أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - صمت حصاةٍ في دم














المزيد.....

صمت حصاةٍ في دم


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 19:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



احتفت الناصرة، يوم التاسع والعشرين من أيّار الفائت، بافتتاح "مؤتمر المال والأعمال الثالث"، الذي بادرت إليه وأقامته مجلة "مالكم" العربية الاقتصادية. مواقع الأخبار زفّت لنا، على لسان القيمين على هذا المؤتمر، أن "دعوة وحضور مشاركين إسرائيليين (والمقصود، طبعًا، مشاركين يهود) إلى جانب مشاركين فلسطينيين (المقصود، طبعًا، فلسطينيين حضروا رغم الحواجز والصعاب من فلسطين المحتلة عام 1967!) ومن الدول الأجنبية (المقصود، طبعًا، من الدول الامبريالية الغربية ودول حلف الشر)، تخدم أهداف المؤتمر، دون أن يحمل أي معايير سياسية سوى أنّه يهدف لدعم الاقتصاد العربي في البلاد".
هكذا جاءت البشائر وكانت التطمينات التي رافقتها صورٌ "تاريخية" بامتياز، تظهر فيها السيدة إستر ليفانون، مدير عام بورصة (سوق المال) إسرائيل، وهي محاطة بلفيف من المحظوظات والمحظوظين العرب يضغطون بحميمية وألفة وفرح على مشعل الأمل ويعلنون عن بدء عمل البورصة الإسرائيلية في ذلك الصباح.
مشهد لا أعرف له مثيل في تاريخ سوق المال الإسرائيلي ولا في تاريخ الحركة الوطنية العربية الفلسطينية/الإسرائيلية في البلاد. وتمنّيت أن أسأل من حظِي بتلك النعمة كيف كان الشعور وإلى أين تمادت الأمنيات؟!.
وتحتفي الناصرة في هذه الأيام باحتفالات تقيمها بلديتها ومجموعة من الجمعيات المدنية بهدف تشجيع السياحة والاقتصاد النصراويين. "ليالي الناصرة" أسموها، ولإحداها دعيت "ميرا عوض"، فنّانة شابة تتلمس مستقبلها بمشقّة وقلق، كما في عالم الفن والإبداع الشائكين أصلًا، وفي إسرائيل خاصةً، دولةٍ تبدع في عنصريتها واضطهادها لكل قيمة جميلة ونفس بشريّة لم يمنّ الرب عليها فخلقها غريبة عن أبناء شعبه المختار.
هاجت فيالق المناضلين وماجت، أبرقت سهامهم واستنفرت حناجرهم تنادي القيمين على تلك الليالي بإبطال دعوة هذه الفنانة لأنّها شاركت في مسابقة الغناء الأوروبية "الأوريفزيون" فعملت على "تجميل صورة إسرائيل". لقد حذّر البيان ونبّه فميرا عوض هذه غنّت في زمن الحرب الإسرائيلية على غزة وهي لذلك لا تصلح أن تكون ضيفة إحدى ليالي الناصرة.
علت الأصوات المندِّدة واختلط حابل الشبيبة الشيوعية بنابل أصوات تجمّعية، والتأمت جراح الإخوة الأعداء وتعاضدت أكفهم، فالخطر داهم والعدو ميرا وعلينا وعلى الخلافات عوض.
صورتان أنقلهما بتهكم حزين موجع ودامٍ. فأنا، لهذا المشهد، حزين مثل كثيرين منكم، فالشاشة هجرها أبطالها وكأنّها تحفل بالكومبارس والبديلين. غاب العقل عن هذه التناقضات المقلقة واختفت الأصالة والجرأة. ما يجري في سوق العرب هذه يعكس غياب وضعف القيادات التي تستدعي مسؤوليتها أن تجاهر بموقفها وأن تقول كلمة حق وتصويب.
صمتكم يا رفاق ويا سادة "كصمت حصاة في دم". فما معنى أن لا نسمع كلمة من مسؤولين في الجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي عن موقف سكرتير الشبيبة الشيوعية في مسألة تحمل في طيّاتها معاني أبعد من حنجرة "ميرا عوض"؟ وما معنى أن لا نسمع قادة حزب التجمع، حزب "الضاد"، وآخرين يعبّرون عن موقفهم إزاء انعقاد مؤتمر على منصّاته جال وأفتى عتاة المؤسسة الصهيونية المالية والعسكرية وغيرهم؟
صمتكم يا سادة "كصمت حصاة في دم" فإلى متى ونحن كل يوم نخسر بيدرًا ونفتح لليأس مقهى؟ والى متى هذه "الهريبة" من واقعنا ومواقعنا؟ فهل حقًا على الناصرة أن تستجيب لنداء الخسارة لأن هذه الفتاة، ميرا، مثّلت "دولة العدوان والحرب"؟ (علمًا بأن ميرا دحضت كونها تمثل إسرائيل الاحتلال والقمع والاضطهاد، وجاهرت بدعمها للسلام العادل وحقوق شعبها؟، فالمقياس يبقى، عندي، موقف هذا أو تلك وتبنيه/ا لسياسة إسرائيل العدوانية وتنكرها لحقوقنا كأقلية قومية ولحقوق شعبنا، وعن هذا للحديث تتمة(. أمثل هذا السبب كافٍ لإعلان القطيعة والحرمان؟ وماذا سيفعل رؤساء الحكمة من عربنا حين يغزون مؤتمرات العلم والصحة باسم هذه الدولة وعِلْمِها؟ ولماذا نقاتل حتى في القضاء والفضاء على إشراك رياضيينا ومتميِّزينا ليمثّلوا الدولة في المحافل والمنابر؟ وماذا سيفعل علماؤنا ومحاضرونا وقضاتنا ومحامونا وموسيقيونا عندما ينادي باسمهم التاج وتستحق صدورهم الأوسمة؟.
ولماذا يصبح من يشارك في مؤتمر في هرتزيليا أو إيلات أو جنيف أو بلاد الواق-واق متخاذلًا وملعونًا كمبروص ومنبوذًا كمصاب بذات الرئة ومن يأتمر تحت مظلة وبرعاية بنك "هبوعليم" (هو بنك العمال "الصهيوني") ومجموعة يسراكارت (هي صاحبة الجاه والمال والنفوذ الصهيونية الكبيرة) يهدف لدعم الاقتصاد العربي في البلاد (ولم أقرأ والحمدلله صموده أيضًا)!
وبعيدًا عن التهكم المر والأسى، على القادة أن تقود وأن تقول قولها كما قالت قولها "حذام" (فأنا مع دعوة "ميرا" ومع شراكة "إستر") وذلك لأن عيشنا صعب وواقعنا معقد وبسيط. واقع من دم تخثّر وجرح لم يندمل ومن حاضرٍ بركاني ومستقبل من غيب ومأزق وجودي. "فإستر ليفانون" هربت من جحيم إلى بلادٍ حسبتها بلاد الأمن والعفة والسلامة، لقد خدعوها بوعود من عسل كُسرت جراره بعصي رعاة الأرض وأصحابها وزبدة ساخت مع أول طلقة من مسدس اسمه "الحقيقة". هربت إلى حيث الحلم، فما كان ليلها إلّا كليلِ ضحاياها، خوفًا وأنينًا. هربت من بلاد الجريمة فتحوّلت إلى مجرمة بامتياز. حاربت وادعت النصر ولم تفز لا بسلام ولا بوطن ولا بخلاص. واقعها معقد وبسيط، واقع من مستحيلات وعبث ووجع الضحية ونخزها. واقعنا معقّد وبسيط، واقع من مستحيلات وعجز.
لا تحمِّلوا "ميرا" أوزاركم وعقمكم، ولا تؤثروا حضن "إستر" ولا تقاطعوها وغنّوا مع "ميرا" ولا تظلموها، فهي تريد فقط أن تغنّي، هذا خيارها وربمٌا حلُّها، فما خياركم وما حلكم؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيار يا شهر الردى
- وجع فياض
- يوم انتصرت الزغرودة
- منصّات للوهم
- بلال يواجه دولة
- نواطير الحياة
- قصة من أدنبرة
- لكل عملة وجهان
- لعلّ الأيام حبلى
- بعض من -هناء-
- آذار لي
- دروس تينة
- بين خوفٍ مِن وخوف على
- إن شئت فعِش!
- لقاء في قانا
- خضر والتنين
- نمورٌ وقطط
- لمن نكتب؟
- كلنا في العزاء سواء
- استكشاف


المزيد.....




- صحيفة: مفاوضات سورية - تركية جرت في قاعدة -حميميم-
- تصادم سفينتين صينية وفلبينية ببحر الصين الجنوبي
- ?? مباشر: بايدن يحث بمناسبة عيد الأضحى على تنفيذ اتفاق طرحته ...
- تقرير: الدول النووية تعزز ترسانتها لمواجهة الصراعات العديدة ...
- كيف لجأ ترامب إلى صهره العربي لاستمالة الناخبين في ميشيغان؟ ...
- لتجنب التصعيد مع لبنان.. مستشار لبايدن يزور إسرائيل
- كاليفورنيا.. الحرائق تلتهم 12 ألف فدان وتشرد المئات
- مبعوث بايدن إلى إسرائيل لمنع التصعيد مع حزب الله
- المهاجرون إلى أميركا عبر المكسيك يتحدرون من 177 دولة
- -قمة سويسرا- للسلام تشدد على حوار -أوكراني ــ روسي-


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - صمت حصاةٍ في دم