أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - قراءة نقدية في ديوان زخات مطر للشاعرة التونسية عفاف السمعلي















المزيد.....

قراءة نقدية في ديوان زخات مطر للشاعرة التونسية عفاف السمعلي


احمد محمود القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 20:13
المحور: الادب والفن
    



السيدة عفاف محمد السمعلي، أديبة تونسيّة، وعضو في إتحاد الكتاب التونسيين تهتمّ بالشّعر والقصّة والرّواية، حاصلة على عدّة شهادات تقديريّـة، من جهات ثقافيّـة مختلفة. شاركت في العديد من الملتقيات الأدبيّـة داخل تونس وخارجها، نُشرِ لها الكثير من الأعمال الأدبيّـة في مجلاّت تونسيّة وعربيّة، وعلى شبكة التواصل الاجتماعي. صدر لها ديوان :(ربيع العمر) وهو الديوان الأول للشاعرة، وديوان: (زخّاتْ مطر)، وهو الديوان الثاني لها، ونحن بصدد الحديث عنه، ولها بانتظار النّشر “أسير على العرش” المجموعة الشعرية الثالثة و”حنين” والشاعرة عفاف، حصلتْ على شعار “أديبة المرفأ” من الجمهورية العراقية، وهي متخرجة من دار المعلمين، وتعمل مدرسة، وتكتب القصيدة والقصة والرواية، وترسم اللوحات الفنية أيضا تُؤمن بالفكر الذي يخدم الإنسانية دون تفرقة طائفية، أو عنصرية، تهدف من سلسلة كتاباتها وأشعارها، السمُّو بالنفس البشرية. اما عن ديوانها (زخَّاتْ مطر)، فهذا الديوان، طبع في تونس في دار البراق، في شهر مايو 2012م، واشتملَ على أربع وعشرون قصيدة، في تسعين صفحة. يمتاز هذا الديوان، بما تتضمنه قصائده من العواطف الجياشة، والصور الرومانسية، الصادقة والمعبرة، والتي تَشَدُ القارئ اليها، وتُمتعهُ بكلماتها المنتقاة بدقة وعناية فائقة، وتجعلهُ يُعيدُ قراءتها مِراراً وتِكراراً. من بين القصائد الّتي يَنتشي بها القارئ، أِخترتُ مجموعة من قصائد الديوان، تكاد تكون أَجملها وأمتعها. مع أَن قصائد الديوان في معظمها ممتعة وجميلة، من ضمن قصائد الديوان، قصيدة بعنوان (لامرتين)، وهذا اسم الشاعر الفرنسي الرومانسي المشهور، والذي كتب قصيدة بعنوان (البحيرة)، وهي من القصائد الرومانسية المشهورة عالميا، والمؤثرة رومانسيا، وقد كّتبتْ الشاعرة عفاف، القصيدة حيث تُناجي بها الشاعر الفرنسي بقصيدته، ويكفي اسم هذا الشاعر الفرنسي، كي تشدُّك قصائد الديوان جميعها، وتقول الشاعرة عفاف في قصيدتها (لامرتين):
على ضفاف فلسفتي، رَمقني نهر السان، بنظرة غرق
تنهَّدَ لامرتين، وَسَكبّ السؤال تلوَ السُؤال، أين أنا منك يا طفلتي؟
أزهارُ حُبهِ، زهرُ لوز، فتوردتْ وجنتي
لي عندُكَ أحلام، ودماءٌ تثور، كلما نَطَقَتْكَ شَفَتي.
لي عندك شُرفةُ القمر، ومطرٌ، مطرٌ يُعاودني، بِغيثْ القُبلاتْ.
لي عندك تضاريسَ أنوثتي، وحقيبةَ الذكريات.
لي عندك وُرودي، التي رَوَيناها، بِعِبقْ الأُمنياتْ.
لامرتين، أزرعُ نبتةُ الهوى، كي أخلعَ نزيف الروح، أنت زُغرودة الفرحْ.
ودمعٌ يُغمسُ في ليل الوجعْ، يرحلُ مع الغرباء، لمجهول بعيد.
من أوْصَدَ بابي؟ وحُلمي ينتظر النشيد
كل غيمة هَطلتْ من عينيك، كي يورق قلبي من جديد.
لامرتين، أَرْسمُ عشتارَ بلون التبرْ.. ما عاد في العُمر الكثير، لأسكُبهُ وأجَربْ
تطالعني الفجيعة، فأَنقرُ على صدري، لتطْردَ ضِبابَ الألمْ
فالغمام ُ ينتظرنا، عند مشارف النجوم.
لي عندك لوحاتي، وطقوسَ عِشق، ٍ تَنكَّرتْ لها أعرافُ القبيلة
فَحَباها الضياء، حتى كَبُرتْ مع الشمس بين يديك
مُدْ يديكْ، نُحَطِّمُ صخور الخيبات، ونرحل لعالم تحكمه العصافير.
هكذا تناجي الشاعرة عفاف المسعلي الشاعر الفرنسي لامرتين بكلمات عذبة، احلى من العسل مذاقا، واحلى من الموسيقى وقعا على النفس، تمتلئ بعواطفها الجياشة، وصورها التعبيرية المؤثرة.
في قصيدة اخرى من الديوان بعنوان: (جرعة ماء) تقول فيها:
من شاهَدَ قَبري، حين كانتْ الشمس افتراضاً
وقوت العصافير افتراضاً، من شاهد قبري؟؟؟
حين كان الصباح يصحو قتيلاً، حين كانت الأرزاق تُوزع على أسرّة العُهر والفجيعة
كان الحبرُ يُصادرْ، والحرف يُصادر، لا وطنٌ يُؤويني غير الضياع، في ثنايا الجرح رحلتُ
ألوذ في الحلم، والحلم يتثائبْ، لمّا انكفأتُ على وجعي، كانتْ المساءاتْ
تغتسلْ تحت أعباء الحكاية، حينها باغَتني الوطن
يعرج ...حزين..يبكي غدرانا من دماء
مزَّقتْ صَرختي وحشةُ الظُلُمات، جُرعةٌ من الماء...جرعةٌ من الماء
فالريق تصّحرْ، الريح تعوي، تهزأ من شلل التراب ...الترابُ باع نُطفته للسراب
الأرض تَلْطمْ عارية...حافيةٌ تعدو ...تبحثُ عن بني عمومتي
من تميم...وأوس ...وخزرج...
هل تاهتْ الحِكمةُ، وسط لعبة المصادرات؟؟
اثقلتني طلاسم التساؤلات، وسطوري تئنُ، من نحر حُريتي، وأنا انتفضُ كطائر مذبوح
وجه القضية تغَّيرْ، في ليلة اليتْم، بكتْ أوراقي هول هذه المسرحية
رَثَتْ مآقيَ أحداقي، ضاعتْ مَلامِحُك يا أبت، ودم الشهيد، على الأرصفة مُسافر
والوعود كاذبة...كاذبة.
ما اجمل هذه الصورة التعبيرية، عندما تقول في قصيدتها هذه:(فالريق تصّحرْ، الريح تعوي) فلشدة العطش، تشبه ريقها الذي جفَّ، وهو يرنو لشربة أو جرعة ماء، كصحراء قاحلة، يحن لقطرات من الماء، كي تطفئ عطشها وظمأها، وتشَّبه حدة الريح، وشدته في هذه الصحراء كعواء ذئب جائع، يا لروعة التعبير والتشبيه.
ونقرأ في قصيدتها (زهرُ تشرين) فتقول:
يقتفي الصمت، ذرات عشق، توشّح، أناي، وحكاية ألف ليلة وليلة
بحر خضم، وجنّات أعناب، جامحة مني إليك، أسكبُ أحلامي
جداول على شطان العمر، لأنهل منها صبابة.
فيا أيتها المسافات المحتشدة، بالأمنيات، كوني صباحا يضئُ ليلي
ويزيح قتامةُ أوراق الخريف، هذا دثاري اللازوردي
يبتسم لزهر تشرين، أفواج من ديباج، الحروف، ملءُ دمي
تقرع أبكار كلماتي، فأغازل في عينيك، لآلئ الهوى
وأطير إليك، أطير اليك، كعصفور أزرق، أحمل ألوان الفرح
ورائحة أمطار مسائية، فاتركني... أستريح، يا أنا، فقد أدماني السفر.
في قصيدتها هذه زهرُ تشرين، تُعَّبرُ عن كرهها للسفر، وَتودُ ان تسكب احلامها امام حبيبها، وتعيش كعصفور بريء يحمل الفرح والحرية، فقد أَدْمتها الغربة والتنقل والضياع، وآن لها ان تستريح، وتتغزل بعيون من تحب وتعشق، فهي تتوق لأزهار تشرين، وما ترمز اليه من الحب والعشق.
وفي قصيدتها بعنوان :(سميراميس) تقول الشاعرة المبدعة عفاف السمعلي:
كلما عَزفتْ قيثارتي، رماد الذاكرة، تَبعثرتْ خُطايْ، أركبُ جواد التيه
وأنذر نفسي، عصفوراً أزرق، يأخذني إلى فجر القداسة
ديمترياس، ردَّدَ ألحان عشقي السرمدي
فكم يلزمني من ربيع كي أكتب فيك قصائد من شموس؟
كم يلزمني من عمر كي انسكب فيك بقوافي؟
كم يلزمني من زمن، أُلَمْلمُ فيه أشلاء الضياع؟
سميراميس، وجهك الحزين، نزيفٌ في ليل الفراغ
عشب أخضر، يهدم جدار الصمت، في وجه الإعصار ولدتُ
وكان الحلم ملاذ الحمام، وأشور قتل عصفورة النهار
فنمَتْ على قبرها، شقائق النعمان والأقحوان.
في قصيدتها، تَودُ الشاعرة، ان تعود بحبها الى ان تكون كالقديسة ديمترياس، وتبتعد عن حياة اللهو، الى حياة القدْسية والتعبد، والحرمان، وحتى سميراميس والتي تتصف بالجمال الخارق، وقصتها المؤلمة والحزينة، والتي قد ماتت، فانه على قبرها قد نَبتتْ شقائق النعمان والأقحوان.
في قصيدتها بعنوان: (عشتار)، حيث تتمثل بها آلهة الحب والعشق والجنس والجمال والعطاء، في بلاد ما بين النهرين، تتوسم منها العطاء والجمال والحب فتقول بقصيدتها:
عشتار، جاثية على زجاج الغياب، تنتظر غيمة ماطرة، تمنحها ما سلبها الخريف
عشتار، يا مناهل الحب، تموز وطن ضائع، يحتسي العذاب، تستحمين في مآقيه ليلا نهارا
تعزفين على أوتار روحه، انثري شذى وردك، كي يولد من جديد أجمل.
وفي قصيدتها بعنوان: (رموش الياسمين) تتغزل الشاعرة بحبيبها بكلمات احلى من الشَهد، وبعبيق الزهور والرياحين، وبأزهار الياسمين، فتجعلك تعيش في بساتين الورود والحب والعشق، وتتغزل بحبيبها، بأحلى ما يكون من كلام الحب الرومانسي والوردي، وتقيم عالمها الخاص بها وبحبها، فتقول بقصيدتها:
سأقطف ألف وردة، أنثرها بين أضلعك، وأسقط أقنعة الفراغات، لأكتشف من جديد
كياني الذي ولد فيك، وأجعل الندى ينحني، لباقات حبنا، وأعزف على قيثارتي، نغما لزمن
لا تضيع فيه العصافير، زمن جميل، يفتح لي نوافذ، على المدى البعيد، لأقيم وطني
بين رموش الياسمين، وأعانق فيك حلمي، وأبدد تعثر الخطوات.
هذه هي الشاعرة التي تفيض بالحب والحنان والهيمان، الشاعرة عفاف محمد السمعلي، التي تنقلك بديوانها (زخات مطر) عبر قصائدها وأشعارها، الى عالم يفيض بالحيوية والنشاط والحب العذب، والإحساس المتدفق والرقيق، والعواطف الجياشة الغامرة، الشاعرة عفاف السمعلي، لا شك، انها شاعرة رقيقة وعذبة، كما أشعار ديوانها، استطاعتْ من خلال ديوانها ان تُعَّبر لك، عن صور الحب والعشق، باسمى معانيه وصوره وخيالاته وأحلامه. فلم تنسى بديوانها لا سميراميس ولا عشتار ولا لمرتين ولا ازهار تشرين وعبيقها الجامح الفواح، وما ترمز اليه من معاني الحب البريء، وحقيقة مهما حاولت ان انقلك الى ديوان زخات مطر وما به من الصور الجمالية والأخاذة، فهذا لن يغنيك حقا عن قراءة ديوانها والتمعن والتعمق بقراءته والاستمتاع، بما يتضمنه من قصائد خلابة، فكل التحية والتقدير لشاعرتنا التونسية المتألقة والرائعة. عفاف محمد السمعلي.



#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء وحوار مع غادا فؤاد السمان والوضع في سوريا
- حوار مع اديبة سورية والمرأة السورية
- قراءة في قصيدة للشاعرة الفلسطينية هبة القدومي بعنوان: (جئتك ...
- قراءة في قصيدة للشاعرة الفلسطينية هبة القدومي (جئتك اليوم لأ ...
- حوار مع اديبة من تونس الخضراء والشأن الداخلي التونسي
- قراءة في ديوان الشاعرة صونيا عامر (تيه)
- لقاء وحوار مع الروائية اللبنانية نرمين الخنسا
- لقاء وحوار، عن الثقافة الدرزية، العادات والتقاليد
- لقاء وحوار، مع ملكة الأناقة والجمال، هبة القدومي
- لقاء وحوار مع سيدة عراقية ليبرالية والشأن الداخلي العراقي
- قراءة في اشعار النجمة الفلسطينية المتالقة هبة القدومي
- حوار في الاتجاه المعاكس، عن سوريا وما يحدث فيها
- الشاعرة الفلسطينية مجدولين سعادة، وحوارعن اشعارها في الحب وا ...
- لقاء وحوار مع السيدة لينا الأتاسي وما يحدث في سوربة
- لقاء وحوار مع سيدة لبنانية درزية، وفلسفتها الخاصة في الحياة
- لقاء وحوار مع شابة وشاعرة مصرية عن الثورة
- لقاء وحوار مع شاعرة ونجمة فلسطينية متألقة
- لقاء مع الشاعرة الفلسطينية المتألقة (سوسن الغطاس)
- قراءة في أشعار، الشاعرة اللبنانية، ندى نعمة بجَّاني
- لقاء وحوار سياسي واجتماعي، مع كاتبة واستاذة جامعية سورية


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - قراءة نقدية في ديوان زخات مطر للشاعرة التونسية عفاف السمعلي