أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - العجز الأمريكي- الصيني ناقوس الخطر للاقتصاد الرأسمالي العالمي















المزيد.....


العجز الأمريكي- الصيني ناقوس الخطر للاقتصاد الرأسمالي العالمي


أنور نجم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3793 - 2012 / 7 / 19 - 08:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


العجز الأمريكي- الصيني ناقوس الخطر للاقتصاد الرأسمالي العالمي

مقدمة:

إن الدارات الاقتصادية التي تتحرك ضمنها الصناعة الرأسمالية في السوق العالمية المعاصرة، تمر عبر نوبات يمثلها الركود الاقتصادي، والانتعاش المؤقت هنا وهناك، والمحاولة لارتفاع النشاطات الاقتصادية دون جدوى، وفائض في الإنتاج، والأزمة، ثم الانهيارات المالية المتكررة بصورة شاملة، وهذه الأخيرة تمثل نهاية الدارات لا بدايتها، كما يتصورها الاقتصاديون السوقيون، فالأزمة العامة الاقتصادية للرأسمالية أزمة صناعية لا مالية. فها هو العالم يتحرك من جديد نحو دخول ركود اقتصادي أعمق، بعد فترة وجيزة من دخولنا مرحلة الكساد العظيم، فمنطقة اليورو، كما أشرنا اليها سابقًا، دخلت ركودًا شاملاً بعد تعمق الأزمة الاقتصادية اليونانية التي انتشرت بسرعة إلى أيرلندة والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا، هذا ورغم تقديم أنواع الحلول التسكينية لعلاج المرض من قبل الحكومات الأوروبية، فالآن يظهر رأس المال لا بوصفه رأس مال في يد الرأسماليين الصناعيين والتجاريين فحسب، بل وبوصفه أيضًا رأس مال ائتمان يدور بين يدي المقترض والمقرض كحل لتخفيف القدرة الاتفجارية للأزمة المعاصرة. ورغم أن الرأسمالية حاولت بعد الحرب العالمية الثانية تنظيم أمورها المالية وفرض رقابتها المشتركة عليها للسيطرة على الأخطار المتوقعة في حالة الأزمات، وهذا من خلال تنظيم المدفوعات الدولية وحل مشكلات موازين المدفوعات عبر دعم أعضاء منظماتها المشتركة وإقراضهم، وتنظيم أسعار صرف العملات واستقرارها وعدم تخفيض قيمتها التنافسية، وتنظيم الميزان بين الدائن والمدين، وجلب رأس المال إلى الدوائر التي يكون فيها الأرباح أدنى من المتوسط، من خلال منظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي أُنْشِئَ بموجب معاهدة دولية عام 1945 للعمل المشترك على تعزيز الاقتصاد الرأسمالي العالمي، ويشمل أعضاؤه في الوقت الحاضر 185 بلدًا، ولكن مع ذلك، فلا يمكن تسوية الحالات التزاحمية والنزاعات المحتومة الناتجة منها في السوق العالمية للرأسمال. فمع اجتياح الكساد منطقة اليورو، ينتقل الركود مثل الوباء، إلى مناطق أخرى مثل البرازيل، والصين، والهند، وهذا أفضع خبر في الوقت الحاضر بالنسبة للاقتصاد الرأسمالي العالمي، ففي العقود الأخيرة كانت الصين والهند، من الدول الوحيدة التي كانت قادرة على رفع معدلات الربح في أنحاء المعمورة. ومن المعلوم فإن ركود هذه الدول يعني في الوقت نفسه جر اليابان ثم جميع البلدان الصناعية النامية في المنطقة مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، وتايلاند .. إلخ إلى الدخول في دائرة الركود. ويتميز ركود تلك المناطق على العموم، بعدم القدرة في استيراد الوسائل الإنتاجية من الدول الصناعية العريقة بالذات. الأمر الذي لا بد أن ينتهي بالتأثير في الاتجاه المعاكس، وهو يسبب بصورة مباشرة، فائض جديد في الإنتاج في الدول الصناعية القديمة -والحديثة أيضًا- ثم تكدس الوسائل الإنتاجية بالذات واختلال التوازن والعجز التجاري وعجز الميزانية في أكثر البلدان المتطورة في العالم. وكما أشرنا إليه في (هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد؟) المنشور في الحوار المتمدن في عام 2008، فهذا يعني: "الانتقال من الفائض في الإنتاج في الدوائر الإنتاجية المنعزلة والبلدان المتفرقة، أي من الفائض النسبي للإنتاج، إلى فائض الإنتاج المطلق، يشمل كلَّ القطاعات المختلفة وأهم الدول الصناعية في العالم، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان، ويهاجم الزمن آنذاك بعنف الزراعة كما الصناعة، والبنوك كالشركات المساهمة، إلخ، الأمر الذي لا بد أن ينتهي بارتفاع جديد في أسعار السلع الاستهلاكية، والازدياد في البطالة، والافلاس أعقاب الافلاس، وتنويم قسم من رأس المال، والانخفاض في الأجور، ويهاجم التوقف في الإنتاج المواد الأولية أيضًا".
وهل هذا كان صحيحًا؟

نعم، كنا محقين فيما قلنا: إن الركود الاقتصادي لا بد أن يؤدي إلى الفائض في الإنتاج ثم الانهيار المالي في كافة المعمورة. ولنتحقق الآن عن قرب عن النتائج النهائية للركود الاقتصادي العالمي من خلال التحقق عن الاختلال في التجارة العالمية، والقروض، وميزانية الدول، ودور المواد الأولية –النفط بالذات- في تعميق الأزمة المعاصرة والفائض الفعلي للإنتاج ثم الفقر والبطالة ولنسأل: هل نحن بالفعل نتحرك نحو انفجار عالمي جديد؟

العجز التجاري:

لقد أصبح العجز التجاري، أي ارتفاع الاستيراد بالنسبة للصادرات، ظاهرة العصر في أكثر البلدان المتقدمة في العالم. وأن منبع هذا الاختلال في عصرنا الحالي، هو الدول المتقدمة صناعيًا، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية وهي تدير أزماتها اعتبارًا من أواسط القرن الماضي.
أما السبب الرئيسي لتعميق هذه الأزمة وانتقالها إلى البلدان الأخرى، فيعود في الأساس إلى العجز التجاري الأمريكي مع الصين بالذات، وانخفاض الطلب على التكنولوجيا الأمريكية، ثم بدأت أوروبا رويدًا رويدًا، بإدارة عجزها مع أمريكا أيضًا.

لقد قامت الصين واليابان في العقود الأخيرة، بإدارة فائض الميزان التجاري بالمقارنة مع أمريكا. وهذه الفترة اليابانية والصينية، تصاحبها دخول أضخم الشركات الصناعية الأمريكية، حالة الركود، ففي حين بلغت خسارة شركة جنرال موتورز الأمريكية للسيارات 10 مليارات دولار وشركة فورد 12.7 مليار دولار، فقد بلغت أرباح تويوتا اليابانية 10 مليارات دولار في نفس الفترة الزمنية.

في العقود الأخيرة، كانت الصين سوقًا للصادرات الأوروبية، فصادرات السلع والخدمات أيضًا، بلغت قيمتها السوقية حوالي 113.100.000.000 € إلى عام 2010. أما العجز التجاري الأوروبي، فبلغ 168.600.000.000 € في نفس العام، وهو يشمل بالدرجة الأساسية الآلات ومعدات النقل والمواد الكيميائية ومواد الخام، يبلغ 60% من صادرات الاتحاد الأوروبي في نفس العام.

أما اليابان فسجلت عجزًا تجاريًّا قياسيًّا للسنة المالية 2011 في قطاعي السيارات والالكترونيات، فهبطت صادراتها هبوطًا ملحوظًا، فقد بلغ العجز 4.410 تريليون ين (54.2 مليار دولار)، فانخفاض صادرات السيارات تبلغ 5.4% والألكترونيات 14.7%.
أما الصين فسجلت في مطلع 2011 أول عجز تجاري منذ سبع سنوات. وحسب (The Wall Street Journal)، انخفض القطاع التجاري الصيني، وسجلت الصين عجزًا تجاريًّا بلغ 31.5 مليار دولار، وهذا بعد إدارة فوائض تجارية ضخمة لأكثر من عقد.
أما في عام 2012 فللصين فائض تجاري مع أمريكا وأوروبا، ولكن العكس يحدث مع كافة البلدان الأخرى، أي تسجل الصين عجزًا تجاريًّا. إذًا فالتوازن الاقتصادي لعالمنا الرأسمالي، يعود حتى اليوم إلى الصين لذلك ففي أي اختلال محتمل لهذا التوازن بين الصين وزملائها الأمريكية والأوروبية، سيهز الاقتصاد العالمي هزةً لا مثيل لها في العقود الأخيرة(*).

عجز الميزانية:

انتقد باراك أوباما عجز منطقة اليورو، ورفضت ألمانيا بشدة انتقاداته، وقال وزير الخارجية الألمانية في 26 / 6 / 2012: فليكن الهر أوباما قلقًا بشأن عجز بلاده قبل إلقاء المحاضرات لأوروبا!

في الواقع تدير أمريكا عجز الميزانية من الفترة الرئاسية لجون كندي (1963) إلى يومنا هذا، وتسجل الفترة الرئاسية لباراك أوباما، الرقم القياسي في العجز في ثلاث سنوات الأخيرة على التوالي. ويصل معدل العجز التجاري، أي تجاوز نفقات الحكومة إيراداتها الاجمالية التي تكتسبها عادة من السلع، والخدمات، والضرائب، والتجارة .. إلخ، الى ما يقارب 600 مليار دولار سنويًّا. وهي حالة خطرة تقع فيها الدولة، فالدولة ستكون مضطرة إلى سحب احتياطاتها لغرض الاستثمارات، واللجوء إلى الديون لسد العجز بالذات بدل توسيع سلسلة أساليب الإنتاج، وذلك بسبب شلل رأس المال الصناعي، فهناك رؤوس أموال فائضة في شكل السلع لا يمكن بيعها، ورؤوس الأموال في شكل رأس المال الجامد لا يمكن استخدامها، نظرًا لتوقف إعادة الإنتاج، الأمر الذي سينتهي بانخفاض قيمة العملة والتضخم أي الارتفاع في أسعار البضائع الاستهلاكية بالذات، وسياسة التقشف، ثم حدوث الاصطدامات من جديد بين الطبقات الاجتماعية، حيث إن النتيجة النهائية لكل أزمة هي فقر الجماهير وتحديد استهلاكه.

أما بالنسبة لأوروبا، فبعد تعمق الأزمة اليونانية في خريف عام 2009، قد تطور العجز لتشمل منطقة اليورو كلها بسرعة، وخاصة دولة عملاقة مثل الدولة البريطانية ثم الإسبانية والإيرلندية... إلخ، بحيث أدت إلى تخريب الصداقات الحميمة الثابتة بين السياسيين الأوروبيين والأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فمادامت الأمور لا تسير بَعْدُ سيرًا حسنًا، فالمزاحمة تتحول من رابطة أخوية بين الرأسماليين لأجل تقاسم الغنيمة، إلى معركة بين أخوة أعداء.

ديون الدولة:

تقدر الديون الحكومية في بداية تموز عام 2012 في جميع أنحاء المعمورة بـ: 039.768.417.159.915$
وتقدر القروض الأمريكية في نفس الشهر بـ: 15.795.139.209.144$.
ووصل معدل الديون الوطنية الأمريكية إلى 3.90 مليار دولار يوميًا، منذ سبتمبر عام 2007. كما ويقدر حصة كل مواطن أمريكي من الديون الأمريكية بـ: 50.454$ حيث إن عدد سكان أمريكا يقدر بـ: 313.058..204 مليار نسمة في تموز عام 2012.

إن قروض بعضًا من الدول الأوروبية المتقدمة نسبة إلى الدخل القومي، هي كالآتي:

عام 2009:
بريطانيا: 68.6%، اليونان: 112.6%، اسبانيا: 54.3%، ايرلندة: 65.8%، ايطاليا: 114.6%، ألمانيا: 73.1%.

بعد ثلاث سنوات فقط، أي في تموز عام 2012، تسجل ديون هذه البلدان الحالات الآتية:
بريطانيا: 74.8%، اليونان: 127.8%، اسبانيا: 61.1%، ايرلندة: 75.3%، ايطاليا: 118.0%، ألمانيا: 75.4% (***).

وفي الوقت الحاضر تلجأ الدول الصناعية المتقدمة إلى الدول النامية لإقراض المال.

المواد الأولية - النفط:

إن النفط الخام بوصفه مواد أولية للصناعة العالمية، له دور كبير في كل المتغيرات الاقتصادية في السوق العالمية، فتموجات أسعار النفط يعني بالضبط، التموجات في أسعار كل ما هو موجود من البضائع والخدمات في الأسواق الكونية.

كانت وكالة الطاقة الدولية تفترض أن النمو العالمي للنفط الخام، سيكون 3% سنويًا اعتبارًا من عام 2000 إلى عام 2030. أما الطلب العالمي على النفط سيزداد بنسبة 1.66% سنويًا خلال نفس الفترة الزمنية. الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع مستمر في أسعار النفط الخام بصورة طبيعية (8$ / برميل، سنويًا). واعتبارًا من عام 2006 إلى عام 2008، وتموز عام 2009 إلى تموز عام 2011، ارتفع أسعار النفط الخام دون انقطاع. وفي 23 / 4 / 2011 بلغ سعر النفط الخام 120$ / برميل. والسبب الرئيس يعود إلى انتفاضات الشرق بالذات، الأمر الذي كان يسبب الانخفاض في عرض نفط الخام بالمقارنة مع الطلب عليه. ومن جهة أخرى، تضاعف طلب الصين على الطاقة ثلاث مرات تقريبًا منذ عام 1990. هذا إضافة إلى اتخاذ الاجراءات المختلفة في الولايات المتحدة في العامين الماضيين لانخفاض سعر الدولار لغرض رفع الصادرات، الأمر الذي قاد إلى التموجات في أسعار الذهب أيضًا.

هذه هي النتائج المباشرة من النوبة الحالية للاقتصاد الرأسمالي العالمي. وبكل تأكيد سوف يواجه العالم أجمع، عجز أعقاب العجز ثم الصراعات الحادة في النوبات الدورية اللاحقة، حيث إن العجز يصاحبه ارتفاع مستمر في نسبة الفقر، والبطالة، وأزمة السكن في أنحاء العالم.

الفقر والبطالة:

إن الفقر والبطالة في العالم، أهم مشكلة اجتماعية تواجهها الرأسمالية في الوقت الحالي، وإنها مشكلة لا حل لها بالنسبة للإنتاج الرأسمالي، ففي عام 1994، أعلنت الأمم المتحدة في اجتماعها الدوري في الدنمارك أن الفقر يزداد في العالم، ولكن لا داعي للقلق، فيمكننا القضاء عليه من خلال جمع 5 دولارات من كل شخص.
15 عامًا بعد هذا التصريح، قد أضاف التاريخ أكثر من 100 مليون شخص آخر إلى خط الفقر في العالم بسبب الارتفاع في أسعار المواد الغذائية فقط، وبلغ الفقر 1.4 مليار (12% من سكان العالم) في عام 2010، هذا بالاضافة إلى دخول 1 مليار شخص في العالم خط الجوع لا الفقر فحسب.
أما البطالة فوصلت إلى 9.1% من الأيدي العاملة في العالم تقدر بـ: 3.262.000.000 مليار شخص عام 2010، وإن هذه النسبة تزداد يومًا بعد يوم في الدول الصناعية المتقدمة، وعلى الأخص في أمريكا، وبريطانيا، وأسبانيا، واليابان .. إلخ.

الخلاصة:

في عام 2008 وفي (هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد؟)، قد قلنا بلغة واضحة: "ان السوق العالمية تتقلص أكثر فأكثر، وتتكثف معها الدارات الاقتصادية، وتتقوى معها شيئا فشيئا، القدرة الانفجارية للأزمات، وان تكرار الأزمة بصورة منتظمة في الخمسين سنة الأخيرة، والبالغة عشر سنوات في المستوى الأممي، يعني انتظامها في دارات أقصر فأقصر في المستقبل القريب، وكلُّ تقصير في هذه الدارات سيجر العالم كلَّه نحو الاصطدام بالمركز".

ان كل ما نعرفه من التاريخ، هو أن الأزمات تتكرر ما لم يتحول الإنتاج إلى إنتاج مبرمج -كوموني- خاضع لإدارة المنتجين أنفسهم، فالنزاع التزاحمي بين الرأسماليين على الأسواق، والانفجارات الدورية العنيفة الناتجة منها، هو نفس الأساس الاقتصادي للمصارعة التاريخية بين الطبقات الاجتماعية لأجل تحويل أسلوب الإنتاج والتوزيع والاستهلاك لصالح أكثرية المجتمع. فمع كل انطلاق جديد للانتفاضات والمظاهرات والاضرابات طويلة الأمد، يدق دون شك، ناقوس الخطر للرأسمالية. لذلك فان خططها، تشمل في نفس الوقت، الخطة السياسية لسحق كل الحركات الموجودة في العالم، وتسميتهم بحركات إرهابية، وهذا لإعطاء كل الحق للأجهزة القمعية للدولة في استخدام أي نوع من إرهاب الدولة بحق كل ما يعارض القوانين الإرهابية للدولة ذاتها.
ولكن سيكون من غير الممكن أي تقدم في حركة البروليتاريا، ودخولها ميدان الصراع التاريخي مع الرأسمالية، دون تشكيلها المسبق في طبقة، فتطور الصراع الطبقي إلى مستوى حركة اشتراكية أممية منظمة، يعني تطورًا مسبقًا لنضالات طبقية إلى مستوى خوض معركة مشتركة مع الرأسمالية العالمية، فأفراد هذه الطبقة وبوصفهم بائعي قوة العمل، متنافسون فيما بينهم، أي لا يشكلون طبقة بحد ذاتهم، ولا تتجاوز نزاعاتهم التزاحمية العدائية إلا بقدر ما يواجهون عدوًّا طبقيًا مشتركًا، أي بوصفهم طبقة ذات مصلحة مشتركة. أما دخول البروليتاريا بصفتها طبقة حلبة المصارعة مع الرأسمالية، لا تسبق تقاسم الصين العجز التجاري الدوري، مع بقية الدول الصناعية المتقدمة.
إذًا فالسؤال في الوقت الحاضر هو: هل يجب أن تتقاسم الصين الركود الاقتصادي مع بقية العالم الرأسمالي؟
نعم، ما دام الإنتاج الرأسمالي يتميز بطابع عالمي، فيجب أن تتقاسم الصين، عاجلا أم آجلا، هذا الركود وهذه الأزمة الشمولية مع زملائها الأمريكية والأوروبية بالذات، مثلما تقاسم سابقًا الاقتصاد الامبراطوري السوفييتي، بكل ما كان يدور في الأسواق العالمية من الأزمات والنزاعات التزاحمية مع الآخرين.
أما دخول الصين دائرة العجز، فيعني تعجيل النزاعات التزاحمية بين رؤوس الأموال من جهة والصراعات الطبقية والازدياد في حدتها من جهة أخرى، فتسجيل الرأسمالية العالمية، وعلى رأسها الأمريكية والأوروبية والصينية، عجز متكرر، يعني دون شك دخول صراع تاريخي من أجل بقاء أسلوب الرأسمالي في الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، أو الاستعاضة عنه بأسلوب كوموني في الإنتاج، فحرية التعبير والحريات السياسية والصحفية والانتخابية، أي الليبرالية، لم يحل أي نوع من المصاعب التي تواجهها البشرية في ظل الرأسمالية خلال أكثر من ثلاثة قرون.
فما الحل إذًا؟
الحل هو الكومونة والكومونة فقط.
________________________________________

ملاحظة سريعة حول أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي:

في دراستنا (الاتحاد السوفييتي: اسطورة اشتراكية القرن العشرين!) المنشور في الحوار المتمدن عام 2008، قد قلنا صراحة: ان التغيير في حجم التجارة السوفيتية، واستخدام الاحتياطات للنفط بالذات، والعجز التجاري السوفييتي مع الغرب بالذات، ونقص العملة الصعبة، واستخدام هذه الاحتياطات لسد القروض الناتجة من الاستيراد من الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا جلب وباءً للسوفيت وهو كان الاختلال في الميزان التجاري، فالاتحاد السوفييتي كان يبيع معظم احتياجات النفط والغاز الطبيعي لأجل كسب الدولار، كما وانه كان مضطرًا لأخذ القروض من الدول الغربية لتسديد قيمة الاستيراد من الغرب.
وهكذا، وصلت ديون الاتحاد السوفيتي من البلدان الغربية الى (26) مليار دولار عام 1987، ووصل عجز الميزانية السوفيتية الى (180) مليار دولار عام 1985، أي أكثر من 12% من اجمالي الدخل القومي السوفيتي.
هكذا انهار الاقتصاد الامبراطوري السوفييتي الذي لم يكن ممكنًا أن يكون اشتراكيًا حتى لساعة واحدة، ففي حالة اقتصادية مشابهة بالوضع العالمي الراهن، انهار الاقتصاد السوفييتي وهو كان اقتصاد امبراطوري ليس إلا. ونعني بذلك، فمن الممكن أن يضع التاريخ قوى اقتصادية أخرى محل القوى الاقتصادية الموجودة اليوم في السوق العالمية، مثلما استعاض التاريخ عن بريطانيا بأمريكا والاتحاد السوفييتي بالصين مثلا.
________________________________________________

(*) المصادر:

http://www.europarl.europa.eu/news/en/headlines/content/20111017STO29445/html/Rebalancing-the-world-economy-EU-China-trade-deficit

http://morelivers.blogspot.com/2012_01_01_archive.html

(**) المصدر:

http://news.bbc.co.uk/2/hi/8569418.stm

(***) المصادر:

يمكنك التحقق كل ثانية من حصة كل فرد في العالم من ديون الدولة بوساطة الساعة الألكترونية لديون الدولة في كل بلد على حدة أو من خلال أرقام عالمية عبر المصادر الآتية:

http://news.bbc.co.uk/2/hi/8569418.stm

http://www.economist.com/content/global_debt_clock

(****) المصدر:

http://en.engormix.com/MA-feed-machinery/formulation/articles/crude-oil-prices-its-effects-on-feed-additives-t1670/800-p0.htm



#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد الخدمي وحكاية نهاية الرأسمالية
- الشيوعية بين كارل بوبر وكارل ماركس
- ما فائض القيمة: فرضية، نظرية، أم قانون؟
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية -3-3
- ندوة حول الأزمة الرأسمالية والاشتراكية في كردستان العراق
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية - 2-3
- الديالكتيك الماركسي غطاء للمسيحية - 1-3
- أطلقت اليونان شرارة الثورة المجالسية
- نقد مفهوم الاشتراكية عند ماركس – 2 – 2
- نقد مفهوم الاشتراكية عند ماركس - 1 – 2
- ما مهمات الاشتراكيين؟ 2 - 2
- ما مهمات الاشتراكيين؟ 1 - 2
- ما بديل الكساد العظيم: الهمجية أم الاشتراكية؟
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -3-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -2-3
- النظام الاستعماري يسبق النظام الرأسمالي -1-3
- الدولة وثورة الكومونة – 5-5
- الدولة وثورة الكومونة – 4-5
- الدولة وثورة الكومونة – 3-5
- الدولة وثورة الكومونة – 2-5


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أنور نجم الدين - العجز الأمريكي- الصيني ناقوس الخطر للاقتصاد الرأسمالي العالمي