أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - دروس تينة














المزيد.....

دروس تينة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 15:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


يوسف القرضاوي يحرّم على المسلمين غير الفلسطينيين، زيارة القدس خشية تطبيع هؤلاء علاقاتهم مع الكيان الصهيوني المحتل، وكي لا يَدخلوها مدموغين بنقطة حبر زرقاء تَصِم صفحاتهم البيضاء.
يوسف القرضاوي نفسه، لم يرَ غضاضةً بأن يقوم سام وتوما وهوك بتحرير أرض المسلمين في ليبيا من معمّر الكافر، فهؤلاء حلفاؤه، طاهرون، حشدٌ على الحق عيّافو الخنا، وبشدائد الأمة هم كفيلون، فأنفاسهم أنفاس الرجال تحيي العهود وتميت معارضين زنادقة وكفرة.
ويوسف القرضاوي، مثله مثل علماء كثر، آثروا العيش في "دوحة" وفَّرت لهم كلّ أسباب الكفاح بكرامة وتضحية وكدح، وفتحت أمامهم فضاءات لا حدود لها، فأتاحت لأصحاب العقول مثله، وأصحاب الفكر، حرية اجتهاد وجهاد يحميها فيء خليفةٍ وَرِعٍ، سنَّتُه "وبالوالدين إحسانا" و"كل أخ عربي أخي"، متنور يرعى الحكمة وهي كأفراخ بذي مرخٍ، يربيها ويطيّرها عظات وعطايا وهِدايات على أجنحة من أثير وصكوكٍ وسحب من غاز.
استفزَّني ما سمعت من هناك، من مؤتمر شرّع للكثيرين ممّن شاركوا فيه بوابات لصحون الإمارة والدار. باسم القدس تنادوا وللدفاع عنها تعاهدوا. زخّاتٍ من قذائف الكلام أمطروا، وتسابقوا في وصف الهزيمة وعارهم في القدس. لم يقبلوا قليلَ ما لفت نظرهم إليه الرئيس محمود عبّاس واقترحه عليهم، فالتجأوا إلى ما يجيدونه وأجاده، مثلهم وقبلهم، فرسان دجلة وبردى: هروب وبكاء على حَمْلٍ لن يكون بالتصفيق ورفع القبضات لتساند حنجرة "العريس" يقضي ليلة دخلته هاتفًا: "بدنا أولاد وبدنا أولاد".
مَن عَقد على ذلك الملتقى أملًا، كان كمن يتوقع خيرًا من حكّام الدوحة والممسكين بخيوط الدمى على ذلك المسرح المصنوع من ذهب أسود ومغطى بعهر. القضية لا تنحصر بما لم تفز القدس به عمليًا وفعليًا. فالقضية أخطر، لأن ما اقترحه صاحب النعمة في الدوحة، مثله مثل ما اعتادت العرب تسميته "جبّ المذاكير"، فحينما يُختَزَل وعدُ العذراء المرهون بشطحة عتيدة لبيادر الأمم الغريبة، لن تزغرد أمٌ ولن تتراقص شقائق. للعذراء أن تنتظر بحزنِ نبعٍ يجف ودهشةِ سفينةٍ تغرق.
والأخطر، كذلك، هو شرعنة الوقاحة والتواطؤ. فلسطين، صاحبة التاج والجرح تهيب وتنادي وا قدساه! وابن يعقوب يناجي أحفاد قيصر ويطلق للخيانة براعم وأظافر، فيختلط الأقحوان وشوك المُدى.
غريبة هي نفوس العرب تلك ومريضة. وفاءٌ تعلّمنا عنه صغارًا ما عدنا نجده بعد موت جدودنا وبعد أن أصبح خير جليس في الأنام فيسبوك وميل وفتوى! جهلٌ يفوح مع كل برميل نفط يصدّر ويسيح ريعًا على خلفاء ورؤوس قبائل وترويعًا على سلاحف فقدت دروعًا كانت تحميها. أمةٌ معظم أبنائها يجيدون أكثر ما يجيدون النفاق، يضعونه أكاليل على جباهٍ ما شاهدت شمسًا طالعة وأجسادٍ كأنّها تزمجر مكسوةً بفرو كبش.
فبالدوحة تكلّم من تكلّم. فلسطين أدلت ببيانها وكان بيانَ عقل وقلب وصاحب حق وضمير. لكن القول في الدوحة، وا قدساه، قول يوسف. فيوسف هذا يا أبي، ليس رئيس دولة ولا مجرّد أمير أو وزير أو محافظ، ولا حتى مواطن مثلي ومثلك، إنّه شيخُ الشيوخ وعلّامة العلماء، من مشارق الأرض إلى مغاربها، وهو إنْ قال يفقه وهو بكل شيء فقيه. جرمٌ أن نسائلَه وعظيم أن نستهمه بغمزةٍ أو بحاجب يُشدَهُ من عجب فلا ينطبق. فهناك يا أبتِ القول قول يوسف ولذا أفيقوا يا سادتي العرب واسمعوا وعوا (ولتناموا يا غَرَب) واسمعي يا فلسطين التي هناك والتي هنا: لن يأتيك المسلمون ولا العرب، إنّي كما يحلو لك أو كما تشتهي سكين صهيون، وانزفي كما عيون العذارى في مواسم هجرة الفَراش أو كما علّمك هولاكو وانسفكي دماءً كما آبار نفط صحارى عدنان المعذب تسفك على موائد التحشيد والتجييش من أجل عرسك القادم، فانا يوسف أعدكم بفرح لم تشهده عذارى بابل ولا جلّق، وأعدكم بخيل تمنّاها ابن مقدونيا وآغات ذاك الزمن الحارق، تمنوا وهيهات منهم الخيل، أمّا أنا فأعدكم بالنصر فهيهات منك يا قدس المهانة والذلة.
كدت أضيّع نهاية الخطبة وكلما رفعت صوت تلفازي لأنتشي بليل العسل وحلو الوعد رفعت ابنتي صوتها وصوت صديقتها وكانتا تحفظان بيت شعر يقول "بئسَ القضاء الذي في الأرض أوجَدَني/ عندي الجمال وغيري عنده النظرُ/ وظلّت "الدوحة" الحمقاء عارية/ كأنها وتدٌ في الأرضِ أو حجرُ". قفزت ناحيتهما مستهجنًا، فالنص، بدأت استذكر، روى عن تلك التينة الحمقاء ولم يذكر الدوحة. أسكتتني ابنتي وعلى صدى ما تناقلته الفضائيات من تلك الدوحة، راجعت معهما ما علَّمنا أبو ماضي أطفالًا، قبل ما اندثرت بيادر قرانا، كيف تكون الحماقة وعلّمنا إلي أين يؤدي الغرور ونهاية الحمق.
التبست علي مكاسب ذلك المؤتمر كما عدَّت. فهدأت حينما تذكٌرت أنّ بعضًا من قادة جماهيرنا العربية في إسرائيل شاركوا في ذاك المؤتمر، مستبعدين الاستنكاف عن مد يد العون لنداء القدس، رافضين أن يفهم البعض مشاركتهم كإشهار موقف داعم لما يقوم به الأمير وما يدعو إليه من تدخل أجنبي في سوريا، بعدما أوصل دوره ليبيا لما وصلت إليه، فهم حتمًا سيؤكدون أنّهم سمعوا الدعاء الذي سيحمي بلاد العرب مما يكيده لهم الكفرة الصليبيون أتباع بوش. وسمعوا كذلك ما دعا إليه الرئيس محمود عباس، وما دعا إليه راعيهم هناك، وسمعوا كذلك ما وعد الشيخ وما حظر، وهم طبعًا يؤيدون ذلك كله ويؤيدون كل من تحدث هناك، وطبعًا يؤيدون ما نقوله هنا.
يجب تأييد كل ذلك، طبعًا، لأنه يصب في مصلحة تحرير القدس. ومن يحاول التقليلَ من أهمية مشاركتهم فردًا فردًا ووفدًا وفدًا يكون محرضًا ولا يريد للقدس خلاصًا، ويكون عمليًا من مؤيدي باروخ مارزل. ربي، من باروخ مارزل هذا؟!


[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خوفٍ مِن وخوف على
- إن شئت فعِش!
- لقاء في قانا
- خضر والتنين
- نمورٌ وقطط
- لمن نكتب؟
- كلنا في العزاء سواء
- استكشاف
- ميلادٌ في كابول
- طريق نحلتين إلى السماء
- آية للرجال
- نسمةٌ أقل
- مزمور للنقب
- بسمة وعبسة
- -هيدرا- على الأبواب
- حديث غرناطة
- من نامَ لم يدرِ طالَ الليلُ أم قَصُر
- هنا أولا
- القابض على الماء...
- أتتكَ بحائنٍ رجلاهُ


المزيد.....




- -يهدف إلى دفن فكرة الدولة الفلسطينية-.. فرنسا تدين مشروع إسر ...
- الولايات المتحدة تعلق التأشيرات الإنسانية للقادمين من غزة بع ...
- -الزرفة-.. كوميديا سعودية تحطم الأرقام القياسية في شباك التذ ...
- هل تبنى ترامب مطالب بوتين في قمة ألاسكا؟
- ما ملامح الاتفاق الذي يبشر ترامب بقرب التوصل إليه مع بوتين؟ ...
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله وتنديد فرنسي بمشروع استيطاني ...
- حماس والجهاد الإسلامي تدينان العملية الإسرائيلية شمالي قطاع ...
- رئيس وزراء السودان يوجه رسالة لشعب كولومبيا بشأن المرتزقة
- أبيدجان.. سوء فهم أعطاها اسمها
- هل يشهد موقف ألمانيا من إسرائيل تحولا تدريجيا بسبب غزة؟


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - دروس تينة