أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عصام عبد العزيز المعموري - ذكرياتي في اليمن - الحلقة السابعة















المزيد.....

ذكرياتي في اليمن - الحلقة السابعة


عصام عبد العزيز المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 00:15
المحور: سيرة ذاتية
    


حكايات المدرسين المصريين في اليمن
من أقل شعوب الأرض تعاملا" مع الغربة والهجرة هم العراقيون على العكس من الأخوة المصريين الذين عشقوها أو عشقتهم حد التوحد ، ولولا ظروف الحصار الاقتصادي الجائر ضد العراق بعد اجتياح الكويت عام 1990 وأعقب ذلك تدنيا" في قيمة الدينار العراقي لما فكّر مدرس بالذهاب إلى البلد الشقيق اليمن ، وأصبحت فئة المائة دولار أمريكي تساوي ثلاثمائة ألف دينار عراقي وكان راتب المدرس العراقي بائسا" جدا" وهو ثلاثة آلاف دينار عراقي أي دولار أمريكي واحد شهريا" في وقت حددت فيه الأمم المتحدة آنذاك أن مستوى خط الفقر هو عند 45 دولار شهريا" بمعنى أن كل مدرسي العراق آنذاك كانوا تحت مستوى خط الفقر لذلك كان حلم الذهاب إلى اليمن يراود كل مدرس عراقي لتجاوز هذه المرحلة الحرجة في تاريخ العراق والعراقيين .
لم تكن اليمن هي البلد الذي يحلم به الأخوة المصريون فهي أقل البلدان أجورا" للمدرسين الوافدين فكانت تمنح راتبا" سنويا" مقداره حوالي( 3400) دولار أمريكي إضافة إلى راتب ستة أشهر بالريال اليماني مقداره (6500 ) ريال يماني للشهر الواحد هذا بالنسبة للمدرس المعار المرسل من قبل وزارة تربية بلده بالاتفاق مع اليمن أما المدرس المتعاقد فيمنح راتبا" سنويا" مقداره ( 2700) دولار أمريكي إضافة إلى راتب ستة أشهر بالريال اليمني مقداره
( 6000) ريال يمني للشهر الواحد وكانت قيمة الدولار الواحد في نهاية عام 1992 تساوي 36 ريالا" يمنيا" .
أينما تذهب تسمع قصصا" وحكايات شتى عن المدرسين المصريين في اليمن فقد سمعت أن مدرسا" مصريا" كان إماما" لأحد المساجد في إحدى قرى محافظة شمالية لمدة ثلاث سنوات اكتشفوا فيما بعد أنه مدرس مسيحي وكان يعمل ذلك لأن إمام المسجد في القرى يحظى بتقدير استثنائي ويأتيه إلى البيت كل ما يحتاجه .
يتفنن المدرس المصري بادخار وكسب المال فعندما كنا نذهب إلى بدالة المدينة التي يسميها اليمانيون ( سنترال) للاتصال بذوينا فان أقصى زمن يستغرقه أكثرهم هو 10 ثوان لا أكثر بينما يستغرق المدرس العراقي زمنا" قد يصل إلى عشر دقائق أو أكثر سائلا" عن أدق التفاصيل عن والديه وأطفاله وأقربائه فردا" فردا" .. ففي مرة كنا مجموعة من المدرسين العرب جئنا للاتصال بذوينا فبدأ المدرس المصري بالاتصال بذويه قائلا" : هلو هل أن القروش التي أرسلتها لكم وصلت ؟ فجاء الجواب : نعم ، وانتهت المكالمة دون تحية وقد استغرقت 3 الى 5 ثوان فقط وهكذا كانت سائر مكالماتهم .
ذهبت الى ( لودر) المجاورة لمودية لزيارة مدرس عراقي يعمل هناك فوجدت آثار خطوط عديدة قد رسمت على الجدار فسألته عنها فقال : إنها خطوط يرسمها المدرسون المصريون على الجدار وكل خط يمثل انقضاء أسبوع من الزمن وكأنهم في سجن ينتظرون الإفراج وعندما تحدثت معهم قال لي أحدهم : ذهبت 12جمعة والمتبقي 24 جمعة يالها من فترة طويلة.
زارنا في القسم الداخلي مدرس سوداني يعمل في إحدى قرى محافظة تعز وروى لنا حكاياته مع المدرسين المصريين ويقول بأن مدير المديرية التي كان يعمل فيها كلّفه بمراقبة عمل المدرسين المصريين وكتابة تقارير له عنهم ، وذهب في جولته الأولى لإحدى المدارس الثانوية فشاهد مدرسا" مصريا" يدرّس اللغة الانكليزية للصف الثاني الثانوي ( يعادل الخامس الإعدادي لدينا ) معه كتابان احدهما ( كيف تتعلم اللغة الانكليزية في سبعة أيام بدون معلم ) والثاني هو الكتاب المقرر تدريسه لهذه المرحلة التي يدرسها ، ولما فتح المدرس السوداني هذا الكتاب وجده قد كتب عليه تلفظ الكلمات الانكليزية باللغة العربية ، فاستغرب المدرس السوداني وسأله : هل من المعقول أن يقتني مدرس للغة الانكليزية ويدرّس المرحلة الثانوية كتابك الأول ؟ فهل أنت متعلم مبتدئ أم تحمل البكالوريوس في هذا التخصص؟ وكيف يمكنني تصور مدرس لغة انكليزية لا يعرف تلفظ أبسط الكلمات الانكليزية ؟
رد المدرس المصري بهدوء : يا أخي أنا إمام وخطيب في مسجد القرية والناس هنا يعتقدون أن الأمام يفهم في كل شيء وطلب مني مدير المدرسة تدريس هذه المادة وان اختصاصي هو التربية الإسلامية وإذا اعتذرت فان ثقة الآخرين بي تنهار .. فماذا أعمل ؟
أما الحكاية الثانية فيقول أنه زار مدرسة أخرى فسمع صدى صوت الطلبة يصدح من أحد الصفوف الدراسية وعندما يتوقف صوتهم يسمع نداء" من بعيد يقول :( اللي بعدو) واقترب من مصدر الصوت وشاهد الصف الدراسي بدون مدرس فطلب منهم التوقف عن الكلام ولكن صوتا" من بعيد ينادي ( اللي بعدو) ولكن دون جدوى ، فتحرك المدرس السوداني صوب النداء البعيد فوجد مدرسا" مصريا" بملابس داخلية يجهز وجبة الغداء فسأله : هل تسمي هذا تدريسا" ؟ ألست في دوام رسمي ؟ ولكنه استطاع أن يمتص غضب المدرس السوداني وكأن شيئا" لم يكن .
والحكاية الثالثة يقول أن مدرسا" مصريا" كان يدرّس مادة الرياضيات للصف الأول الابتدائي وكان يعلّمهم في كل يوم رقما" فابتدأ بالرقم (واحد ) وقال لهم بأنهم لايمكن أن يستوعبوا معنى الأرقام دون تطبيق عملي ففي اليوم الأول طلب من كل طالب أن يجلب معه ريالا" واحدا" ليستوعب معنى الرقم (واحد) وفي نهاية الحصة يجمع المدرس المبالغ منهم حيث كان يدرّس ثلاث شعب وفي كل شعبة ما لايقل عن 60 طالبا" فيخرج بحصيلة مقدارها 180 ريال على أقل تقدير في اليوم الأول وفي اليوم الثاني يأتي ليدرّسهم الرقم ( 2) ويكرر ما عمله مع الرقم ( واحد ) حيث يجلب كل طالب معه ريالين فيخرج بحصيلة مقدارها 360 ريالا" ويستمر هذا المدرس وصولا" الى رقم ( 10) فتثور ثائرة ذوي الطلبة ويكلّف هذا المدرس السوداني بالتحقيق في الموضوع ووضع حد لهذه الممارسات .
أما الحكاية الرابعة التي حكاها لنا هذا المدرس السوداني فيقول : زرت مدرسة ثانوية يوما" ما ولما علم المدرسون بأنني مشرف تربوي بدأوا بطرح مشاكلهم علي طلبا" لإيجاد حلول لها ، وطلب مني أحد المدرسين المصريين المشورة في قضية ما وانفردنا بعيدا" عن الآخرين وبدأ يكلمني همسا" طارحا" مشكلته حيث قال : بينما كنت أتجول في أسواق القرية تعرفت على امرأة جميلة عرفت فيما بعد أنها زوجة أحد شيوخ القبائل وتعززت علاقتنا يوما" بعد آخر فهمت بها وهمّت بي وعملنا ما هو محظور وفي يوم ما ضبطتنا شريكتها ( ضرتها) متلبسين بجريمة الزنا فهددتني بأن أعمل لها ما عملت لشريكتها وإلا فإنها ستخبر زوجها .. فكان لها ما أرادت واستمرت علاقتي بالاثنين لعدة أشهر شعرت بعدها بالإجهاد.. أرجو أن تجد لي حلا" لهذه المشكلة .
يقول المدرس السوداني : نصحته بالانتقال من هذه المدرسة الى مدرسة بعيدة جدا" عن هذه المدرسة قبل افتضاح الأمر ويجب البحث عن مبرر للانتقال لكي لا يثيرهذا الانتقال ريبة لدى الآخرين وقلت له : ابتداء" من يوم غد ابتدأ بضرب الطلبة على مؤخراتهم لكي يتذمروا من ذلك فهذا الإجراء يعتبره أبناء القرية اهانة لهم وبالفعل ازداد تذمر ذوي الطلبة من هذا الإجراء وانتقل خلسة إلى مدرسة بعيدة جدا" عن هذه المدرسة دون أن يخبر الآخرين بمكان هذه المدرسة .
