أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - رسالة إلى بلدان الثورات العربية حول الوهابية أو النازية الإسلامية















المزيد.....

رسالة إلى بلدان الثورات العربية حول الوهابية أو النازية الإسلامية


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 08:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ زمن سحيق، عندما أراد الإنسان السيطرة على أخيه الإنسان لم يجد طريقة أحسن من إستغلاله عن طريق معتقداته. وقد استغل المسيطرون الدّين لأنهم فهموا وأدركوا أنه أحسن أداة تضمن سيطرة كاملة على الجماهير لخدمة مصالحهم الضيقة. فعلها الفراعنة، وفعلها ملوك الكاثوليك، وفعلها الخلفاء المسلمون أيضا، بداية من الخلفاء الراشدين...
رغم هذا التاريخ الطويل، يبقى أفضل من إستغل هذه الظاهرة لخدمة النظام السياسي والديني الإمام محمد بن عبد الوهاب، مؤسس "الوهابية". معه أصبح الرضوخ الكلي للرجل لممثلي الله على الأرض قاعدة وقانونا مطلقا. وهؤلاء الممثلون هم الزعيم الروحي (الإمام، الشيخ، المفتي، الداعية) والذي نصبته الوهابية مترجما لقول الله ومؤوّلا لعلوم القرآن والسنة (التي ليس فيها من العلم شيء، طبعا) والملك (الرئيس، السلطان، الخليفة) والذي نصبته مدافعا عن الايمان وحاميا للحمى والدين.
والسيطرة على المؤمن وإخضاعه للله ولزعيمه يتمّان بإستخدام مفاهيم بسيطة وربما سطحية مستنسخة عن طرق التعامل مع بدو الصحراء العربية: وحدانية الله التي يجب دعمها وترسيخها لتنمو وتترعرع من خلال الممارسات اليومية ترمي إلى أن تشغل عقل الإنسان بصفة دائمة ومستمرة عبر توحيد أفعاله وأقواله، مما يضطره إلى تصنيف الأشياء دائما للتمييز بين الـ"حلال" (أي القانوني أو الشرعي)، والـ"حرام" (غير الشرعي)، وبين "الخير" و"الشر"، تصنيف يصل إلى حدود الهوس والجنون، إلى درجة عدم رؤية أي شيء آخر مثل حقيقة وممارسات الزعيم، وأقصد الملك ابن سعود...
لكن، إذا وضعنا الدين جانبا، هل هناك طريقة أفضل لإخضاع الناس؟ بالطبع، فهناك أمكانيات كبيرة للسيطرة عليهم من خلال التحكم في حياتهم الجنسية؟ ومن هنا يتأتى الوضع المتأزم للمرأة في المنظور الوهابي: وجوه النساء عورة، صوتها عورة، وهي نفسها مصدر للشر المطلق وإغراء الشيطان... لذلك لا بد من منع كل هذا عن "إفساد" الرجال وذلك بالحجاب والبرقع، الشيء الذي لا يزيد إلا في تعميق الإحساس بالاحباط لدى الرجال. ومن هنا يتأتى أيضا تعدد المحظورات والممنوعات (الحرام في القاموس الديني) بشأن المرأة، هذه المحضورات والممنوعات التي لا ينفك يستثمرها دعاة وشيوخ الخدمات تثبيتا وتوليدا بفتاواهم وتأويلاتهم وتفسيراتهم المضحكة في بعض الأحيان والمبكية في أغلبها.
والكل يرجع في الأصل إلى الإتفاق الذي تمّ التوصل اليه بين الإمام عبد الوهاب من جهة وزعيم قبيلة ابن سعود المحاربة من جهة أخرى، هذا الإتفاق الذي مكّن من إنتاج هذه السياسة "المكيافيلية" وجعلها نظاما عاما وشاملا يتبعه كل من يعيش على أرض المملكة العربية السّعودية. وأنتج دولة إستقر فيها الجهل وعشش وتعددت فيها الجرائم الجنسية والدعارة والبغاء رغم المؤسسة "النازية" التي تسمى "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"... لكن كل هذا لا يهم، ما دام لا يهدّد العرش وأهله والمتمعشين منه.
الحكاية في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون سوى مقايضة بين الإمام والملك. فقد أعلن الإمام عبد الوهاب عن طريق إحدى فتاواه أن أيّ تحدّ للملك هو بمثابة "فتنة"، وبالتالي فإن الخارج على الملك (الحاكم، أو صاحب الشوكة) يعاقب على فعله ذاك بالاعدام... ليصبح الملك بذلك زعيما فوق كل القوانين. وهذا يعني، في المقابل، أن الملك، تبعا لتمتعه بالسلطة المطلقة، عليه ومن واجبه فعل كل ما في وسعه لنشر الوهابية في جميع أنحاء العالم.
وهذا ما يفعله ابن سعود بجميع الطرق والوسائل، الشرعية وغير الشرعية، لإرضاء "الأخطبوط" الوهابي: المال والسلاح والحرب (تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن...)، وسائل الاعلام (التلفزيون والإذاعات والصحف والمواقع الإلكترونية والمنتديات...)، تدريب الائمة والدعاة والشيوخ وإرسالهم إلى الدول الأخرى، فتح وتمويل المدارس الاسلامية والمساجد والمراكز "الثقافية" والجامعات في الخارج... الشيء الذي يتنافس عليه بضراوة آل سعود مع أمير دولة قطر الذي طالما سعى لسلبهم هذه "الامتيازات" وسحب البساط من تحت أقدامهم، خاصة في السنوات الأخيرة.
مبادئ الوهابية ليست معقدة، فهي تتمثل في زراعة الجهل والظلامية لإخضاع الجماهير والسيطرة عليهم بشكل أفضل، لما فيه خير الملك... خاصة وأن الدول الغربية تحبّذ التعامل مع الطغاة دائما لأن سيطرتهم على شعوبهم هي في حد ذاتها أمر مطمئن. فأي خطر يمكن أن يأتي من شعب من العبيد؟
للقيام بذلك يجب، بكل بساطة، إستغلال المقدس وخاصة الدين، وتطويع الإسلام بكل الطرق، فهو "المعتقد المشترك" لدى السعوديّين وبالتالي أفضل طريقة لـ"تدجين" الشعب... الشيء الذي إستوعبه عبد الوهاب وإبن سعود إستيعابا كاملا وطبقاه أحسن تطبيق.
إذا عرفنا كل هذا، تصبح خلفيّات وأسباب دعم المملكة العربية السعوديّة وقطر لدول الثورات العربية (خاصة تونس ومصر وليبيا) واضحة وجليّة. فهم يرغبون في الاستفادة من الثورات في الدول العربية دينيا وإقتصاديا... والدليل ما وصلت إليه تونس التي كانت سباقة إلى الثورة وإسقاط النظام من إحتقان ديني وإنتشار متواصل للوهابية والسلفية بمختلف أذرعها (وهما شيء واحد في الأصل)، بمباركة حزب النهضة (الذي ينحدر من الإخوان المسلمين وسبق وأن إفتخر "زعيمه التاريخي" بكونه كان في الأصل سلفيا، هذا الحزب الذي ينعم بتمويلات قطرية وسعودية ولا يسعى إلا لتمتين علاقاته بهاتين الدولتين) ومرور عشرات الدعاة والشيوخ على ترابها منذ الثورة (وجدي غنيم، طارق رمضان، يوسف القرضاوي، البشير بن حسن، إلخ) لبث سموم الوهابية والسلفية في أهلها... حتى أن بعضهم إستنسخ فكرة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" المتخلفة وجسّدها في تونس وراح يصول ويجول فارضا على الناس بالقوة ما لا يقبله عقل...
في وجه هذا المدّ الأسود القادم من بلدان الخليج الغنيّة ببترولها والمتخلفة على جميع الأصعدة الأخرى، أقول بوضوح أن أي إنسان حرّ ويحب بلده ويريد العيش بكرامة وعزّة والحفاظ على استقلال وطنه عن أي تأثير أجنبي يجب أن يحارب بكل قوّته هؤلاء المستعمرين الجدد الذين يسعون إلى نشر جهلهم وحماقاتهم خارج بلدانهم وإقامة دكتاتوريات دينية جديدة على أسس أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها "نازيّة". وهذا ما يحصل الآن في تونس بتواطؤ خسيس ونشيط من راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، وكل أتباعه. (وتجدر الإشارة إلى أن الإسم الحقيقي لراشد الغنوشي هو "فريد الخريجي"، أي مفرد "خوارج"، إسم يوحي بالكثير).
هؤلاء هم أعداء الحرية والإنسانية الذين يستحقون السّحق تحت الأقدام... فإن لم تسحقوهم، فأنتم لا تستحقون حتى الإنتماء إلى الإنسانية... وإن تغلغلوا أكثر، فيا فرحتكم بالعبودية الجديدة ومرحبا بكم في الجاهلية من جديد...



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعجزة الإسلامية التي أذهلت الغرب وأبكت الملايين
- حول زواج المسلم/ة من مسيحي أو يهودي ... الخ أو من لا ديني/ة
- هل كان بالإمكان تفادي وصول الحكم في دول الربيع العربي إلى مر ...
- كيف؟ كيف كانت بداية الإنهيار؟
- الواقع في تونس بعد الثورة: جري نحو الهاوية بمباركة حزب النكب ...
- نظرة على أخلاق رسول المسلمين وإدعاءاتهم بأنه خير الخلق
- نظرية التطور والإرتقاء: بعض الامثلة على حقيقة التطور في المس ...
- عودة إلى زعم المسلمين أن نظرية التطور الداروينية سقطت
- نظرة في تخاريف ومزاعم المسلمين: هل الشورى هي الديمقراطية؟
- رسالة إلى عبد الحكيم عثمان حول تهافت مقاله - ساعدوني حتى اصب ...
- تخاريف شيوخ الإسلام: داعية كويتي يقترح استبدال اسم أم كلثوم ...
- خواطر وأفكار حول سيطرة عقدة المؤامرة على نفسية المسلمين
- افكار على هامش مقال بصحيفة الوطن الكويتية عنوانه - فحص العذر ...
- حديث على هامش خبر اكتشاف جسيم يعتقد أنه النواة الأساسية للكو ...
- فتاوى آخر الزمان: لهذا سيبقى المسلمون متخلفين إلى أن ينقرضوا
- الدليل على أن العرب المسلمين هم أكثر الشعوب إختراعا وأخصبهم ...
- سياسة الكيل بمكيالين في موقع -مقالاتي-
- أصول فكرة الدين وتطورها عبر التاريخ - الجزء الثاني
- أصول فكرة الدين وتطورها عبر التاريخ - الجزء الأول
- رد على مقال عبد الحكيم عثمان: إثبات ان النصوص القرآنيه ليس ل ...


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - رسالة إلى بلدان الثورات العربية حول الوهابية أو النازية الإسلامية