أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الأزمة السورية كتظهير للوضع الدولي















المزيد.....

الأزمة السورية كتظهير للوضع الدولي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3816 - 2012 / 8 / 11 - 21:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أزمات تظهر صورة الوضع الدولي في لحظتها،بعد تراكمات كمية لسنوات قبلها تكون تلك الأزمة هي لحظة تظهير تحولها الكيفي إلى صورة جديدة للتوازنات في اللوحة العالمية:في خريف عام1938،وفي أثناء مؤتمر ميونيخ الذي أعطت فيها بريطانية وفرنسة تشيكوسلوفاكية لهتلر من أجل تسكين شهيته التوسعية بعد أزمة استغرقت أشهراً،وضح بأن النظام الدولي الذي أقامته معاهدة فرساي عقب الحرب العالمية الأولى هو على وشك الانهيار وبأن عصر الدولتين العظميين أي انكلترا وفرنسة يدخل في مرحلة الأفول.في خريف1956،أعطت أزمة السويس تظهيراً لصورة نظام دولي جديد فيه ثنائية قطبية بين واشنطن وموسكو مع تظهير صريح بتلك الأزمة لعملية غروب شمس لندن وباريس.
مع انهيار نظام الثنائية القطبية في خريف1989وتحول واشنطن إلى قطب واحد للعالم،أظهرت حرب الكويت1991وحرب كوسوفو1999وغزو أفغانستان2001وغزو العراق2003 تلك القطبية الأحادية الأميركية ،وإن كانت الأزمة العراقية الناشبة قبيل الغزو قد أبدت اعتراضات فرنسية- ألمانية أمام واشنطن انقلبت إلى مماشات فرنسية لسياسات الإدارة الأميركية رأيناها عند شيراك منذ صدور القرار1559الخاص بلبنان في أيلول2004ثم عند خلفه ساركوزي وفي ألمانية حصلت سياسات معاكسة عند المستشارة ميركل بعد توليها السلطة في برلين عام2005لماكان عند سلفها شرودر الذي اصطدم كثيراً مع كلينتون وبوش الابن.
في إدارة احتلالي أفغانستان والعراق ظهرت التخبطات الأميركية،وهو ماساهم في تظهير بدايات ضعف القطب الواحد للعالم،وبالذات في منطقة الشرق الأوسط التي كان تركيز واشنطن واضحاً عليها أكثر من أية منطقة أخرى بالعالم في مرحلة مابعد الثنائية القطبية.ساهمت نتائج حرب تموز2006،التي لايمكن عزل نشوبها عن التوترات الأميركية- الايرانية مع استئناف طهران لبرنامج تخصيب اليورانيوم في آب2005مستغلة مكاسبها المستجدة في العراق وتخبطات واشنطن في العراق وأفغانستان،في زيادة الضعف الأميركي في المنطقة،وفي نشوء توازن اقليمي جديد ضد واشنطن التي أصبحت حاضرة مباشرة عبر جنودها في الاقليم أصبح فيها هذا التوازن مختلاً لصالح طهران التي غدت ممتدة بنفوذها بين كابول والساحل الشرقي للبحر المتوسط في بيروت وغزة من دون ذكر صعدة وتمردها الحوثي.
هذا الضعف الأميركي ساعد على تململ روسي باتجاه مرحلة الاستيقاظ في القوة عند موسكو،بعد استسلامية طبعت عهد يلتسين طوال عقد التسعينيات. ظهرت أول بوادر ذلك في شهر آب2008مع الحرب الروسية- الجيورجية،ثم في مكاسب بالعامين التاليين استعادت فيها موسكو الكثير من نفوذها وهيمنتها على العديد من الجمهوريات السوفياتية السابقة بمافيها أوكرانية.ترافق هذا مع تقارب روسي – صيني تم تتويجه في صيف 2009مع تأسيس (مجموعة دول البريكس)،منهما مع الهند والبرازيل ثم جنوب افريقية بعام2010، التي أعطت "انشاء عالم متعدد الأقطاب"أولوية في أهدافها،وهو ماتزامن مع اعطاء(منظمة شنغهاي للتعاون)عند موسكو وبكين مجالات اقتصادية في شرق ووسط القارة الآسيوية من الواضح أن اتجاهها العام يسير نحو وضع اقتصاد الحوض الباسيفيكي- الوسط أسيوي الذي يتجه الثقل الاقتصادي العالمي نحوه شيئاً فشيئاً في مواجهة قوة اقتصادية مأزومة منذ أيلول2008عند ضفتي الأطلسي.
أنتج هذا تراكماً في القوة انزاحت من أيدي القطب الواحد خلال سنوات2008-2010.لم تظهر حصيلة هذه الانزياح في الصورة العامة للتوازن الدولي في معالجات البرنامج النووي الايراني بالأمم المتحدة(2006-2011)ولافي الأزمة الليبية(2011): كانت الأزمة السورية(منذ يوم18آذار2011)منصة لتظهير الصورة الجديدة للوضع الدولي في مرحلة اهتزاز وتراجع قوة القطب الواحد للعالم.
حاولت واشنطن،بعد ترددات في تونس،السباحة مع رياح "الربيع العربي"التي أزاحت حلفاء لها في القاهرة وصنعاء ،آملة من خلال ذلك تحقيق استعادة لقوتها الاقليمية في المنطقة من خلال خطب ود القوى المجتمعية الصاعدة عبر الثورات بعد أن كانت تركب مراكب الأنظمة أوتحاول تحقيق "إعادة صياغة الشرق الأوسط"عبر الحضور العسكري المباشر كافعلت وفشلت في عراق مابعد9نيسان2003.كان هذا محاولة لتكرار مكاسب استراتيجية حققتها واشنطن من خلال السباحة مع رياح داخلية،كمافعلت في أوروبة الشرقية والوسطى بخريف1989،أدت إلى تغيرات عالمية،أملت من خلالها الإدارة الأميركية بأن تتجه ،وعبر تغيرات داخلية في دمشق،نحو جعل الامتداد الايراني في عموم اقليم الشرق الأوسط خلال الأعوام الماضية مزعزع الأركان ومقطع الأوصال،لكي تستعيد واشنطن من خلال هذه الضربة الدمشقية ماكانت تأمله عبر البوابة البغدادية قبل تسع سنوات من"إعادة صياغة المنطقة".
هنا،دخلت موسكو على الخط:تراكم نمو القوة الروسية،و معها تكتل (البريكس)،وانزياحات القوة من واشنطن،أتاح للعاصمة الروسية،ومن وراءها بكين،أن تحوِل الأزمة السورية ،وعبر فيتو يوم4تشرين أول2011،إلى أول أزمة دولية تحصل في فترة مابعد الثنائية القطبية،وهو مالم يحصل في بلغراد1999ولافي بغداد2003.هذا ليس متعلقاً بسورية،وإنما بعموم المنطقة،التي من الواضح أن من يسيطر عليها سيسيطر على"قلب العالم"وفق تعبير الجنرال ديغول. هنا،سوريا هي مفتاحية للمنطقة،كماكانت مع الاسكندر المقدوني،ومع الرومان،ومع المسلمين عبر معركة اليرموك التي أعقبها فتح العراق ومصر وبلاد فارس،ثم مع السلطان سليم الأول في عام1516مع معركة مرج دابق.
هذا الفيتو الروسي- الصيني المزدوج،المتكرر في 4شباط و19تموز،لم يتح لواشنطن مافعلته في كويت1991وليبيا2011عبر تفويض مجلس الأمن ،وفي الوقت نفسه منع توازنه الدولي المستجد،الذي أتت الفيتوات الثلاثة حصيلة له،من أن تكرر الولايات المتحدة الأميركية تجربة "تحالف الراغبين"من خارج مجلس الأمن كماحصل في كوسوفو1999وعراق2003.
يهدف الروس،وهم الذين يعانون عقد فقدان مصر1974وعراق2003وليبيا2011 ،من وراء هذه الأزمة الدولية،عبر المنصة السورية،إلى تظهير توازن دولي جديد،تجبر فيه واشنطن على الاعتراف بانتهاء الأحادية القطبية للعالم،من خلال الاعتراف بأن حل أزمة،في بلد مفتاحي للمنطقة هي "قلب العالم" و"خزان طاقته"،لايكون من دون مشاركة روسيا هذا إذا لم يصل الأمر إلى اقرار واشنطن لموسكو بدور إدارة ملف مرحلة الانتقال،وهو ماتتوارد معلومات عن اتفاق أميركي- روسي ضمني حوله خلف كواليس مؤتمر جنيف في 30حزيران2012،و ربما كان هذا هو السبب الأساسي وراء تصاعد العنف على الساحة السورية في شهر تموز من أطراف رافضة لذلك،بينهم معارضون سوريون وأيضاً من أطراف خارجية،تريد انشاء وقائع معاكسة على الأرض تمنع حصول هذا السيناريو.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخوان المسلمون وايران الخميني – الخامنئي
- القاهرة:تكرار اصطدام قطاري العسكر والاخوان
- الاستيقاظ الروسي:عامل ذاتي أم بسبب الضعف الأميركي؟..
- التدخل العسكري الخارجي وتفكك البنية الداخلية
- مرحلة انتقال مابعد الثورات
- مآزق الأردوغانية
- الاستثناء الجزائري
- خطة كوفي عنان: قراءة تحليلية
- العلاقة الاشكالية بين اليسار والديموقراطية
- استقطابات حول سوريا
- سوريا:المعارض السياسي والشارع
- موسكو وبكين:الثنائي المستجد في العلاقات الدولية
- المعارضون الجدد والقدامى
- نزعة الإستعانة بالخارج في المعارضة السورية(2003-2005)
- الموجات السياسية
- حرب باردة من جديد؟..
- التصلب التركي – الفرنسي حيال الأزمة السورية:محاولة للمقاربة
- عشر سنوات من الاستقطابات في المعارضة السورية
- واشنطن والثورات العالمية
- فراغات الانسحابات الأجنبية من المنطقة


المزيد.....




- شبيه جيف بيزوس يسرق الأضواء في شوارع البندقية.. قبل زفاف الم ...
- سان جورجيو ماجوري.. الجزيرة الساحرة التي اختارها بيزوس ليومه ...
- إسرائيل ترصد صاروخا من اليمن والمتحدث باسم قوات الحوثي يعلق ...
- إيران تُشيع قتلى الحرب مع إسرائيل بموكب جنائزي ضخم في قلب طه ...
- توجه لحظر حركة -فلسطين أكشن- في بريطانيا، فماذا نعرف عنها؟
- مجلس الشيوخ يجهض مساعي الديمقراطيين لتقليل صلاحيات ترامب في ...
- خلف ستار الهجمات الإسرائيلية على إيران: كيف أعد جواسيس الموس ...
- تشيع رسمي وشعبي في إيران لقادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا ف ...
- وزير الخارجية الإيراني يندد بـ-النوايا الخبيثة- لمدير الوكال ...
- ترامب يرى أن وقف إطلاق النار في غزة بات -وشيكا-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - الأزمة السورية كتظهير للوضع الدولي