أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - -حزب الله- وإضاعة الفرصة















المزيد.....

-حزب الله- وإضاعة الفرصة


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3804 - 2012 / 7 / 30 - 09:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في واحد من إعلاناتها العديدة تقول "الوثيقة السياسية لحزب الله" وهي التي أقرها المؤتمر العام للحزب سنة 2009 واعتبرت حلقة مهمة من حلقات تطوره الفكري والسياسي: "إن معايير الاختلاف والنزاع والصراع في رؤية حزب الله ومنهجه إنما تقوم على أساس سياسي- أخلاقي بالدرجة الأولى، بين مستكبر ومستضعف، وبين متسلط ومقهور، وبين متجبر ومحتل وطالب حرية واستقلال". واليوم من حق الرأي العام، وبعضه أيد "حزب الله" في السنوات الماضية، استدعاء هذا الأساس وأسس أخرى عديدة ناضل من أجلها الحزب. ومن حق الرأي العام، في ضوء موقف الحزب وأمينه العام من ثورة الشعب السوري ووقوفه ضدها وانحيازه إلى جانب المتجبر والظالم، محاكمة "حزب الله" بناء على الأسس والمعايير التي حددها لنفسه إزاء فهم ورؤية أي صراع. موقف "حزب الله" وتأييده لنظام الأسد ووصف حسن نصرالله لبعض أركان بطش النظام، وخاصة آصف شوكت، بـ"الشهيد" شكل صدمة كبيرة لوجدان ملايين الناس الذين أيدوا الحزب، والآن يرونه يتخلى عن كل ذلك ليرتد إلى سراديب الطائفية وضيقها. أين هو الأساس السياسي والأخلاقي الذي ينبني عليه موقف الحزب من ثورة سوريا؟ وأين هو الأساس الطائفي والمذهبي في ذلك الموقف؟

منذ تحرير الجنوب اللبناني سنة 2000 وانكفاء إسرائيل تزايدت نجاحات "حزب الله" وحضوره السياسي في العالم العربي. التوق إلى نصر ضد إسرائيل، أي نصر، على خلفية تاريخ الهزائم الطويلة معها، نقل الحزب إلى خارج حدوده الطائفية الضيقة. ترك الحزب وراءه سنوات نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات عندما انخرط في صراعات دموية مع الشيوعيين والقوميين السوريين وغيرهم وتوتر داخل متاريس الطائفة الشيعية وحسب. مع نهاية التسعينيات صار حزباً مختلفاً.

لم تكن الصورة كاملة الوردية. فكما هو حال كل إيديولوجيا كامنة وموجهة، خاصة إن كانت دينية، تظل تشتغل آليات داخلية تعمل على تآكل ما قد يتم إنجازه خارجياً. وهكذا ظلت هناك آليتان تشدان الحزب إلى إحداثياته الكتلوية المتقلصة: البرنامج الاجتماعي التديني وهويته الطائفية التي قيدت انطلاق الحزب محلياً وحالت دون وصوله شرائح أوسع، والولاء السياسي لإيران الذي قيد انطلاق الحزب عربياً.

عملياً، كانت ثمة مقايضة كبرى عند مؤيديه من خارج أطره الحزبية تم غض النظر بموجبها عن كتلوية الحزب وانحيازاته الطائفية تقديراً لدوره المقاومي. أحد الجوانب المهمة، بل ربما الأهم، في كل ذلك أن التأييد للحزب والجماهيرية التي حظي بها، وعلى رغم الشكوك والانفلاتات التي كانت تحدث هنا وهناك، تخطت الهوية الطائفية للحزب. مرة أخرى، كان هذا التجاوز للحدود الطائفية يتم في حقبة زمنية تمتاز بحدة تخندقها المذهبي والطائفي وسيراً عكس التيار وإنجازاً تاريخياً بحق.

كل ذلك الإنجاز والرأسمال الذي راكمه "حزب الله" على مدار عقود ووصل به وبقائده إلى مراتب من التأييد والشعبية تمت التضحية به بكل بساطة على مذبح الثورة السورية وتأييد النظام الأسدي. انكفأ الحزب دفعة واحدة إلى مربعه الطائفي وتخلى عن الشعارات والسياسات التي جذبت حوله دوائر المؤيدين الذين رأوا فيه نموذجاً للحزب الإسلامي التقدمي وغير الطائفي والمتجاوز للتقليدية الدينية والمذهبية. كل الجسور التي شُيدت وبشكل غير مباشر بين الشيعة والسنة والمسيحيين في المنطقة عن طريق النموذج الذي قدمه "حزب الله" تم نسفها بسرعة قياسية. لو وقف "حزب الله" مع الشعب السوري وقفة عقلانية ومنسجمة مع شعاراته في إسناد المستضعفين والمظلومين والمقهورين لكان حقق قفزة إلى الأمام ليس على صعيد شعبية الحزب وحسب، بل على صعيد ترسيخ العلاقة الصحية بين الشيعة والسنة في المنطقة العربية. لكان أثبت فعلًا أنه حزب خارج إطار التصنيفات الطائفية، لا يتحرك فقط لتأييد الاحتجاجات حينما تكون شيعية بينما يبتلع لسانه وينكشف بطريقة مخجلة عندما تكون الاحتجاجات غيرها. لو حدث ذلك لكان قدم خدمة جليلة وتاريخية للشيعة العرب على وجه التحديد وقطع الطريق على كل الادعاءات والاتهامات التي تشكك في ولائهم وتشير إلى أن إيران هي من يحدد لهم الأجندة السياسية. موقف "حزب الله" من الثورة السورية شكل مفصلًا تاريخياً وفرصة لا تعوض لتأسيس علاقة مختلفة في المنطقة العربية تضعف الانقسام المذهبي في الكثير من البلدان العربية وتبطل مفعول الولاء للخارج. عندما وقف "حزب الله" مع النظام الأسدي والإيراني ضد الشعب السوري سدد ضربة قاصمة لكل مطالبات الشيعة العرب التي هي في أغلبها مطالبات عادلة بالمساواة في الحقوق والمواطنة. لقد كشف ظهر تلك المطالبات وربطها عنوة بالخارج.

ولكن من ناحية عملية وفعلية، هل كان بإمكان "حزب الله" أن يتخلى عن ظهره الاستراتيجي: سوريا وإيران ويقامر على المجهول؟ الجواب نعم كان بإمكانه القيام بذلك لو التزم بالمعايير الأخلاقية والسياسية التي أقرها الحزب لنفسه، ولو التزم بالحد الأدنى من المسؤولية التاريخية التي تتجاوز اللحظة الراهنة وتنظر إلى المستقبل بعيداً عن المحاور السياسية الراهنة التي خلقتها أنظمة زائلة على حساب شعوب باقية في المنطقة إلى الأبد. لم يكن من المطلوب أن يقف "حزب الله" إلى جانب الثورة السورية بالتمام والكمال، ولكن كان بإمكانه أن يأخذ مسافة آمنة من النظام الدموي، وأن يبتعد تدريجياً عنه، كما فعلت حركة "حماس". كل مسافة يأخذها الحزب من النظام الأسدي (التابع لإيران عملياً الآن) كانت تدخله أكثر وأكثر في النسيج اللبناني وعمق النسيج العربي وتؤكد عروبته وانتماءه المحلي، وتنفي تبعيته الخارجية. سيقول كثيرون من أنصار الحزب إن أطرافاً أخرى كثيرة سواء في سوريا أو لبنان أو العالم العربي تابعة للخارج بصورة أو بأخرى. وهذا صحيح بالطبع لكنه مناكفة في غير مكانها لأن تبعية "حزب الله" للخارج، لإيران، لها أكلاف وتبعات مدمرة على الشيعة العرب عموماً بما يستلزم طريقة أخرى للتحليل بعيداً عن المحاججة عبر توجيه نفس الاتهام للآخرين. "حزب الله" وبسبب صورته وإعلامه وحضوره، أصبح وكأنه الممثل الرسمي للشيعة العرب: يتبنى قضاياهم في إعلامه وتلفزيوناته وخطابه. وتنعكس مواقفه من الأحداث عليهم بشكل شبه تلقائي. ودليل ذلك أن كل تأييد من قبل "حزب الله" في الوقت الحاضر لأية مطالب للشيعة في أي بلد عربي يؤدي إلى إضعاف تلك المطالب واتهامها بأنها ناتجة عن تدخل خارجي ومؤامرة إيرانية. لم يفقد "حزب الله" صورته ورأسماله المقاومي وحسب، ولا دوره في تجسير الهوة الطائفية والمذهبية في المنطقة، بل تحول الآن إلى عبء على الشيعة العرب، يؤذيهم حينما يؤيدهم، وعوض أن يساهم في تعزيز مواطنتهم صار أداة تستخدمها إيران في التقسيم والتجزئة والتدخلات. إنها نهاية تراجيدية لحزب.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد الحروب - كاتب وباحث أكاديمي / مدير مشروع الاعلام العربي ...
- إعلان قطاع غزة -محرراً-: خطوة في المجهول!
- الوسط السياسي: ارتطام الشعار بأرض الواقع
- ليبيا: قيام الجمهورية الأولى
- فوز مرسي: بداية عقلنة الإسلاموية ونهاية أدلجتها؟
- هيكل وتدمير سوريا وشعبها من اجل روسيا والصين
- كيف دمر نظام الأسد سوريا؟
- انتخابات مصر ومستقبل العرب
- الصين و-الربيع العربي-: نظرة من الداخل
- روسيا والصين... والثورات العربية؟
- فتاوى دينية أم تفكك إجتماعي؟!
- الجابري ودور المثقف الناقد
- أتاتورك والخلافة... الوعي المزيف
- دروز بلغراد... -أوديسة- في البلقان!
- الديمقراطية وإدارة الاختلاف
- عقد اجتماعي عربي جديد
- الثورات العربية... واللامبالاة الجماعية!
- معايير نجاح الثورات العربية
- حول نجاح الثورات العربية
- «مؤتمر أصدقاء سورية»: عجز دولي آخر أمام النظام السوري


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - -حزب الله- وإضاعة الفرصة