أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لم يأكلني الذئب في حيفا














المزيد.....

لم يأكلني الذئب في حيفا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3481 - 2011 / 9 / 9 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شاركت مساء السبت الفائت في مظاهرة الآلاف في جادة بن غوريون في حيفا. ولست آسفًا ولا نادمًا. ففي جميع الأحوال، من الأفضل أن نأسف على عمل قمنا به بدلًا من عمل لم نقم به، فعلى هذا الأخير سيكون أسفنا/ندمنا مطلقًا.
هكذا أفادت حكمة الفيلسوف، وهكذا ميّزت الأيام بين من يجتهد ويكد ويعمل فيجازى أو يقاضى، وبين من يحترف الجلوس على مقاعد ما مر من مرٍّ التاريخ ويصيخ السمع لصهيل أحصنة تركت هناك على فوهة البئر المهجورة، فهذا لن يجازى ولن يسأل أو يساءل لأن الأيام تمضي والحالمون يموتون كما يموت النحل والنمل أيضًا، فينتهي كل شيء وربما عندها سنجد جميع الأجوبة أو نكف عن السؤال.
لست على يقين ولا أعرف إن كانت مشاركتي في مظاهرة احتجاجية في حيفا أو تل- أبيب ستسهم حقًا في حلّ قضية فلسطين وقضية مستقبل الجماهير العربية في إسرائيل. ولست على يقين أن ابن يعقوب واسحق الذي سار إلى جانبي وحاول أن يشبك يده بيدي لن يفرم أصابعي ولن يمسني بداء "الذئبة" لأن الأسطورة تتيح للمجاز جمالية الإحالة والتناص حتى لو بعدت الفكرة واستعصى اللقاح. فذئبة روما أنقذت ريموس وروميلوس فغديا الأبوين المؤسسين لإمبراطورية ما غابت الشمس عنها ولحضارة ما زالت خميرتها تنضج وتثري. أما الصهيونيّة "الذئبة" فقد نهشت عرضي وأرضي وسقت حليبها لأصحاب العجل فتمكنوا من عجل أجدادي الذين عاموا على "عجلٍ" وهاموا على "عَجَلٍ".
لا تشابه بين ذئبة الأسطورة والصهيونية الذئبة فالفرق هائل، من النقيض إلى النقيض، أو إن شئتم كالفرق بين الحياة والعدم، فأسطورة ذئبة روما خيال أحيا وبنى وعمّر ووهب الحياة لطفلين ألقيا لبئس المصير والفناء، فكان حليب الذئبة ترياقًا وحياة وحضارة، أما "ذئبة" الصهيونية فمكّنتها أرانب الحقل وسناجبه من نفسها فكادت أن تتحول إلى أسطورة لولا أولئك الذين آمنوا وأرادوا وجعلوها واقعًا ودولة وكيانًا. (بالإشارة إلى فكرة مقال بقلم الأخ علاء حليحل بعنوان "الاحتجاجات الإسرائيلية: عن العجول والرضاعة من الذئبة" - منشور في موقع قاديتا).
وها أنا أجد فيما قاله علاء سببًا وجيهًا إضافيًا لمشاركتي ذلك "الجمهور، صحيح انه جمهور متنوع، لكنّهم ما زالوا مثل "روميلوس" و "ريموس" يرضعون الحليب من الصهيونية الذئبة". أحقًا أنهم بناة روما وحليبهم حليب القدر أنعمت به عليهم السماء فعاشوا وأنقذوا من موت وضياع وفناء محققين! فإن كانوا كذلك، وهم ليسوا، فلا ضير بالشراكة.
وإنني على يقين بأن مشاركتي في مظاهرة يصرخ فيها بضع عشرات أو مئات الآلاف من شعب كان آباؤه غزاة لأرض آبائي، قبل أكثر من ستة عقود، يصرخون من أجل عدالة اجتماعية تنصف جميع من على هذه الأرض، لن يرتق غشاءً فُضّ ولن يعيد ما سلبه الذئاب والضباع والأسود، لكنه ربما سيصون بكارات شقائق النعمان الجليلية.
وإنني على يقين أن مشاركتي في مظاهرة تحرّك ما أسن من ماء مستنقع يُغرق كل حيّ ويكاد يطمر بوحله جميع ما ومن يحيطه، أفضل أو عساها تؤدي إلى وضع يكون أفضل ممّا نحن فيه وعليه. أفضل لجميعنا عربًا ويهود.وإنني على يقين أنني حين أشارك في إعلاء صرخة الفقراء والمحتاجين والمسلوبين كرامةَ الإنسان الحر الشريف لا أغفل ولو لثانية أن من يسير بجانبي كان قبل يوم أو سيكون في غد جنديًا في جيش يمارس موبقاته ضد أبناء شعبي الفلسطيني، لكنني أعي في الوقت نفسه أنني وبمشاركتي هذه الاحتجاجات أحاول أن أقرّب المصباح شبرًا أو فترًا أو عقلة إصبع لأضيء ظلام ليل هؤلاء الذين احترفوا سطو الليالي وقنص الغابات عساهم يدركون أن لا كرامة ولا حرية ولا عزة لظالم وقاهر ومحتل.
في هذه المظاهرة وفي غيرها سمعت همس الصواري وأنين الصحوة تتسلل بين فينة وأخرى لتعلن أن لا مفرّ: علينا أن نمحوَ عبء ولعنة تلك الخطيئة الأولى ولنعد إلى المربع الأول وإلى عين العاصفة والإعصار لإننا شعب ودولة محتلين لشعب آخر.
لست بساذج ولا برومانسي ولا بحالم بشحم حورية شقراء أو لسعة "بهكنة" سمراء، لكنني أسأل كما سألت المعارضين المكتفين بالتنظير والنقد والانتقاد وتكثيف الاجتماعات التي فيها نتدارس الأوضاع ونلقي بيانات التحليل والتشخيص والانتشاء من عذوبة وسهولة استرسالنا ورصّنا لمنمق الكلام ومبرهج الشعار، أسأل: ما بديلكم؟ أو أي ضرر وطني أو قومي أو ثوري أو طبقي، تكتيكي أو استراتيجي، تسببه مشاركة بعض القوى العربية في هذه المظاهرات؟ ما هي الأضرار المباشرة أو غير المباشرة التي تسببها هذه المشاركة؟ ولمن منكم ولماذا؟ ما هي العراقيل التي تزيدها وتضعها هذه المشاركة؟ وفي طريق من؟ وأيّ مشروع نضالي كان قاب قوس من الإنجاز والاستواء حتى جاءت هذه المشاركات وأفشلته؟ .
من يشارك عن موقف، يؤمنُ أن لا مستقبل لهذه الدولة إلّا إن ضمنت العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية والمساواة لجميع سكان الدولة، وهؤلاء يتهمون بالواقعيين والإسرائيليين فلا بأس.
من لا يشارك عن موقف، يؤمن أن لا حظ لتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية والمساواة لأن لا مستقبل لهذه الدولة! هؤلاء ليسوا بالواقعيين ولا بالإسرائيليين ولا بأس أيضًا!
أمّا أنا فلست من المتفائلين لأنه قد قيل أن المتفائل لن يكون شجاعًا، فهو يخشى أن ينظر في عين الموت/القدر!. ولست من المتشائمين لأن الحكيم لن يكون متشائمًا أبدًا، فأنا أشارك لأنني أحب الحياة، أحبها لي ولكم ولهم وللجميع.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سراب الفؤاد
- بيضٌ وحياءٌ وثورة
- لولا الحياء لهاجني استعبار
- منبت العيدان
- إن مع اليوم غدًا
- معهن الحياة أفضل
- مرمرة -الطيب-
- بين ظنٍّ ويقين
- التجاربُ كالمِسَنّ
- جنى المستقبل
- رويدك.. واحكم!
- إنها العاصفة
- نريد طلابًا يحبون
- مجاز كروي
- -عاش البلد مات البلد-
- أنوماليا
- الرؤيا أم الرؤية؟..
- للبدايات فرحٌ
- صوت من الجبل
- قوتُكَ لا قاتُهُم


المزيد.....




- فر عبر سياج ليسقط بحفرة عميقة.. قصة إنقاذ حصان هارب من مزرعة ...
- أول تعليق من بوتين بعد قمة ألاسكا مع ترامب
- -حد يبلغ الصغار-.. علاء مبارك يعلق على فيديو لمسؤول فلسطيني ...
- الجزائر: عشرات القتلى والجرحى بحادث سقوط حافلة ركاب وتبون يع ...
- ما أبرز ما حدث في قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين؟
- فيضانات مفاجئة في باكستان تقتل المئات، والأمطار تعيق إنقاذ م ...
- -رفع العلم الإسرائيلي- خلال احتجاجات في السويداء، وممر بصرى ...
- -سنسعى لزيادة الضغط على إسرائيل-.. رئيسة وزراء الدنمارك: نتن ...
- سياسي ألماني بعد قمة ألاسكا: أوروبا مطالبة بتحمل مسؤولية أمن ...
- فرنسا تدين -بأشد العبارات- موافقة إسرائيل على مشروع استيطاني ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لم يأكلني الذئب في حيفا