أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله تركماني - خمسة وأربعون عاما على هزيمة العرب الكبرى















المزيد.....

خمسة وأربعون عاما على هزيمة العرب الكبرى


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3742 - 2012 / 5 / 29 - 09:39
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يمضِ سوى عقد من الزمن على هزيمة ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية حتى لملمتا جراح هزيمتيهما وانطلقتا في إعادة بناء نفسيهما، انطلاقاً من استيعابهما لموازين القوى ولروح العصر بعد الحرب، إلى أن أصبحتا عملاقتين اقتصاديتين يُحسب لهما في موازين القوى الدولية. أما نحن فما زالت هزيمة 5 يونيو/حزيران 1967 تلاحقنا حتى اليوم !
إنّ تاريخ العالم العربي المعاصر عامة، والمشرق العربي بوجه خاص، هو سلسلة من الأحداث التي تشكلت وانتظمت باعتبارها نتائج تلك الهزيمة. لقد ولّدت الهزيمة آثاراً عميقة في الحياة العربية كلها، فهي لم تكن هزيمة عسكرية مُنيت بها الجيوش العربية فقط، وإنما هزيمة شاملة لكل بنى المجتمع العربي، إذ كانت اختباراً لـ " الاشتراكية " التي بُنيت، ولـ " التنمية " التي تحققت، ولـ " الدولة الأمنية " التي تم تشييدها. ومهما يكن من أمر، فإنّ الهزيمة كانت إيذاناً بتغيير مجرى الأحداث نحو المزيد من الانحدار العربي، ومنعطفاً تاريخياً بدأت ديناميته تتضح وضوحاً جلياً منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.
لم تكن الهزيمة لحظة عابرة في الحياة العربية، فقد وضعت الشعوب العربية كلها على منحدر، من ذلك أنّ المجتمعات العربية، التي أصابت شيئاً من التحديث، انتكست إلى أسوأ ما في تاريخها، أي إلى نمط من الحياة السياسية أقرب ما يكون إلى نمط الحياة في العصر المملوكي، الذي أبرز سماته انفصال الحكم عن الشعب وانفصال المجتمع عن الدولة، وركود المجتمع وتخثر تاريخه الداخلي، وهيمنة أيديولوجية تقليدية تعزز التبعية والامتثال والعجز والعزوف والخوف، الخوف من الدولة ومن الحقيقة ومن الحرية، والخوف من مواجهة الذات ومن مواجهة الواقع، والخوف من المستقبل.
ومما لا شك فيه أنّ إسرائيل قامت على أسس دينية وأيديولوجيا عنصرية، ولكنّ هذه الأسس وتلك الأيديولوجيا كانت قاعدة للتأسيس. ومما لا شك فيه أيضاً أنها دولة توسعية، بوحي من أيديولوجيا التكوين، وهذا شيء مفهوم، ولكنّ السؤال المطروح هو: كيف استطاعت أن تصبح قوة في كل المجالات، بحجمها الصغير وعدد سكانها القليل، تحقق أحلام أيديولوجيتها المؤسِسة، فيما جيرانها من العرب، بكل تراثهم وتاريخهم وثرواتهم وأعدادهم ومساحاتهم الشاسعة، غير قادرين على فعل شيء ؟
ويبدو أننا بمجرد أن نعرف أنّ سبعاً من جامعات إسرائيل صُنفت على أنها من الأفضل في العالم، وبمجرد أن نعرف أنّ إسرائيليين حصلوا على جائزة نوبل في العلوم، يكفي لوضع النقاط على حروف متفرقة، لنصنع منها جملة مفيدة في النهاية.
وفي المقابل، على طول المسافة الممتدة من " الأيديولوجيا العربية المعاصرة " كتاب عبدالله العروي، إلى كتاب محمد جابر الأنصاري " مساءلة الهزيمة "، مرورا بكتاب " الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة " لياسين الحافظ، لم يكفّْ الخطاب العربي عن طرح التساؤل النهضوي المضاعف: لماذا تخلفنا نحن وتقدمت إسرائيل ؟
لعل ثقافة المراجعة النقدية، التي أطلق إرهاصاتها ربيع الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، تساهم في توقف التراجع العربي، وتنحّي جانباً ما يسميها المغفور له خلدون حسن النقيب " ثقافة التخلف وثقافة الذل "، تمييزاً لها عن تخلف الثقافة الذي يمكن استدراكه، أما ثقافة التخلف التي تؤبد التخلف وتمجد الطاعة فيجب أن تتوجه إليها الأسئلة، القديمة منها التي لا تزال ناجعة في قراءتها لظاهرة التخلف، والجديدة التي من شأنها أن تجعل من مساءلة الهزيمة رؤية معرفية تنحّي جانباً الرؤية الأيديولوجية التي ما زالت تعشش بين ظهرانينا.
الوقت حان للانتهاء من آثار 45 عاماً ثقيلة على العرب، إذ أصبح يتعين علينا أن نقف، بموضوعية وواقعية، أمام روح العصر شركاء فاعلين فيه لا متفرجين سلبيين عليه. فلقد آن الأوان لكي يعكس العرب إمكاناتهم الحقيقية على سياساتهم، حتى لا يعود من جديد شبح ذلك الماضي الكئيب ليطل على الأمة من جديد، وكي يتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله وبناء دولته المستقلة القابلة للحياة، وعودة الجولان المحتل إلى سورية، واستكمال تحرير مزارع شبعا اللبنانية.
إنّ ربيع الثورات العربية يواجهنا بتساؤلات جديدة، وتحديات وفرص جديدة أيضاً، مما يتطلب قدراً كبيراً من العمق في المراجعة ونقد الذات وإعادة الصياغة الفكرية والسياسية للقضايا العربية، باعتبارها تمثل مسائل جوهرية عديدة تتداخل فيها مهمات التحديث الفكري والسياسي مع مهمات النهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو ما يفترض ممارسة الديمقراطية كمنهج للتعامل السياسي على صعيد الدولة والمجتمع، منطلقين من أنّ مسألة إنجاز الدولة الحديثة، دولة كل مواطنيها، هي جوهر تلك القضايا.
وعليه، فإننا لسنا بحاجة لشعارات من أجل التعاطي المجدي مع التحديات الكبيرة المطروحة على أمتنا العربية، بل الارتقاء إلى مستوى التحديات، في برامجنا ووسائل عملنا، بما يخدم مصالح الأمة ويضمن حقوقها الأساسية في السيادة والحرية والاستقلال. إنّ مشروع النهضة العربية كان ولا يزال في حاجة إلى فكر الأنوار والحداثة، وكذلك استيعاب التحوّلات والتغيّرات التي تطرأ على الساحتين الإقليمية والدولية. ومن أجل ذلك، تبدو الديمقراطية في رأس أولويات التجديد العربي، فالمسألة تستدعي مقولات جديدة: المجتمع المدني، الديمقراطية، الدولة الحديثة، المواطنة.
ولعلنا بذلك نفتح من جديد باب التاريخ وندق أبواب المستقبل وننهض لإطلاق خطاب عربي عصري، مع آليات فاعلة لتنفيذه، عناوينه في توجهاته ومضامينه وفي تجديدنا له، يحتمل دائماً التأويل والتعديل لصالح شعوبنا العربية. إنها إعادة قراءة واجبة، ليس فقط في تجديد هذا الخطاب وإنما في تجديد العقلية العربية المدعوة إلى خوض مغامرة المستقبل بأدوات جديدة، تتجاوز أدوات الهزيمة، وأفق مفتوح وحوار دائم على المصالح والأهداف والممكن والمستحيل.
باختصار، لقد حدثت هزيمة العام 1967 لأنّ العنصر الحقيقي في حسم الصراع، الذي هو الإنسان، كان دوره مغيّباً بالكامل. وقد أثبتت نتائجها، بشكل لا لبس فيه، أنه لن يعاد للأوطان اعتبارها إلا إذا أعيد الاعتبار للإنسان العربي.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 64 عاما على النكبة الفلسطينية
- بشأن صهر ثقافات الأقليات
- حول حق الشعب السوري في التدخل الإنساني
- الهويات الفرعية القاتلة
- نحو الاستقلال الثاني .. مستقبل سورية الجديدة يصنع اليوم
- المجتمع الدولي ما زال متحفظاً إزاء التدخل العسكري
- حق الشعوب في التنمية
- أبرز التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في العالم العربي
- إشكالية الدولة والتنمية في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر
- دروس بعض نماذج التحول الديمقراطي لمستقبل سورية
- دور المجلس التأسيسي التونسي في عملية التنمية السياسية
- أهم أعمدة المرحلة الانتقالية في سورية
- نطلب الحماية لشعبنا لمنع حرب -آل الأسد- الأهلية
- سورية الجديدة التي نحتاج إليها
- أسئلة الحداثة في ظل ربيع الثورات العربية
- مسيرة الثورة السورية وآفاقها
- مقدمات ربيع الثورات العربية
- نهاية الرهانات القديمة ... وضرورة وضوح الرؤية للمستقبل
- انتخابات تونس وتحديات التحول الديمقراطي
- تحديات المجلس الوطني السوري


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله تركماني - خمسة وأربعون عاما على هزيمة العرب الكبرى