انهض للثورة وقاتل إما بالثورة نكون ،وإما ألا نكون

محمد فكاك

الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 22:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خريبكة – المغرب في 02.08.2012
انهض للثورة وقاتل إما بالثورة نكون ،وإما ألا نكون.
الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية لتحرير المغرب وأفريقيا

باب فيما جاء من الرد الفصيح ،وفصل الخطاب الصحيح،ضد ما يروج له النظام الملكي من تضليل وتهافت وتيه وكذب قبيح.
والسؤال الذي يجري على كل لسان،ويراود قلب كل إنسان في المغرب ،وفي كل مكان:لماذا تعثرت الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية والجماهيرية عن تحقيق أهدافها الثورية ومراميها النبيلة في استرجاع السيادة و الارادة وتقرير المصير وطرد وإسقاط نظام الاستعمار والامبريالية من على أرض المغرب الحبيبة،رغم سقوط الملايين من الشهيدات والشهداء والضحايا والمعطوبين والمحرومين من الحق في أبسط شروط الحياة الحيوية الضرورية للبقاء والاستمرار على قيد الحياة؟
لماذا دائما تكون عملية التغيير الثوري والمخاض الثوري والاستيراد الثوري،شاقة وطويلة وعسيرة ومعقدة؟
لماذا تسرطنت الملكية حتى بلغت الدرجات القصوى في السيطرة الكلية والسطوة الجامعة والحضور الشامل؟
لماذا فشلت وأخفقت وأجهضت واغتيلت كل الثورات والانتفاضات والتمردات والعصيانات المدنية والاحتجاجات والاضرابات والمظاهرات،حتى عجزت قيادتها البروجوازية الوسطى والصغرى عن إخراج المولود الجديد إلى الوجود الفعلي الواقعي الملموس،وسقطت هذه القيادة في أشراك وأفخاخ وأقفاص الملكية في التبعية للملكية وعقابيلها الوخيمة الوبيلة القذرة،فلا تتجدد هده الملكية إلا كما تجدد الأفاعي جلودها لتخفي السم في ملمسها الناعم أو تجدد الشكل والمظهر والهامش والغث والهزيل؟أما استطاعت القيادة السياسية للأحزاب الوطنية الديمقراطية والنقابات الديمقراطية والجمعيات المستقلة أن تتجاوز تناقضاتها وخلافاتها وقصورها وانحسارها وركودها وجمودها وقاحليتها وإحباطاتها وخيانة موعد الثورة بالتخلي عن الشعب في اليوم الصعب وحيدا أعزل فريسة وضحية القمع الأسود للنظام الملكي وحليفته الحركات الإسلاموية الاخوانجية الأصولية ذات الأيديولوجية الرجعية الظلامية القذرة والملوثة؟
لقد أعياني وأضناني طول التفكير في هذا التشرذم والتفرقة والانقسام والانشطار والشتات والتيه ونكاح الصحراء الذي يعاني منه اليسار الجذري الماركسي اللينيني الشيوعي حتى أن بعض الأحزاب الشيوعية تنكرت وارتدت وخجلت من اسم الشيوعية واستبدلتها بأسماء متبرهشة مهجنة ما أنزل ماركس وإنجلس ولينين وماوتسي تونغ وهوشي منه وغيفارا من سلطان. وحتى لم تعد لهذه التنظيمات اليسارية من سيطرة على مناضليها وأطرها وقادتها ، وها بعضهم لا يكاد يجف ورق البيانات والمقررات حتى يخرج علينا بتصريحات فيها كثيرا من الايحاء والاشارة والتقرب والتملق والتزلف للنظام ،إن لم تكن هذه الخرجات تبرؤا وخروجا عن الخط الاستخطاطي الاستراتيجي للحزب. كما غنى الشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش :
قصب هياكلنا ،وعروشنا قصب
أحرقنا مراكبنا ،وعلقنا كواكبناعلى الأسوار.
/ نعلن في القبائل أن اليسار الماركسي المغربي أجر ماركسيته وكتبه ودفاتره وأقلامه لديكتاتوري النظام الملكي المتغطرسين.
هل تنظيماتنا اليسارية من مدن الملح والتيه والسراب؟
هل يصدق علينا ما تترنم به فيروز ذات الصوت الملائكي الجميل:
وفي كل أرض ،أو بكل محلة أخو غربة يكابد مطمعا
كأنا خلقنا للنوى،وكأنما حرام على الأيام أن نتجمعا.
لقد قدر لجيلنا أن نشاهد بدايات الثورة والعديد من الانتصارات والانتكاسات والهزائم،وبعد رحيل القائد الخالد المناضل جمال عبد الناصر شهدنا كثيرا من الخيانات والردات وتحالف العديد وتعاونه مع العدو الطبقي والصهيوني والأمبريالي ،ولم يسلم يسلم من هذه الخيانات حتى متمركسو آخر زمان في العوامات من أنتيكات النضال في الحريريات . والتي من المفروض أن تبقى صامدة صلبية عنيدة ،إذا بها لا تعرف إلا الخطابة والفرار والهروب إلى الأمام،إن لم يكن منها من اندمج كليا وانخرط انخراطا مع التبريرات الفارغة والتفسيرات المتهافتة ،وأذكرهم إن نسوا لأن آفة حارتنا الماركسية النسيان ،نسيان القولة وفصل الخطاب " لم يعمل الفلاسفة منذ أفلاطون إلى الآن سوى على تفسير العالم ،في حين يجب عليهم أن يغيروه"
أما الذين لم يبدلوا من مبادئهم ولو حرفا من حروف الثورة ،فهم يقولون لرؤوس النظام الملكي وأركانه وعساكره وحرامياته وبلطجياته وشبيحاته، أركض علينا بسنابك خيلك وجزمات جندك وتعسف علينا ما شاء وما طاب لك التعسف والطغيان والظلم والعجرفة والخيلاء، وكما شاءت شهواتك ورغباتك وصولتك وسلطانك واستبداديتك وديكتاتوريتك،فنحن موعودون للجراح،ونحن مصنوعون من ثورة من ثورات الربيع العربي المنغم والموقع كالنشيد.
أبدا لن نخون رفاقنا في سجونك وجحيمك وسعيرك وسقرك،أبدا لن ننسى رفيقاتنا ورفاقنا في منافيك وحصارك،لأننا لن نقبل بالوضع المأساوي الفجائعي الدموي الراهن بسبب سياساتك الطبقية وحروبك المعلنة ضد شعبنا على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية والتعليمية التربوية والصحية والفلاحية،وتبقى القضية أم القضايا هي نزع عن الدولة المغربية صيغتها التقديسية اللاهوتية التيوقراطية البيروقراطية،ودنيوية الحاكم وشرعنة إدارته عبر انتخاب المسؤولين من رأس الدولة إلى أبسط موظف ،وذلك انسجاما وتناغما مع مفهوم الدولة ،وهي من التداول وانتقال الحكم من مسؤول إلى مسؤول اخر " وتلك السلطة نداولها بين الناس منعا لاحتكار السلطة وتكديس الثروة وتقديس شخص المسؤول.
أما الملكية الدائمة الوراثية ،فيكفي لتفنيد القائلين بها والمنافحين عنها والمناصرين لها ما جاء في قران محمد بن عبد الله وأبي الريحانتين الحسن والحسين وفاطمة الزهراء العطراء وعمر الفاروق والصديق بكر الرسول في الاسلام" قالت :إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" وهذا ما فعله بنا ويفعله الملوك من تحقير وسخرة ودونية وطبقية واستعباد واستذلال وهوان.
والحل الوحيد هو الخروج الجماعي للقوات التقدمية الديمقراطية وطبقات العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والحركات النسائية الديمقراطية والشبيبات العاملة والجمعيات الديمقراطية للمواطنة وحقوق الانسان والنقابات العمالية والزراعية في المصانع والمعامل والمدارس والمساجد لنصرة قضايا الثورة ومطالبها العادلة والمشروعة ،وإضفاء الطابع الديمقراطي العلماني المدني على الدولة والمجتمع والمدرسة والمسجد والكنيسة والبيعة والدير،وليعلموا عن يقين وصدق وقناعة ،أن الملكية مهما تقنعت وتسترت وتلفعت وتحجبت وتسربلت وتثعلبت وتذاءبت وتكالبت،وحملت من الأسماء ما حملت ومن المفاهيم والمصطلحات والمقولات فإن جوهرها وحقيقتها وطبيعتها هو اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية اللامساومتية،ويبقى الاستبداد والديكتاتورية والتخلف والرجعية والماضوية واللاهوتانية والبروقراطية مقابلة ومتطابقة معها تطابق الظل مع صاحب الظل، ولا وجود حقيقي إلا لفرد أحد واحد صمد لا يسأل عن احتكار السلطة والثروة وهو يسأل صغار الموظفين وجلدهم وتشويههم وسجنهم ،فلا شريك له في الحكم والسلطة والملك والسيادة ولا مثيل له فهو الجبار القهار الوهاب المعطاء المانع ،ألم تصل به العجرفة والاستخفاف والاستهزاء بالشعب فنصب معتوها مخصيا مهزولا مصابا بمرض مخجل من أمراض السيدا السياسية والايديولوجية والدينية ومبتلى بكراهية النساء وتحقيرهن ،إلى درجة التشهير بدونية النساء ونقص دينهن وعقولهن وشخصياتهن وكراماتهن وحرياتهن ليقول في القناة الارهابية الاخوانجية الرجعية المعاة "الجزيرة إحالة ووفاء وإخلاصا للرجعية القبلية والعنصرية والعرقية والرجعية السعودية القطرية " جئت لتسيير دولة وليس لما تفعله النساء فغي الحمامات" ليأتي الرد الحاسم من الحركات النسائية الديمقراطية التقدمية،ويفضحن تهافت منطقه المعتوه والمجنون .
ألم يجد محمد السادس غير هذا النذل الخسيس الذي تتعارض هلوساته لا مع منطق العصر عصر المرأة وثورة المرأة وتحرر المرأة ،بل مع من يدعي أنه يدعو إليه رسول الاسلام والسلام والسلم والعشق والحب والحرية والذي يصفع بحديثه الجميل الديمقراطي وجه بنكيران وقفاه " حبب إلي من دنياكم ثلاث:العطر والنساء والصلاة" وقال أيضا " ما أكرم النساء إلا كريم ،وما أهان النساء إلا لئيم" وقال أوصيكم بالنساء خيرا وكانت ابنته فاطمة الزهراء يعتبرها سيدة نساء العالمين إلى جانب مريم وآسية زوج فرعون.
أليس الملك هو من يمثل الوجود الفعلي الواقعي المادي الملموس ،في حين أن الشعب كل الشعب إنما هو مجرد ظل للملك وتابع لشخصية الملك. ووجوده هو وجود ثانوي باهت وشاحب وغامق. وهو وجود من باب الاستعارة لأن وجود الشعب مرهون بوجود الملك فإذا ذهب الملك أو أسقط الملك ذهب الشعب أو بقي يتيما،ألم يفرضوا حتى على الفلكلور الشعبي من شيخات وعبيدات الرمى التغني بعد موت ملن وصعود ملك "وان موتوا وانسعدوا حيك بقى ولدوا"إذن وجود الشعب وجود سفلي خسيس من الدرجة الثانية أي مرتبة قريبة من الحيوانات والعامة والدهماء و"هبش هشك بشك" من العبيد والأرقاء والإماء.
هكذا لا يتعشق الملك إلا أن تشيع فاحشة الجهل وجريمة الأمية في الشعب ليبقى راكدا كسولا جامدا عاجزا عن الارتقاء إلي علم الاقتصاد والاجتماع والسياسة والأخلاق والمنطق والفلسفة والأدب والفن،يعاني من آفات النقص والشلل عن كشف قوانين الأزمة الاقتصادية البنيوية الهيكلية الطاحنة بسبب السياسة الثابتة للنظام الملكي والتبعية الدائمة الملازمة للدوائر الأمبريالية والصهيونية العالمية والرجعية السعودية لخونة ال سعود وال نهيان وال سفيان.
إن الملكية وسياستها في التعليم تنبني على تخذيل الشعب وتغليف وعيه بالأكاذيب والتخريفات والتهويمات والدجليات ،فلا يتعدى المواطن مرحلة البدائية والبهيمية والحبو والتعثر وتهجي لتخلفه وتأخره وجهله ومرضه وفقره وقهره وانحطاطه وانحداره ونزوله الدرك الأسفل على درجة سلم الحيوانية وعصر التوحش والكهوف والخيام . والأكثر إيلاما وإسقاما للنفس أن الشعب المغربي يعيش الذل والهوان في زمن الحداثة والثورة العلمية والاعلامية والسينماتوغرافية والكاميرا والقانونية والمقولات الأساسية لديالكتيك الطبيعة والتاريخ التي اكتشفها العلم الماركسي في ظل هذه الثورات العظيمة لا يزال شعبنا يعيش عجزه التاريخي العام وقصوره الذاتي لا جئا باحثا عن الحقيقة خارج التاريخ والطبيعة والمجتمع والانسان.
إن مؤدى خطاب الملك بمناسبة جلوسه على عرش أجداده من العروش –النعوش،أن الملكية قائمة دائمة مستمرة كشكل قدري محتوم نهائي ثابت لا يقبل التغيير ،لأن إرادة الله وليس الشعب هي التي قررت خلودها وهذا ما ليس صحيحا بالمرة ، ليس لله شأن بالملك وولاية العهد والسيطرة الطبقية ونهب الشعب ،بل الطبقة الحاكمة والمسيطرة والمهيمنة هي التي تعمل جاهدة من أجل تكريس نظام الظلم والعسف والطغيان والجبروت ضد الشعب صاحب الشأن والحكم والسلطة والارادة والسمو،إنها الطبقة الاجتماعية المسيطرة على وسائل الانتاج والمبادلة والتوزيع وعلى السلطة السياسية في المجتمع الطبقي .إن بعض تصريحات اللامسؤولة واللاموزونة لمن يحسبون على اليسار الجذري لمحاولة اللف والدوران قصد التطبع والمصالحة والعودة إلى بيت الطاعة الزوجية ،إن هذه المحاولات تبدأ وتنتهي في حلقة مفرغة مغلقة معزولة لا هدف لها سوى الانبطاح وركوب آلية نسف حركة 20 فبراير والثورة العربية الربيعية. وبالتالي ترسيخ وتأبيد وتخليد نظام التبعية للاستعمار والامبريالية والصهيونية والرجعية السعودية..
إن الخطاب الملكي جاء تعبيرا صريحا عن أيديولوجية الاستبداد والديكتاتورية والفساد والابادة الجماعية واغتيال العقل المغربي وبالتالي محاولة التحريض ضد حركة 20 فبراير والأحزاب الديمقراطية التقدمية المدعمة لها، وهذه الحركات تمثل ثورة وقوة جديدة وذات اتجاه ثوري في مجابهة مفتوحة لنظام يميني رجعي محافظ.
لكن كيف يلتقي بعض اليساريين في حبك وسبك قصائد المدح الرخيص السهل المريح للملك الاستبدادي الديكتاتوري الافتراسي الاستغلالي البزنيسي رب الشركات والبنوك والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأنعام والزينة والحرث والنساء والجواري والعبيد ،مع ابن كيران- الجعران ومكور "الخريان" الكلاوي المعاصر المتقلب الاسلامانجي الضليل بارائه السخيفة والمرذول والارتزاقية والخيانية الداعية المغاربة ليل نهار وعلى ألسنة أتباعه من أئمة وخطباء المساجد ووعاظ المجالس والمنابر "بضرورة خضوع المغاربة أجمعين لسلطة الملك المطلقة لكي يحيا الملك وينصره الله على الشعب وبالتالي فهو أي ابن كيران يصر ويجد لذة في تقبيل يد الملك وكتفه ورجليه لأنه يجد في ذلك لذة شبيهة باللذة الجنسية أو أحلى.
إن ما يريد أن يطمسه ابن كيران ورهطه وعشيرته وقبيله أن النظام الملكي هو استعمار بدون مستعمرين أي أن الاستعمار الذي خرج من النافذة-الكوة عاد إلى المغرب من الباب الواسع بسبب خلقه طبقة قادة جديدة من أهل البلد وهي أقلية انعزالية صغيرة مرتبطة بالستعمار ولن تنسى الاستعمار ،لأن الذين رضعوا حليب الاستعمار الفرنسي والأمريكي والصهيوني لن ينسوا ذلك أبدا ولن يكونوا عاقين ناكرين جميل الاستعمار.
لقد أصبح المغرب يا من يتجرأ ويقول "إن نظام محمد السادس يختلف عن نظام الحسن الثاني ،هذا الملك المحبوب المعشوق من لدنكم حتى الموت ،قد جعل من المغرب وطنا مستوطنا مستعمرا محتلا تسكنه وتتمتع بخيراته وثمراته كل زناة وعصابات ومافيات العالم إلا من المغاربة الأصلاء الأحرار فقد همشوا وأبعدوا وعزلوا في سكنات أشبه بالمقابر متكدسين بالعشرات في بيت واحد . هذا الملك الذي تخلى عن السياسة الاقتصادية الصناعية والزراعية المعاشية الشعبية لصالح زراعات التصدير للأسواق الأمبريالية والصهيونية العالمية؟ألا تخجلون أيها الممجدون لهذا الملك الشاب الذي يحب الشباب أن جعل المغرب لا يستطيع تلبية البسيط من المطالب في الشغل الكريم والحريات الديمقراطية والكرامة الوطنية والمساواة بين النساء والرجال وضمان حق الاختلاف والتعددية وحرية العقيدة واعتبارها مجرد وجهة نظر دون حق أحد أن يحتكر تفسير الدين والقران والحديث،أو تأويل.
فأية فروق تفصل أو يتميز به محمد السادس عن نظام والده الحسن الثاني وهما كلاهما على نظام ملكية وراثية للاستبداد بحكم الشعب دون إرادته ورضاه اللهم إلا البيعة تحت القهر والقمع والجبروت والعسكر والبوليس والدرك؟إنهما نظامان لعملة واحدة ووجهان متماهيان وجزءان متصلان من مسار تبعي استعماري ايديولوجي فكري.
إن قدرنا يقف ضدنا كما قال الشهيد عمر ربن جلون عندما بلغه وفاة الرئيس العظيم والثوري النبيل جمال عبد الناصر.ولا أجد ما يشفي في النفس ،ويبرئ الصدر سوى إهداء الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج قصيدة "مرثية العمر الجميل" للشاعر المصري الكبير عبد المعطي حجازي
مرثية للعمر الجميل أحمد عبدالمعطي حجازي

في ذكري عبدالناصر
هذه آخر الأرض!
لم يبقَ إلا الفراق
سأسوي هنالك قبرا،
وأجعل شاهده مِزقةَ من لوائكَ،
ثم أقول سلاما!
زمن الغزوات مضي، والرفاق
ذهبوا، ورجعنا يتامى
هل سوي زهرتين أضمهما فوق قبرك،
ثم أمزق عن قدمي الوثاق
إنني قد تبعتك من أولِ الحلمِ،
من أول اليأس حتى نهايتهِ،
ووفيت الذماما
ورحلت وراءك من مستحيل إلي مستحيل
لم أكنْ اشتهي أن أري لونَ عينيك،
أو أن أميط اللثاما
كنت أمشي وراء دمي
فأري مدنا تتلألأ مثل البراعم،
حيث يغيم المدى ويضيع الصهيل
والحصونَ تساقط حولي،
أصرخ في الناس! يوم بيومِ،
وقرطبة الملتقي والعناق
آه! هل يخدع الدمج صاحبه
هل تكون الدماء التي عَشقَتْك حراما!
تلك غرناطة سقطت!
ورأيتكَ تسقط دون جراحِ،
كما يسقط النجم دون احتراق!
فحملتك كالطفل بين يدي وهرولت،
أكرم أيامَنا أن تدوس َ عليها الخيول
وتسللت عبر المدينةِ حتى وصلت إلي البحر،
كهلا يسير بجثةِ صاحبهِ،
في ختام السباق!
مَن تجري يحمل الآن عبءَ الهزيمةِ فينا
المغني الذي طاف يبحث للحلم عن جسدِ يرتديه
أم هو الملك المدعي أن حلمَ المغني تجسَّد فيه
هل خدعت بملكك حتى حسبتكَ صاحب المنتظرْ
أم خدعت بأغنيتي،
وانتظرت الذي وعدتْكَ به ثم لم تنتصر
أم خدعنا معا بسرابِ الزمان الجميل؟!
كان بيتي بقرطبة،
والسماء بساط،
وقلبي إبريق خمري،
وبين يدي النجوم
صاح بي صائح: لا تصدٌِق!
ولكنني كنت أضرب أوتارَ قيثارتي،
باحثا عن قراره صوت قديم
لم أكن بالمصدق، أو بالمكذٌِبِ،
كنت أغني، وكان الندامى
يملأون السماء رضا وابتساما!
والسماء صحاري،
وظهر مدينتنا صهوة
والطريق
من القدس للقادسية جد طويِل
قلت لي:
كيف نمضي بغير دليل
قلت:
هاكَ المدينةَ تحتكَ،
فانظر وجوهَ سلاطينها الغابرينَ،
معلقة فوق أبوابها، واتقِ الله فينا!
كنت أحلم حينئذي
كنت في قلعة من قلاع المدينةِ ملقي سجينا
كنت أكتب مظلمة،
وأراقب موكبكَ الذهبيْ
فتأخذني نشوة ، وأمزق مظلمتي،
ثم أكتب فيك قصيدة
آه يا سيدي،
كم عشنا إلي زمن يأخذ القلبَ،
قلنا لك أصنْع كما تشتهي،
وأعدْ للمدينة لؤلؤة العدلِ،
لؤلؤةَ المستحيلِ الفريدة
صاح بي صائح لا تبايعْ!
ولكنني كنت أضرب أوتارَ قيثارتي،
باحثا عن قرارة صوت قديم!
لم أكن أتحدث عن ملِكي،
كنت أبحث عن رجل،
أخبرَ القلب أن بأمته أوشكت،
كيف أعرف أن لدي بايعته المدينة،
ليس الذي وَعَدَتنا السماء؟!
والسماء خلاء
وأهاج المدينةِ غرقي يموتون تحتَ المجاعة
ويصيحون فَوْق المآذن
أن الحوانيتَ مغلقةْ
وصلاة الجماعة
باطلة، والفرنجة قادمة
فالنجاءَ النجاءْ!
ووقفت على شرفات المدينةِ أشهدها،
وهي تشحب بين يديْ كطفل،
ويختلط الرهَج المتصاعد حول مساجِدها
بالبكاء
وأنا العاشق المستحث قوافيَّ من يوم أن وجلِدْتْ،
واستدارت علي جيدِها وسوسات القلادة
تهت فيها، وضاع دليلي
يا تجري هل هو الموت؟
هل هو ميلادها الحق؟
من يستطيع الشهادة
أنا لا!
لم أكن شاهدا أبدا
إنني قاتل أو قتيل!
محتج عشرين موتا،
وأهلكت عشرين عمرا،
وآخيت روح الفصول
تتوارى عصوركم وأظل أغني لمن سوف يأتي،
فترجعك قرطبة وتجوز الشفاعة
صاح بي صائح: أنج أنتَ!
ولكنني كنت في دمِ قرطبة أتمزقْ
عبرَ المخاض الأليم
كنت أضرب أوتار قيثارتي،
باحثا عن قِرارة صوتي قديم
صِحْتَ بي أنتَ..
هل كنتَ أنت؟!
آه! لا تسألوني جوابا،
أنا لم أكن شاهدا أبدا
إنني قاتل أو قتيل
وأنا طالب الدمِ،
طالب لؤلؤةِ المستحيل
كان بيتي بقرطبة
بِعت قيثارتي، ثم جزت المضيق
قاصدا مكة، والطريق
رائِع.. كنت وحدي وكانت بلاد دليلي
وكان محمد فوق المآذن يمسك طرف الهلال
وينير سبيلي
ويوقف خيل الفرنجِة
يمسخها شجرا أخضرا في التلال!
إنني أحلم الآنَ.
بيتي، كان بغرناطة
بعت قيثارتي، واشتريت طعاما
ورحلت إلي بلدي لست أدري اسمها،
جعت فيها
وانضممت لطائفة الفقراء بها،
واتخذت إماما
هل هو الوحي؟
أم أنه الرأي يا سيدي والمكيدة.
هل أمرنا بأن نرفَع السيفَ؟
أم نعطَي الخدْ؟
هل نغصب الملكَ؟ أم نتفرق في الصحراء؟!
ولقيتك، أنتَ الذي قلت لي:
عد لغرناطة، وادع أهل الجزيرةِ أن يتبعوني،
وأحيِ العقيدة!
إنني أحلم الآنَ.
لم تأتِ
بل جاء جيش الفرنجةِ
فاحتملونا إلي البحر نبكي علي الملك.
لا، لست أبكي علي الملك،
لكنْ علي عمر ضائعي لم يكن غيرَ وهمي جميل!
فوداعا هنا يا أميري!
آن لي أن أعودَ لقيثارتي،
وأواصل ملحمتي وعبوري
تلك غرناطة تختفي
ويلف الضباب مآذنَها
وتغطي المياه سفائِنَها
وتعود إلي قبرِكَ الملكي بها،
وأعود إلي قدري ومصيري
من تجري يعلم الآن في أي أرضي أموت؟
وفي أي أرض يكون نشوري؟
إنني ضائع في البلاد
ضائع بين تاريخي المستحيلِ،
وتاريخَي المستعاد
حامل في دمي نكبتي
حامل خطئي وسقوطي
هل تجري أتذكر صوتي القديمَ،
فيبعثني الله من تحت هذا الرماد
أم أغيب كما غبتَ أنتَ،
وتسقط غرناطة في المحيط!


.وكذلك "إلى صاحب الظل الأخضر للشاعر الجميل محمود درويش في رثائه الرقيق لجمال عبد الناصر.
الرجل ذو الظل الاخضر ... محمود درويش
________________________________________
في ذكرى جمال عبد الناصر

-----

نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

و حين تموت

نحاول ألا نموت معك !

و لكن،

لماذا تموت بعيدا عن الماء

و النيل ملء يديم ؟

لماذا تموت بعيدا عن البرق

و البرق في شفتيك

و أنت وعدت القبائل

برحلة صيف من الجاهلية

و أنت وعدت السلاسل

بنار الزنود القوية

و أنت وعدت المقاتل

بمعركة.. ترجع القادسية

نرى صوتك الآن ملء الحناجر

زوابع..

تلو

زوابع

نرى صدرك الآن متراس ثائر

ولافتة للشوارع

نراك

نراك

نراك ..

طويلا

..كسنبلة في الصعيد

جميلا

..كمصنع صهر الحديد

وحرا

..كنافذة في قطار بعيد

و لست نبيا،

و لكن ظلك أخضر

أتذكر ؟

كيف جعلت ملامح وجهي

و كيف جعلت جبيني

و كيف جعلت اغترابي و موتي

أخضر

أخضر

أخضر..

أتذكر وجهي القديم ؟

لقد كان وجهي يحنّط في متحف انجليزي

و يسقط في الجامع الأمويّ

متى يا رفيقي ؟

متى يا عزيزي ؟

متى نشتري صيدلية

بجرح الحسين.. و مجد أميّة

و نبعث في سدّ أسوان خبزا و ماء

و مليون كيلواط من الكهرباء؟

أتذكر ؟

كانت حضارتنا بدويا جميل

يحاول أن يدرس الكيماء

و يحلم تحت ظلال النخيل

بطائرة.. و بعشر نساء

و لست نبيا

و لكن ظلك أخضر..

نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

و حين تموت

نحاول ألا نموت معك

ففوق ضريحك ينبت قمح جديد

و ينزل ماء جديد

و أنت ترانا

نسير

نسير

نسير .



الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية لتحرير المغرب وأفريقيا
أبو الريحانة اسمهان محمد فكاك.

#محمد_فكاك (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات