أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد علي الماوي - حقيقة الوضع السياسي في تونس















المزيد.....


حقيقة الوضع السياسي في تونس


محمد علي الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 01:06
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حقيقة الوضع السياسي في تونس
أو من مع الانتفاضة ومن ضدها ومن يناور ويزايد؟
لابد من تذكير كل من يزايد بكلمة "ثورة" بان ما حصل من حراك شعبي في تونس وغيرها من الاقطار العربية هو مجرد انتفاضة عفوية وليست بثورة- كما تزعم جل الاطراف السياسية- يمينية كانت ام يسارية انتهازية- لقد اطاحت هذه الانتفاضة بفعل ظروف محددة وقع الخوض فيها سابقا بالجنرال بن علي الذي اتفقت الدوائر الامبريالية على التخلي عنه نظرا لافتضاح امره واوكلت امريكا المهمة للجيش وتحديدا للجنرال رشيد عمار الذي أشرف على عملية تهجير بن علي وايهامه بامكانية العودة عند هدوء العاصفة.
لذلك لم تغير الانتفاضة العفوية النظام القائم وظل الجيش يسهر من خلال حالة الطوارئ ومنع الجولان على سير دواليب الدولة بنفس الوجوه وظل الائتلاف الطبقي الحاكم يتحكم في كل صغيرة وكبيرة ويطبق نفس السياسة –سياسة بن علي أي سياسة العمالة والتخلف ونهب خيرات البلاد واستغلال عرق جبين الكادحين بل استغل بعض السماسرة الوضع لتهريب الاموال واستثمارها في الجزائر والمغرب او ايداعها في البنوك الاجنبية خوفا من المحاسبة وباستثاء بعض الرموز الذين وقع اعتقالهم فان أغلبية "العائلة" احتفظت باموالها وظلت قضية المصادرة محل مضاربة بين الاخوان المتعطشين للمال وافراد العائلة والوسطاء واصبحت كل عملية مصادرة محل سمسرة يسعى تجار الدين-النهضة- من خلالها تحقيق اكثر الارباح.
1 - من يمثل مصالح الامبرياليين ؟
يمثل مصالح الاستعمار الجديد الكمبرادور والاقطاع وكل الشرائح البيروقراطية المتحكمة في المؤسسات العمومية والخاصة.ومن يمثل سياسيا هذه الطبقات الحاكمة؟ الترويكا الحاكمة واساسا النهضة من جهة ونداء تونس- مبادرة الباجي قائد السبسي-الوزير الاول الاسبق- من جهة ثانية وكل من يتحالف معهما.
لقد تغيرت الوجوه في اعلى هرم السلطة اثر انتخابات 23 اكتوبر 2011 وتقاسمت الترويكا-(النهضة,المؤتمر والتكتل-) الوزارات مع التذكير بان النهضة استحوذت على وزارات السيادة وأعلنت التزامها بكل الاتفاقات التي وقع عقدها من قبل نظام الجنرال المهرّب.
ومنذ وصول النهضة الى السلطة اصبح الصراع واضحا بين الترويكا من جهة ونداء تونس من جهة ثانية واتخذ الصراع في البداية شكل المجتمع المدني ضد المرجعية الاسلامية ثم الشرعية الانتخابية ضد الشرعية التوافقية او الديمقراطية "التقليدية-الانتخابية- ضد الديمقراطية التشاركية الخ من المصطلحات التي يقع استعمالها في اطار الصراع على كرسي السلطة دون اعتبار استحقاقات الانتفاضة.وتعلن الاطراف المتنافسة عل كرسي السلطة بانها متمسكة بما يسمى" بالمجتمع الوسطي"

لقد كانت انتخابات المجلس التاسيسي محسوبة امبرياليا ورجعيا وكان من المتوقع ان يصعد الاخوان الى سدة الحكم نظرا للعوامل التالية: اولا إفتضاح الاحزاب الحاكمة في كل من تونس ومصر وهي احزاب حكمت الشعب بالحديد والنار واحتكرت كل مجالات النشاط ثانيا التعويل على التيارات الاسلامية كبديل إمبريالي منذ الثمانينات فقد وقع تقديمها كضحية الانظمة القائمة وبما انها تحضا بالدعم الامبريالي وتتمتع بقاعدة شعبية بفعل تواجدها في المساجد فبامكانها توفير بعض الاستقرار للمصالح الاستعمارية .
ورغم تغيير الوجوه واستحواذ النهضة على اغلب وزارات السيادة ظلت سياسة العمالة هي نفسها
وواصل نفس الائتلاف الطبقي –رغم الصراعات الدائرة في صلبه- التحكم في كل الاجهزة والمؤسسات سياسيا وقضائيا وعسكريا واداريا بفضل الجيش -المؤسسة العسكرية -حامية الطبقات الحاكمة وخادمة امية لاوامر الامبرياليين.
وفي اطار هذا الصراع الرجعي وسعي الامبريالية لفرض الاستقطاب الثنائي (نهضة –نداء تونس) تعتمد حكومة الالتفاف على الانتفاضة- حكومة النهضة-على ما سمي بالشرعية الانتخابية لتحويل موازين القوى لصالحها من خلال ازدواجية الخطاب المتمحور حول التظاهر بتبني اسس المجتمع المدني من جهة والاصرار على تمرير ركائز الدولة الدينية من جهة اخرى.
أ- الاخوان بين المقول والممارس
حاولت بعض الاطراف الاشتراكية الديمقراطية تقديم التيار الاسلامي -النهضة - باعتباره مدنيا يتبني اسس المجتمع المدني ويدافع عن المساواة بين الجنسين...وكان ذلك في اطار حركة 18 اكتوبر ( التي ضمت كل من الحزب الديمقراطي التقدمي-الحزب الجمهوري حاليا- حزب العمال الشيوعي-حزب العمال حاليا -والنهضة )
وساهمت هذه الاطراف المسماة يسارية معتدلة في تغطية حقيقة الاخوان التي اتضحت للجميع منذ انتخابات اكتوبر وتشكيل حكومة المحاصصة –حكومة الالتفاف على شعارات الانتفاضة.
رفع رموز النهضة شعار الخلافة السادسة أكثر من مرة كما صرح ممثلو النهضة في المجلس التاسيسي بضرورة تطبيق الحد وقطع الايدي واعتبار المرأة مكملة للرجل والتخلي في الحقيقة عن مبدأ المساواة بين الجنسين وعن جوهر ما ورد في مجلة الاحوال الشخصية رغم ما تحمله من نقائص كما تهجم رموز النهضة على الفنانين والمبدعين بتعلة المس بالمقدسات ورفضوا مبدأ استقلالية القضاء واستقلالية الاعلام وطالبوا بتطهيره -مع الاشارة الى ضرورة تطهيره وليس بالمفهوم الاخوانجي- وحاولوا تمرير مشروع خوصصته ولايزال الصراع قائما حول
المحاور المذكورة والتي يمكن حصرها في الاستقطاب الثنائي : دولة "مدنية او دولة دينية او التوافق والحل الوسطي والقبول بمبدأ التداول على السلطة بين التجمعيين الجدد والاسلاميين وانعكس هذا الصراع في نقاش محتوى الدستور بحيث اصر ممثلو النهضة على اعطاء الدستور طابعا دينيا في قطيعة تامة مع ما حققته الحركة الشعبية من مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية.
والتجأت النهضة –الحزب الحاكم- الى ذراعها السلفية لبث الفوضى والهاء الراي العام وتحويل وجهة الصراع من اجل تغطية فشلها في حل المشاكل الاجتماعية وخاصة الشغل وغلاء الاسعار والتنمية الجهوية...وتمرير سياسة الانفراد بالسلطة من خلال تعيينات الولاة والمعتمدين والمديرين الجهويين والنيابات الخصوصية الخ
لقد اتضح للجميع ان هناك تنسيق محكم بين قيادات النهضة وقياداة السلفية الممثلة في مجلس الشورى للنهضة وهو ما يفسر طبعا تسامح وزارة الداخلية-علي العريض- نهضة- إزاء الاعمال الاجرامية التي قامت بها السلفية مثل الاعتداء على الصحفيين والفنانين والنساء والمربين والغزوات المتكررة في جامعة منوبة وغيرها من المؤسسات التربوية وساحة "المنقالة" والنزل والحانات والتهديد بالقتل للمعارضين واستعمال العنف المسلح في العديد من المناطق مع تنصيب الامارات السلفية في - سجنان وبن قردان-
ان التسامح مع السلفية واطلاق سراح المجرمين السلفيين يندرج ضمن خطة واضحة تهدف الى اسلمة المجتمع وذلك من خلال 1) الدعوة الى قيام قيادة عامة للتيار الاسلامي بمختلف فصائله من نوع حسن البنا في مصر والعطار في سوريا والغنوشي في تونس ويدور الاتفاق العام حول المحاور التالية:
- استبدال الانظمة الكافرة بانظمة اسلامية تعتمد الخلافة
-اعتبار المجتمع دار معصية ودار حرب وهو في مجمله كافر وجاهل وتاييد للسلفية الجهادية
- الرئاسة يقابلها الخلافة في فكر التيار الديني والشرعية الدستورية والقانونية يقابلها الشرعية المستمدة
من القران والسنة والدولة المدنية تقابلها الدولة الدينية
-اعتبار الديمقراطية بدعة والتعددية مقبولة في حدود كومنها وسيلة للوصول الى السلطة واعتبار الاحزاب الاخرى تمثل الشيطان وحرية الفكر والمعتقد مرفوضة
- رفض مفهوم الوطنية والدولة المدنية والقومية ومعاداة الشيوعية والتعامل مع الكيان الصهيوني عل اساس صراع ديني
2) تكوين مؤسسات اقتصادية متكاملة تتجسد في شركات توظيف الاموال و البنوك والمصارف الاسلامية في ظل قوانين الدولة القائمة وبالتحايل عليها وبسلاح المال يمكنها ان تؤثر في الاعلام والثقافة والتعليم...وفي هذا الاطار تسعى النهضة الى بعث البنوك الاسلامية والتعليم الزيتوني وبعث العديد من الجمعيات الخيرية-الامر بالمعروف والنهي على المنكر مثلا- والتحكم في الصحف-قضية جريدة الصباح وقناة التونسية-والهيمنة على دور النشر والقنوات التلفزية-قناة تونس الاولى والقناة الثانية- بيع المؤسسات المصادرة والتفويت في البعض الاخر من اجل تكديس المال واستعماله في شراء الذمم
3) استعمال العنف المسلح-بئر علي بن حليفة-وتشكيل المليشيات النهضوية والسلفية وتهديد الشخصيات المعارضة وحتى مؤسسات الدولة القائمة ومهاجمة الانشطة الفنية –معرض قصر العبدلية مثلا-عروض سينمائية-وتهديد المعارضين بالقتل من صحفيين وفنانيين ونساء ديمقراطيات وبايجاز فان حكومة النهضة –حكومة الالتفاف على الانتفاضة تحاول بكل الوسائل التغول في الحكم والتحكم في كل السلط- التنفيذية والتشريعية والقضائية والاعلامية- لضمان استمرارها في السلطة لسنوات.لذلك فهي تاجل موعد الانتخابات باستمرار وتهمش المجلس التاسيسي بحيث يقع اتخاد كل القرارات خارج هذا المجلس النائم والمخدر بافيون الشعوب.
اتضح ان حكومة النهضة ليس لها عهد ولاميثاق فهي حكومة عميلة تطبق برامج الحكومة السابقة تتظاهر بتبني مطالب الانتفاضة لكنها تحاكم المنتفضين والنقابيين والصحافيين ولاتحاسب الفاسدين الحقيقيين الذين نهبوا المال العام بل تتعامل معهم كما لم تحاسب "القناصة" والبوليس السياسي وكل من اجرم في حق الشعب فهي ترفع شعار "تطهير الاعلام والقضاء والمؤسسات" لتبرر تنصيب الموالين لها متسترة وراء راية محاربة "فلول النظام البائد"
غير ان خطة النهضة وبالونات الاختبار حول الخلافة الاسلامية تتعارض كليا مع تطلعات الشعب نحو التحرر والحرية كما عبرت الفئات الشعبية عن رفضها القطعي للممارسات السلفية التكفيرية المتخلفة هذا فضلا عن مواقف خصومها المباشرين: نداء تونس والجمهوري والمسار والمتحالفين معهم.
لذلك من الوارد جدا ايجاد ارضية توافق بين النهضة ونداء تونس من أجل تقاسم السلطة وتوفير الاستقرار السياسي على حساب الشعب وهو ما تطالب به الدوائر الامبريالية حرصا على ضمان مصالحها في اطار التداول السلمي على الكرسي بين النهضة ونداء تونس مع تشريك الاطراف الاشتراكية الديمقراطية أي الحركة الاصلاحية في البرلمان في شكل ديكور لاغير.

ب – نداء تونس
يمثل "نداء تونس" الوجه الاخر لسياسة العمالة فهو في الحقيقة اخراج جديد للتجربة البورقيبية والنوفمبرية مع اضافة بعض الليبيراليين ومايسمى باليسار الوسطي والحرص على التأقلم مع ما افرزته الانتفاضة من غضب شعبي ضد التجربة البورقيبية والنوفمبرية والتظاهر مثل النهضة بتفهم الاحتجاجات الشعبية.
وتمكنت هذه الحركة من استمالة العديد من العناصر الانتهازية واستيعاب نواب في المجلس التاسيسي وهي تراهن على بلوغ رقم 40 الف منحرط في حدود اواخر سبتمبر حسب تصريحات مسؤولي الحركة كما صرح السبسي انه يلقي كل الدعم الخارجي والعربي والمحلي فيما يتعلق ببرنامجه الاقتصادي والاجتماعي وان الاموال جاهزة لتنفيذ ذلك حسب تصريحاته في جريدة الشروق.
يعتمد نداء تونس في صراعه من اجل الكرسي ضد النهضة وبهدف استقطاب مكونات المجتمع المدني على الحجج التالية:
- فشل حكومة الترويكا في التعامل مع الملفات الحارقة مثل التشغيل والبطالة والتنمية الجهوية وإعادة الحياة للدورة الاقتصادية
- عدم التزام النهضة بوعودها فيما يخص ضبط خارطة طريق واضحة تضبط مهام المجلس التاسيسي وموعد الانتخابات وموقفها من الهيئة "المستقلة" التي اشرفت على انتخابات 23 اكتوبر
- تعامل النهضة مع السلفية وبثها الفتنة وتهديد مكاسب "المجتمع المدني"
- تغول النهضة وانشغالها بتعيين المواليين لها في مراكز النفوذ وتهميش دور المجلس التأسيسي وخاصة مهمة كتابة الدستور
- محاولة النهضة ضرب" استقلالية" الاعلام والقضاء ومحاكمة الفنانيين والمبدعين بتعلة المس بالمقدسات...
- تخلي النهضة عن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل وتعويضه بالتكامل الخ...
لقد تمكن نداء تونس من اعادة هيكلة الدساترة والتجمعيين و معارضين النهضة والدولة الدينية بفعل الامكانيات المادية الهائلة ومن خلال احياء نشاط الشعب واستمالة "شخصيات وطنية" المعارضة للدولة الدينية وللتخلف السلفي-الذراع العسكري للنهضة- كما تمكن من ايجاد مكاتب جهوية في كل الولايات تقريبا وهو يستعد طبعا للانتخابات القادمة ويأمل في تعديل الكفة ومنافسة النهضة في "البرلمان" القادم
والى جانب الدساترة والتجمعيين واليسار الوسطي فان نداء تونس يراهن على التحالف مع الحزب الجمهوري وعلى المسار الديمقراطية ومن لف لفهم مثل الحزب الاشتراكي اليساري او حزب العمل" الوطني الديمقراطي" وقد اعلن الجمهوري والمسار ان امكانية التحالف واردة مع نداء تونس في اطار الانتخابات القادمة هذا فضلا عن محتوى مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تزكي ضمنيا وعمليا اختيارات "نداء تونس" وهكذا يكون نداء تونس قد نجح في لم شتات الدستوريين والتجمعيين المعادين للاخوان علما وان حزب المبادرة –مرجان –وحزب الوطن- جغام-لم يلتحقا بالسبسي وهو موقف قد يكون محل اتفاق لتبيان ان نداء تونس "نظيف"ولايضم "ازلام النظام" هذا مع الاشارة الى ان بعض الاحزاب الدستورية-الحزب الدستوري الجديد والحزب الحر الدستوري والحزب الجمهوري للحرية والعدالة- دعت الى انشاء "حزب دستوري موحد "
ان الصراع بين عملاء الامبريالية نهضة –نداء تونس- صراع رجعي,صراع العملاء على السلطة فالنهضة تتهم نداء تونس بتمثيل ازلام النظام السابق و"النداء "يتهم النهضة بالتخلف وزرع الفتنة وتهديد مكاسب "المجتمع المدني" وكلاهما يعتبر الاخر رمز "الثورة المضادة".ان هذا الصراع بين عملاء الامبريالية وبين الشعب هو تناقض عدائي لايحل بالانتخابات كما تنظر لذلك الاطراف الانتهازية لان الرجعية تظل متحكمة كليا في العملية الانتخابية ماديا ومعنويا وتوهم الناخب بامكانية التحول من خلال تغيير الوجوه والابقاء على نفس الاختيارات اللاوطنية واللاديمقراطية واللاشعبية.
ويطرح هذا التناقض العدائي بين الشعب والعملاء تكتيك مقاطعة مؤسسات النظام والعمل على عزلها جماهيريا لانها في الحقيقة لاتمثل مصالح الشعب بل مصالح الامبريالية وعملائها.

2- من يمثل مصالح البرجوازية الصغيرة؟
قبل الخوض في التعبيرات التي تمثل البرجوازية الصغيرة لابد من ذكر ان من يدعي تمثيل البرجوازية الوطنية اصطف اما مع نداء تونس او مع النهضة عدا العناصر الثورية التي بقيت في صف البرجوازية الصغيرة لكنها ظلت تحت التأثير الاصلاحي بفعل ضعف القوى الثورية وهو ما يفسر وجود البعثيين والقوميين الى جانب المتمركسين في الجبهة الشعبية التي تضم 12 حزبا.
تتكون الجبهة الشعبية اساسا من متمركسين(حزب العمال الذي تخلى عن كلمة شيوعي والاطراف "الوطنية الديمقراطية"... ) وبعثيين وقوميين وقد سبق لجبهة 14 ان جمعت نفس التشكيلة تقريبا وتريد الجبهة ان تكون بديلا للاستقطاب الثانئ نهضة-نداء تونس-
تعتبر البرجوازية الصغيرة فئة ثورية ساهمت في الانتفاضة بصفة فعالة من خلال المعطلين عن العمل والموظفين والحرفيين وابناء الفلاحين الفقراء وكل المهمشين والشرائح العليا مثل الاطباء والمحامين وهي حليف استراتيجي للطبقة العاملة في مسار الثورة الوطنية الديمقراطية-الديمقراطية الجديدة- لكن التعبيرات السياسية لهذه الطبقة لاتتجه نحو القطع مع مؤسسات النظام القائم بل تعمل على ايجاد جسور معه في اطار مايسمى بمكونات المجتمع المدني وتشارك في العملية الانتخابية رغم اختلال موازين القوى وتتحكم الرجعية كليا في العملية الانتخابات منذ تسجيل قوائم الناخبين مرورا بصندوق الاقتراع ثم الفرز.
لذلك تظل غالبية هذه الفئات متذبذبة لاتنحاز الى قضية الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء الا في صورة تحول موازين القوى لفائدة القوى الثورية عموما وفي هذا الاطار نفهم تعامل التعبيرات السياسية لهذة الطبقة مع النظام القائم وسعيها الى ايجاد مواقع في مؤسساته على حساب مصالح الشعب وتطلعاته نحو التحرر والتخلص من نظام الاستعماري الجديد.
تضم الجبهة الشعبية عناصر ثورية نزيهة بالتأكيد من ضمن بعض القوميين وبعض الماركسيين غير ان القيادات اثبتت انتهازيتها على مدى عقود ويظل الشغل الشاغل لهذه القيادات الانتهازية التواجد في ديكور مؤسسات النظام والمساهمة في إدارة ازمة النظام العالمي الجديدة وإن زايدت هذه القيادات بمعارضة اختياراتة فهي تنشط ضمن هذه الاختيارات التي تتظاهر بنقدها باستمرار.
يكمن خطر هذه القيادات في حرف نضال الجماهير عن مسار التحرر وجرها نحو المصالحة الوطنية مع الاعداء.


