أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - كم أخشى هذا الأمل














المزيد.....

كم أخشى هذا الأمل


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3494 - 2011 / 9 / 22 - 21:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


على غير عادتي، أفقت اليومَ ولم أسرع في مغادرة البيت لأتجه إلى حيث أعمل في رام الله. لا من كسلٍ تلكأت ولا مِن غنج مَن ولِدَ في أيلول، بل حاولت التأكد أنّ طريقي "سالك" وأن جيش الاحتلال لم يغلق حاجز "قلنديا"، فمنذ الصباح الباكر التقطتُ بعض الإخباريات التي أفادت أن "محور قلنديا" معطّل ولن أقدر على دخوله. انتظرت حتى أصبح الانتظار لا يطاق وأقرب إلى عقوبة لا مبرّر لها.
عليّ أن أصل رام لله، فإدمان العمل، لمن هو في عمري، صحّة وعلاج، وهو أوفقُ عندما تلازمه فائدة ويصاحبه نفع لشريحة لولا ما قدّمته في تاريخ فلسطين ما وصلنا إلى أيلول وما "نيزَكَ" أمل. فالعمل مع ومن أجل أسرى الحرية والأمل هو رسالة نحاول نحن في "نادي الأسير الفلسطيني" أن نفيها بعض الحق والواجب.
لكن رام الله اليوم محطتي لأنٰني أريد أن أكون مع آلاف من بنات وأبناء فلسطين، بدأوا منذ ساعات الصباح الباكر يتقاطرون من فضاءات رام لله، من كل قرية وخربة وحي إلى صرح صاحب الوعد والحلم، فاللقاء في ظلّه والمسيرة من هناك ندىً على صبح ياسر وإيفاءً لوصيّة "معلم العْمَار" يحملها البنّاؤون إلى أن يزهر الأمل وتقوم دولة فلسطين.
أغادر بيتي وبعد دقائق أصل حاجز قلنديا. لوهلة خيّل لي أنّه مهجور. لا مركبات تتنافس وتحشر كالسيوف في غمد ولا راجلين يتهيأون لرحلة عذاب ومهانة في علب مدهلزة غدت علامات تعريف لمحترفي القمع والإذلال العصريين. الحاجز مغلق ولكن دخول رام الله جائز باستدارة خفيفة ورشيقة لمن أدمن المكان وخبِر مفارق الخطر.
الشوارع المؤدية إلى دوٌار الساعة مغلقة في وجه المركبات. طوابير من شعب تحث خطى الصباح وكأنها على ميعاد مع نسمة أو خوفًا من خسارة غيمة أو فوات المشهد والصدارة. أطفال بعربات الوليدين وشيوخ يتكئ بعضهم على ذكريات شباب ولٰى وآخرون على بسمات السماء التي كانت كلّها فلسطينية السمات والقسمات. أجيال كفيلة بأن تغطي سنيّ رزنامة التاريخ، منذ بدأ بوعكة وتحوّل إلى وخزة وتجلٰى بنكبة وتعرّى بنكسة.
أجيال، مرايا تشهد على التنهيد المباح والحسرة وتصرخ بألم دفين وأمل يتولّد وعزة كالمسنّات، هكذا بدت شوارع رام لله كالشرايين لكن لا دماء ولا أنين، تنبض وتنبض ولا يفوح غير عرق الفرح ولا يتطاير إلا بريق عيون العاشقين والحالمين.
جموع ملأت رام لله بعهد جديد وصلاة. فلسطينيون يحيون أملًا كادت سكرة الدم أن تضيعه وطيور الظلام أن تدفنه تحت ركام الكلام وهزال النشيد وما صدئ من سيوف وخناجر!
