد تحالف الجيران و الى روح فيدرالية الكومونات . شكل التجمعات هذا هو الذي دفع بعض الملاحظين الارجنتينيين ، من المناضلين وايضا من الباحثين الاجتماعيين والمؤرخين ، الى التذكير بالاحالة الى كمونة باريس . كما ان هذه التجمعات هي في نفس الوقت ثمرة منظمة لانفجار الحركة الجماهيرية اذ انها جاءت مباشرة بعد مظاهرات الطنجرات .
على المستوى الاجتماعي ، تتكون هذه التجمعات من قطاع من الطبقات الوسطى عصفت به الازمة مياشرة وقطاع من الاجراء مفكك هو الآخر بالسياسات الليبرالية المفرطة . فزهاء نصف الاجراء في وضع بطالة او نقص استخدام . لكن مركز ثقل تلك التعبئات هو العمال بالمعنى الواسع المشتغلون منهم وغير المشتغلين . و لدى بعض الملاحظين قراءة للاحداث مستوحاة من توني نغري Toni Negri ترى الجمهور مكان البروليتاريا او طبقة الاجراء التي فجرتها الازمة .ان كانت تلك التحاليل منطوية على عناصر من الحقيقة فيما يخص تفكك الاجراء ، فلا يمكن فهم دينامية الحركة دون اعتبار :
الحضور الهام لاقسام من الاجراء في التعبئة
العلاقات بين التعبئة الاجتماعية ومنظمي الحواجز علىالطرق – العاطلين المنظمين في المنظمات العمالية- والنقابات والتيارات الجمعوية والاحزاب السياسية .
حضور عناصر من الاجراء في ما يسمى الطبقات الوسطى لا سيما من القطاع العام رغم ان ثمة تعبئة مذهلة للبرجوازية الصغيرة في بيونس ايرس ضد سياسة الحكومة .
هكذا فالامر يتعدى جمهورا ويتعلق بتعبئة التقى فيها الاجراء بالمعنى الواسع –عاملين وعاطلين- مع البرجوازية الصغيرة . ان تناول الوضع الراهن من خلال مقولة جمهور متحرك تحليل لا يأخد بكامل الاعتبار الانغراس الاجتماعي لهذه التعبئات وكل صعوبات ربط ومفصلة تعبئات كل القطاعات وخصوصياتها ومصالحها العامة . ليس المقصود في هذا الوضع توحيد الحركة غصبا بل اتاحة التنفس الكافي لكل حركة بتشجيع اطارات التنسيق واعطاء اولوية لبروز التجمعات الشعبية وتنظيمها ومركزتها .
ينعقد تنسيق التجمعات الشعبية كل يوم احد في احدى أكبر حدائق بيونس ايرس ويضم من 3000 الى 4000 شخص ، ويبعث اكل تجمع شعبي بمندوبين الى تجمع التجمعات هذا . وثمة اليوم زهاء مائة تجمع من 200 الى 250 شخص و في بعض الحالات تجمع لمئات من الاشخاص . وبدأت هذه التجمعات تظهر في الاقاليم . انها السيرورة التي تسدعي تدعيمها .
وتترافق هذه السيرورة بحركة قادمة من بعيد … حركة الحواجز على الطرق وهي حركة عاطلين تضم عشرات الاف الاجراء .
