لا للأستغلال والعبودية للعمال

جهاد عقل
(Jhad Akel)

الحوار المتمدن-العدد: 1121 - 2005 / 2 / 26 - 13:00
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

نضال السائقين في بئر السبع يؤكد:
لا للاستغلال ...لا للعبودية .. نعم لحرية النشاط النقابي
نضال السائقين في شركة " مترودان" للباصات في مدينة بئر السبع .... كشف عن حقيقة ما يجري في سوق العمل ...وما يقوم به أرباب رأس المال من إنتهاك فظيع لاتفاقيات العمل وحتى لقوانين العمل . والارتباط العضوي مع الحكومة التي ترى في العمال ونقاباتهم خطراً لا بد من مقاومته . حتى لو كان ذلك من خلال قمع هؤلاء العاملين ..ومساعدة ادارة الشركة بشتى الوسائل من أجل إفشال العمال في نضالهم هذا ومواصلة إنتهاك قانون حرية التنظيم النقابي والاتفاقيات الجماعية .

بداية القضية كانت بعد قيام بلدية بئر السبع بخصخصة شركة الباصات البلدية والتي قدمت خدمات مواصلات داخل المدينه ، على مدار سنين طويلة ... البلدية قامت بعملية الخصخصة هذه ضمن "خطة إشفاء " على أثر الازمة المالية الخانقة التي عانت منها . وبذلك تنازلت عن مشروع حيوي وهام قدم الخدمات للمواطنين بأسعار معقولة ، واستوعب عاملين، قسم منهم في أعمال الصيانة والقسم الآخر ، وهو الاكثر عدداً كسائقين .
بعد إصدار مناقصة لبيع الشركة وخطوط المواصلات التابعة لها ، فازت بالمناقصة شركة " مترودان" ، وهي شركة مشتركة ما بين شركة الباصات العاملة في منطقة تل أبيب "دان" وشركة فرنسية قررت الدخول للمناقصة من خلال شراكة بينهما وعن طريق ممثلين لها في البلاد .

الخطوة الاولى بعد الفوز بالمناقصة كانت إلغاء كل اثر لاتفاقيات العمل الجماعية وللحقوق العمالية لعاملي الشركة وفصل عدد منهم ...هذه الخطوات تمت من قبل الادارة الجديده خلال الفترة التجريبية ... أي الاشهر السته الاولى . ورغم محاولات ممثلي العمال ومجلس العمال في المدينة للتوصل الى اتفاق مرحلي يضمن حقوق العمال ...لكن الادارة حاولت التهرب من التوقيع على إتفاقيات عمل ... مما أدى الى تعرض العمال الى إستغلال وهبوط أجورهم حتى أجر الحد الادنى وعدم ضمان حقوق إجتماعية لهم ... وباشرت الادارة بعد رفع مطالب العمال لها الى خطوة تتعارض مع قوانين العمل وحرية التنظيم النقابي ...حيث قامت بفصل عدد من العاملين – السائقين- وتوجيه تهديداً مباشراً للآخرين ،فحواه أن من يتحرك باتجاه التنظيم ويدعم المطالب المطروحه بخصوص توقيع إتفاقية عمل جماعية تضمن الحقوق العمالية بما في ذلك الاجور والحقوق الاجتماعية، سوف يفصل من العمل .

رد العمال وقيادتهم العمالية كان أولاً، دعوة الإدارة مجدداً الى الدخول في مفاوضات ....من أجل حل الخلاف القائم ...لكن رد الادارة جاء تعسفياً ...حيث قامت بفصل مجموعة من السائقين وتوجيه تهديد بالاعتداء الجسدي على كل من تسول له نفسه بالمطالبه بحقوقه من خلال تأييد ما يطرحه قادتهم ومجلس العمال في بئر السبع .
من الصعب نقل كافة تفاصيل الاحداث لهذه المعركة العمالية التي تتواصل حتى كتابة هذه السطور ... الادارة قامت أولاً باستدعاء شركة حراسة ومن ثم استعملت العنف الكلامي وقد وصل أحياناً الى العنف الجسدي ...حيث قامت بتحريض مجموعات من السائقين ضد زملاء لهم ...وفي حالات أخرى قامت بادخال باصات من شركات أخرى ...ووصل الامر استعمال التهديد بواسطة كلاب مدربة مع مدربيها ..والهدف هو ردع العمال عن مطالبهم التي تتركز كما ذكرنا سابقاً بالمطالبة بتوقيع اتفاقية عمل جماعية وضمان حقهم باجور وشروط عمل لائقة ، بما في ذلك العمل ثماني ساعات .

في ظل هذا التهديد المتواصل ورفض إدارة الشركة السماح للسائقين بالتنظيم النقابي ...بل رفضها الإعتراف بلجنتهم التي إنتخبوها ، تقرر الإعلان عن إضراب والمطالبة بالاعتراف بممثلي السائقين والتوقيع على اتفاقية عمل جماعية أيضاّ . الادارة رفضت ذلك وقامت بخطوات عديدة من أجل افشال الاضراب ، والانكى من ذلك أنها حصلت على دعم غير محدود من قبل وزير المواصلات مئير شطريت ومن زميله وزير المالية نتنياهو ..حيث قام شطريت باصدار تصريح عمل لشركات أخرى مثل شركة "كافيم" وشركة " نتيفي إكسبرس" التابعة لشركة العفيفي من مدينة الناصرة ...والهدف هو كسر الاضراب ونزع شوكة الوحدة والنضال من السائقين الذين يصل عددهم الى حوالي 120 سائقاً ...وبذلك تستطيع إفشال الإضراب . بالمقابل قامت قيادة الهستدروت ، بعقد إجتماع لها في مدينة بئر السبع أعلنت فيه عن تقديم الدعم الغير محدود للسائقين في معركتهم هذه .. عن طريق توفير إمكانيات لوجستيه لخوض المعركة ... ودعمهم مادياً من صندوق الاضراب بالاضافه الى توفير خدمات قانونيه أيضاً . وقام العمال بالاعتصام في خيمة أمام مكاتب الادارة ..كما وقاموا بخطوات كفاحيه أخرى مثل التظاهر أمام بيت وزير المواصلات شطريت وتوزيع المنشورات على الاهالي أيضاً ..بالاضافة الى خوض معركه قانونية في محاكم العمل .

ما تقوم به ادارة الشركه من قمع لحق العمال بالتنظيم النقابي ...يعتبر منافياً لقوانين العمل بل ولإتفاقيات العمل المحلية والدولية ... ويكفي أن نذكر هنا " إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق الاسا سية في العمل .." حيث تعلن فيه المنظمة "..أن جميع الدول الأعضاء ، وإن لم تكن قد صدّقت على الإتفاقيات ...، ملزمة بمجرد إنتمائها الى المنظمة، بأن تحترم المبادىء المتعلقة بالحقوق الأساسية التي تشكل موضوع هذه الإتفاقيات وأن تعززها وتحققها بنيّة حسنة ووفقاً لما ينص عليه الدستور ، وهي :
( أ ) الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية .
( ب ) القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الالزامي .
.....الخ " * . هذا النص من إعلان منظمة العمل الدولية والتي تضم في عضويتها اسرائيل ، حيث صادقت على هذا الاعلان وغيره من المواثيق الدولية الصادره عن منظمة العمل فيه إلتزام واضح بأن تحترم قضية " الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية.." على عكس ما يجري على أرض الواقع وخاصة في قضية السائقين في بئر السبع .

حكومة اليمين الحالية برأسيها "الليكود " و"العمل" تعتمد سياسة الإرتباط الوثيق مع القوى الرأسمالية ...وتخدم مصالح الرأسماليين ، من خلال النفوذ القائم للرأسماليين ، لدى القوى الحاكمه ، التي تعتمد في معاركها من أجل الوصول الى الحكم على أموال هذه القوى . وبذلك يتوثق الارتباط ما بين الحكم ورأس المال ، الذي يتجسد في تنفيذ برامج الخصخصة التي تدر الارباح لقوى رأس المال هذه ، على حساب الطبقة العاملة ..على حساب حقوق العمال ...على حساب الاعتداء على حرية التنظيم النقابي والنشاط النقابي أيضاُ .. . لذلك لا بد لنا نحن أبناء الطبقه العاملة من تكثيف نضالنا وتعميق الوحدة العمالية وإنتهاج سياسة كفاح عمالي لا يرتدع أمام الهجوم الذي يقوم به أرباب رأس المال وحلفاءهم ...نحن على ثقه بأن النضال الذي يخوضه السائقون في شركة " مترودان" في بئر السبع ، ليس فقط نضال عادل بل سيكون له تأثير كبير على مناخ علاقات العمل عامة حالياً ومستقبلاً لذلك علينا مواصلة تقديم الدعم لهم بلا هوادة مهما بلغ جبروت أرباب رأس المال والحكم الذي يدعمهم . ومعهم نهتف لا للاستغلال ...لا للعبودية ... نعم لحرية النشاط النقابي .

• إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادىء والحقوق الأساسية في العمل ومتابعته- الطبعة الاولى ، جنيف 1998 .

20/02/2005

#جهاد_عقل (هاشتاغ)       Jhad_Akel#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل