أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - -عزف منفرد على أيقاع البتر- ..والكتابة بالحواس الخمس














المزيد.....

-عزف منفرد على أيقاع البتر- ..والكتابة بالحواس الخمس


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 11:53
المحور: الادب والفن
    


ألتقيته مؤخرا في مهرجان شعري عربي في الدار البيضاء بالمغرب، وزرته في بيته كذلك وتجوّلت في مرسمه البسيط تأثيثا، الكبير في المعنى واللوحة والفن..وكان أن أهداني كتابه الجديد في القص قصيدة ..أنه الكاتب المغربي عبد الحميد الغرباوي وكتابه هو "عزف منفرد على أيقاع البتر"..والذي جاء على 110 صفحة من الحجم المتوسط صادرا عن دار الوطن للصحافة والطباعة والنشر في المغرب. وكأنك بالغرباوي بعد أن كتب القصة القصيرة والقصيدة ورسم لوحاته التشكيلية الحديثة، أراد أن يعزف بكلمات تسبح في فضاء، ليمزج قصا أو سردا مع شعر أو نص مفتوح بصور جمالية معبرة..حيكت كما كتب ما بين عامي 2008-2009.
وأذ تمعن في غلاف الكتاب ترى بيوتات مدينة يطير عليها طائرها محلّقا، وفي خلفية المشهد كلّه يخرج خيال شخص يعزف على ما يشبه الناي، فيؤطر الصورة بزي أبيض خاص بالملائكة كما يفهم من الأساطير..وأذ تمعن أكثر تجد أن المؤلف أطلق عبارة "نصوص" في أسفل غلاف الكتاب تجنيسا لهذا الأصدار..وهو تجنيس عام أحسب أن الغرباوي لم يرد الدخول في تفاصيل أكثر..فترك كلمة "نصوص" كما هي دون مضاف أليه أو وصف معين..ثم وأنك تقرأ في الصفحة الأخيرة من الكتاب وفي المحتويات تصنيفا آخر لما كتب المؤلف، حيث أطلق على المحتويات كلمة "المحكيات" ..فهي أذن نصوص ومحكيات..وعندي هي قص قصيدة في تجنيسها أذا جاز لي التعبير..
ومع الذي يعزف منفردا نقرأ عتبات عنوانية متموسقة..فالجاز (كتبت بالأنكليزية..) وأيقاع جديد وسلّم موسيقي..وعزف منفرد..كل ذلك يشير الى الصوت والهارموني الكتابي السردي..ولكن بأيقاعات مختلفة ليست نشازا أبدا كما سنرى.
وأذا أردنا أن نلخّص في النظام الدلالي للكتاب فنقول أنه يركّز على مٌثل وقيم عليا يطلبها الأنسان ويسعى لها في كل عصر وزمان..ومن ذلك الحرية..تلك الحرية المضادة في المفهوم للعبودية..ومن ذلك حرية الأنسان في الحب..وفي أن يظّل قلبه يدّق (أصوات..عزف)..والحرية في الحلم حتى لو كان حلم يقظة..والحرية في العودة الى الجذر الأول..وحليب الأم، والحرية في السخرية، حتى لو كانت هذه السخرية من تقلبات السياسة..ومؤتمرات ومؤامرات..
وفي محكيّاته أو نصوصه يستعمل الغرباوي الكثير مما في جعبته من صفات لموصوف..فيصف ثلاثتهم بأنهم:
الحالمين
الوديعين
العنيفين
الصاخبين
الهادئين
كما أنه يقطّع في كلمات النصوص..ومن ذلك ما سطّره القلم المبدع في "روحان على سلّم موسيقي"..فراحت كلمة دَقْ.. علامة صوت القلب..تتقطع وتتكسر أيحاءا للمتلقي القاريء بالمعنى المطلوب..
ولا تقرأ "عزف منفرد على أيقاع البتر" دون أن تصغي سمعا لكلمات يريدك المؤلف أن تشاركه عزفه فيها فلا يظّل منفردا..فطرقات الحذاء ذي الأيقاع العسكري..طرقات تعيد الذكريات، والعكاز، صوته، والصراخ- يصرخ أستيقظ و"أيقاعات تحمل معها رائحة العرق والكدح"..فالصوت يحمل عطرا..حيث يريدك المؤلف أيها المتلقي، أن تستعمل أكثر من حاسة وأنت تقرأه..فتقرأ بعينيك وتسمع الأيقاع بأذنك وتشم رائحته بأنفك..دعوة للمشاركة بكل الحواس خاصة أذا أنتبهنا لحاسة اللمس وأنت تلمس الكتاب..بقي أن تتذوق فقط فتكمل الحواس الخمس (هذا أذا لم تكن من أصحاب الحاسات السادسة).
وعندي أن "جاز" دعوة للتحرر من العبودية والأستعمار..والدلالة القص شعرية واضحة..
"للمرور سريعا الى الآخر..
الى الزمن الآخر
زمن نهاية حرب
حروب..
وبداية تحرر من العبودية والرق"
وكأنها الولادة الجديدة التي لا يعيبها أن
"يمر الوقت..
يمر مثل ومضة عابرة..
ويحين وقت الرحيل"
وفي "الجدار" ..عزلة بين عالمين.
ولكن لابد للأنسان من أن يبقى أثره في المخترق من الجدران..وهو هذا الأختراق مما يمكن أن يحصل ولو عن طريق..
"ضوء غريب
ضوء مشع
خارق
حارق"
ثم "درس القلب على أيقاع جديد"..فتأتيك الأفعال الأمرية..ضع..أحذر ..أسمع..أضربه..أخرجها..وحدّد..مع درس تشريحي في القلب مضخة الحياة كما نقول بلغة الطب..ويضمّن الغرباوي حكايتين ضمن هذا الدرس القلبي..وفي كلٍ معنى..فيأتيك الأمر – النصيحة:
" خلخل جسدك
مرات مرات
حتى لا يتوقف القلب
لا يتوقف عن الدق
فما في داخلك سوى الريح.."
وفي "رفيف العيون" ..أحلام يقظة في عقل المثقف الذي يعاني من شظف العيش..
"البيت الآن جاهز
لكن بابه الخشبي البني مغلق.."
وتقرأ عن القلب مرة أخرى والذي سيكون في أعلى درجات التوتر في "روحان على سلّم موسيقي"..وهو هذا السلّم المتكوّن من دقّات قلب ودقّات باب..
وفي "عزف منفرد على أيقاع البتر" المحكية التي أعطت للكتاب عنوانه.. يطالبك الكاتب بأن تصغي جيدا..لكأنك تسمع كل الأصوات..والأيقاعات..فهناك الوحل وطرقات الحذاء ذي الأيقاع العسكري..والضباب..والخبز البارد والموت المؤجل..وجثث ودم..وعكاز وصوته..ثم صوت آخر ..وصوت العطر (مرة أخرى تمزج أكثر من حاسة واحدة)..وحليب الأم..
"لو أراك عريسا قبل أن أموت..يا ولدي"
"آت أليكِ.." ولكن كيف سيأتي..نسمعه في أيقاع البتر (أيقاع مبتكر):
"بغبار
برماد
برائحة الحرب
الموت"
والعزف المنفرد ..هو موقف مع الأنسان الكادح البسيط..فترى هذا الأنسان المعوّق بائع الصحف..مقيما أسفل العمارة في "هندسة عصفور على الأرض"..والحديث عن الفعل وماهيته وسخرية هذا العصفور من تقلبّات السياسة، فيصرخ العازف على أيقاع البتر:
" دعني
أحدثك عن ذاك الذي لا تهمّه البورصة
والصاعد فيها والهابط
وسباق الخيل والكلاب
والرابح والخاسر
وآخر الصيحات"
وكان في لوحته أو نوتة عزفه الأخيرة مصّرا على أستهلال نصّه بحكمة تقول" الكلمات مثل الحجارة يمكن لنا أن نبني بها"..فيكون لقاء صدفة في زقاق معتم مع يانيس الحكيم..المتفائل..والذي قد يكون هو العازف نفسه على أيقاع البتر..ذاك الذي كلّما أنهى كتابة نص قبض على قلبه (من أهداء الكاتب)..