أما الحكاية الخامسة فقد سمعتها من مدرس عراقي يقول : جاءنا مدرس مصري مع زوجته الجميلة وقدّم زوجته لشيخ القبيلة على أنها أخته وزوّجها له وحين يأتي موعد العطلة أو الإجازة يأخذها معه .
كان ولا يزال شيخ القبيلة هو الآمر والناهي في المجتمع اليماني وخاصة في الشطر الشمالي منه وفي يوم ما كان العداء مستعرا" بين قبيلتين ، ولسبب ما قتلت إحدى القبيلتين مدرسا" مصريا" وردا" على هذا الإجراء قامت القبيلة الثانية بقتل مدرس مصري ثأرا" لذلك .
ان سرد هذه الحكايات لا يستنتج منه رداءة المجتمع المصري ففيه الصالح والطالح ، وعندما توضح للأخوة اليمانيين بعض سلبياتهم يقولون لك : ( في كل بيت هنالك حمام )
يتهمني زملائي السودانيون بأنني منحاز لمصر وللمصريين فقلت لهم : لست منحازا" لمصر ولكنني أود أن أسألكم : إذا كان اختصاص أحدكم اللغة العربية وأراد أن يكمل دراسته العليا في بلد يتسم بالرصانة العلمية والثراء الفكري من بين البلدان العربية والإسلامية ، فأي البلدان يحقق له هذه المطالب ؟ الجواب : بالتأكيد مصر ، ونفس الشيء بالنسبة لكل الاختصاصات ، وإذا أرادت راقصة ما أن تبدع بفن الرقص على الوحدة ونص فأين تذهب ؟ بالتأكيد مصر ، وصدق من قال : ( يا زاير مصر في زيك ألف ) وتبقى مصر ( أم الدنيا) رغم كل سلبيات المجتمع المصري وصدق قول الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه عندما قال : ( أينما حل الفقر قالت له الرذيلة خذني معك ) .
قال لي بعض زملائي السودانيون يوما" : (إذا لعب المنتخب المصري مع المنتخب الإسرائيلي فنحن نشجع المنتخب الإسرائيلي) ، وهذه الحساسية المفرطة بين مدرسي البلدين ازدادت بعد أن ضمت مصر بلدة ( حلايب ) إليها ، ففي فترة ضمها إلى مصر كان د.بطرس غالي أمينا" عاما" للأمم المتحدة وهو مصري وكان أمين الجامعة العربية (عمرو موسى) مصريا" وكذلك الأمين العام للمؤتمر الإسلامي مصريا" فعندما سئل وزير الخارجية السوداني : لماذا لا تطرحوا مشكلتكم على المحافل الدولية ؟ فأجاب : كيف نطرح مشكلتنا إذا كان الخصم هو الحكم فكل من الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي كلهم مصريون فماذا تتوقعون النتيجة ؟



#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة السادسة
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة الخامسة
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة الرابعة
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة الثالثة
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة الثانية
- ذكرياتي في اليمن - الحلقة الاولى ( قبل دخولي الى اليمن )
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - حر ...
- الاصول الأجنبية لبعض الكلمات الشعبية التي نتداولها - الجزء ا ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - ال ...
- البادئات واللواحق Prefixes&Suffixes في اللغة الانكليزية - ال ...
- البادئات واللواحق prefixes &Suffixes في اللغة الانكليزية- ال ...
- البادئات واللواحق prefixes &Suffixes في اللغة الانكليزية- ال ...
- من دفتر ملاحظاتي - الجزء الرابع
- البادئات واللواحق prefixes &Suffixes في اللغة الانكليزية- ال ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عصام عبد العزيز المعموري - ذكرياتي في اليمن - الحلقة السابعة