نعم في رام لله كان الأمل طافحًا إلى حد الخوف. خوف عليه لا منه. في رام الله لم ينتظر أحد ما ستفعله إسرائيل لأنها، ستخسر لا محالة، هكذا أكدت "الكلمة" وهكذا ستكفل حكمة الفلسطيني معززة بسطوة الحق وعهد المؤمنين والمؤمنات. وفي رام لله لم يتوقعوا خيرًا من أمريكا ولا من أتباعها، فهؤلاء آثروا وتعوّدوا على الخريف ولهم ستبقى صفرة الأفق، أما لفلسطين وشعبها فستبقى حمرة الربيع وخضرة السنابل وزهر اللوز وأكثر.
في رام لله كان من يحب "الرئيس" ومن لا يحبّه. في رام الله كان من يصلي مع الرئيس ومن خلفه ومن بجانبه ولكن آخرون مِن مَن ليسوا على دين "محمود" كانوا كذلك. في رام لله كانت حكمة ونضوج وقبول بما يقوم به "الرئيس" ومن معه في القيادة. كانت كذلك قناعة بأن ما يجري الآن لم يكن إلّا تتمة لمسيرة طويلة وحكيمة جعلت من "فلسطين" كيانًا ذا جهوزية ليكون دولة عصرية مقبولة في عائلة الشعوب.
هناك في دوار الساعة كانت وجوه مشرقة كاشفة مضيئة، لا لثام ولا بنادق مشهرة في وجه الردى والقدر والآخرين. جموع، هكذا يبدو، قبلت وقنعت بما قاله وردده رئيس وقيادة ماضون بخوض معركة الحق وإعلان الدولة وقادرون على مراكمة التأييد والنقاط لصالح قضية غبن وما زال حقها مغموطًا.
كان النهار مميزًا في فلسطين فالآلاف استنفرت وملأت شوارع المدن والقرى بالزغاريد والأناشيد والأمل. فلسطين، اليوم، كانت الحبيبة وكانت الخيمة والوعد. ورام لله اليوم امتلأت بأبناء الأرض، أناس عاديين توافدوا من غبطة وفرح وسرور بالوعد ورائحة الفجر القريب ولذا لم يأبهوا لخطباء جاؤوا ناقلين التحيات والعهد والطمأنة ولم يصغوا إلا لنبضات قلب الحبيبة وأناشيد "العاشقين" الأبديين!
كم كان الآمل وديعًا وكبيرًا وخفّاقًا وعاديّا في رام لله ... فهل سيزهر هذا ويضوّع شذاه على روابي فلسطين ووهادها؟ كم أخشى هذا الأمل.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فجر أم عاصفة؟
- لم يأكلني الذئب في حيفا
- سراب الفؤاد
- بيضٌ وحياءٌ وثورة
- لولا الحياء لهاجني استعبار
- منبت العيدان
- إن مع اليوم غدًا
- معهن الحياة أفضل
- مرمرة -الطيب-
- بين ظنٍّ ويقين
- التجاربُ كالمِسَنّ
- جنى المستقبل
- رويدك.. واحكم!
- إنها العاصفة
- نريد طلابًا يحبون
- مجاز كروي
- -عاش البلد مات البلد-
- أنوماليا
- الرؤيا أم الرؤية؟..
- للبدايات فرحٌ


المزيد.....




- تحليل.. لماذا يُعدّ إقناع بوتين بالجلوس مع زيلينسكي الاختبار ...
- مواجهة في الظل بين تل أبيب وطهران.. هكذا تعمل إيران على إعاد ...
- نظام -العقوبات الثانوية- الأمريكية .. أداة ضغط لتحييد الطرف ...
- الولايات المتحدة: -إيرين- يزداد قوة بعد أن تطور إلى إعصار خط ...
- ضباط استخبارات إسرائيليون: قتل الصحفيين ضروري لإطالة أمد الح ...
- أوروبا تتظاهر بـ42 ألف فعالية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- مقتل شرطي باشتباك مع مسلحين جنوب شرقي إيران
- أميركا توقف تأشيرات الزيارة لفلسطينيي غزة
- خبير أمني: استهداف الصحفيين في غزة حملة ممنهجة وليس خطأ عارض ...
- الذراع المتواري لبوتين.. في أي طريق يمشي مهندس السيطرة الروس ...


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - كم أخشى هذا الأمل