أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل جديد - الاحفاد- قصة















المزيد.....

الاحفاد- قصة


نبيل جديد

الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 17:21
المحور: الادب والفن
    


اهداء: الى اوسكار وايلد صاحب "الامير السعيد"
لم ينتهي الأبطال بشكل مأساوي ؟، وكيف يطرح ذاك الجسد الصغير فوق كومة من التراب ؟، ولماذا يموت أي مخلوق عشقا ؟!...
تزاحمت الأسئلة كالأشباح في الرأس الصغيرة . أجهدته الأحداث الكبرى في حكاية الجدة عن الأمير السعيد السنونو الصنديد ، حتى لم يعد قادرا إيقاف تدفقها ، فنشر جناحيه ، وانطلق باحثا عن إلهية مع أصدقائه ، الذين تحولوا إلى غم إضافي ، بإحساسه الدائم واللجوج للاختلاط بهم ، ومجاراتهم الطيران استعدادا للرحلة المقبلة ، والتحليق بحثا عن الغذاء ، كأحد الهموم التي ألقاها أبواه على كاهله ، فهل يمزق حشرة تتهادى ؟ أو يراعه تناور ؟ بل ربما بعوضة ذهبية تتمرى على سطح الماء ؟!! يا لها من رأس مسكينة ، تلك المسكونة بكل هذه الصور ؛ يا له من جسد بائس ، ذا ك الملقي تحت هذه الأثقال ... السرب أم الجد الصنديد ؟! الطعام أم التاريخ ؟! الرحلة أم الحب ؟!!.
يقرر حاجته الماسة إلى ترتيب الأفكار ، ووضع الأولويات : موسم الهجرة قادم ، و السرب يستعد : رياضة وغذاء ، تدريب مستمر وطيران مشترك ، عزف جماعي بآلات منفردة . وإذا كان سيخوض تلك المغامرة الطارئة فعليه ألاّ ينساق خلف غرائزه ، وألاّ يترك للمصادفة مجالا، بل سيلتزم مخطّطا زمنيا يفضي به إلى جسد قوي ، يتحمل البرد كأقسى عدوّ محتمل ، ونظر ثاقب لمساعدة الأمير في البحث عن الأهوال ، في أسوأ الأحوال ، ثم عليه بعد ذلك الاحتفاظ بزمن احتياطي للحاق بالسرب ، وإضفاء السعادة على خاتمة البطولة .
مع بداية الرّحلة يقلع برشاقة ، منفصلا عن السّرب ، ينخفض إلى مستوى سنابل القمح ، يتغلغل بين السّوق المصفرّة ، يلتهم عجولا جرادة ، يتسلّق الهواء بشكل حاد ، يمسح الفضاء الرحب بعينيه الحادّتين ، ينعطف صوب الطريق الإسفلتي ، يحلق موازيا إياه ، مدركا أن المدن ستتقاطر كحبات سبحة . يرقص قلبه على أنغام الفرح المتوقّع ، ملوّنا لحظة اللقاء بالأمير السعيد - أو أحد أحفاده - بشتى الظلال ...لم يشعر بالوحدة ولا الملل ، بل كان تتالي بعض الواحات ، والتقاط البعوض ، يلهبه حماسا ، ويزيده تصميما ... وعند خط الأفق ظهرت المدينة ، فحث جناحيه ، وقلبه ينقبض كتلميذ يلج امتحانا ... ثم رأى التمثال في مدخل المدينة ، لكن : سرعان ما أسقطه من حساباته ، فبالرّغم من كونه ضخما ، ويعتلي منصة ، إلا انه يواجه القادمين ، فاتحا ذراعيه ، مرحبا بمن أضناهم السفر ،مشيحا وجهه عن المساكن خلفه ، والتي تترامى وتتراص ، ثم تعود للان فلاش من جديد ، حول خيط السبحة ، الذي يتحضر جنوبا لا يلوي على شئ ، فيسايره السنونو ، صعودا وهبوطا ، بينما بدأت الظلال تستلقي على الأرض مستريحة هاربة من الشمس .
تتساقط التماثيل وخلفها المدن ، ويدهشه التشابه الكبير بين الوجوه ، بالرغم من اختلاف الوقفة والحجم والوظيفة ، فمن حامل كتاب ، إلى رافع شعلة ، أو ممسك بفأس ، من أعزل إلى قابض بندقية ... أمّا الملامح فلا تتغيّر ، والابتسامة تتطابق ، وتتقاسم استقبال الضيوف ، حتى تلك التي تتوسط ساحة المدينة ، ترتفع فبالتها ، على مرمى حجر ، الأبنية الفخمة تقلص الأفق .
مع تسرب اليأس يلوح الأمل على هضبة صغيرة ، تعلوها منصّة ، وفوقها يشمخ الأمير السعيد ،ناهضا كالعنقاء ، يمدّ يديه ، يربّت على كتف المدينة ، يدعوها للنوم بسلام ، تجذبه الابتسامة العذبة التي تضفي عليها أشعة الشمس الغاربة : غموضا ، يتزايد بسطوع الأنوار المسلّطة من كل اتجاه . انه المطلوب،...فيحط على الكتف الواسعة ، وينطرح مستسلما للكرى ، وأحلام اللهو مع السرب ، خفق الأجنحة ، اصطفاق الهواء، الزقزقة ، التحويم والتـدويم .. الرشاقة ، وخفّة الحركة ....
يتدفق المساء عبر الفضاء ، ويتوقع السنونو دمعة على جسده المنهك ، ويطول انتظاره ، فيقرر المبادرة، يقلع ويحوم حول التمثال ، يراقب المرج عند قدميه ، يرتفع إلى مستوى الرأس ، تشدّه الابتسامة ، وموقف الترحيب ، الراحة التي تدعو للهدوء ، وتبعث الطمأنينة ، التقطيبة الخفيفة بين الحاجبين ، تعطي العينين نظرة تركيز وعمق .
يهمس العصفور : أيها الأمير السعيد .. أيها الصديق القديم ، ألا تذكرني ؟! ألم تسمع قصة أجدادنا ؟.. أتحتاجني بشيء يعوّض ثباتك وارتباطك بهذه القاعدة الصخريّة ؟!..
يقترب من العينين ، ويرقب امتداد النظر ، حيث ترتمي النوافذ المضاءة منثورة كالذهب ، تلفت انتباهه امرأة تقف إلى قدر وتحركه ، يجاورها أطفال يتعلقون إزارها ..
- أليست خدعة قديمة ؟!.. هل تحرك ذكرى في الأعماق ؟.. ألا ترى ؟.. علّك تبرّعت بعينيك ؟!.. سأقوم بجولة ، ثم أعو لأحكي لك ، حسن .. هل أنت موافق ؟..أوه ، هل فقدت لسانك أيضا ؟..كيف أيها الحميم سنتفاهم ؟!.. هاأنت تسلّمني لليأس ثانية ....
تتساقط قطرات ماء ، يستأنف التفاؤل ، لكن سرعان ما يعود الأسى ، عندما يكتشف سياّرة ضخمة ، ترش التمثال بالماء لتنظفه من بقايا الغبار ، وتسقي المروج والأزهار المحيطة بالمنطقة . يراوغ شلال الماء، ويتلاشى جسده في العتمة ، مقررا ملامسة الأحياء والأزقة والبيوت .
يرى : الحصى في القدر ، المساومات في الغرف المقفلة ، الجنود في الأزقة ، العسس يمسكون بالكاتب ذو الشعر البني الأشعث ، الصناديق الضخمة تنقل بلا صيحات "هيلا هوب " ، بائعة الكبريت والسجائر يضربها أبوها ، شقيقين يتذابحان ، لصوصا يسرقون ، عاهرات يتمددن ...و يرى : الصمت .
يقفل راجعا ، والقلق يربض في عينيه ، يلاقي التمثال الهادئ العملاق بابتسامته الواسعة ، واليدين الممدودتين بحنان ، يحط على الكتف الواسعة ، يهمس : ( كم هو جميل وكم هو بارد ) ؛ يفيض بالزقزقة ، ويسرد القصص عمّا يحدث ، ثم يحكي للتمثال أسطورة الأمير السعيد ، التي تداولتها أجيال السنونو عبر سهراتها الشتائية .. ينتظر: همسة استجابة ، يصغي باهتمام علّه يسمع صوت تصدّع عجيب في الصدر الواسع ؛ .. ومع أن الجو لازال دافئا ... فقد كان يشعر بالبرودة تهزّه بعنف .
يعجن العصفور يأس وأسى .
يزعق بكل قوّته : أيها الأمير المسكين ، تفقد حتى قلبك بصمت .
تستيقظ الشمس على صوت تصدّع القلب الصغير ، فتطلّ بكسل على الجسد المشلوح بين قدمي ... الصنم



#نبيل_جديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللائحة السوداء- قصة
- البريق - قصة
- استمرار الهروب_قصة
- الكنز


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل جديد - الاحفاد- قصة