انعقد يومي 16 و17 فبراير يوم وطني لمناضلي حواجز الطرق وسيكون لحظة هامة في تعبئة حركة اجتماعية لعشرات الاف العمال العاطلين . ويكمن المشكل في تنظيم حركة الحواجز في الطرق . فهذه الحركة منظمة عبر جمعيات او منظمات هي امتداد للاحزاب او التيارات الاجتماعية –السياسية : الحركة الترابية للتحرير بالنسبة للحزب الشيوعي والتيار الطبقي الكفاحي بالنسبة للماويين والقطب العمالي (سياسة عمالية سابقا . تروتسكيين ) . وينتج عن هذا توترات وانقسامات في حركة حواجز الطرق . هذا علاوة على ان كل حركة مرتهنة من خلال منظمات غير حكومية مرتبطة بهده التيارات السياسية او الاجدتماعية-السياسية بتوزيع خطة الشغل - اشغال مصلحة عامة – أي في الواقع تمكن ملايين الفقراء من حد ادنى من الدخل تمنحه السلطات العمومية ، وهذا عامل يؤجج كل مسائل وحدة هذه الحركات واستقلالها …
اخيرا ان كنا فعلا ازاء حركة غير مسبوقة ، ثمرة تمرد الطبقات الشعبية ضد الليبرالية ، فثمة لحد الساعة غائب استراتيجي كبير هو الطبقة العاملة المعبأة في المصانع . ونؤكد في المصانع . لان الطبقة العاملة حاضرة ويمكن رصن آثار الحركة العمالية في كافة الاحالات وفي المطالب وفي اشكال التنظيم ، لكن الطبقة العاملة لم تنخرط ، ولعلها لم تنخرط بعد ، في الحركة في المصانع . ثمة طبعا قطاعات مناضلة في المنشآت المفلسة او في بعض المنشأت المعرضة للتسريحات –سكك الحديد- لكن الخوف من فقد العمل وضغط البيروقراطية البيرونية ، ذات الحضور القوي في بعض المنشآت ، جعلت عمال الصف لم يدخلوا بعد في حركات اضراب او اعتصام . انها المسألة الكبرى التي تتوقف عليها مراحل التعبئة القادمة : هل سيدخل الاجراء المعرضون للهجوم المباشر على اجورهم المثقلة بفرط التضخم في نضال على ارضية المنشآت نفسها . هل ستجري سيرورات اضرابات جزئية او اضراب عام تلتقي بحركات التجمعات؟ . انها احد اكبر الاسئلة حول دينامية التعبئات الاجتماعية الراهنة .
يشهد الوضع بالارجنتين في هذه المرحلة ، بما في ذلك في شكل مواطن ، طليعة اجتماعية وسياسية واسعة تعبر عن تعبئة لكافة الطبقات الشعبية

5 ) بعض مشاكل التوجيه

في ظل هذا الوضع تكتسي مسائل الافاق والتنظيم وبرنامج التعبئة أهمية حاسمة . ويتمثل المحور المركزي في التنظيم الذاتي وظهور التجمعات الشعبية وتطورها وتنسيقها . تجمع هذه البنيات بين مهام اولية –استعجال غذائي ، حد ادنى من الدخل ، اسعافات صحية اولية ، مهام تحريض – واهداف سياسية اجمالية –الغاء الدين وتأميم البنوك تحت رقابة عمال القطاع البنكي والزبناء والعودة الى الخدمة العمومية في معاشات التقاعد ، الخ . تبلغ التجمعات اقصاها على مستوى الاهداف فيما يخص الاستجابة للمستعجلا الحيوية : المطاعم و توصيلات الدخل الادنى واستعمال خدمة الصحة والمقايضة أي التبادل المباشر للمنتجات والخدمات الاساسية للناس . وفي هذا الطور ليست التجمعات هيئات لازدواجية السلطة رغم انه في بعض حالات الاستعجال (الغذائية) أن تتشكل التجمعات على مستوى محلي في اشكال جنينية لسلطة بديلة . يجب ان تتركز مهام الثوريين على تطوير هيئات الديمقراطية المباشرة هذه وتهيئ شروط تنسيقها ومركزتها وطنيا .
كما يمكن ان يتجلى طموح القطيعة مع المؤسسات الفاسدة في اقتراح جمعية تأسيسية تعيد تحديد الاشكال السياسية والمؤسسية للبلد . ويدور سجال حاد حول هذه المسألة داخل اليسار لكن صودق على هذا الاقتراح من طرف جملة تجمعات محلية ، مما يدل على طموح بناء هيكل سياسي ومؤسسي جديد في البلد يكون في قطيعة مع النظام السياسي المنخور القديم . لكن ثمة في المرحلة الراهنة مشكل نجسيد فعلي . اذ ان تطبيق اقتراح جمعية تأسيسية بالمطالبة بانتخابات فورية الى جمعية جديدة قد يشكل تحويلا للانظار وحتى عرقلة بوجه سيرورة التنظيم الذاتي الصاعدة للحركة الجماهيرية . وهذا ما يفسر ان ايا من منظمات اليسار لا تطالب بانتخابات فورية . ويقد يجد الاقتراح تجسيدا آخر في جمعية تأسيسية مستندة على التجمعات الشعبية ، لكن هذا الاقتراح لا يتناسب في المرحالة الراهنة مع واقع التنظيم الذاتي الذي لا يتجه بعد نحو ازدواجية سلطة .
هكذا فان اقتراح جمعية تأسيسية مفيد لتأكيد ضرورة قطيعة سياسية-مؤسسية لكن تجسيده معقد .
ومع تطور التنظيم الذاتي تشكل الدعاوة والتحريض حول مطالب انية وانتقالية جوهر العمل السياسي . وكما يوضح بعض المناضلين الثوريين يوجد البرنامج الانتقالي في الشارع . وفعلا من المدهش ملاحظة ردود الفعل شبه العفوية لصغار المدخرين الذين ينادون بتأميم البنوك تحت رقابتهم والغاء الدين الخارجي لمحاولة استرداد مدخراتهم المتبخرة في هروب الرساميل المنظم من طرف البنوك والاسواق المالية .
في هذا الوضع الاستعجالي تشكل ايضا المطالبة باعادة دمج المنشأت المخصخصة ،التي جففت الانتاج والتشغيل الوطنيين في القطاع العام ، اقتراحا برنامجيا ذي مصداقية .
تتمحور المطالب في جملة قطاعات ، الاكثر عرضة للاافقار ، حول الافادة من الدخل الادنى ومن التغذية الاساسية ، لاسيما للاطفال . كما يمثل توزيع الادوية الاساسية احد الاهداف الانية عند الناس . وهو امر تشرف عليه الجمعيات والتجمعات .
ويتمثل احد امتحانات المرحلة المقبلة في قدرة العمال على الدفاع عن أجورهم ضد استمرار خفض الأجور مع خفض قيمة العملة .
ترتبط هذه المطالب الانية بمطالب عامة تهم ملكية المنشآت الكبرى والبنوك والمنشآت المخوصصة . ويجب اخضاع المنشآت التي تسرح بكثافة والتي تفلس الى الرقابة العمومية وتأميمها تحت رقابة العمال.
اخيرا يجب على دعاوة الثوريين ان تُعرف على نطاق جماهيري بافكار الرقابة والتسيير الذاتي وتكفل الناس انفسهم بمشاكل الحياة اليومية والسلطة والحكومة الشعبية .
في سياق ترتبط فيه وضعية الارجنتين ، في انظار قطاعات واسعة من المجتمع ، ببنهب البلد من طرف الشركات متعددة الجنسية وصندوق النقد الدولي ، ثمة انبعاث حاد للوعي المعادي للامبريالية . وجلي ان مسألة السيادة الوطنية ضد برامج صندوق النقد الدولي والراأسمال الامريكي والرأسمال الاوربي تمثل احد محركات التعبئة الاساسية . وهو ما يفسر نقاشات التجمعات الشعبية حول الامتناع عن اداء الدين الخارجي والقطيعة مع صندوق النقد الدولي . وتجدر الاشارة في هذا الاتجاه الى شعبية كوبا التي تحييها التجمعات الشعبية . وبينما تطالب الولايات المتحدة بادانة الارجنتين لكوبا حول مسألة حقوق الانسان رفضت مواقف عديدة بشكل لافت ، لاسيما في التجمعات ، مطالب الولايات المتحدة الامريكية . ويبدو دعم كوبا ضد الامبريالية الامريكية طبيعيا .
" السكان في كوبا محرومون من بعض حقوق الانسان الاساسية لكن في بلد كبلدنا –الارجنتين 40% من السكان لهم حقوق اقل مما لدى الشعب الكوبي" ( كلارين الجريدة اليومية الرئيسية في الارجنتين 5 فبراير )
احدى المسائل الحاسمة ايضا هي العلاقات بين التعبئة والاحزاب والنقابات التقليدية لا سيما البيروقراطية البيرونية . انها مرفوضة اجمالا لاول مرة في تاريخ البلد لكن مازال لديها هيمنة على البلد لاسيما في اطار حكومة الوحدة الوطنية . وما زالت البيرونية ، هذا العامل التاريخي في وضع الارجنتين ، قائمة رغم تراجع قاعدتها الاجتماعية بسبب الازمة التي نسفت مباشرة القطاعات الصناعية الاساسية التي كانت البيرونية مسيطرة فيها . أصيبت هذه البيروقراطية ،الى جانب الضعف الاجدتماعي، بضعف سياسي نتيجة جملة صراعات اجتماعية ونضال سياسي قدمت فيها دعمها للساسة البيرونيين . وكمثال تطالب تجمعات عديدة بكشف حسابات البيروقراطيين النقابيين المؤكد فسادهم . ثمة اذن حركة رفض واولى الانقسامات في النقابابت القاعدية التي تقطع مع البيروقراطية . لكن البيروقراطية ما زالت متحكمة بجزء من الحركة العمالية . هذا دون نسيان عصابات المسلحين البيرونيين الذي يقفون في بعض القطاعات ضد أي ميل الى الاستقلال .
وتجدر الاشارة اخيرا الى ازمة الحركة النقابية الارجنتينية . فثمة الاتحاد العام للعمل البيروني والاتحاد العام للعمل المنشق ) مويانو ) واتحاد عمال الارجنتين . وتمثل هذا النقابة الاخيرة انشقاقا عموديا عن الاتحاد العام للعمل قطع العلاقات العضوية بالحزب العدالوي . واتخد هذا الاتحاد كمرجع سياسي FREPASO الذي اسسه هو الآخر منشقون بيرونيون . قام اتحاد عمال الارجنتين بجملة مبادرات وتعبئة لاسيما في حركة الحواجز على الطرقات . وهذه النقابة مستقلة تقريبا لكن لامجال لمقارنتها بنقابة (متضامنون-وحدويون-ديمقراطيون) SUD في فرنسا .و تشارك هذه النقابة الاكثر استقلالا في جملة تعبئات اجتماعية الى جانب جمعيات مختلفة ، لكن قيادتها رفضت خلال ايام 19 و20 ديسمبر العصيبة المشاركة في المسيرات والمظاهرات . ومذلك تبحث هذه القيادة على سبل توافق مع الحكومة ولا تساند بنشاط التعبئات .
هكذا تتجسد اليوم محاور سياسة جبهة وحيدة في سيرورات تنظيم ذاتي وتمفصلها مع الحركات الاجتماعية والنقابات القاعدية .

6) الاحزاب والمنظمات السياسية

تتجاوز هذه الحركة كل المنظمات لكنها ايضا مخصبة الى حد بعيد من قبل المنظمات والاف المناضلين غير المنظمين او مناضلين سابقا.
تتكون غالبية اليسار الارجنتيني من منظمات تروتسكية وحزب شيوعي في وضع اقلية ومجموعات اشتراكية مستقلة او مجموعات ماوية .
ومن المذهل بوجه خاص ما شهده التيار الموريني المنحدر من الماس( الحركة من اجل الاشتراكية ) القديمة من تشتت .
لقد ضمت هذه المنظمة سابقا زهاء عشرة الاف مناضل وانفجرت بعد وفاة قائدها التارخي ناهويل مورينو Nahuel Moreno ، وبعد جملة توقعات فوق ثورية حول الوضع في الارجنتين في سنوات 80 ، وهي توقعات لم تتحقق، وكذا عدم فهم عواقب سقوط الستالينية . وتشهد كل القوى توسعا لكن السائد هو الانقسام والتجزؤ وتقاليد عصبوية قديمة . لكن يجب الاقرار مع ذلك بالانغراس الاجتماعي لهذا اليسار وكذا بسلوك من المناضلين المنخرطين بعمق في الحركة يحترم ديمقراطية التجمعات . وغاليا ما يقوم مناضلون او مناضلون سابقا بدور محرك للعديد من التجمعات او تنسيق التجمعات .
سيكون المنظور الاكثر تماسكا هو ترجمة كل هذه التجربة الاجتماعية –السياسية في حزب جديد او حركة سياسية جديدة قائمة على الوحدة والنضال الطبقي . ويفترض هذا ان تعمل كل المنظمات وكل الجمعيات او الرئيسية منها في هذا الاتجاه . ويحظى موضوع وحدة اليسار او وحدة الحركة بشعبية كبيرة . ولعل لويس زامورا ، احد الاوجه الاكثر شعبية ، هو المرجع الاكثر وحدوية ومن شأنه تجميع كامل اليسار . واذا جرت انتخابات رئاسية ربما التف اليسار بكامله ، ما عدا الحزب العمالي، في تحالف مساند للويس زامورا .
يقترح الحزب العمالي قيادة سياسية وحيدة لليسار . اما الحركة من اجل الاشتراكية والحزب الشيوعي فقد الفا تحالفا انتخابيا باسم اليسار الموحد . وتنادي الحركة من اجل الاشتراكية بحركة اجتماعية سياسية ثورية تضم كل القوى الثورية .
تنادي كل المنظمات بالوحدة . لكن ايا منها لا تتخذ مبادرات للتقدم في هذا الاتجاه .و يصعب تناول وضع اليسار في بضع كلمات لكن هاكم على سبيل الإخبار بعض الاشارات : لدى كل المنظمات التروتسكية امتدادات او تيارات عالمية .
الحزب العمالي : يضم اكثر من 1500 مناضل وهو منظمة منحدرة من اللجنة لاعادة بناء الاممية الرابعة وقامت بقطيعة مع التيار اللامبرتي في نهاية السبعينات ، وهي المنظمة الاكثر اهمية ، لها نمط اشتغال عامودي حول قائدها التاريخي خورخي التاميرا Jorge Altamira. وهي تحلل الوضع السياسي الراهن بما هو ازمة ثورية وتتقدم بمنظور جمعية تأسيسية شعبية . وهي تقود القطب العمالي كامتداد لها في حركة الحواجز على الطرقات وهو يضم الاف الاشخاص المنظمين في هذا القطاع .
حركة العمال الاشتراكية : حوالي الف مناضل وهي جزء من l’IUT وهو تيار منحدر من المورينية .وهو في تحالف انتخابي مع الحزب الشيوعي . له منظور فوق ثوري للوضع -اعتبار حكومة دوهالدي حكومة من طراز كرينسكي – مرفوق بنزعة براغماتية تجمع مبادرات مثيرة وتنشيط التجمعات والتحالف مع الحزب الشيوعي . ولها نمط اشتغال عمودي وقد قامت القيادة الحالية لحركة العمال الاشتراكية بتنحية كل الجيل الموريني القديم .
PTS منظمة منحدرة من المورينية اثر اول انشقاق في الحركة من اجل الاشتراكية وهي منظمة تمزج بين توجه بالاحرى يسراوي – جمعية تأسيسية ثورية – وعمل بلورة ونقاش نظري .
وكل هذا التيارات تنظر الينا كوسطيين او برحوازيين صغار حسب الاختيار .
علينا لا نبخس قدر تدخلها في الحركات الاجتماعية ، اذ يقوم مناضلوها في العديد من الحالات بدور هام لكن المنطق الاجمالي لهذه المنظمات منطق عصبوي اذ ان كلا منها يعتبر نفسه نواة الحزب المقبل ويعتبر الاخرين خصوما برجوازيين صغار .
الحزب الشيوعي الارجنتيني :
حزب ذو اصول فوق ستالينية قام بتطوير توجه اصلاحي ويميني ودعم حتى ديكتاتورية فيديلا سنة 1976 . يقدم هذا الحزب نفسه كحزب ثوري قام بقطيعة مع ماضيه اليميني وعازم على المشاركة في سيرورة ثورية اشتراكية ، وهو يشارك في جملة انشطة في الحركة المعادية للعولمة وساهم في انشاء اطاك بالارجنتين . والسمة الغالبة في سياسته هي دعم السياسة الكوبية ، وهو منفتح على النقاش مع المنظمات التروتسكية ويشارك مع الحركة الاشتراكية للعمال في اليسار الموحد . وقد استدعى مباشرة احد قادة الحركة من اجل الاشتراكية الى نقاش نظمته فيدراليته في بيونس ايرس .
اخيرا ناقشنا مع الحركة من اجل الاشتراكية وهي منظمة منحدرة ايضا من ازمة المورينية وتضم زهاء 500 عضو وتضم الوجوه التاريخية للحركة من اجل الاشتراكية. وقد تضررت بوجه خاص من ازمة المورينية وهي تعيد تنظيم نفسها بتأثير الوضع الجديد . انها التيار الوحيد المنحدر من المورينية الذي قام بعمل تفكير حقيقي نقدي ونقذي للذات حول تاريخه وحول عواقب انهيار جدار برلين وحول ميولات الحقبة الجديدة . وقد اكدت في الحقبة الحالية على التنظيم الذاتي للحركة الجماهيرية . وتجرى داخلها نقاشات حول الافاق السياسية الاجمالية . وعمل التفكير هذا حول الحقبة الجديدة هو الذي يتيح فتح نقاش وتواجه المبادلات السياسية والتجارب . . يصدربعض منشطي الحركة من اجل الاشتراكية مجلة مستقلة (الادوات ) ويقترحون الكتابة في مجلتنا نقد شيوعي .
ليس المقصود الرهان تنظيميا على هذا النقاش بل ان تكون لنا علاقات مستمرة بهؤلاء الرفاق لنكون على اطلاع بالوضع في الارجنتين ونتعاون – تبادل المعلومات وتنسيق الحملات – تعاونا من شأنه ان يساعد على معرفة افضل بالوضع من الجانبين .
اخيرا ناقشنا مع رفاق مناضلين في لجنة علاقة رفاق الاممية الرابعة ( الامانة الموحدة ) الذين لهم تدخل في النقابات او التجمعات ويؤكدون على التنظيم الذاتي للحركات الجماهيرية وينشرون مواقف الاممية .
7 ) دون اعتبار الامر خاتمة هاكم بعض الملاحظات :

- في عالم مطبوع في الحقبة الاخيرة بالصراعات الاثنية والقومية والدينية والسلفية ،الخ ، يتميز الوضع بالارجنتين بكونه يعبر عن صراع اجتماعي ، صراع طبقي ضد الليبرالية رغم ان الوضع غير مسبوق في العديد من اوجهه :
ليس بامكان أي من الطبقتين الاساسيتين ولا حتى القطبين القائمين ، حكومة التحالف البيروني الراديكالي وحركة التجمعات المدعومة من الحركات الاجتماعية ، أن يفرض حله . و ليس بعد لدى الطبقات السائدة مخرج من الازمة . وصندوق النقد الدولي والحكومة الامريكية يعمقان الازمة .
لا تشكل التجمعات الشعبية والحركات الاجتماعية بديلا ذي مصداقية . وهذا الوضع لن يدوم . والسيرناريو الاكثر احتمالا هو قرار تدخل من صندوق النقد الدولي مرفوق بهجمات جديدة على الشعب الارجنتيني من شأنها ان تؤدي الى تعاقب ازمات اجتماعية وسياسية . . الجيش الارجنتيني موصوم بالعار في هذه المرحلة ولا يمكن ان يتدخل لكن الطبقات السائدة لن تترك التردي الاجتماعي الحالي حيث لا يمر يوم فى الارجنتين دون اضراب او مظاهرة او اجتماع .
لا يمكن استبعاد تدخل قوات الشرطة او القوات شبه العسكرية في الايام المقبلة ضد الحركة الجماهيرية .
اخيرا تجب الاشارة الى العواقب الممكنة للسياسة الحربية الجديدة للامبريالية الامريكية . فتطبيق مشروع ALCA يؤدي الى تهميش الميركوسور وبالتالي الارجنتين والبرازيل .
ومن جهة اخرى شرعت الادارة الامريكية في تقديم الدعم لسيرورة تعبئة رجعية لاطاحة شافيز في فينيزويلا وتضع في نفس المستوى تجار المخدرات والقوات المسلحة الثورية الكولومبية . هذا دون اعتبار عواقب انتخابات الرئاسة بالبرازيل .
باختصار، بعد الحرب في افغانستات يتأكد الهجوم الامبريالي الامريكي . ويجب ربط زيادة الميزانية العسكرية الامركية بـ 20% ايضا بمضاعفة التدخل في امريكالا اللاتينية …
هذا هو السياق الواجب النظر فيه الى الاحداث بالارجنتين .

مناضل من الرابطة الشيوعية الثورية –فرنسا اثر زيارة الى الارجنتين
15 فبراير 2002
************
السبت 15 يناير 2005
المناضل-ة عدد: 4

#المناضل-ة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات