دبش يا دبش

حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 3796 - 2012 / 7 / 22 - 00:37
المحور: الادب والفن
    

دبش يا دبش :
ـــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر
ـــــــــــــــــــــ
دبش وما أدراك من دبش !؟
اختلفت الروايات في (دبش) تلك الشخصية التي ورد ذكرها في الأمثال البغدادية وذاع صيتها في الأوساط الادبية ومجالسها ،وكُتب الأمثال ومدارسها ، وصحافة الأرصفة في تكادسها ،والمواقع الألكترونية في وساوسها ، أعوذ بالله من الوسواس الخناس ... وأقول :
ترى اين نجد حقيقة هذا الرجل وقد بُلي البلاد بألف دبشٍ ودبش ...
اترك الجواب للمتلقي الكريم وأضع أمامه هذه المجموعة من المصادر، لعله يستدل على دبشات هذه الأيام العصيبة التي يمر بها المواطن( المدبوش !).. من يعلم لعله مسؤول كبير في وزارة الكهرباء أومتعهد عن السلة التموينية لشهر رمضان المبارك ، اوصاحب( ضمير منفصل )
لا يعنيه ما يعانيه المتقاعد ،فلنتركه ليقبض حسابه من دبش ...إياك والإقتراب من السياسة ،
وتعال معي لنتابع هذه الأحاديث عن دبش العصور الماضية :
......................
* إنجان ما عندك سَنَد اقبض فلوسك من َدَبَش: *(1)
قصة المثل : دبش رجل فقير مدقع ، يسكن قصبة الحي التابعة لمحافظة الكوت ، يضرب أهل الحي المثل به في الفقر ، فإذا وجد احدهم مديناً لآخرولم يكن عليه سند أو حجة قانونية وأراد المدين إنكاره ، قال لدائنه : إقبض فلوسك من دبش ، ولكثرة ترديدهم لهذا القول ذهبَ مثلاً .
يضرب هذا المثل : لمن ليست له بيّنة ظاهرة لأخذ طلباته .
...............................
ـ وذكره الآلوسي : إن كان ما عندك سند إقبض من دبش*(2)
( دبش ) كلمة فارسية اصلها (ده باش )تعني رئيس العمال .
( السند ) هي الوثيقة التي يثبت الانسان بها حقه .
يضرب للتيئيس والحرمان من انتزاع حق ممن لا خلق له ولا أمانة ولا سيما اذا لم يكن هناك سند يثبت هذا الحق .
..................................
ـ ورواه الحنفي : *(3)
يضرب للتيئس والحرمان من استحصال حق او دين ممن لا امانة له ولا ذمة .. ولفظة ( دبش ) تلفظ مفخمة الباء واصلها من ( دَهْ باش ) في الفارسية لرئيس العمال والقيّم على الاعمال .. وفي البصرة يقال دو باش للقنطرجي ونحوه .. ولعل الأصل فيه ان (دوباشا ) كان قاسياً بعماله متعسفاً في حقوقهم فسيق المثل فيه ، وانما ذكر السند على اساس انه بينةُ ظاهرة تثبت بها دعوى المتظلم دون الاحتكام الى الذمم والمروءات .. وربما ارادوا بالسند الظهير والمعين .
.............................
ـ وقد ذكر راسم الجميلي : ( حسابك من دبش ) *(4)
فقال :ان تاجراً طيب القلب . كان له شريك محتال اسمه دبش ، وكان التاجر أمياً ،فكان دبش هو الذي يقوم بتسجيل ما يباع وما يشترى مع بقية التجار . وكان التجار يتعاملون مع دبش بتسليم النقود وتسلُّّمها ، ومع زميله التاجر بأخذ البضائع وتسليمها ، وذات يوم جمع دبش جميع ما يملك هو وصاحبه من مال ، وقال لصاحبه : ابو فلان آني راح اخذ الفلوس واسافر للصين .. اكو هناك اقمشة حريرية فاخرة ورخيصة ، أجيب منها بكل الفلوس ، وكل ليره تربح ميه .. شدگول ؟
قال صاحبه : زين اذا اجو التجار ورادوا حسابهم ، اشلون ؟
قال دبش : هذي بسيطه ... عود گلهم خل ينتظروني لما أرجع وأنطيهم حسابهم .
ثمَّ ان دبش سافر الى جهة مجهولة حاملاً معه كل ما يملكه الشريكان ، مع ما استحوذ عليه من أموال التجار وصار التجار يراجعون صاحبه فيمهلهم حتى عودة دبش . وفي ذات يوم قال له احد التجار : يمعوَّد آني بطلت .. ما أريد بعد أتعامل وياكم إنطوني حسابي .
فرد عليه صاحب دبش : الفلوس كلها عد دبش واذا انت مستعجل روح أخذ حسابك من دبش ...
فصار قولاً ومثلاً .
...........................
ـ وقد كتب أحدهم يقول *(5)
تقول الحكايات ان دبش كان شخصاً يهوديا عراقيا وأسمه الكامل هو ( عزرا ساسون دبش ) ، ودبش معناه العسل في اللغة العبرية كان مديرا لميناء البصرة يدير بمفرده كافة أعمال ميناء البصرة ويدفع أجور العاملين في الميناء ، وبعد حادثة فرهود اليهود بفترة قصيرة ترك دبش العراق وأستقر في إسرائيل واستلم مسؤولية إدارة ميناء حيفا حتى وفاته في 1962وبعد أن ترك العراق، صار العمال في ميناء البصرة يسألون عن أجورهم ومن سيدفع لهم وكان الجواب دائما
) إقبض حسابك من دبش ( لأنه رحل ولا أحد سيقوم بما كان يقوم به من دفع الأجور.
..........................
ـ وقال الملا عبود الكرخي : *(6)
ساعـهْ وكسْر المجـرشـهْ
والعـن ابـو كـلّ الجـرشْ
بالشـلب أجـرش للصبح
وأقبض فلوسي من دبش
وقال ايضاً :
عند (عكاش ودبش )هذا الولد
راد يعني يصير عمـده ومعتمد
فإذا يا كـرخي ما عنـــدك سـند
روح عاد اقبض فلوسك من دبش
...........................
ـ (حيث ذكر في الهامش : ـ دبش : اسم شخص بغدادي خالي الوفاض ...
ضاعت ديون الناس التي بذمته)
ـ فهل دبشات العصر قد خلو الوفاض أم ان في جعبتهم الملايين.. مجرد سؤال !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
ــــــــــــــــ
*1 ـ التكريتي /جمهرة الأمثال الشعبية ـ ج1 صـ 485 /مطبعة الارشاد ـ بغداد1971
*2 ـ الآلوسي / أمثال العوام في مدينة دار السلام / تحقيق: د هيثم عبد السلام ـ صـ 24
دار الشؤون الثقافية العامة /ط1 ـ بغداد 2009
*3 ـ الحنفي / الامثال البغدادية / ج1 صـ 68 / دار الراية البيضاء 1962
*4 ـ راسم الجميلي :البغداديون ط1ـ صـ 219/ مطبعة الزهراء ـ بغداد 1982
*5 ـ منتديات أنوار العرب /05/01/2012
*6 ـ عزيزجاسم الحجية / الأمثال والكنايات في شعر الملا عبود الكرخي /صـ 33 / مطبعة ديانا ـ بغداد 1986
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر
تموز 2012

#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات