أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشا أرنست - حاكموا الإعلام بتهمة الإساءة للإسلام















المزيد.....

حاكموا الإعلام بتهمة الإساءة للإسلام


رشا أرنست
(Rasha Ernest)


الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 02:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ما بين سيناريو الفيلم المسيء للرسول (ص) وبين تداعيات هذا الفيلم من مظاهرات ورفض وتنديد وتكفير وقتل، يسقط العرب وخاصة المصريين والليبيين في سيناريو محوره العنف. سيناريو معارك غير مبرره للرد على فيلم سيء، لم يكن الأول ولن يكون الأخير. فقد تم انتهاك سيرة الأنبياء ومنهم النبي محمد (ص) عشرات المرات من قبل، منها ما تم لمجرد الإساءة كهذا الفيلم، ومنها ما تم على سبيل التأليف والإبداع مثل شفرة دافنشي الذي احدث ضجة كبيرة كفيلم مسيء للسيد المسيح. ولكن إذا رجعنا بذاكرتنا لردود الأفعال حين ظهر فيلم شفرة دافنشي نجد بينه وبين أحداث اليوم مع الفيلم المسيء للرسول (ص) اختلاف في جزء وتشابه في جزء آخر. نتذكر عام 2003 طبعت رواية The Da Vinci Code لدان براون ولم يشعر أحد بها، ولم يباع منها سوى نسخ قليلة وكان هناك تنويه من الفاتيكان بعدم شراء وقراءة هذه الرواية. والرواية لمن لا يعرفها تروي حياة السيد المسيح وكأنه أحب مريم المجدلية وتزوجها وأنجب منها، وهذا بالنسبة للمسيحيين طعن مباشر للإيمان والعقيدة حيث الإيمان المسيحي مبني على أن المسيح هو الله. الرواية اعتبرها الفاتيكان تسيء إلى السيد المسيح ورغم ذلك لم ينل التنويه أي اهتمام إعلامي، ثم أعلن المخرج رون هوارد عن إخراج قصة دان براون في فيلم سينمائي ومن هنا بدأت الضجة الحقيقية وكانت تنحصر في ضجة إعلامية ما بين مؤيد ومعارض لفكرة إخراج هذه الرواية المسيئة في عمل سينمائي تؤرخه السينما العالمية. وفي دورة مهرجان "كان" السينمائي بفرنسا عام 2006 كان فيلم The Da Vinci Code ومخرجه وكامل طقم العمل السينمائي في افتتاح المهرجان العالمي وقام بطل الفيلم النجم الأمريكي توم هانكس بإلقاء كلمة افتتاحية عن الفيلم، حيث قال: "إن الفيلم لا يجب أن ينظر إليه كونه تجسيدا للواقع، هو عمل خيالي وجزء من مشروع تجاري وترفيه وليس تسجيلا للواقع. إن محاولة الالتزام بما جاء في الرواية لم تكن أمرا سهلا". وما بين طباعة الرواية وإنتاج الفيلم وبسبب التنويه عن إنتاج الرواية كعمل سينمائي، حققت الرواية مبيعات كبيرة تصل إلى 60 مليون نسخة وصنفت على رأس قائمة الروايات الأكثر مبيعاً في قائمة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. كما تم ترجمة الرواية إلى 50 لغة حتى الآن. الفيلم أعطي قيمة للرواية والإعلام زاد هذه القيمة، فحدثت الضجة الإعلامية بالعالم كله انتهت فور عرض الفيلم. وحين عرض الفيلم لم ينل إعجاب الكثيرين ليس من حيث القصة فقط وإنما في المجمل كعمل سينمائي ضخم.
فيما ذكرت أود أن أصل إلى أن نقطة التقاء الفيلم السينمائي "شفرة دافنشي" 2006 والفيلم المسيء للرسول 2012 مع الاختلاف الشاسع في المقارنة بين العملين من حيث الجودة هي نقطة الإعلام. في الحالتين الإعلام هو مَن نشر وأضاف وزاد من قيمة الحدث بدون داعي. الإعلام هو المتهم الرئيسي الذي يسير على نهج الإثارة وتنفيذ أجندات خاصة لصالح أطراف بعينها، وعلينا أن نعي ذلك جيداً. أما نقطة الخلاف فهي في ردود الأفعال، فرغم أن "شفرة دافنشي" عمل سينمائي ضخم سيبقى في تاريخ السينما العالمية والأمريكية إلا أن ردود الأفعال المسيحية في الغرب لم تتعدى الاعتراض والتنديد، حتى أن الفاتيكان لم يستطع وقف عرض الفيلم وإنما نوه انه من الأفلام التي لا ينبغي النظر إليها، فهي لا تقدم شيئا نافعاً إلا لمحبي الخيال. وفي 2009 حين عرض فيلم "ملائكة وشياطين" عن رواية لنفس الكاتب وقام ببطولته نفس الممثل توم هانكس وكانت تسيء للإيمان المسيحي، لم يكن هناك أي تعليق من الفاتيكان، فالأمر ببساطة لا يتعدى خيال كاتبه.
لكن اليوم ونحن نتابع تداعيات "تايلر" لفيلم لم يُنتج حتى الآن وفيه إساءة للإسلام، أرفضها تماما، اسأل لماذا ردود الأفعال تأخذ شكل عنيف من قبل المسلمين في بعض الدول العربية؟ بماذا سيفيد الحرق والقتل؟ لماذا الدول التي قامت بها ثورات هي التي أظهرت ردود أفعال عنيفة، مَن وراء ذلك؟.. ففي مصر اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين أمام السفارة الأمريكية نتج عنها عشرات الإصابات على مدار خمس أيام وربما تستمر أكثر من ذلك. في ليبيا قاموا بتفجير السفارة الأمريكية وقتل السفير وأربعة معه. في لبنان مظاهرات وتفجير لمطعم كنتاكي على انه أمريكي. في شمال السودان مظاهرات وعنف أمام عدة سفارات......الخ.. لماذا ظهر تايلر الفيلم الذي اكتشفنا انه موجود على الانترنت منذ أربع شهور في ذكرى تفجيرات 11 سبتمبر؟ ألم تثير هذه الصدفة شيء في داخلنا ينم على مؤامرة ما؟.. والعجيب في الأمر أن أول مَن أثار تايلر الفيلم وقام بعرضه كانت قناة دينية بمصر بغرض ما في نفس يعقوب، ألم تسيء هذه القناة بعرضها للفيلم إلى الإسلام ورسوله؟.. دقائق معدودة تدعي أن الإسلام دين إرهاب يكون الرد بنفس ما قيل في هذه الدقائق وكأن المسلمون عازمون على التنديد بالتأكيد! ألا يُحدثنا كل ذلك بشيء ما؟.. ردود الأفعال المختلفة بين الغرب والشرق تـُظهر عمق فجوة احترام الآخر، فليس في موته حياة لغيره. احترام الآخر يحتم علينا كبشر أولا أن لا نقتل الأبرياء ونخرب في اقتصاد أوطاننا ونحرق بلادنا كرد فعل لشيء سيء من طرف يستوجب الرد عليه بطريقة أخرى. طريقة تمسه شخصيا وتخبره عن الحقيقة، لا أن تؤكد جنونه وتشويهه لدين سماوي. المصريون أصحاب أقدم الحضارات، مَن علموا العالم الطب، الرياضيات، الفلك، الأدب، الفنون يجب أن يكونوا على أرقى مستويات الثقة بالنفس والتحكم فيها بعقلانية، وعدم السماح لأي جهة كانت، سواء أمريكية أو إسرائيلية أو بعض المتطرفين من أقباط المهجر أن يجعلونا نحوّل حضارة التسامح إلى عنف مبين. وعلى حسب الأقاويل اتضح أن الفيلم إنتاج إسرائيلي، إسرائيل التي لا تملك سينما من الأساس، حين فكرت -مجرد تفكير- وقدمت افشل تايلر نجحت نجاح ساحق والفضل كل الفضل للعرب. ألا يعني هذا شيئا؟ ألا يعني أن نتجه إلى العدو الرئيسي لنا ولا نسمح أن نجعله يُلهينا أو يُفرقنا؟.. حين شاهدت هذا الفيلم القبيح شعرت بالغثيان وندمت على مشاهدته، فهو لا يرقى إلى المشاهدة من الأساس ولا يرقى أن يُصنف كشيء يتناقش حوله المسلمون، فتاريخ الدين الإسلامي اكبر من أن يتعامل مع هذه الدقائق الحقيرة على أنها شيء له قيمة ويجب الرد عليه. ردود الأفعال صنعت ضجة كبيرة في العالم كله وبدل من أن تثبت العكس أكدت بالعنف عن ما جاء به.
الإعلام هو المتهم الرئيسي في هذا العمل الإجرامي، وخاصة بمصر، الإعلام الديني الذي عرض الفيلم وحرض على أقباط المهجر على أنهم المنتجون وثبت بعد أيام انه إنتاج إسرائيلي. الإعلام الذي ترك ما يحدث في الشارع العربي عامة والمصري خاصا ويمس كل إنسان في لقمة عيشه، وفي مستقبله وفي دستوره الذي يُكتب الآن في غفلة منّا لأننا منشغلون عنه بإسرائيل وما تقوله عن الأديان وكأننا مازلنا في إطار التعرف على ما نؤمن به.
إذا أردنا أن نرد الإساءة فينبغي أن تكون بنفي ما قد جاء بتايلر الفيلم. ينبغي أن نعمل جميعا مسلمين ومسيحيين على نبذ العنف، واحترام الآخر. ينبغي أن نـُعلن للعالم مَن نحن بطريقة مُشرفة. التداعيات مستمرة والعنف يُغطي عواصم بعض الدول العربية بشكل غير مبرر ولن يكون له سوى نتائج سلبية وتأكيد على همجية العرب. نحتاج إلى ردود فعل عاقلة تجنبنا الأسوأ، ردود أفعال تنصر فعلا الرسول (ص) كما قال الكاتب الكبير خالد منتصر: "نصرة الرسول هي بالانتصار لقيمه ووصاياه وليست باقتحام السفارات وقتل السفراء".



#رشا_أرنست (هاشتاغ)       Rasha_Ernest#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم -اجورا- يكشف عن الكنيسة وحرية الإبداع
- دون أن تعرف
- المرأة المسيحية وتحديات ما بعد الثورة
- أحبك.... ولكن!!
- ما اصعب الأنتظار
- جبهة أحرار مصر لمناهضة تسييس الكنيسة
- لعبة العنكبوت
- على هامش الميدان
- يا مصر قومي
- الثورة... الحلم المشروع
- شكراً اوبرا
- إلى قداسة البابا شنودة: أخبرنا عن موقفك مما يحدث؟
- كلمة -الأقليات- كيف نسقطها من قاموس واقعنا اليومي؟
- بلاغ لم يقدم ضد رئيس هيئة السكة الحديد ووزير النقل والمواصلا ...
- المصريون وشعار الصبر هو الحل
- عمار يا مصر وخراب يا حياتنا
- الأموات ينهضون والأحياء ينعون أنفسهم في أوبريت الضمير العربي
- لبنان... على قياس مَن؟
- ستار أكاديمي... بين القبول والرفض
- 3 ديسمبر اليوم العالمي للأشخاص المعوقين، يوم فقد مصداقيته في ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشا أرنست - حاكموا الإعلام بتهمة الإساءة للإسلام