الطب اللطيف والرعاية الملطفة

محمد حيدر قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 09:48
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

الطب اللطيف " Palliative medicine "هنالك أنواع مختلفة من الطب والعلاج معضمها معروفة للجميع كالطب العلاجي، الطب الوقائي والطب البديل ، لكن هنالك نوع آخر قد لايكون معروفا عند الجميع وخاصة في بلداننا ، ولكنه معروفة في معظم الدول المتطورة وتسمى بالطب اللطيف " Palliative medicine " يقدم هذا النوع من الطب رعاية طبية خاصة تسمى بالرعاية الملطفة " Paliative vård " وهي مشتقة أصلا من اللاتينية "palliare " هدفها تقديم أعلى رعاية صحية ممكنة لمجموعة خاصة من المرضى وذلك بتقديم ألرعاية الجسدية والعقلية والاجتماعية والروحية للمريض ومساعدته على العيش بحالة نشطة قدر المستطاع بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم لأسرته من النواحي الإجتماعية والنفسيه ومساعدتهم على التأقلم وقبول الواقع والتعامل مع الوضع القائم للمريض والمآسي القادمة بعد وفاته، وإعتبار الموت كجزء أساسي ومكمل للحياة. تقدم هذه الخدمة للمصابين بأمراض عضال وللذين يعانون من أمراض قلبية ورئوية وعصبية مزمنة وفي مراحل متطورة من أمراضهم وليس لهم أي حظ للشفاء ومن المتوقع لهم فقط فترة محددة للبقاء على قيد الحياة ، وتقدم للمرضى في المستشفيات أو في منازلهم طبقا لحالتهم الصحية ورغبتهم بالدرجة الأولى ومن ثم رغبة أسرهم بغض النظر عن الموقع الجغرافي لمحل سكنهم وبعدهم عن مراكز المدن. هنالك أقسام خاصة تابعة لمعظم آلمراكز الصحية والمستشفيات لتقديم هذه الخدمة ولهم فريق متكامل ومتعدد التخصصات من الأطباء والممرضات وأخصائي اجتماعي، أخصائي العلاج الطبيعي والعلاج الطبيعي مع إمكانية الوصول إلى اختصاصي التغذية ورجل الدين ، بالإضافة لذلك ففي السويد مثلا يستطيع أقارب المريض من الحصول على إجازات قانونية من وظائفهم وبراتب مناسب مدفوع من قبل دائرة الضمان الإجتماعي لمدة تسعون يوما بالأضافة لعشرة أيام إضافية وبراتب كامل مدفوع من قبل رب العمل كجزء تكميلي للرعاية الملطفة لمساعدة الأسرة للبقاء لأطول فترة ممكنة مع المريض للتخفيف عن معاناتة .تختلف أهداف هذه العناية بإختلاف مراحل المرض ففي المرحلة المبكرة والتي قد تطول من أشهر لسنوات، يسعى الفريق أن يقدم أفضل مما لديهم للحفاظ على أفضل نوعية ممكنة من الحياة ولأطول فترة ممكنة وذلك بتقديم الرعاية الصحية التامة له في منزلة وتوفير له جميع المستلزمات المتوفرة في المستشفيات وكل ما يحتاجه من أدوية وعلاجات ضرورية مع إمكانية زيارة الممرض أو الطبيب في أي وقت يحتاجه المريض وحتى في منتصف الليالي ولمرات متكررة في اليوم الواحد.هناك امكانية متوفرة دوما لإدخاله لمستشفيات وردهات خاصة ولفترات محدودة إن إقتضى الضرورة وطبقا لرغبة المريض.جميع الخدمات المذكورة تقدم مجانا وقد تصل أحيانا تكلفة المريض الواحد وليوم واحد فقط عدة آلاف من الدولارات .أما في المراحل المتأخرة والتي قد يستغرق من أيام لأسابيع يكون الهدف فقط هو تخفيف أكثر قدر ممكن من المشاكل التي يواجها المريض مع مراعات حالات عوائلهم .
يتكون جسم الإنسان من خلايا مختلفه في اشكالها ووظائفها. كل خليه تحتوى على غلاف خارجي ونواة ، تـُحفظ المعلومات الأساسيه داخل النواة والتي تحتوي على الحامض النووي " DNA" .الحاض النووي في الإنسان 26 أجساما صغيرا جدا كالعصي القصير ( صبيغات وراثية ) وتسمى ب " كروموسوم " والتي تتكون بدورها من ملايين الجينات التي تحدد نظام وطريقة عمل الخليه.تموت بعض خلايا الجسم يوميا وبصورة طبيعية ويقوم الجسم بتعويض ذلك النقص عن طريق الإنقسام ، عند الإنقسام تقوم الخليه بإنتاج نسخه مطابقة من الحامض النووي ثم تنقسم الى خليتين ، يحدث هذا الانقسام بشكل منتظم بحيث يمكن لأجسامنا النمو وإستبدال أو إصلاح الأنسجة التالفة, وفي حالة حدوث خلل في هذه الحالة الطبيعية نتيجة تعرض الخلية أو مجموعة من الخلايا لتغيّرات بسبب تفاعلات بين عوامل الفرد الجينية وعدة فئات من العوامل الخارجية أو ماتسمى بالمواد المسرطنة كالأشعة فوق البنفسجية ، المواد المشعه ، العوامل الكيميائية ، مثل الأسبستوس ومكوّنات دخان التبغ والأفلاتوكسين (أحد الملوّثات الغذائية) والأرسنيك (أحد ملوّثات مياه الشرب) ، العوامل البيولوجية المسرطنة مثل أنواع العدوى الناجمة عن بعض الفيروسات أو الجراثيم أو الطفيليات ، تبدأ الخلايا بإنقسامات غير طبيعيه فتنتج عنها خلايا غير مطابقة للخلية الأصلية وتتكاثر تلك الخلايا بشكل كبير ومن غير توقف فتطغى على العضو المصاب مسببا له مايسمى بالورم أو السرطان وممن الممكن حدوث هذه الظاهره في جميع أجزاء الجسم ومن دون إستثناء ، تتميز الخلايا الجديدة بالعدائية Aggressive والنمو والانقسام بصورة عشوائية ولها القدرة على غزو Invasion الأنسجة المجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية نطلق عليها اسم النقيلة. هذه القدرات العدائية والهجومية هي صفات الورم الخبيث على عكس الورم الحميد، والذي يتميز بنمو محدد وعدم القدرة على الغزو والأنتقال أو النقلية، من الممكن في بعض الأحيان ولأسباب غير معروفة أن تتطور الورم الحميد وتتحول إلى سرطان خبيث .يستطيع السرطان أن يصيب الإنسان في جميع المراحل العمرية وحتى في المرحلة الجنينية ، ولكنه تزيد مخاطر الإصابة به كلما بتقدم العمر. أو التعرض للمواد المسرطنة ، يوجد أنواع من السرطانات تصيب الحيوان والنبات على حد سواء.السرطان من أهمّ أسباب الوفاة في جميع أرجاء العالم، تقف سرطانات الرئة والمعدة والكبد والقولون والثدي وراء معظم الوفيات التي تحدث كل عام من جرّاء السرطان ، حوالي الثلاثون بالمئة من أنواع السرطانات قابلة للوقاية ، ألإصابة بها ناجمة إما عن إهمال أو تصرفات خاطئة من الإنسان نفسه أو عيشه في بيئة ملوثة .من أهم العوامل المساعدة لإصابة الإنسان بالسرطان هو ألسمنة المفرطة وخاصة عند النساء وآلتي قد تحرض على إزدياد إفراز هورمون الإستروجين المسببة لأنواع مختلفة من سرطانات النسائية ، عدم تناول الفواكه والخضر بشكل كاف، قلّة النشاط البدني، ألتدخين، الأدمان على الكحول، عدم الوقاية من الإصابة ببعض أنواع الفايروسات ، والتعرض لفترات طويلة لأشعة الشمش وخاصة في أوقات الظهيرة وفي فصل الصيف ، التعرض للمواد المشعة والمبيدات الحشرية والمواد الكيماوية.من المتوقع أن يصل عدد الوفيات الناجمة عن السرطان على الصعيد العالمي، 13.1 مليون حالة وفاة في عام 2030 . معظم أنواع السرطانات قابلة للعلاج جزئيا أو كليا إن تم تشخيصه في مراحله المبكرة وذلك بإجراء العمليات الجراحية ، ألعلاج بالأشعة، ألعلاج الكيمياوي، العلاج المناعي والعلاج الهورموني وفي حالات كثيرة يعجز الدواء من شفاء المريض ونجاته بصورة كاملة عندها يكون هدف جميع الطرق العلاجية هي من أجل أعاقة تطور المرض ووقف إنتشاره .
غالبا مايبدأ عند معظم المرضى وبعد إنتشار المرض في بعض الأعضاء الرئيسة في الجسم مشاكل صحية مختلفة كالألم المبرح، التقئئ ، الغثيان، الأرق ، القلق المستمر، الكآبة ، الخوف من المجهول والموت ، صعوبة التنفس، نقص الدم وسوء التغذية وغيرها، فأفضل خدمة يحتاجها هؤلاء المرضى وأقاربهم هي الرعاية الملطفة.

الدكتور محمد حيدر قاسم
طبيب متخصص وإستشاري
إستوكهولم / ألسويد

#محمد_حيدر_قاسم (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل