أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي بن بلعيد - التغيير ضرورة تأريخية لاحياء العقول














المزيد.....

التغيير ضرورة تأريخية لاحياء العقول


سامي بن بلعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما من ادنى شك حول عملية التطور الحضاري لاي أُمّة إلاّ ان يكون العقل هو القائد والموجه لتلك العمليه كما ان منظومة القيم الاخلاقيه هي المكملة لذلك الامر .

نحن العرب اغفلنا دور العقل على مدى ثمانية قرون من الزمن وبالتحديد منذ نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن الهجري مع انحراف الفكر الراشدي الذي كان يهتم بالانسان عقلاً وقلب وذهب في طريق العقلية الشيئية التي تجسدت في شخصية الانسان العربي عبر القرون الطويله التي تخللتها موجات استعماريه مستبده او دكتاتورين محليين اكثر استبداد من المستعمرين وسار بنا الامر هكذا حتى وصلنا الى مرحلة الجمود التي أنتجت طابع الحكومات الريعية المستبدة المتقمصه بالدين او بالديمقراطيات الزائفة

عبر مراحل المعاناة الطويله تجمد دور العقل الفاعل الذي ينتج المعرفه وبرز دور العقل العاطفي المنفعل واصبح العقل المحايد مختزل من واقع الانسان العربي نظراً لكثر الهزائم النفسيه التي تعرّض لها الانسان العربي فتحول الامر كله الى معاناة نفسيه تقودها العاطفه بشده فأصبحت النظره الى الاشياء طبقاً وما تشتهيه النفوس وبدون اي شراكه عقليه

ولنا ان نأخذ العبرة من الثوراة العربيه بعد الحرب العالمية الثانية التي راح فيها الكثير من الشهداء ولتلك الثورات غنّت الشعوب وكتب لها المفكرون والباحثون والادباء وشاركت فيها اغلب قوى الشعب ولكن للاسف الشديد ان تلك الثورات لم تأتي ثمارها بل على العكس زادت من حجم المشاكل والتعقيدات في اطار البنية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعوب وانتهت بسؤال مهم ظل يحير المفكرين والعلماء لحتى مرحلة ما قبل قيام الثورات السلميةوالسؤال هو :

لماذا تتحرك الشعوب العربية عكس حركة التطور الحضاري العالمي ؟ ولماذا اصبحت الهوّة كبيرة بيننا وبين بلدان العالم المتمدن ؟

فالاجابة كما يقول المفكر الكبير (مالك بن نبي) انها تكمن في كينونة الانسان العربي ( ذاته) ولم يعد عند الانسان العربي قدره على رؤية ذاته لانة اصبح عاطفي انفعالي وتابع لاهواء نفسه الامارة بالسوء إلاّ ما رحم ربك ,فلم يعد للعقل الواعي اي دور ملحوظ في ادارة الحياة وذلك اكسبه خلل عام اضاع من خلاله حلقات التكوين الثقافي العام للامة واصبح متعصب لنفسه او لقبيلته او لحزبه او لمجموعته أو لزعيمه .... الخ

فتشكلت اسس الافكار على قواعد الصراع واصبحت كل فئه تعتبر نفسها الاقدر على ادارة البلاد وتضن إنّه لا يصلح الوطن إلاّ اذا ظل تحت ادارتها فدخل عامل الاقصاء للآخر وتحول الامر برمّته الى الى ثقافة صراع وتآكُل تنتحر بها الشعوب من الداخل


فأصبح الانسان على ضوء كل ذلك عقليه ماديه ترى الاشياء ولا ترى نفسها , فسقطت قيمة الانسان من الحسابات العامة للبناء ودخلت المشاريع السياسية وقطعت الجميع شر تقطيع

لان السياسية تعني بناء عالم المصالح سوى في اطار البلد او مع العالم المحيط اي ان الفكر السياسي يعني ماده اما الفكر الذي يهتم في بناء الانسان فهو الثقافة بمفهومها الشامل لكل امّة فهذا الفكر تم تغييبه وهنا كانت الكارثه واصبح الانسان العربي خارج اطار ساحته الحقيقيه فمهما قامت الثورات ومهما تحرّكت الشعوب على مختلف الاتجاهات لن تفلح في تحقيق الرفاهية التي تنشدها .

فالانسان هو مصدر الرفاهيه والرفاهيه تبدأ في العقل كما يقول المثل الانجليزي , فكيف يتسنى للانسان التعاطي مع مشروع سياسي اشتراكي او رأسمالي او اسلامي وهو في حالة ضياع فكري او حالة جمود ان لم تكن غيبوبة فالعقل العربي لم يعد بمقدوره ان ينتج معرفه بقدر ما اصبح مثل الطبق يحمل المعلومات عن طريق حفظ آلي لتراثه الديني وتأريخه الماضي او عن طريق تقليد الآخرين ونقل افكارهم دون تبيئه او تمحيص .

لقد اصبح في علم المؤكد ان الانسان العربي لا يستطع ان يبني دولة مدنيه إلاّ عبر المرور بثورة تغيير تجبر العربي على الوقوف امام ذاته ليبدأ بالتغيير العام حتى يصل الى اعماق شخصيته ويعيد اكتشاف نفسه ويصل بها الى حالة سلام مع ذاته كطريق للوصول الى حالة سلام مع الآخر

اي ان ثورات ألتغيير أصبحت ضرورة تأريخية حتمية فالثورة بسلميتها اصبحت بمثابت المصفاة للعقل والروح وهي التي ستعيد بناء الانسان حتى ترتقي بوعيه الى درجة انه يستطيع رؤية الحياة كما هي بدون الوان او اضواء ويكتشف هويته الجامعه التي من خلالها يرى نفسه وشعبه وامته وعالمه الانساني الرحب

فاذا ما تحقق الحلم وانتصرت الثورات السلمية وحققت اهدافها تجاه الانسان سيكون الامر مغاير تماماً اي اننا سنكون امام انسان قادر على التعاطي مع الافكار على مختلف اصنافها أكانت دينيه او فكريه او سياسيه .... الخ وسيكون خليه فاعله وليس عاطله وسيصبح شريك مؤثر على مستوى عالمه

واختتم بمثال من الواقع وابدأ بالجنوب اليمني سابقاً عندما تعاطى الانسان الجنوبي تلك الافكار الاشتراكية في مرحله ضعفه وقل معرفته وتفكك عراه فلم ينجح بل كانت تلك الافكار وبالاً عليه رغم انها لم تكن وبالاً على شعوب اوروبا , ولا يقتصر الامر في الجنوب اليمني سابقاً بل كل الوطن العربي بأتجاهاته الرأسمالية او الاسلامية او غيرها فلم تنجح دوله عربيه في بناء نظام مدني متكامل سوى كانت دول فقيره او غنية اي على اعتبار ان الخلل الموجود هو خلل حضاري في ذات الانسان العربي الذي اصبح فاقد القدرة على التعاطي مع الاشياء وغير قادر على مواجهة الازمات .

فالثورات السلمية هي المخرج الوحيد للانسان العربي وهي القادرة على ايصاله الى سواحل النجاة والقادرة على قلب طاولة الافكار والمفاهيم والقيم والقادرة على تفكيك كل المفاهيم البالية واعادت البناء الثقافي بشكل منهجي يوجه زوايا الفكر نحو اتجاهاتها الحقيقية , ومن المؤكّد إن التغيير لم يكن بين عشيةٌ وضحاها لان طبيعة الموروث الذي سبّب الخلل للعقل العربي قد كان عبارة عن حصيلةٌ تأريخية لقرون طويلة من الزمن



#سامي_بن_بلعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيتو البترولي العربي مصدر للتخلُّف
- العقل السياسي العربي يعمل بالإيجار للدّفع بالشعوب نحو الانحل ...
- العرب والاستبداد ... عشق لا ينتهي
- هل هدف العلمانيين تفكيك ثقافتنا فقط
- العربي لن يتغيّر لانه لا يرى ذاته
- الثقافة المجتمعية سبب انتاج الاستبداد والحكام والمستعمرين نت ...
- أوجه التشابه القاتل بين الاسلاميين والعلمانيين
- العقل العربي ومحاولة الطيران بجناح واحد
- العرب متفوقون بصناعة الثورات ضد بعضهم
- العرب حاضرون فنياً ..غائبون فكرياً وسياسياً
- المثقفون بحاجة الى ثورة تغيير قبل غيرهم
- غرائز العربي تتغلب على عقله
- يصِل العربي مُتأخّراً خيراً من أن لا يوصل
- آفاق المرأة والحركة النسوية بعد ثورات الربيع
- الى نوال السعداوي.. هل تفوقن اليمنيات على نظيراتهن العربيات ...
- ثقافتنا العربية .. تنتقد ولا تقدم حلول
- إن لم تفيق ألآُمّة بثوراتها السلمية ..فالى ألإنقراض
- هل اصبح العرب ظاهرة صوتية مقطوعة الصلة بالمدنية ؟
- السبب الرئيس في تعثُّر ثورات الربيع العربي يرتكز على خلل في ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي بن بلعيد - التغيير ضرورة تأريخية لاحياء العقول