أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - قراءة في نص الحيرة واللامبالاة المقدسة - مش فارقه كتير *















المزيد.....

قراءة في نص الحيرة واللامبالاة المقدسة - مش فارقه كتير *


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 3831 - 2012 / 8 / 26 - 13:30
المحور: الادب والفن
    


تنتابه آلام اليأس , وإحباطات أوجاع الأمل , تراوده اللامساسات وتضغط علي ضعفه الإنساني , وتدغدغ أحاسيسه الرغبة في ملذات الحياة , يتناهي إلي حد الكمال , ويذوب في الدنيا كحبة سكر في فنجان , يبحث عن السعادة , وتطارده أشباح الشقاء , يطمح في الصحة , ويرغب فيه المرض بامتياز , يعشق الحياة , ويصاحبه الموت كظل ثقيل , يبحث عن القدرة , فينتابه إعياء العجز , كأنه يقرأ علينا مقولة إنجلز :" لقد انتهت اليوم فلسفة الطبيعة , وكل محاولة لبعث الحياة فيها من جديد ليست محاولة لاحاجة بنا إليها فحسب , وإنما هي تشكل خطوة للوراء ".

فيتمثل هذه المقولة كأنها مقاربة نقدية متشابهة لحالته الراهنة , فيقف موقف الحائر المضطرب , المتلعثم حينما يبتغي بفرادة نفسه أن يعبر عن مفردات ذاته الطامحة لأن يكون له موقف إنساني محدد ومعلوم , وكان هذا خطأه الأول في بحثه الدوؤب علي معاني مفردات الثبات , ولم يرتب عقله علي البحث والتأمل في مفردات قواميس التغير , فرؤيته عن الأشياء المحسومة كانت خرافة فلسفية مفجعة لعقله , ومغيبة لذاته , ومهلكة لضميره الإنساني حينما يقع في رتابة دائرة الجدل بين متراصة الثوابت , ومصفوفة اللامتناهيات , والدوائر المتداخلة من الجهل المعرفي , والغيوب التي تعمل عمل الساحر الشرير في وجدانه , فكان حقيق به أن يقف علي إيمان بأن حقيقة الأشياء تسير مع دوامة التغير , لا مع رتابة الثبات .

هو يريد أن يري أن كل الأشياء محسومة , وإذا كانت الأشياء كلها محسومة , فإن العقل الإنساني لديه يصير محسوماً أيضاً , وكذلك مشاعر الحب والكراهية , والخوف والطمأنينة , والإحساس بالبرد والشرد , وكذلك كل قيم الصدق والكذب , والقبح والجمال , والخير والشر , والعدل والظلم , بل , والطبيعة وماواء الطبيعة .

إنها نقطة البداية الخطأ المتمثلة في مسألة الحسم للأشياء والإنسان والموجودات والقيم والوجود , ولكن الصدق أنه حينما تغير من حالة الحسم , إلي حالة التغير الوجودي , وغابت عنه الأدوات العقلية أصبح من الصعب عليه التمييز , وعاش في حيرة الحلم , وأخذ يبحث ويدرس في تأثير الأحلام علي الناس , وتأثير الناس علي الأحلام , وكأنه يريد للناس أن يكونوا بمثابة قطيع إنساني تؤثر فيهم الأحلام بالجملة , ويؤثروا صناعة الأحلام , وفي ذات الوقت يغيب دور العقل , وينعدم تفعيل دور الإرادة في الفعل أو الإمتناع عن الفعل حسب المصلحة الإنسانية التي تنتجها إرادة الفعل في واقع الناس , ومحاولة التشبه الإنساني والتمثل الطوعي لإرادة الفعل الناجزة بجدارة في واقع الناس أرباب الإرادات الفاعلة .

فيهرب إلي مقولات بلا أفعال , وحينما يأتي دور الفعل , يغيب عنه دور العقل , فتصعب الملاحظة , وتذداد غشاوات الحيرة والقلق الإنساني بتكثيف مريع , فتصير كل الأشياء لديه طلاسم تحوي شفرات وتصير مأسورة في جب الجهل , وتحتاج إلي من هو لديه علم بفك أسرار تلك الشفرات , ولا يوجد من هو عالم بهذه الشفرات والطلاسم سوي عقل مبدع طامح للحياة ومقتنصاً لأسباب سعادتها ونعيمها , باحثاً عن أسباب الرفاهة وأساليب التحرر من قيود مصنوعة بحرفية ومهارة عقلية لتستلب حرية الإنسان وعزته وكرامتة .

و"محمد عزب " برمزيته في الواقع المقلوب , ومزيته المتفردة في "الطز ", إلا أن هذه المزية أثبتت أن " عكازه " , كان أمهر منه , وأزكي منه , وأبرع وأبدع منه في أغلب حالاته الإنسانية , لأن هذا العكاز , هو من صنع الشعر , وأبدع في النقد , وتجاوز الثريا في النقض , فإن لم يكن لعكاز محمد عزب وجود , لم يكن في الأصل لمحمد عزب وجود , فإن رفض محمد عزب للعكاز , يضحي جديراً به أن يرفض ذاته أولاً , لا أن يرفض هذا العكاز المبدع ذو الأدب الأريب اللبيب حد الجنون , وأعظم مافيه هو جنونه وتحديه , لأنه حينما يمدد قدميه في وجه الدنيا , ويضع عكازه علي كتفه اليسري , فكأنما يعلن إرادة التحدي برمزية العكاز , ومزيته في آن واحد , هاهو قد اختار الحياة بكل مافيها , من الضحك والفرح والسرور, حتي وإن أغلقت أبوابها في وجهه , وحتي أن تكسرت الخطي قبل أن يسير علي أول خطوات الطريق .

أما من يبحث عن الإنسان الكامل صاحب الإرادة الكاملة ذو الفعل الكامل , فهذا باب من أبواب المستحيل , ولسوء الفهم وتقدير الأمور بالخطأ , تجد من تتكسر خطاه قبل المسير , تجده منتظراً لشبيهه , وكأنه يؤمن ويعاود الرجوع إلي اللامساسات في تفسيرها للقرين والشبيه , وتنتابه إرتباكات اليأس والإحباط , فيري أن صورته ليست هي صورته , وأنه ليس هو , وهذه هي مأساة مبدعة في الإهلاك والهلاك .

ومابين الخطأ الأول والخطأ الثاني تسكن ملامح المأساة الإنسانية المفتقدة للعقل المنتج للإرادة الفاعلة في حياة الإنسان والحياة والكون , سواء كانت متلازمة في إرادة الفعل أو إرادة الإمتناع عن الفعل بشرطية العلم والمعرفة والمصلحة والمنفعة التي تعود علي الإنسان والحياة والكون في علاقات عقلية جدلية .

وهذا ينقلنا من إنجلز في مقولته الأولي إلي ماذهب إليه جان فيجييه في مناظرته حول الجدل ليقول:" يسير التقدم العلمي في اتجاه الجدل حيث يتخلي عن الوصف السكوني لكي يأخذ بالتحليلات الديناميكية . فالتقدم العلمي إذن يسير في إتجاه جدلي : إنه يسير من المنطق الصوري إلي المنطق الجدلي ".

وهنا حقيق بصاحبنا أن يعيد النظر في رؤيته لنفسه وذاته , وأن يتعرف علي إمكانياته العقلية , ويبدع في تفعيل الإرادة الإنسانية بشروطها العلمية والمعرفية فهي من تغير النظر للأشياء والإنسان والكون والوجود , حتي لايري أنه :


في الأول

كانت كل الأشياء محسومة

بس مع مرور الوقت

بقي صعب تميز

بين تأثير الحلم على الناس

والناس ع الحلم

بقي صعب تلاحظ

وجه الإستغراب على وش الدنيا

وتفك الشفرة

فبقيت واقف على الحد الفاصل بين طريقين
رايح ......جاي

فلسفة الدنيا تقولك جرب

عكاز محمد عزب المشبوك في قصايده

مجنون على كتفه بيفرد رجله ف وش الدنيا

ويقولك طظ

تختار الدنيا بكل أدوارها

من ساعة ما تزغزغ بطنك

وتخليك هتموت م الضحك

ولحد ما دور الضمنه حيقفل وياك

أوقات الخطوة بتتكسر من قبل ما تمشي

فتقف مستني شبيهك

الخطأ الأول

الصورة اللي بتظهر في النيجاتيف مش صورتك

والخطأ التاني

انك لو عشت العمر بحاله

عشان تختار

تنزل من قلب القطر واللا تخليك

مش فارقة كتير



*هذا النص بعنوان " مش فارقه كتير " من ديوان " واحد بيكح في وش الدنيا" صـ 35 , صـ 36 , للشاعر سليمان الزهيري , من مطبوعات وزارة الثقافة المصرية , إقليم القاهرة الكبري , وشمال الصعيد الثقافي . فرع ثقافة القليوبية , الطبعة الأولي , القاهرة , 2012



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء عبد الفتاح .. والسؤال الصعب
- مايكل نبيل سند , ليس معتوهاً !!
- أمريكا وقوم عاد .. رؤية دينية خائرة !!
- الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة -2-
- الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة -1-
- المملكة العربية السعودية : ماذا تريد من المصريين ؟!!
- الثورة السورية : حماس وفتح وقرآن القاهرة !!
- سنية دوجاني : طاعة الحجاب , ومعصية حلق الشعر !!
- تنظيم القاعدة : لماذا الحضور في ليبيا , والغياب في سوريا ؟!!
- عصام شرف .. ومواقف الشرف العقلي
- إلى حسني مبارك : والقضاء موعدنا .. رد على حديث مبارك لقناة ا ...
- حلم الشهيد
- طل الملوحى
- هل هذه ليست ثورة : لماذا الصمت والتباطوء من جانب القوات المس ...
- الإستنجاء السياسي .. وفتوي قتل البرادعي
- العنف الدموي ضد الأقباط : من المسؤل ؟!! - (مجرد رؤية )
- مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد رأس السنة الميلادية : مجتمع ضع ...
- مسؤلية نظام : مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد الميلاد بالأسكند ...
- تحالف الشر : الجماعة الإسلامية والأجهزة الأمنية
- ليس بوذياً !!


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - قراءة في نص الحيرة واللامبالاة المقدسة - مش فارقه كتير *