أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حزب العمال التونسي - على هامش كارثة -تسونامي-: الجشع الرأسمالي يمنع الإنسانية من تطوير تحكمها في الطبيعة















المزيد.....

على هامش كارثة -تسونامي-: الجشع الرأسمالي يمنع الإنسانية من تطوير تحكمها في الطبيعة


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 1098 - 2005 / 2 / 3 - 10:40
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


ما لا يقل عن 250000 ألف قتيل وعن 5 ملايين نسمة مشردين و1,5 مليون نسمة لا يصلهم الغذاء، هذا عدا الأضرار المادية التي لحقت بالممتلكات والبنى التحتية والتي تقدر بحوالي المليارين من الدولارات!! هذه هي النتيجة الظرفية وبالتالي القابلة للارتفاع، للكارثة الطبيعية التي حلت بعدد من بلدان جنوب شرقي آسيا (أندونيسيا، الهند، سريلانكا، تايلاندا، جزر المالديف، بيرمانيا، ماليزيا، بنغلاديش…) إثر الزلزال البحري الذي حصل يوم 26 ديسمبر 2004 بالمحيط الهندي قبالة جزيرة سومترا الأندونيسية، والذي سبب مدا بحريا (تسونامي) هائلا بلغت أمواجه العاتية التي جرفت سواحل تلك البلدان، ما بين 5 و10 أمتار، مع العلم أن آثار هذا الزلزال الكارثي امتدت حتى شرقي إفريقيا (الصومال، طنزانيا، بوتلاند…) الذي يبعد حوالي 6 آلاف كلم عن مركز الزلزال وحتى سواحل اليمن…

ولقد أثارت مرة أخرى هذه الكارثة الطبيعية إشكالية علاقة الإنسان بالطبيعة وتحديدا مدى بذل المجموعة الدولية المجهودات اللازمة لمواجهة الكوارث. ومما يزيد في إلحاحية إثارة هذه الإشكالية ما يتوفر اليوم من إمكانات علمية وتكنولوجية قادرة مبدئيا إن لم يكن على التحكم في أسباب تلك الكوارث فعلى الأقل، على التخفيف من وطأتها وخصوصا من حدة الخسائر البشرية التي تسببها. فلقد صرّح أكثر من اختصاصي أنه وإن ليس بالإمكان إلى حد الآن التنبؤ بمكان حدوث الزلازل وتوقيته فإنه بالإمكان وضع أنظمة إنذار مبكر لتنبيه السكان ساعة حدوثها وتجنيبهم انعكاساتها الخطيرة على حياتهم. فعلى سبيل المثال، يقول هؤلاء الاختصاصيون إنه لو وجدت في سواحل المحيط الهندي أنظمة إنذار مبكّر على غرار الأنظمة الموجودة في سواحل كاليفورنيا الأمريكية أو في اليابان لأمكن إنقاذ حياة الآلاف ممن قضوا نحبهم في البلدان المنكوبة لأنه كان من الممكن إطلاق الإنذار ساعات قبل وصول المد البحري خصوصا بالنسبة إلى بلدان مثل تايلاندا وسريلانكا والهند.

ولكن المشكل كل المشكل يكمن في أن الوسائل التكنولوجية والمال الضروري لإنتاجها واستخدامها وتعهدها وصيانتها تحتكرها حفنة من الدول والشركات الاحتكارية الرأسمالية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها المتعددة الجنسيات. وهذه الدول والشركات ليس همها استخدام التكنولوجيا الحديثة لمساعدة الإنسانية وخاصة منها في البلدان الصغيرة والفقيرة والمتخلفة على حل مشاكلها وتحقيق تقدمها، وإنما استخدامها لكسب أقصى معدلات الربح. كما أنها تخصص أضخم الميزانيات لتطوير الأسلحة الفتاكة وشن الحروب على الدول والشعوب الضعيفة. فالميزانية الحربية للامبريالية الأمريكية لعام 2004 مثلا تجاوزت 350 مليار دولار وهي ميزانية أكبر من الميزانيات العسكرية لأكبر دول العالم الأخرى مجمعة. وقد صرفت نفس الامبريالية إلى حد الآن عشرات المليارات من الدولارات على الحرب التي شنتها على العراق وعلى تغطية مصاريف احتلاله ومواجهة مقاومة شعبه بينما هي لم تقدم للبلدان المنكوبة وتحت ضغط الرأي العام الأمريكي والدولي سوى 350 مليون دولار وهو مبلغ لا يتجاوز واحد من ألف 1/1000 من ميزانيتها العسكرية.

ومما يبرز نفاق الدول الامبريالية محدودية المساعدات التي قدمتها إلى حد الآن للبلدان المنكوبة. فهذه المساعدات لم تتجاوز المليار دولار ونيف وهو مبلغ محدود جدا مقارنة بما تصرفه هذه الدول على التسلح وعلى اعتداءاتها على الشعوب الأخرى. والأخطر من ذلك أن هذه المساعدات قد لا تشمل أموالا جديدة بل قد تقتطع من الأموال المخصصة لمساعدة السودان في التخلص من آثار حرب أهلية دامت 21 عاما، وهو ما نبهت إليه وزيرة التنمية النرويجية ورئيسة إحدى المنظمات المانحة السيدة هيلدا فرافيورد جونسون التي صرحت:" أخشى من احتمال أن تؤخذ المعونة من إفريقيا (…) إذا كان يفترض أن فقراء آخرين سيدفعون تكاليف مساعدة المعوزين بعد كارثة موجات المد (…) فإن هذا غير أخلاقي". وإلى ذلك فإن الدول الامبريالية وعوض أن تلغي مديونية البلدان المنكوبة اكتفت بتعليق وقتي لتسديد تلك المديونية.

وبطبيعة الحال فإن الحكومات البورجوازية للبلدان المنكوبة تتحمل جزء من المسؤولية أيضا في ما حصل. فهذه الحكومات تصرف بدورها مليارات الدولارات على التسلح وتغدق مثلها على أصحاب رأس المال المحليين والأجانب لتوفر لهم ظروفا مناسبة لاستغلال شعوب بلدانها التي لا يجد الملايين منها سوى النزوح إلى المناطق الساحلية التي تجلب السواح بحثا عن مورد رزق. وقد هلك العديد منهم في الكارثة الأخيرة. وما من شك أن الناس تفطنوا إلى ما تحاول ترويجه بعض الأوساط الرجعية في البلدان المنكوبة من أن الكارثة التي حصلت "قدر محتوم لا يمكن تجنبه" في ما ذهب آخرون إلى القول إن "الكارثة عقاب من الله لتلك المناطق السياحية التي يكثر فيها الفساد". وهي طريقة لإلقاء المسؤولية على المنكوبين أنفسهم وتبرئة ساحة الحكومات التي لم تتحمل مسؤوليتها في حماية مواطنيها.

ولا نشك في أن معظم الشعب التونسي قد شعر بغبن كبير وهو يراقب عبر الفضائيات هبة التضامن العالمية مع المنكوبين. فالمجتمع المدني في أوروبا وأمريكا وآسيا تعبأ بصورة مستقلة عن الحكومات من أجل تنظيم المساعدة التي هي وسيلة لتقريب الشعوب بعضها من بعض وتخفيف وطأة الفوارق العرقية والثقافية والدينية القائمة بينها ودفعها نحو الشعور بانتمائها إلى جنس بشري واحد. ولكن تونس التي تحكمها دكتاتورية بوليسية غاشمة يُمنع فيها على المجتمع المدني القيام بمثل ذلك العمل التضامني، لأن هذه الدكتاتورية التي عملت على تدمير ذلك المجتمع وعلى ضرب روح التضامن بين التونسيات والتونسيين وعلى احتكار "العمل التضامني" لتوظيفه سياسيا وتقديمه على أنه "منة من سيادة الرئيس"، لا تقبل بأن يقوم المجتمع المدني بحملة تضامن مع شعوب أخرى من العالم خوفا من أن تفقد السيطرة على المجتمع التونسي ومن أن تتطور حركات تضامنية مستقلة داخله.

لقد شهدت جهات عدة من بلادنا خلال السنوات الماضية كوارث طبيعية في شكل فيضانات (بوسالم، الجديدة…) كشفت مدى استهتار نظام بن علي بحماية سكان تلك الجهات. فالحكومة حاولت بكل الوسائل إخفاء الحقيقة على الشعب التونسي وأحجمت عن إعلان المناطق المتضررة مناطق منكوبة ومنعت وسائل الإعلام من دخولها وإجراء التحقيقات وبثها ونشرها. كما أنهـا منعت مكونات المجتمع المدني من تنظيم المساعدة لتلك المناطق التي لا تزال تعاني من آثار الفيضانات.

إن الدكتاتورية النوفمبرية تحكم في الحقيقة على الشعب التونسي بالجمود حتى تستمر في السيطرة عليه. وهو أمر لا يمكن القبول به. فمن العار على شعبنا الآن أن نرى شعوب الدنيا تهب لنجدة منكوبي بلدان شرقي آسيا، مترجمة عن شعور إنساني نبيل، وهو يتفرج وكأن الأمر لا يهمه. فهذا دليل على أن بن علي ونظامه قد أفلحا في زرع اللامبالاة في النفوس.

وخلاصة القول إن كارثة جنوب شرقي آسيا قد بينت مرة أخرى أن الرأسمالية تمثل في هذه المرحلة التاريخية أكبر كارثة على الإنسانية لأنها تحول دون توجيه جهدها إلى استخدام مكتسبات الثورة العلمية والتكنولوجية إلى مزيد التحكم في الطبيعة لتوفير أسباب العيش الكريم والأمن والطمأنينة لكافة أفرادها، وهي تبدد الأموال الطائلة في التسلح والحروب العدوانية. كما أنها بينت مرة أخرى المهانة التي نعيش فيها كتونسيات وتونسيين حيث يمنع علينا أن نتضامن مع بعضنا البعض ومع أشقائنا في فلسطين والعراق ومع كل شعوب الدنيا. وكما أنه لا خلاص للإنسانية إلا بالتخلص من وحشية الرأسمالية فإنه لا خلاص لشعبنا إلا بالتخلص من الدكتاتورية.



#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جانفي، شهر المجازر الفالتة من العقاب
- 19 سنة من النضال والتضحية
- رسالة مفتوحة إلى القوى الديمقراطية
- مشروع وثيقة من أجل بديل ديمقراطي وشعبي
- إنتخابات المجالس العلمية
- 1 نوفمبر 1994 – 1 نوفمبر 2004: الذكرى العاشرة لأحداث القيروا ...
- مهزلة 24 أكتوبر تعمق أزمة شرعية النظام
- إثر إطلاق سراح عدد من المساجين السياسيين المحاكمين في قضايا ...
- بــيـــــــان
- لا للدكتاتورية مدى الحياة!
- بيــان - حول الاعتداء الذي تعرّض له السّيد حمّة الهمّامي الن ...
- اليوم الأول من حملة انتخابية باهتة: كفى تزويرا! كفى اغتصابا ...
- بيان على هامش أيّام قرطاج السينمائية:ضد التصحّر الثقافي، ضد ...
- الانتخابات في المنظمات الجماهيرية
- الدكتاتورية تشدد حملتها على الحريات قبل مهزلة أكتوبر القادم
- البيروقراطية تزج بالاتحاد العام التونسي للشغل في مستنقع جديد ...
- حزب العمال يجدد نداءه بمقاطعة المهزلة الانتخابية
- ما لم يُنشر حول اعتصام وإضراب الجوع لعمال -صوطاباكس- بسوسة
- الحركة الديمقراطية تدعو إلى تحويل الانتخابات القادمة إلى معر ...
- بين -حماية الأخلاق- و-مكافحة الإرهاب- ضاعت حقوق الناس!


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حزب العمال التونسي - على هامش كارثة -تسونامي-: الجشع الرأسمالي يمنع الإنسانية من تطوير تحكمها في الطبيعة