أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لمن نكتب؟














المزيد.....

لمن نكتب؟


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 22:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لمن نكتب؟

جواد بولس

يشفق بعض الأصدقاء على حالي فيبادرونني، من حين إلى آخر، بسؤال أعتقد أنّهم لا ينتظرون الإجابة عليه. لماذا تكتب؟ ولمن تكتب؟ لماذا تضيّع هذا الوقت في كتابة أسبوعيّة تخصّ فيها النّخَب؟ شعبك لا يقرأ!.
لا أجيبهم. فبعضهم يحبّني ويعزّني إلى درجة لا ينفع معها اتزان الشرح وعقلانيّته، وبعضهم أسير يأس من واقع دولة مأزوم خبيث وحالة مجتمع يعاقََب أفراده بما صنعوا. مجتمع يسوده جهلٌ أحلك من العتمة، ويقهقه في سراديبه الجحود ويعنّ في دواوينه الرياء. لمن تكتب، يا عزيزنا؟ "والشنب" تنكّسه حفنة من شواقل والوعود تُنحَر على مدرّجات سباقات المختالين من فرح خلف الغنائم.
أعاني من السؤال ولا أعاني من الكتابة. فالكتابة شفاء وارتواء. وهي كالبخاخات الطبية، توصف لمريض "الربو" يتنشّقها كلّما انسدت رئة وضاق بلعوم ومريء.
لمن تكتب يا عزيزنا؟ يلحّ السؤال، والصمت اعتُمِد سيّدًا للسلامة والنجاة، والقبو أصبح مأمن الفالحين الظافرين بوظيفة/بعقد يضمن لهم اللحم ويهيئ للشحم فرص التناثر؟ لمن تكتب يا عزيزنا؟ وبيوت شيّدت للرب كي يرعى ويهدي فهَجرت طاقاتها مطوّقات وغشتها غربان، وكي يلمَّ الرب حبل أحشائهم التي بقرتها جواميس التلاع الشاردة، فأمست مصانع فتن تستوطنها أفاع وعقارب ويمرح فيها تجّار الذمم والفضّة والتناسل.
الأكثرية لا تسائل عن جدوى الكتابة في عصر الجفاف والعطش. وسادتهم الخالية/سؤالهم كان، ما العمل يا عزيزنا؟ سؤال الوجع والتيه والقلق.
يحاصرني السؤال في المجالس. أصدقاء ومعارف وقرّاء يفاتحونني بهذه اللهفة. بعضهم يصرخ عن ضياع، وقلّة تتأوه عن يأس وضجر. بعض المقالات أحدثت حراكًا فاهتزت أغصان، لكنها لم تسقط ثمرًا. لذا أمضي وقلمي على راحتي يستثير كلّ قارئ قلق من الواقع الذي يعيشه وكل غيور مستفز من عجز لا مبرر لعدم مجابهته.
أكتب لكل أنثى وذكر، يقرّ بأن مركباتنا تتدحرج بسرعة الطيش ورصاص الحقد والغدر على منزلق خطير، أكتب لكل من يعي بما يتعدى "الببغنة" أننا قاب قوس وأدنى من أن نُحكم في إسرائيل من قبل نظام حكم تنطبق عليه معايير التعريف العلمي للنظام الفاشي.
أكتب لكل من خسر ثقته بقيادة انتخبها لسلطة محلية فخذلته حين تكشّف البَرَص على سيقانها، وأكتب لكل من رفع على أكتاف أحلامه زعيمًا أرجواني الملامس، أو قائدًا جبّارًا حلَّق على جناحي الخديعة والجهل وذاب على زند دليلته. زعماء كللنا من رماديّتهم وحدقات عيونهم الزائغة فأفقنا لنجدهم، مَن يستمطر رحمة سيّد الغاب ويدعو له بالخلود وبجنات وهناء، ومَن يأخذنا إلى حيث الذكرى والطرف الأغر محصّنًا من معاتبة واستفسار. وآخرون يطيرون ليسوسونا بالريموت وما يأمر به صاحب النفط والوعد "العديدي"، قياديون يجاهرون بفرحهم بالربيع وشرطهم/صلاتهم أن يزهر هذا هناك على ضفاف دجلة والنيل وتونس الخضراء، أما هنا فلا بأس أن يكون الخريف سيّدًا وأن يبقى، فهو أجمل الفصول، مفيّض القرائح ومشعل الخيال.
أكتب لكل من تعلّم وتثقٌف وبنى كيانًا لا يجاريه كيان من العزّة والكرامة والإباء، فنام على وسائد من غار وريش نسور وأفاق على أزيز رصاص يتطاير بين الأرائك وأرجل المستقبل الجريح، وعلى هدير حناجر جهلاء ومنتفعين يختطفون الفرح، يهرولون في خطوات أشباح تتسارع إلى المسالخ، والبشر كالقطيع يدب ويهوي بأفواه كسّارات ناءت بجبال بلعتها فحدّقت منهكة من تخمة ومن غبار.
أكتب لكل من يعرف الوجع ويشخّص الداء ولا يحرّك ساكنًا. لكل من هو قادر على رفع سبابة ويؤثر سلامة اللحظة في قبوه على رعد الحقول وبرق الجبال.
أكتب لكل من جرّب وقُرص، وبدلًا من أن يغلق الجحر كي لا يقرص ابنه، آثر أن يبتعد ليغنم وبعده فلتكن لدغات ولـ"يطرطش" سم.
أكتب لكل من يعرف أننا نستطيع إيقاف النزيف وتضميد الجراح ونستطيع ضم القبضات وشد السواعد ونتقن، إن أردنا، إغلاق باب الريح المزمهرة في مخادعنا.
أكتب لنبدأ بمسيرة تطهير حقولنا التي سمموها بالحقد وإعداد بيادرنا التي ملأتها الصراصير وتجّار التخدير والهذيان، أكتب عنّا ولنا، نحن المؤمنين بالربيع مهما طال الخريف.
في آخر محادثة مع أصدقاء، اقترحتُ أن يكتب كل معني قائمة بعناوين ما يعدّه أخطر ما يواجهه مجتمعنا من مشاكل عينية عامة، وعلى ورقة ثانية يكتب المعني ما يراه من حلول وآليات عمل لمجابهة المخاطر التي عدّها. تجمع هذه المقترحات لدى جهات محايدة غير حزبية (مثل جريدة "الحقيقة" وجريدة "حديث الناس" وغيرهما، وعناوين ألكترونية معروفة). بعد استلام أوراق المعنيين تفرز النقاط التي حظيت بإجماع واسع وفقًا لتصنيفها ودرجة خطورتها، وكذلك تفرز قائمة الحلول المقترحة. تتلو هذه العملية عملية تحضير لاجتماع يدعى إليه كل من شارك وأبدى رأيه واستعداده، ومن هناك نتفق على الانطلاق للعمل والمواجهة.
بعض الأصدقاء حاولوا طمأنتي فهم على قناعة أنّ الله معنا ونصرنا حتمًا آتٍ. أمامهم تساءلت وأكرر، إذا كان الله معنا فمن مع هؤلاء الراقصين على بيادرنا والقابضين على قصباتنا والجاثمين على حجابنا الحاجز؟!
ببساطة، أنا على يقين أن كثيرين مثلي يذبحهم القلق وفي مواقع كثيرة يجتمعون والحديث اجترار للوجع. في كل المواقع نحيب وتراجع. لجميع هؤلاء أكتب، عسانا، معًا، نهز أغصان العمر فتكرج الثمار.
ببساطة، لنكفّ ونريح أسئلة الهياكل والمحاور والمتاريس، فلقد تعب السؤال من السؤال. فهيّا إلى عمل.

[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا في العزاء سواء
- استكشاف
- ميلادٌ في كابول
- طريق نحلتين إلى السماء
- آية للرجال
- نسمةٌ أقل
- مزمور للنقب
- بسمة وعبسة
- -هيدرا- على الأبواب
- حديث غرناطة
- من نامَ لم يدرِ طالَ الليلُ أم قَصُر
- هنا أولا
- القابض على الماء...
- أتتكَ بحائنٍ رجلاهُ
- طوبى...
- رسالة وجواب
- كم أخشى هذا الأمل
- فجر أم عاصفة؟
- لم يأكلني الذئب في حيفا
- سراب الفؤاد


المزيد.....




- -مازلت أسمع أصواتكم-.. نانسي عجرم تشارك متابعيها لحظات من حف ...
- قطر: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران أنتج -زخما- لاستئناف ...
- البرلمان الإيراني يمهّد لقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطا ...
- الحكم الثاني على القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي بالسجن عشر س ...
- كيف انتهت مواجهة الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل؟
- أطفال سيفورا ـ الهوس بمستحضرات العناية بالبشرة رغم المخاطر
- الجيش الإسرائيلي يقتل المزيد من الفلسطينيين المحاصرين والجائ ...
- البرلمان الإيراني يوافق على مشروع قانون لتعليق التعاون مع ال ...
- ضبابية موقف ترامب بشأن الالتزام ببند الدفاع المشترك يلقي بظل ...
- مدينة تبريز موطن الأذريين شمالي غربي إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لمن نكتب؟