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتي مع -الهّر-
- قصيدتان قصيرتان: 1.حب في زمن الغربة 2. في -أدنبرة-
- ديوان -واو- للشاعر عدنان الصائغ: متواليات الحب والحرب والمنف ...
- في الرافدين دم
- نرجسية..وقصص اخرى قصيرة جدا
- يوم داخل أقدم كلية ملكيّة للأطباء في بريطانيا
- قصتان من قصص الخيال العلمي: الدم الأزرق ورجل المريخ
- -حيث لا تسقط الأمطار- جنوح السفن والمآل الحزين
- موقف..قصة قصيرة
- راقصة الباليه..وقصائد أخرى قصيرة جدا
- أعتراف...وقصائد أخرى قصيرة جدا
- الدرّاجة..قصة قصيرة
- قارع الطبول..قصة قصيرة جدا
- ظلّ.. وقصص أخرى قصيرة جدا
- الأديب العربي أمجد ناصر في ضيافة جمعية الثقافة في ويلز: هكذا ...
- مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته ال65
- الشاعر والروائي أمجد ناصر في أمسية ثقافية في ويلز
- الهدف: قصة قصيرة جدا
- تكريم الشاعر المغربي محمد عنيبة الحمري: محطات في حياته وشعره
- الأستاذ الجرّاح زهير البحراني يحاضر في لندن: الأكياس المائية ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - -عزف منفرد على أيقاع البتر- ..والكتابة بالحواس الخمس