3- التحركات الشعبية والتجاذبات السياسية

تتواصل التحركات الشعبية في العديد من مناطق البلاد إذ لايمر يوم دون احتجاجات تطالب بتحسين ظروف العيش وبالشغل القار وتندد بسياسة الحكومة النهضوية التي تعتقل المتظاهرين وتحاكم البعض منهم وقد شهدت هذه الاحتجاجات وتيرة تصاعدية بلغت حد التصادم العنيف مع بوليس النهضة ومليشيلتها فوقع حرق العديد من مقرات النهضة ومراكز البوليس.وإزاء تفاقم هذا الغضب الشعبي نتيجة تدهور اوضاع الجماهير على كل المستويات( تزايد عدد البطالين- إرتفاع نسبة التضخم الى اكثر من 5بالمائة- غلاء الاسعار المستمر- تواصل سياسة المحسوبية و"الاكتاف" النهضوية- قمع المتظاهرين وتكفيرهم- استعمال المليشيات النهضوية –السلفية- لمراقبة الاحياء والارياف...)اصبحت وزارة الداخلية تتكتم عما يحصل في الجهات أو تقدم روايات خاصة بها لما يحدث والتجأت النهضة الى تجنيد قواعدها للقيام بتحركات مضادة مستعملة المال العام (حملة إكبس) وذلك بهدف تغطية فشلها والهاء الراي العام عن الزيادات في المحروقات وبعض المواد الاساسية وعن تعيينات الموالين لها في مراكز النفوذ.
وفي خضم هذا الغليان الشعبي تسعى القوى الرجعية الى قمع بعض التحركات المشروعة واحتواء البعض الاخر لذلك فان القوى الثورية مدعوة الى رفع التحدي وبلورة ارضية عمل تنطلق من المحاور التالية:
- الدفاع عن مطالب الانتفاضة وعن شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" وفضح كل الاطراف المزايدة "بالثورة"-أي الانتفاضة- وبمعزوفة استكمال" الثورة" او تحقيق اهداف "الثورة"
- تحيين الشعار القديم "دساترة واخوانجية عملاء الامبريالية" وتعويضه ب "لانهضة لانداء لا والاف لا"
- التصدي للاستقطاب الثنائي نهضة-نداء تونس- وفضح الاطروحات الانتهازية التي تبث الاوهام والتظاهر باستكمال مهام "الثورة"التي لم تقع ولن تقع عبر الانتخابات ولتذكير التيارات الانتهازية فان بن على لم يقع اسقاطه عبر صندوق الاقتراع.
- ضرورة رسم خطة مشتركة من اجل توحيد المجموعات الثورية والتصدي لمليشيات النهضة والسلفية عبر تشكيل لجان الدفاع الشعبي في الاحياء والارياف ومواقع العمل.
- استخلاص الدروس بصفة جماعية من انتفاضة 17 ديسمبر ومن الانتفاضات السابقة التي بينت ان الطبقة العاملة تظل قوة محركة رغم عدم دخولها كطبقة لذاتها نظرا لمحدودية وعيها وتجربتها التنظيمية كما أبرزت الانتفاضات اهمية الريف ودور ابناء الفلاحين الفقراء في التصدي الى العنف الرجعي والرد عيه بالعنف الجماهيري الثوري.
- التاكيد على القطيعة السياسية والتنظيمية مع النظام وعدم التورط في تزكية سياساته اللاوطنية واللاديمقراطية واللاشعبية ولو بصفة ضمنية عبر التواجد معه جنبا الى جنب في مؤسساته "المنتخبة ديمقراطيا"
- التنويه بدور المراة في الانتفاضة وفي النضال ضد التخلف والخونجة واعتبار واقع المراة معيارا لمدى تطور المجتمع
- العمل على تاطير الشباب العاطل واشباه البروليتاريا والمهمشين الذين ساهموا بكل ما عندهم في الانتفاضة وفي الحراك الشعبي.
وباختصار لابد من الانطلاق اولامن: الدور القيادي للطبقة العاملة وضرورة المساهمة في تحويلها الى طبقة لذاتها وثانيا من اهمية الريف حيث انطلقت الانتفاضة وثالثا التركيز على اهمية النساء –نصف السماء –في التغييرالثوري وحول هذه المحاور الاساسية يمكن خوض الصراع من أجل توحيد المجموعات الاكثر تجانسا والتقدم في بلورة برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية–الديمقراطية الجديدة-.

تونس 13 سبتمبر 2012















#محمد_علي_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملخص لإضافات ماوتسي تونغ
- الانتخابات في مصر والانتفاضة في الذاكرة
- عنف الدولة وعنف الجماهير العفوي والعنف الثوري
- قراءة في -ورقة عمل حول بناء حزب موحد -للوطنيين الديمقراطيين-
- الحركة النقابية والصراع بين الخطين
- نداء الى المجموعات الشيوعية
- تونس:الوضع في ظل الاعتصامات والاعتصامات المضادة
- حول خلايا المؤسسات
- نصوص حول المجلس التأسيسي
- الشعب في حاجة الى حزب الطبقة العاملة
- جانفي,شهر الشهيد وشهر الانتفاضات الشعبية
- حكومة النهضة -حكومة محاصصة
- ايّ معنى -لليسار- اليوم؟
- متطلبات الوضع الراهن في تونس
- الاتجاه الاسلامي بين المقول والممارس
- النهضة بديل امبريالي
- الانتخابات والمسألة الوطنية
- تونس-نتائج الانتخابات في تعارض مع شعارات الانتفاضة
- تعليق في الفياسبوك
- المجلس التأسيسي والبدائل الامبريالية في تونس


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد علي الماوي - حقيقة الوضع السياسي في تونس