أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الشامي - تقرير التحول الديمقراطي في ليبيا عام 2011















المزيد.....



تقرير التحول الديمقراطي في ليبيا عام 2011


حسن الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 3719 - 2012 / 5 / 6 - 16:07
المحور: المجتمع المدني
    


معلومات عامة عن الدولة :

العاصمة (وأكبر مدينة) طرابلس
اللغة الرسمية العربية
تسمية السكان ليبيون
نظام الحكم (حكومة مؤقتة) المجلس الوطني الإنتقالي
رئيس المجلس الوطني مصطفى عبد الجليل
رئيس الحكومة الإنتقالية عبد الرحيم الكيب
مراحل الحكم حتى الآن لم يتم تحديد نظام الحكم من قبل المجلس الوطني الانتقالي
الاستقلال عن إيطالي ا 10 فبراير 1947
توحيد البلاد وإعلان الملكية 24 ديسمبر 1951
حل الملكية وإعلان الجمهورية 1 سبتمبر 1969
التحول إلى الجماهيرية 2 مارس 1977
الثورة 17 فبراير 2011
سقوط طرابلس الجماهيرية 23 أغسطس 2011
إعلان التحرير 23 أكتوبر 2011
المساحة المجموع 1.759.541 كم2 ـ 679.359 ميل مربع
السكان (تقدير 2011) 6.597.960 نسمة (103) ـ (إحصاء 2011) 6.4 مليون نسمة (103)
مؤشر التنمية البشرية (2011) 0.955 عالية) 53)
العملة : الدينار الليبي (LYD)

ليبيا دولة تقع في شمال أفريقيا على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. يحدها من الشرق مصر، ومن الجنوب الشرقي السودان، ومن الجنوب تشاد والنيجر، ومن الغرب الجزائر ومن الشمال الغربي تونس.
وليبيا عضو في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية من بينها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، واتحاد المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، وحركة عدم الانحياز، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط.

يبلغ عدد سكان ليبيا 6.597 مليون نسمة وهو ضئيل مقارنة بمساحة البلاد التي تبلغ نحو 1.800.000 كيلومتر مربع، وتعد السابعة عشرة على مستوى العالم من حيث المساحة، ورابع أكبر بلدان أفريقيا مساحة، كما أنها تملك أطول ساحل بين الدول المطلة على البحر المتوسط يبلغ طوله حوالي 1.955 كم. تاريخياً تكونت من ثلاثة أقاليم هي إقليم طرابلس وبرقة وفزان.

سجلت ليبيا أعلى مؤشر للتنمية البشرية في أفريقيا ورابع أعلى ناتج محلي إجمالي في القارة لعام 2009، بعد السيشيل، وغينيا الاستوائية والغابون. وهذا يعود لاحتياطياتها النفطية الكبيرة والسكانية المنخفضة.. وليبيا لديها عاشر أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم وتحتل المرتبة السابعة عشرة في إنتاج النفط عالميا.

أحداث 2011 في ليبيا :
اندلعت ثورة 17 فبراير في شكل احتجاجات ومظاهرات ضد نظام القذافي الذي يصنف بأنه نظام قمعي حيث انطلقت في يوم 15 فبراير اثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم (فتحي تربل) في مدينة بنغازي فخرج أهالي الضحايا ومناصريهم لتخليصه وذلك لعدم وجود سبب لاعتقاله، وتلتها يوم 16 فبراير مظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام بمدينة البيضاء.. وتلتها عدة مدن ومناطق ليبية، وسرعان ما انتشرت في أنحاء كثيرة من ليبيا. وفي 26 فبراير، تم الإبلاغ عن قمع عنيف من قبل قوات الأمن التابعة لنظام القذافي، ولكن المحتجين الذين قاموا في 27 فبراير بتأسيس المجلس الوطني الانتقالي والتي أصبحت حكومة الثورة. نجحوا في السيطرة على العديد من المدن الساحلية في الشرق ومناطق الجنوب الشرقي وكذلك ثلاث مدن في غرب البلاد في بداية المظاهرات، والتي رفعت علم استقلال ليبيا في 1951 والذي كان قد ألغاه القذافي في 1969. لتتحرر بعد ذلك معظم مناطق البلاد وخاصة العاصمة طرابلس في 28 أغسطس 2011.

وحتى منتصف سبتمبر 2011 ظلت الكتائب العسكرية التابعة للقذافي تحتفظ بالسيطرة على مدن سبها، سرت إضافة لبني وليد، منطقة الجفرة وغات على الحدود الليبية الجزائرية.

وفي 16 سبتمبر 2011 اعترفت الأمم المتحدة من خلال غالبية الأعضاء بالجمعية العامة بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره الحكومة الوحيدة في ليبيا ليتسلم المجلس مقعد ليبيا في المنظمة الدولية.

وفي 23 أكتوبر 2011 أعلن رسميا عن تحرير ليبيا بعد مقتل العقيد معمر القذافي في مدينة سرت مسقط رأسه في محاولة منه للفرار لجنوب البلاد يوم 21 أكتوبر 2011.

تاريخ ليبيا
تاريخيا أطلق اسم ليبيا على الإقليم الواقع في شمال أفريقا بين مصر تونس نسبة إلى قبيلة الليبو الليبية التي سكنت هذه المنطقة منذ آلاف السنين.
وقد هاجر الإغريق من جزيرة كريت حوالي القرن الثامن قبل الميلاد ليؤسسوا المدن الخمس الإغريقية (البنتابوليس) في برقة (سيرينايكا)، وهي المدن الأكثر ازدهارا في أفريقيا في ذلك العصر.
السجلات التاريخية الموجودة تشير إلى أن ليبيا كانت مأهولة قديما بقبائل البربر، أما الساحل الغربي فقد قطنه الفينيقيون - الذين هاجروا من ساحل المتوسط الغربي- بدءاً من القرن العاشر قبل الميلاد. في القرن السادس قبل الميلاد صعد نجم قرطاج كدولة ذات قوة ومكانة على المتوسط، واستمرت قرطاج حتى سقوطها بيد الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد.

في القرن الخامس بعد الميلاد أصبحت ليبيا في قبضة الوندال ومن ثم تحت سيطرة البيزنطيين في القرن السادس للميلاد. وفي القرن السابع للميلاد دخلها العرب المسلمون لتنضم للخلافة الراشدية ثم الخلافة الأموية ثم الخلافة العباسية. استمر حكم الولاة المسلمين وسط اضطرابات متقطعة نتيجة تمردات البربر. أهم السلالات التي حكمتها وحققت عصورا مزدهرة كانت الأغالبة في القرن التاسع الميلادي، والزيريون بدءاً من سنة 972 م، وهم من أصول بربرية تابعين للفاطميين.
وفي عام 1050م، تمرد الزيريون على خلافة الفاطميين في القاهرة، مما أغضب الفاطميين ودفعهم لإرسال قبائل بني هلال للقضاء على بني زيري الصنهاجيين.

نبذة مختصرة عن تاريخ ليبيا :
يمكن تقسيم تاريخ ليبيا إلى مجموعة من المراحل، تبدأ من تاريخ ليبيا القديم قبل 5000 عام اي قبل عصر الاسرات في مصر وأيضا يضم علاقة الليبيين بالمصريين خلال حكم الفراعنة في عام 3200 ق م ويتميز بوصول اسرة ليبية من قبيلة المشواش إلى عرش مصر الفرعونية ومن ابرز الفراعنة الليبيين شيشنق الذي وصل إلى عرش مصر عام 950 ق م ثم مرحلة العلاقة مع الفينيقين الذين استعمرو تونس وانشاؤ مدينة قرطاجة في عام 813 قبل الميلاد ومن ثما توسعت لتصبح امبراطورية وتزحف على غرب ليبيا وساحل الجزائر والمغرب وابتلعت المدن الثلاث اويا التي بنتها قبيلة اوزي التي تنقلت فيما بعد في اراضي تونس في القرن الخامس قبل الميلاد وكانت قد اسست قبل زحف الصحراء مدن قديمة كامثال (اوزو، اورى، اوزى) وصبراتة التي بنتها قبيلة صبارتة أو اسبارطة التي انزاحت تحت ضغط قبائل الليبية الأخرى إلى سيشيليا (صقلية) ومنها إلى البر الغربي لبلاد الاغريق حيث لم يندمج معهم بل ارادو تدمير اثيناء وقيام دولتهم ولبدة الكبرى وهي مدينة لقبيلة لواتة أو الليبو الذين انزاحو إلى تونس في القرون اللاحقة، ثم مرحلة العلاقة مع الاغريق أو اليونان وإنشاء كما يدعي الاغريق قورينا التي قال هيريدوت ان الاغريق وصل اليه في جنح الظلام وتم بناء المدينة على عرش من ذهب وبعد مقاومة من بعض القبائل المحلية والمدن الخمس ثم العلاقة مع قرطاج أو قرطاجنة وظهور حنبعل أو هنيبال ثم العلاقة مع الإمبراطورية الرومانية ويتميز بوصول أحد الليبيين إلى عرش الإمبراطورية الرومانية وهو الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس وأبنائه، كما تتميز بميلاد الرسول مرقس رسول المسيح إلى أرض مصر وليبيا ثم حكم البطالمة وغزو الوندال.

ثم تبدا المرحلة الإسلامية وتبدأ بالفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وتستمر مع الدولة الأموية ثم العباسية مع تبعيتها المختلفة لولايات مختلفة أو كولاية منفصلة ودويلات مثل بني الغلب أو الدولة الرستمية والمرابطون والموحدون ثم الخلافة الفاطمية وما حصل فيها من هجرة بني هلال وبني سليم وتعريب ليبيا بسبب هذه الهجرة ثم الدولة الايوبية ثم غزو فرسان القديس يوحنا ثم الانضمام إلى الخلافة العثمانية وولاية القرمانلي وحتى بداية التاريخ الحديث والغزو الإيطالي والجمهورية الطرابلسية ثم الحرب العالمية الثانية والاستقلال ثم إنشاء المملكة الليبية المتحدة ثم قيام انقلاب سبتمبر وتأسيس الجمهورية ثم التحول إلى ما عرف بالجماهيرية ثم قيام ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة.

فترة ما قبل التاريخ
عرف قدماء المصريين الأقوام التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين، وكانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو قد ورد ذكر هذه القبيلة لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح من الأسرة التاسعة عشرة (القرن الثالث عشر قبل الميلاد)، ومن اسمها اشتق اسم ليبيا، وقد عرف الإغريق هذا الاسم عن طريق المصريين ولكنهم أطلقوه على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر وهكذا ورد عند هيرودوت الذي زار ليبيا في بداية النصف الثاني من (القرن الخامس قبل الميلاد). وقد بلغت بعض القبائل درجة من القوة مكنتها من دخول مصر وتكوين أسرة حاكمة هي الأسرة الثانية والعشرون التي احتفظت بالعرش قرنين من الزمان (من القرن التامن إلى القرن العاشر قبل الميلاد) واستطاع مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق الأول أن يوحد مصر، وأن يجتاح فلسطين ويستولي على عدد من المدن ويرجع بغنائم كثيرة.

الفترة الفينيقية
بدأ اتصال الفينيقيين بسواحل ليبيا منذ فترة مبكرة، وبلغ الفينيقيون درجة عالية من التقدم والرقي وسيطروا على البحر الأبيض المتوسط واحتكروا تجارته وكانوا عند عبورهم هذا البحر بين شواطئ الشام وإسبانيا التي كانوا يجلبون منها الفضة والقصدير يبحرون بمحاذاة الساحل الغربي من (ليبيا) وذلك لأنهم اعتادوا عدم الابتعاد كثيرا عن الشاطئ خوفا من اضطراب البحر، وكانت سفنهم ترسو على شواطئ (ليبيا) للتزود بما تحتاج إليه أثناء رحلاتها البحرية الطويلة، وقد أسس الفينيقيون مراكز ومحطات تجارية كثيرة على طول الطريق من موانئهم في شرق البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا غرباً، وعلى الرغم من كثرة هذه المراكز والمحطات التجارية فإن المدن التي أقام فيها الفينيقيون في ليبيا كانت قليلة وذلك لأنهم كانوا تجاراً، ويرجع بعض المؤرخين أسباب إقامة المدن التي استوطنها الفينيقيون في ليبيا وشمال أفريقيا إلى تزايد عدد السكان وضيق الرقعة الزراعية في الوطن الأم، وكذلك بسبب الصراع الذي كثيرا ما قام به عامة الشعب والطبقة الحاكمة، أضف إلى ذلك ما كانت تتعرض له فينيقيا بين فترة وأخرى من غارات، كغارات الآشوريين والفرس ثم الغارات اليونانية.

امتد نفوذ الفينيقيين إلى حدود برقة (قورينا) واستوطنو بعض المدن التجارية المهمة على ساحل ليبيا (اويا ولبدة وصبراته) التي لعبت دوراً كبيراً في تاريخ ليبيا والشمال الإفريقي، وقد ازدهرت تجارتهم على الساحل الغربي من ليبيا وذلك لسهولة الوصول إلى أواسط إفريقيا الغنية بمنتجاتها المربحة كالذهب والأحجار النفيسة والعاج وخشب الأبنوس وكذلك الرقيق، وكانت أهم طرق القوافل تخرج من مدينة جرمة. ولهذا صارت تلك المدينة مركزا مهما تُجمع فيه منتجات أواسط إفريقيا التي تنقلها القوافل عبر الصحراء إلى المراكز الساحلية حيث تباع للفينيقيين مقابل المواد التي كانوا يجلبونها معهم، واستمر الجرمانيون مسيطرين على دواخل ليبيا لفترة جاوزت الألف سنة.

وفي حين دخل الفينيقيون والإغريق في علاقات تجارية معهم، حاول الرومان إخضاع الجرمانيين بالقوة والسيطرة مباشرة على تجارة وسط إفريقيا عبر ليبيا، ولكنهم فشلوا في ذلك وفي النهاية وجدوا أنه من الأفضل مسالمة تلك القبيلة، واستمر وجود الفينيقيين وازداد نفوذهم في ليبيا وشمالا أفريقيا خاصة بعد تأسيس مدينة قرطاجنة في الربع الأخير من القرن التاسع قبل الميلاد (813 ق.م)، وصارت قرطاجنة أكبر قوة سياسية وتجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي، وتمتعت بفترة طويلة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي.

دخلت قرطاجنة بقيادة حنبعل (هنيبال) بعد ذلك في صراع مرير مع روما وكان الحسد والغيرة يملآن قلوب الرومان على ما وصلت إليه تلك المدينة الفينيقية من قوة وثراء وبدءوا يعملون ويخططون من أجل القضاء عليها وبعد سلسلة من الحروب المضنية تكبد فيها الطرفان الكثير من الأرواح والأموال، وهي الحروب التي عرفت في التاريخ ب الحروب البونية، استطاعت روما أن تحقق هدفها وأن تدمر قرطاجنة تدميرا شاملا وكان ذلك سنة (146 ق.م.) وآلت بذلك كل ممتلكات قرطاجنة بما فيها مدن ليبيا الثلاث (طرابلس، لبدة، وصبراته) إلى الدولة الرومانية.

اما السواحل الشرقية من ليبيا برقة (قورينا)، فكانت من نصيب المستعمرين الإغريق، ومثلت سواحل برقة أحد انسب المواقع التي يمكن أن ينشئ فيها المهاجرون الإغريق مستعمراتهم فهي لا تبعد كثيرا عن بلادهم، بالإضافة إلى ما كانوا يعرفونه من وفرة خيراتها وخصب أراضيها وغنى مراعيها بالماشية والأغنام.

الفترة الإغريقية
تاريخ الإغريق في ليبيا بدأ بهجرتهم لإقليم سيرين أو (برقة)واستيطانهم فيه في القرن السابع قبل الميلاد، وتأسيسهم لمدينة قوريني (شحات) سنة 631 قبل الميلاد، وكان باتوس الأول هو أول ملك للمدينة، وقد توارثت أسرته الحكم في قوريني لفترة قرنين من الزمان تقريبا، ولم يكن عدد المهاجرين الأوائل كبيرا إذ يقدره البعض بحوالي مائتي رجل. ولكن في عهد ثالث ملوك قوريني باتوس الثاني حضرت أعداد كبيرة من المهاجرين الإغريق واستقرت في الإقليم وقد أزعج هذا الأمر سكان ليبيا، فدخلوا في حرب مع الإغريق من أجل الدفاع عن وجودهم وأراضيهم التي طردوا منها والتي منحت للمهاجرين الجدد، وعلى الرغم من أن الأسرة التي أسسها باتوس الأول استمرت في حكم ليبيا زمناً طويلاً إلا أنها لم تنعم بالاستقرار وذلك بسبب الهجمات المتتالية التي كانت القبائل الليبية تشنها على المستعمرات الإغريقية في المنطقة الساحلية لليبيا.

في عهد أركيسيلاوس الثاني رابع ملوك قوريني، ترك بعض الإغريق وعلى رأسهم أخو الملك مدينة قوريني ليؤسسوا بمساعدة الليبيين مدينة برقه (المرج القديمة)، ولما ازداد عدد المهاجرين الذين أتوا إلى مدينة قوريني، أرسلت تلك المدينة بعضا منهم لإنشاء بعض المواقع السكانية الجديدة على شواطئ ليبيا وكان ان أنشئت توخيرة (توكرة)، كما أسست مدينة قوريني مستعمرة أخرى هي مدينة هسيبريديس (بنغازي لاحقا) وميناء أبولونيا (سوسة لاحقا) وبلدة بلغراي (البيضاء لاحقا)، كما أنشأت مدينة باركي (المرج) ميناء لها في موقع بطولوميس (طلميثة).

عندما احتل الفرس مصر، بعث ملك قوريني رسولاً إلى الملك الفارسي معلنا خضوع إقليم قورينا، واستمرت تبعية الإقليم لمصر وواليها الفارسي وان كانت في الغالب تبعية اسمية، وفي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد (440 ق.م) قتل أركيسيلاوس الرابع، آخر ملوك أسرة باتوس، في يوهسيبريديس (بنغازي)، وأصبحت قورينا تضم مدنا مستقلة عن بعضها البعض، وعلى الرغم من أن مدن الإقليم في هذه الفترة قد تمتعت بشيء من الازدهار الاقتصادي، إلا أنها عانت من الاضطرابات السياسية، فبالإضافة إلى ازدياد خطر هجمات القبائل الليبية، كانت تلك المدن تتصارع فيما بينها، كما عصفت بها الانقسامات الداخلية.

الفترة الرومانية
غزا الإسكندر المقدوني مصر (332 ق.م.) واستولى البطالمة الذين خلفوه في حكم مصر على إقليم قورينا (332 ق.م.) إذ ساد شيء من الهدوء النسبي وأصبحت مدن الإقليم تعرف جميعا باسم بنتابوليس، أي أرض المدن الخمس، فقد تكون اتحاد إقليمي يضم هذه المدن ويتمتع بالاستقلال الداخلي، وبقيت قورينا تحت الحكم البطلمي حتى أرغم على التنازل عنها لروما سنة (96 ق.م.) وصار الإقليم تحت رعاية مجلس الشيوخ وكان يٌكوّن مع كريت ولاية رومانية واحدة إلى أن فصلها الإمبراطور قلديانوس في نهاية القرن الثالث الميلادي.

عند اعتراف الإمبراطور قسطنطين الأول بالمسيحية في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي، نجد أن تلك الديانة كانت قد انتشرت في ليبيا، ولكن يجب ألا نفهم أن ذلك كان يعني القضاء على الوثنية، فقد تعايشت الديانتان جنبا إلى جنب فترة قاربت القرن ونصف القرن من الزمان حتى بعد أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس الأول المسيحية الدين الرسمي والأوحد في الإمبراطورية في مرسوم أصدره سنة (392 م) وهذا أمر لا تختلف فيه ليبيا عن بقية أقاليم الدولة الرومانية. وكان أول أسقف لإقليم برقة بليبيا سجّله التاريخ شخصا يدعى آموناس، وحضر أساقفة من مدن البنتابوليس أول مؤتمر مسيحي عالمي، وهو المؤتمر الذي دعا إلى عقده الإمبراطور قسطنطين في مدينة نيقيا سنة (325 م) وكان الأسقف سينسيوس القوريني أهم شخصيات الفترة المسيحية في برقة، تولى أسقفية طلميثة وذهب إلى البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية في عهد الإمبراطور أركاديوس ليعرض المشاكل التي كانت تواجه الإقليم والتي كان من أهمها الضرائب الثقيلة المفروضة على مدنه، وان المشكلة الرئيسية التي واجهت الإقليم في أيامه هي الدفاع ضد غزوات القبائل الليبية التي زادت حدتها بعد عام (332 م) ولما لم يكن في الإمكان الاعتماد على مساعدة الحكومة الإمبراطورية، قام المستعمرون سكان المدن والمناطق الريفية القريبة بتنظيم حرس محلي لصد هجمات قبائل ليبيا، وان الصورة التي يعطيها سينسيوس عن الأوضاع في الإقليم دفعت كثيرا من الدارسين إلى القول بأن الحياة في البنتابوليس قد خبت نهائيا في القرن الخامس الميلادي، ومع ذلك فإن الآثار القديمة تثبت أنه بينما كانت المدن تتضاءل ظل الريف محتفظا بحيوية ملحوظة لمدة قرنين من الزمان بعد ذلك.

ولم يكن الأمر يختلف بالنسبة لمدن الساحل الغربي لليبيا، فبعد زوال الأسرة السيفيرية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي سادت الإمبراطورية حالة من الفوضى والحروب الأهلية لمدة نصف قرن، بينما استطاعت الأقاليم الأخرى في الإمبراطورية استرداد أنفاسها بعد تلك الأزمة وعاد إليها شيء من الأمن والنظام، استمرت الاضطرابات تعصف بليبيا والشمال الإفريقي، الأمر الذي سهل وقوعه في أيدي الوندال، حيث عبرت جموع الوندال إلى ليبيا وشمال أفريقيا حوالي سنة (430 م) واستولت على مدن إقليم طرابلس (ليبيا) التي عانت الكثير مما يلحقه الوندال عادة من خراب ودمار في كل مكان يحلون فيه، وعلى الرغم من أن الإمبراطورية الرومانية قد استعادت إقليم ليبيا في القرن السادس الميلادي في عهد الإمبراطور جستينيان عندما نجح قائده بلزاريوس من طرد الوندال، فإن ليبيا سواء في إقليم برقة أو في إقليم طرابلس، ظلت تعاني من آثار تلك الجروح العميقة التي خلفتها جحافل الوندال.

فترة الخلافة العربية الاسلامية
في مطلع القرن العاشر الميلادي، كان دعاة الشيعة نشطين في ليبيا وشمال أفريقيا فجمعوا حولهم عددا كبيرا من الأعوان من الليبين الذين ثاروا على الحاكم الأغلبي، واستطاعوا في (910 م) أن ينتزعوا تونس من الأغالبة، وعملوا على توطيد أركان حكمهم وأخذ أمراؤهم لقب خليفة، مُتَحَدِين بذلك الخليفة العباسي في بغداد، وفي سنة 969 م نجح جوهر الصقلي قائد جيوش الخليفة العبيدي الفاطمي الرابع المعز لدين الله في أخذ مصر من الإخشيديين وذلك في مايزيد عن مائة الف جندي من البربر، واختط مدينة القاهرة، التي أصبحت حاضرة الدولة الفاطمية التي انتقل إليها المعز لدين الله سنة (973 م) صحبة اعداد كبيرة من اعوانه من القبائل البربرية "الامر الذي احدث حالة من الاخلاء السكاني "وترك المعز بلكين بن زيري واليا على أفريقية (تونس الحالية ونواحي طرابلس)، وعلى الرغم من الود الذي ميز العلاقة بين الخليفة الفاطمي ونائبه على أفريقية في البداية، فإن ابن زيري وجد أن الترتيبات التي وضعها المعز لدين الله لولاية ليبيا غير مناسبة له، حيث جعل المعز لدين الله كل شؤون ولاية ليبيا المالية في أيدي موظفين يتبعونه مباشرة وهذا ما رفضه ابن زيري الذي ألقى القبض على عمال الخليفة وأرسل خطابا شديد اللهجة إلى المعز في القاهرة. مات المعز لدين الله قبل أن يتمكن من اتخاذ أي إجراء ضد ابن زيري. فخلفه العزيز الذي اعترف بالأمر الواقع وأقر ابن زيري على ولاية ليبيا التي أصبحت الآن تمتد حتى أجدابيا، وظلت الولاية في أيدي بني زيري حتى سنة (1145 م).

وفي عهد المعز بن باديس بن منصور (398-454 هـ / 1008-1062 م) الذي حكم الشمال الأفريقي في الفترة 406-454 هـ/1016-1062 م، استقل عن الفاطميين فانتقم الخليفة الفاطمي من ابن زيري بارسال القبائل القيسية من بني هلال وبني سليم ومن معهم من جموع القبائل العربية الأخرى والتي كان الفاطميون قد جلبوها من مواطنها في الجزيرة العربية واسكنوها شرق النيل ودخلت تلك القبائل في موجات متتالية كانت أولى تلك الموجات المتكونة من بني هلال وجشم والمعقل كافية لهزيمة والي أفريقية ومن معه في معركة حيدران التاريخية واحتلوا القيروان وسوسة فتقهقر إلى المهدية، كانت في حالة من الفوضى والضعف ثم تلى ذلك دخول موجة بني سليم وغطفان (فزارة، ورواحة) والتي استوطن أغلبها في ليبيا.

وقد حدث ان احتل النورمانديين مدينة طرابلس إلا أن نجح الموحدون في طرد النورمانديين من طرابلس في عام (1158م) وبشكل عام فانه وبسبب سيطرة قبائل الاعراب على أغلب المناطق الليبية ولصعوبة السيطرة على هذه القبائل فانها كانت دائما محتفظة باستقلاليتها ولدى فمن المعروف تاريخيا ان السيطرة على مدينة طرابلس ـ والتي كانت تتم في الغالب بمعاونة هذه القبائلـ لم تكن يوما كافية للسيطرة على الأراضي المكونة لليبيا الحالية، وقد بقي هذا الوضع حتى فترة الجهاد الليبي ضد الطليان وما بعدها.

احتل الأسبان طرابلس سنة (1510م) وظلوا يحكمونها حتى سنة (1530م) عندما منحها شارل الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية لفرسان القديس يوحنا الذين صاروا يعرفون في ذلك الوقت بفرسان مالطا.
وبقي الفرسان في طرابلس إحدى وعشرين سنة، ولم يكن الفرسان متحمسين كثيرا للاحتفاظ بطرابلس، فبالإضافة للعداء الذي أظهره الليبيون تجاههم لأنهم اعتبروهم عنصرا أجنبياً دخيلاً وأهم من ذلك أنهم أعداء في الدين، اعترض الفرسان على تلك المنحة التي تعني تقسيم قواتهم، كما أن المسافة التي تفصل مالطا عن طرابلس تعني تعذر العون في حالة أي هجوم.

فترة الحكم العثماني
في سنة 1551 م، وبعد الاستغاثات التي وجهها سكان ليبيا إلى السلطان العثماني سليمان القانوني، باعتباره خليفة للمسلمين، حضر سنان باشا ودرغوت باشا إلى طرابلس، ففرضا عليها حصارا دام أسبوعاً واحداً وانتهى بسقوط المدينة، وفي الواقع أن طرابلس لم تكن أبدا مركزا يستطيع فرسان القديس يوحنا الاحتفاظ به ضد أية مقاومة.
دخلت ليبيا منذ 1551م عهدا جديدا اتفق المؤرخون على تسميته ب العهد العثماني الأول والذي ينتهي 1711م عندما استقل أحمد باشا القره مانلي بزمام ولاية ليبيا.

وقد شمل الحكم العثماني كافة أقاليم ليبيا: طرابلس الغرب وبرقة وفزان، وكان يدير شؤونها وال (باشا) يعينه السلطان، ولكن لم يمض قرن من الزمان حتى بدأ الضعف يدب في أوصال الدولة العثمانية نتيجة تكالب الدول المسيحية الأوروبية على الولايات العثمانية، ودخول دولة الخلافة العثمانية عدة حروب في آن واحد، مع الروس واليونانيين والبلغار والرومان والأرمن واليوغسلاف والانجليز وعرب الجزيرة الذين تحالفوا مع الإنجليز وخسارتها الحرب العالمية الأولى، وأصبحت حكومة الخلافة عاجزة عن حماية ولاياتها وفرض النظام والتحكم في الولاة الذين صاروا ينصبون ويعزلون حسب نزوات الجند في جو مشحون بالمؤامرات والعنف. وفي كثير من الأحيان لم يبق الوالي في منصبه أكثر من عام واحد حتى أنه في الفترة ما بين سنة (1672 م-1711 م) تولى الحكم أربعة وعشرون واليا على ليبيا، ولقد مرت ليبيا بأوقات عصيبة عانى الليبييون فيها الويلات نتيجة لاضطراب الأمن وعدم الاستقرار.

الدولة القره مانلية
في سنة 1711م قاد أحمد القره مانلي ثورة شعبية أطاحت بالوالي العثماني، وكان أحمد هذا ضابطاً في الجيش العثماني فقرر تخليص ليبيا من الحكام الفاسدين ووضع حد للفوضى، ولما كان شعب ليبيا قد ضاق ذرعا بالحكم الصارم المستبد فقد رحب بأحمد القره مانلي الذي تعهد بحكم أفضل، وقد وافق السلطان على تعيينه باشا على ليبيا ومنحه قدرا كبيرا من الحكم الذاتي، ولكن القره مانليين كانوا يعتبرون حتى الشؤون الخارجية من اختصاصتهم، وكانت ليبيا تمتلك أسطولا بحرياً قويا مكنها من أن تتمتع بمكانة دولية مهيبة وأصبحت تنعم بنوع من الاستقلال.

أسس أحمد القره مانلي أسرة حاكمة استمرت في حكم ليبيا حتى (1835م) ويعتبر يوسف باشا القره مانلي أبرز ولاة هذه الأسرة. كان يوسف باشا حاكما طموحا أكد سيادة ليبيا على مياهها الإقليمية وفرض الجزية (رسوم المرور) عبر مياه البحر الأبيض المتوسط على كافة سفن الدول البحرية الأمريكية والأوروبية (بريطانيا والسويد وفرنسا وإيطاليا)، وفي سنة 1803م طالب بزيادة الرسوم على السفن الأمريكية تأمينا لسلامتها عند مرورها في مياه ليبيا والبحر المتوسط وعندما رفضت الولايات المتحدة النزول عند رغبة ليبيا، استولت البحرية الليبية على إحدى سفنها، الأمر الذي دفع حكومة أمريكا إلى الدخول في حرب مع ليبيا فيما عرف ب "حرب السنوات الاربع " وفرضت حصاراً على طرابلس وضربتها بالقنابل ولكن ليبيا استطاعت مقاومة ذ لك الحصار وأسرت البحرية الليبية إحدى أكبر السفن الحربية الأمريكية (فيلاديلفيا) آنذاك مع كامل بحارتها وجنودها في عام 1805م الأمر الذي جعل أمريكا ترضخ وتخضع في النهاية لمطالب ليبيا، وبذلك استطاع يوسف باشا أن يملأ خزائن ليبيا بالأموال التي كانت تدفعها الدول البحرية تأميناً لسلامة سفنها، وتركت هذه الحرب آثارها حتى الآن في البحرية الأمريكية حيث لا زال نشيد مشاة البحرية يشير الي شواطئ طرابلس كما أن هناك قطعة حربية تسمى طرابلس ولكن يوسف باشا ما لبث أن أهمل شؤون ليبيا وانغمس في الملذات والترف ولجأ إلى الاستدانة من الدول الأوروبية.

كان السلطان العثماني قد بدأ يضيق بيوسف باشا وبتصرفاته في حكم ليبيا، خاصة عندما رفض يوسف مساعدة الدولة العثمانية في حربها ضد اليونانيين 1829م وفي هذه الأثناء قامت ضد القره مانليين ثورات عربية عارمة بقيادة الشيخ عبد الجليل سيف النصر شيخ قبائل أولاد سليمان وزعيم مناطق سرت وورفلة وفزان وكذلك ثورة قبائل المحاميد الكبيرة في منطقة غرب وجنوب غرب طرابلس بزعامة الشيخ غومة بن خليفة المحمودي الذين استقلا بحكم تلك الأقاليم. واشتد ضغط الدول الأوروبية على يوسف لتسديد ديونه، ولما كانت خزائنه خاوية فرض ضرائب جديدة، الأمر الذي ساء شعب ليبيا وأثار غضبه، وانتشر السخط وعمت الثورة كل ليبيا وأرغم يوسف باشا على الاستقالة تاركاً الحكم لابنه علي وكان ذلك سنة 1832م، ولكن الوضع في ليبيا كان قد بلغ درجة من السوء استحال معها الإصلاح.

وعلى الرغم من أن السلطان محمود الثاني (1808 -1839) اعترف بعلي واليا على ليبيا فإن اهتمامه كان منصباً بصورة أكبر على كيفية المحافظة على ما تبقى من ممتلكات الدولة العثمانية خاصة بعد ضياع بلاد اليونان والجزائر (1830 م). وبعد دراسة وافية للوضع في ليبيا (طرابلس) قرر السلطان التدخل مباشرة واعاد سلطته وحكمه على ليبيا، ففي 26 مايو 1835 م وصل الأسطول التركي طرابلس والقي القبض على علي باشا ونقله إلى تركيا، وانتهى بذلك حكم القره مانليين في ليبيا وتفاءل الليبيون خيراً بعودة الأتراك العثمانيون ورؤوا فيهم حماة لهم ضد مخاطر الفرنسيين في الجزائر وتونس، وكذلك خطر الإنجليز الذين بدأ نفوذهم يتزايد في مصر والسودان، ولكن اتصال الدولة التركية بليبيا أصبح صعباً ومحفوفاً بالمخاطر نتيجة لوجود الإنجليز في مصر، الأمر الذي أدى إلى ضعف الحكم التركي في ليبيا وجعل الليبيين يدركون أنه سيكون عليهم وحدهم عبء مواجهة وصد أي خطر خارجي.

فترة الاستعمار الإيطالي
كانت ليبيا عند نهاية القرن التاسع عشر، هي الجزء الوحيد من الوطن العربي في شمال أفريقيا الذي لم يتمكن الاستعمار الأوروبي من الاستيلاء عليه، ولقرب ليبيا من إيطاليا جعلها هدفا رئيسا من أهداف السياسة الاستعمارية الإيطالية، ولم يصعب على إيطاليا اختلاق الذرائع الواهية لاحتلال ليبيا فاعلنت الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911، وبدأت الحرب العثمانية الإيطالية واستطاعت الاستيلاء على طرابلس في 3 أكتوبر من السنة نفسها.

قاومت القوات الليبية والعثمانية الإيطاليين لفترة قصيرة، ولكن تركيا تنازلت عن ليبيا لإيطاليا بمقتضى معاهدة أوشي التي أبرمت بين الدولتين في 18 أكتوبر 1912، وأدرك الليبيون الآن أن عليهم أن ينظموا صفوفهم ويتولوا بأنفسهم أمر المقاومة والجهاد ضد المستعمر، فاشتدت مقاومة الليبيين للقوات الإيطالية مما حال دون تجاوز سيطرة الإيطاليين المدن الساحلية، ولما دخلت إيطاليا الحرب العالمية الأولى 1915 انضم أحمد الشريف الذي كان يتولى قيادة المقاومة ضد الغزو الإيطالي في برقة، إلى جانب تركيا ضد الحلفاء، ولكن بعد هزيمة قواته تنازل عن الزعامة لإدريس السنوسي وقاد الجهاد نيابة عنه في منطقة الجبل الأخضر المجاهد عمر المختار وعدد من مشائخ القبائل العربية مثل صالح الاطيوش وعبد السلام الكزة. وفي المنطقة الوسطى قاد الجهاد مجموعة من مشائخ القبائل امثال حمد بن سيف النصر. اما في المنطقة الغربية فقد قاد الجهاد مجموعمة من الزعماء والمشائخ منهم رمضان السويحلي وأحمد المريض ومحمد سوف المحمودي وخليفة بن عسكر وسليمان الباروني والصوعي الخيتوني ومسعود الشويخ وعبد النبي بلخير ومحمد بن عبد الله البوسيفي.

الحكم الفرنسي
وعندما قامت الحرب العالمية الثانية، رآها الليبيون فرصة يجب استغلالها من أجل تحرير ليبيا، فلما دخلت إيطاليا الحرب 1940 م انضم الليبيون إلى جانب صفوف الحلفاء، بعد أن تعهدت بريطانيا صراحة بأنه عندما تضع الحرب أوزارها فإن ليبيا لن تعود بأي حال من الأحوال تحت السيطرة الإيطالية. وقد تحالف السنوسية مع البريطانيين مكونيين الجيش السنوسي من أبناء القبائل بزعامة ادريس السنوسي ودخلوا مع القوات البريطانية إقليم برقة من مصر حيث كانوا فارين من وجه الطليان، حيث تم إعلان ادريس السنوسي اميرا على برقة. و كذلك دخل الشيخ حمد سيف النصر بمن معه من القبائل صحبة القوات الفرنسية التي دخلت عن طريق مناطق السودان الأوسط (تشاد) واعلن الشيخ حمد اميرا على فزان.

كانت الشكوك تساور الليبيين في نوايا بريطانيا بعد انتهاء الحرب، واتضحت هذه النوايا بعد هزيمة إيطاليا الفاشية وسقوط كل من بنغازي وطرابلس في أيدي القوات البريطانية. كان هدف بريطانيا المتماشي مع سياستها المعهودة (فرق تسد)، هو الفصل بين إقليمي برقة وطرابلس ومنح فزان لفرنسا، وكذلك العمل على غرس بذور الفرقة بين أبناء ليبيا وبينما رأى الليبيون أنه بهزيمة إيطاليا سنة 1943م يجب أن تكون السيادة على ليبيا لأهلها، إلا أن الإنجليز والفرنسيين رفضوا ذلك وصمموا على حكم ليبيا حتى تتم التسوية مع إيطاليا.

أصبحت هاتان الدولتان تتحكمان في مصير ليبيا ضد رغبات الشعب الليبي، وبعد كثير من المفاوضات، تم الاتفاق على منح برقة استقلالها الذي اعترف به الإنجليز على الفور، وكان ذلك في أول يونيو 1949م ولكن هذا الإجراء الذي كانت غايته تقسيم ليبيا وتهدئة الليبيين وإلهائهم عن قضيتهم لم يُسكت صوت أحرار ليبيا الذين استمروا في المطالبة بحقوقهم واستعادة حريتهم، هذا الإصرار من جانب شعب ليبيا ضمن لقضية ليبيا مكاناً في جداول أعمال المؤتمرات التي عقدتها الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية كما نقل الليبيون قضيتهم إلى الأمم المتحدة.

استقلال ليبيا
في هذه الأثناء كانت الدوائر الاستعمارية تدبر المكائد وتحيك المؤامرات على مستقبل ليبيا، فقد اتفقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949 م على مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية، وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949 م وقُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاقتراع عليه، ولكن المشروع باء بالفشل لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيدة، نتيجة للمفاوضات المضنية لحشد الدعم لاستقلال ليبيا التي قام بها وفد من احرار ومناضلي ليبيا للمطالبة بوحدة واستقلال ليبيا، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 289 في 21 نوفمبر 1949 م الذي يقضي بمنح ليبيا استقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952 م، وكُوِنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة.

وفي شهر أكتوبر 1950م تكونت جمعية تأسيسية من ستين عضواً يمثل كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة (عشرون عضواً) وفي 25 نوفمبر من السنة نفسها اجتمعت الجمعية التأسيسية برئاسة مفتي طرابلس لتقرر شكل الدولة، وعلى الرغم من اعتراض ممثلي طرابلس على النظام الإتحادي فقد تم الاتفاق، وكلفت الجمعية التأسيسية لجنة لصياغة الدستور، فقامت تلك اللجنة بدراسة النظم الإتحادية المختلفة في العالم وقدمت تقريرها إلى الجمعية التأسيسية في سبتمبر 1951 م وكانت قد تكونت حكومات إقليمية مؤقتة بليبيا، وفي 29 مارس 1951م أعلنت الجمعية التأسيسية عن تشكيل حكومة اتحادية لليبيا مؤقتة في طرابلس برئاسة السيد محمود المنتصر، وفي يوم 12 أكتوبر 1951 م، نقلت إلى الحكومة الإتحادية والحكومات الإقليمية السلطة كاملة ما عدا ما يتعلق بأمور الدفاع والشؤون الخارجية والمالية، فالسلطات المالية نقلت إلى حكومة ليبيا الاتحادية في 15 ديسمبر1951 م، وأعقب ذلك فق 24 ديسمبر 1951 م إعلان الدستور واختيار ادريس السنوسي ملكا ل المملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاثة ولايات (طرابلس، برقة، فزان). ولكن على الرغم من كل ما قامت به بعض الدوائر الاستعمارية بعد 1951 م من أجل الإبقاء على ليبيا مقسمة وضعيفة تحت ذلك النظام الإتحادي، فإن شعب ليبيا عبر ممثليه المنتخبين قاموا في 26 أبريل 1963م بتعديل دستورهم وأسسوا دولة ليبيا الموحدة وأزالوا جميع العقبات التي كانت تحول دون وحدة ليبيا تحت اسم المملكة الليبية وعاصمتها طرابلس وبنغازي والبيضاء.

الفاتح من سبتمبر 1969
في 1 سبتمبر 1969 م قام مجموعة من الضباط الشبان من ذوي الرتب الصغيرة وبقيادة الملازم أول معمر القذافي بانقلاب عسكري وأعلنوا الجمهورية العربية الليبية.
وفي 2 مارس 1977 تم الإعلان عن قيام الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية وتحويل النظام السياسي من "النظام الجمهوري" إلى "النظام الجماهيري" والذي ذكر انه مبني على نظرية (مؤتمرات شعبية تقرر ولجان شعبية تنفذ).

ثورة 17 فبراير 2011
وفي فبراير 2011 وبعد نجاح الثورة في كل من تونس ومصر في الإطاحة برؤسائهم - قام ليبيون بالثورة على حكم العقيد معمر القذافي. وبدأت الثورة في شكل مظاهرات سلمية غير أن الجيش الليبي تعامل بعنف شديد واستخدم أسلحة ثقيلة في محاولة لقمع الثورة، مما نتج عنه تحول الثورة إلى "حرب مسلحة" خاصة بعد انضمام أعداد كبيرة من أفراد الشرطة والجيش الليبيين إلى الثورة الشعبية واستيلاء الثوار على الكثير من الأسلحة من معسكرات الجيش وأقسام الشرطة، وانشقاق العديد من المسؤلين في البعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج. كما سقطت جميع المدن الشرقية وبعض المدن الغربية بالكامل تحت سيطرة الثوار وشكلوا فيها حكومة مؤقته برئاسة وزير العدل المستقيل مصطفى أحمد عبد الجليل. وبعد أن تمكنت قوات القذافي من الوصول إلى مشارف بنغازي معقل الثوار مرر مجلس الأمن قرارا يقضي بفرض حضر جوي على ليبيا لحماية المدنيين. كما قامت قوات التحالف بقصف عدة مواقع عسكرية في ليبيا تنفيذا لهذا القرار.

بين شهري أبريل واغسطس 2011 اقتصرت الحرب على مدينة مصراتة ومناطق جبل نفوسة في الغرب الليبي بينما انكفأ المعارضون للقذافي شرق البلاد حيث اتخذوا من مدينة بنغازي "عاصمة مؤقتة" لهم فقامت عدة دول بالاعتراف بهم كالممثلين الشرعيين للشعب الليبي. وفي أغسطس شن المعارضون هجوما على طرابلس من محور الزاوية وغيرها من المدن الساحلية بغية القضاء على حكم القذافي نهائيا وحصل ذلك بالفعل مما أطاح بنظام القذافي وفراره عن مقر قيادته الشهير باب العزيزية واعتراف الأمم المتحدة بليبيا تحت حكومة المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى محمد عبد الجليل. بحلول أكتوبر سقطت آخر معاقل القذافي في بني وليد وسرت وقتل القذافي مع عدد من أبنائه في 20 أكتوبر 2011 عندما سقط آخر معاقله في سرت.

سكان ليبيا
يبلغ عدد سكان ليبيا 6.597.960 نسمة بينهم الملايين من غير المواطنين.[6] الكثافة السكانية عالية في المناطق الساحلية في شمال البلاد، يبلغ معدلها 50 نسمة/كم مربع، بينما هي حوالي 1 نسمة/كم في الجنوب، المجموعات العرقية في ليبيا هي العرب والأمازيغ والذين يشكلون نحو 97 % من السكان، إضافة لنحو 3 % من أصول مختلفة.

اللغات
اللغة العربية هي الأكثر انتشارًا وهي اللغة الرسمية وتتكلم بها الغالبية العظمى من السكان، ويتحدثها الليبيون في حياتهم اليومية وفق اللهجة الليبية أو الدارجة، وهي تختلف قليلا من مكان لآخر نظراً لاتساع الرقعة الجغرافية للبلاد، كما تعد اللغة الإنجليزية لغة الدراسة الجامعية في كليات العلوم التطبيقية، وتستخدم كذلك في العديد من قطاعات الأعمال.

اللغة الأمازيغية بلهجاتها المتعددة تتكلمها القبائل الأمازيغية في البلاد، ويتركز أهلها في عدد من مدن وبلدات جبل نفوسة (الجبالية) وفي الشمال الغربي بزوارة و(الغدامسية) في قرية غدامس و(التارقية) لدى الطوارق بقرية غات بالإضافة إلى مجموعات صغيرة في مناطق متفرقة من البلاد مثل اللغة الأوجلية فيأوجلة وسوكنة. ويجيد معظم الأمازيغ في ليبيا التحدث باللغة العربية.

اللغة الهوساية لدي الهوسا بقرية غات وهي منتشرة لدى شعب الهوسا في النيجر ونيجيريا ودول غرب أفريقيا. لغة التيدا وهي لغة التبو فرع من القرعانية وهي لغة شعب القرعان الأفريقي بالسودان الأوسط تشاد. ويشتهر الليبيون بقرض الشعر الشعبي الذي يشبه في أغراضه وبنيته وأوزانه بعض ما يقوله البدو في الجزيرة العربية.

الديانات
تعد ليبيا متجانسة حيث يدين غالبية السكان بالدين الإسلامي 97% مسلمون، و3% ينتمون إلى ديانات أخرى معظمهم من الأجانب غير المقيمين بشكل دائم، ولا توجد جماعات شيعية، مسلمو ليبيا سنيّون متّبعون للمذهب المالكي، مع وجود أقلية يتّبعون المذهب الإباضي في جبل نفوسة، ومعظم المسيحيين الموجودين في ليبيا هم من جاليات أجنبية من اللاجئين الأفارقة أو من الأقباط أو الأوربيين العاملين في ليبيا.كما توجد جالية صغيرة من الأنجليكان تتألف من قسيس واحد مقيم، وعمّال من اللاجئين الأفارقة والهنود في طرابلس ينتمون إلى الأسقفية المصرية. توجد كنائس توحيدية في طرابلس وبنغازي، كما يوجد أيضاً في عدة مدن ليبيا كنائس سابقة أغلبها مقفلة. كما تم لأول مرة بعد انقلاب 1969 في ليبيا الاحتفال بعيد الفصيح بمدينة البيضاء عام 2009.
الرهبان والراهبات الكاثوليك يعملون في معظم المدن الساحلية والجبلية، وكان هناك قسيس واحد في مدينة سبها، وكان معظمهم يعملون في المستشفيات والملاجئ وفي مساعدة المعاقين وكبار السن. كان الرهبان والراهبات يرتدون ملابسهم الدينية طوال الوقت ولم يعرف عن أي حالات تمييز ديني أو مضايقات.

غادر اليهود الليبيون البلاد أفرادا وجماعات بعد 1967، ربما قد يوجد عدد صغير من اليهود في ليبيا، أغلبهم في المدينة القديمة في طرابلس. في عام 1974 أعلن المجلس العالمي لليهود أنه لم يعد في ليبيا إلا نحو عشرين يهوديا. الأقلية اليهودية التي كان عددها يصل إلى ستة وثلاثين ألف نسمة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، غادرت إلى إيطاليا وإسرائيل ودول أخرى على مدى مراحل مختلفة بين عامي 1948 و1967.

تحكمت حكومة القذافي في أماكن العبادة المسموح بها للمسيحيين المقيمين في البلاد، وكانت تفرض حظرا على الطريقة السنوسية وأتباعها، الهيئة العامة للأوقاف وشئون الزكاة وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية كانت تعتبر الذراع الإسلامي لحكومة القذافي فيما يخص التعامل في المجال الديني في أرجاء العالم. كما أن ماتعرف ب"جمعية الدعوة الإسلامية العالمية" مسؤولة عن العلاقات التي تقام مع الجماعات الدينية الأخرى بما فيها المسيحية. ويعتبر هدف الدعوة الأساس هو "الترويج لإسلام معتدل يعكس الرؤى الدينية للدولة"، وكان هناك حظر على الجماعات الإسلامية التي تتناقض أفكارها وتعاليمها مع أفكار وتعاليم الجمعية. وتخضع كل المساجد، بما فيها المساجد التي يتم بناؤها على نفقة بعض العائلات الميسورة، للهيئة العامة للأوقاف وشئون الزكاة. يتم شرح تعاليم الدين الإسلامي في المدارس العامة، في حين أن نشر التعاليم الدينية لأي ديانة أخرى غير مسموح به، كما أن الحكومة لا تقوم بنشر أي معلومات تتعلق بانتماء الأطفال لأي دين في المدارس العامة، ولم يعرف أن أطفالا انتقلوا إلى مدارس خاصة سعيا وراء تعاليم دينية معينة.

دخل الإسلام إلى ليبيا في زمن خلافة عمر بن الخطاب، ومنذ أن استقر بعض تلاميذ الإمام مالك في ليبيا لأوقات متفرقة في طريقهم من المدينة المنورة إلى بقية مناطق المغرب العربي، فإن المذهب المالكي أصبح هو المنهج الإسلامي الذي يتبعه الغالبية العظمى من مسلمي البلاد، وتم تداول مؤلفات علماء المالكية أمثال ابن أبي زيد والقاضي عياض وعبد الواحد بن عاشر في أغلب المدارس الإسلامية التي أسسها أهم المراجع الدينية في تاريخ البلاد، ومنهم: أحمد زروق، عبد الواحد الدكالي وعبد السلام الأسمر، حيث استمر تدريس هذه المناهج وفق نظام الحلقات حتى ستينيات القرن العشرين وبقي بعد هذه الفترة على نظام الحلقات ولكن بشكل أقل، حيث انتقل التدريس الديني بشكل كبير إلى التعليم النظامي متمثلاً في جامعة محمد بن علي السنوسي ثم الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية. وينتشر في ليبيا أكثر من خمسة آلاف مركز لتحفيظ القرآن، وبحسب تقديرات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، فإن خمس سكان ليبيا في سنة 2010 يحفظون القرآن، كما أن حاملي شهادة حفظ القرآن يعاملون وظيفيًا على قدم المساواة مع حملة الشهادات الجامعية.

السياسة
بعد استقلال ليبيا من بريطانيا فرنسا بعيد الحرب العالمية الثانية تشكلت ملكية دستورية في ليبيا وكان بها حكومة نيابية تمارس عملياتها بشكل شبه ديمقراطي. إلا أنها أصبحت بعد انقلاب الأول من سبتمبر 1969 تحكم عمليا عن طريق العقيد معمر القذافي قائد الانقلاب بشكل انفرادي منذ ذلك الحين إلى ان قامت ثورة 17 فبراير في عام 2011 بالاطاحة بمعمر القذافى ونظامه.

ليبيا بعد 17 فبراير 2011
بعد ثورة 17 فبراير وتشكيل المجلس الوطني الانتقالي الذي تأسس في 27 فبراير 2011 وبعد الاطاحة بنظام القذافى واعلان التحرير في 23 أكتوبر 2011 تشهد ليبا مرحلة انتقالية لتأسيس دستور ونظام حكم جديد.

النظام القضائي
يرتكز النظام القانوني الليبي على مزيج من القانون المدني والمبادئ القانونية الإسلامية ويطبق القضاة مبادئ الشريعة الإسلامية في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية.

موسوعة التشريعات الليبية
تعد ليبيا أول دولة عربية ينضبط فيها التشريع بصدور أول قاعدة بيانات تشريعية تاريخية فيها على مستوى دول الوطن العربي، وهي تتكون من أربعين مجلدا ً(كلاسيرا) تغطي المرحلة من الاحتلال الإيطالي وحتى المرحلة المعاصرة ويضاف إليها الملاحق بشكل دوري. ولقد كانت هذه الموسوعة التاريخية سباقة في دعم نظم الحكم في بعض الدول العربية مثلما هو الحال في النظام الفيدرالي في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تم استقائه من التجربة الفيدرالية في ليبيا في الفترة ما بين (1951-1963).

السياسة الخارجية
سياسات ليبيا الخارجية عرفت ومنذ سبعينيات القرن العشرين بأنها "مناوئة" لعدد من الدول الغربية. حاربت الجماهيرية الامبريالية ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت سياسة ليبيا "عدائية" تجاه بعض الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا وحتى إيطاليا في بعض الأحيان وذلك حتى منتصف التسعينيات. عوقبت ليبيا بالحصار الاقتصادي والحظر الجوي طوال فترة التسعينيات، كما قامت الولايات المتحدة بقصف أهداف في مدينتي طرابلس وبنغازي العام 1986 في عهد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان. استعادت ليبيا علاقاتها الدولية بعد رفع الحظر الجوي وانهاء مشكلة لوكربي. كما قامت ليبيا بالتخلي طوعيا عن برنامج سري لها لتطوير أسلحة الدمار الشامل عام 2003.

التقسيمات الإدارية :
تعتبر العاصمة طرابلس أكبر مدن البلاد من حيث الكثافة السكانية تليها مدينة بنغازي[27] ثم ثالث كبرى مدن البلاد مصراتة[28] ورابع كبرى مدن البلاد مدينة البيضاء[29] بالإضافة للمدن الرئيسية الأخرى مثل الزاوية التي تحد العاصمة طرابلس من جهة الغرب وطبرق في أقصى شرق البلاد وسبها كبرى مدن الجنوب.

ثورة ليبيا 2011
ثورة 17 فبراير أو الثورة الليبية وقد يشير إليها البعض باسم الحرب الأهلية الليبية هي ثورة اندلعت وتحولت إلى نزاع مسلح إثر احتجاجات شعبية بداية في بعض المدن الليبية ضد نظام العقيد معمر القذافي، حيث انطلقت في يوم 15 فبراير اثر اعتقال محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل في مدينة بنغازي فخرج أهالي الضحايا ومناصريهم لتخليصه وذلك لعدم وجود سبب لاعتقاله، وتلتها يوم 16 فبراير مظاهرات للمطالبة بإسقاط النظام بمدينة البيضاء فأطلق رجال الأمن الرصاص الحي وقتلوا بعض المتظاهرين، كما خرجت مدينة الزنتان والرجبان في نفس اليوم وقام المتظاهرون في الزنتان بحرق مقر اللجان الثورية، وكذلك مركز الشرطة المحلي، ومبني المصرف العقاري بالمدينة، وازدادت الاحتجاجات اليوم التالي وسقط المزيد من الضحايا وجاء يوم الخميس 17 فبراير/شباط عام 2011 م على شكل انتفاضة شعبية شملت بعض المدن الليبية في المنطقة الشرقية فكبرت الاحتجاجات بعد سقوط أكثر من 400 ما بين قتيل وجريح برصاص قوات الأمن ومرتزقة تم جلبهم من قبل النظام. وقد تأثرت هذه الاحتجاجات بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011 م وبخاصة الثورة التونسية وثورة 25 يناير المصرية اللتين أطاحتا بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك. قاد هذه الثورة الشبان الليبيون الذين طالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. كانت الثورة في البداية عبارة عن مظاهرات واحتجاجات سلمية، لكن مع تطور الأحداث وقيام الكتائب التابعة لمعمر القذافي باستخدام الأسلحة النارية الثقيلة والقصف الجوي لقمع المتظاهرين العزّل، تحولت إلى ثورة مسلحة تسعى للإطاحة بمعمر القذافي الذي قرر القتال حتى اللحظة الأخيرة. وبعد أن أتم المعارضون سيطرتهم على الشرق الليبي أعلنوا فيه قيام الجمهورية الليبية بقيادة المجلس الوطني الانتقالي، وفي يوم 20 انتفاضة مدينة طرابلس وهي العاصمة الليبية وقد افلح شباب العاصمة بإسقاط العاصمة ونظام القذافي في تسع ساعات وبعدها في يومي 21 و22 أغسطس دخل الثوار إلى العاصمة طرابلس المحررة من شبابها بالاحتفال وقاموا جميع الثوار بالسيطرة على آخر معاقل القذافي وقتل الأخير في سرت بحلول يوم 20 أكتوبر.

خلفية :
في شهر فبراير عام 1943م انتهى الغزو الإيطالي لليبيا بعدَ حملة عليها من طرف دولتي بريطانيا وفرنسا، اللتين نجحتا في دحر إيطاليا وألمانيا من البلاد بالقوة العسكرية وتقاسماها جنباً إلى جنبٍ معَ بقيَّة المُستعمرات الإيطالية، فحصلت بريطانيا على إقليمي برقة وطرابلس فيما أخذت فرنسا إقليم فزان، واستمرَّ الوضع كذلك حتى أعلن في 24 ديسمبر 1951 عن استقلال ليبيا رسمياً، وبذلك قامت المملكة الليبية المتحدة. ظلَّت المملكة الليبية بقيادة إدريس السنوسي تحكم ليبيا تحتَ نظام ملكيٍّ وراثي حتى تاريخ 1 سبتمبر 1969، عندما استغلَّ الملازم معمر القذافي وُجود الملك السنوسي خارج البلاد لتلقي العلاج ونفذ انقلاب سبتمبر ليُعلن قيام الجمهورية العربية الليبية، ثمَّ أعلن في 2 مارس 1977 عن بدء "سلطة الشعب" وغير اسم الدولة إلى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية (وأضاف لاحقاً كلمة "العظمى" في 14 أبريل 1986 بعدَ الغارات الأمريكية على ليبيا، بصفتها تحدَّت دولة عظمى).

وبعدَ "إعلان قيام سلطة الشعب" في عام 1977 تغيَّر نظام الحُكم في ليبيا إلى نظام مُعقد وغير اعتياديٍّ وضع أسسه العقيد معمر القذافي، وهوَ ما يُسميه النظرية العالمية الثالثة (باعتباره طريقة الحُكم الثالثة بعدَ الماركسية والرأسمالية)، التي ألف لها كتاباً اسمه الكتاب الأخضر يَشرح أسسها ومفاهيمها. ويَعتمد نظام الحُكم هذا الذي أسسه القذافي على مبدأ اللجان الشعبية، إذ أن المؤتمر الشعبي العام يُعد أعلى سلطة تشريعيَّة في الدولة وفق هذا النظام، حيث يَحل مكان مجلس الوزراء ويَقوم بسن القوانين وغيرها من التشريعات، ويَتكوَّن هذا المؤتمر العام من مُمثلين عن عامة الشعب، إذ أن سكان البلاد مُقسمون إلى وحدات محلية تحوي كلٌّ منها 1، 000 شخص، يَقومون بدورهم بانتخاب شخص منهم ليُمثلهم في المؤتمر. يُعد معمر القذافي أطول حاكم غير ملكيٍّ من حيث مدة الحُكم في تاريخ العالم أجمع، وأطول حاكم في تاريخ ليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية عامَ 1551م، لكنه معَ ذلك يَعتبر أنه ليسَ حاكماً ولا يَملك أيَّ منصب، إنما "قائداً" و"زعيماً" فيما يَحكم الشعب نفسه بنفسه. كان القذافي إنساناً غريبَ الأطوار بشكل عام، وكثيراً ما كان يُحاول الخروج عن المُعتاد في أفكاره، فكان يُلقب نفسه بـ"ملك ملوك إفريقيا"، ويَدعو إلى دولة مُتحدة في فلسطين باسم "إسراطين"، كما ألغى التقويم الهجريَّ في ليبيا واعتمدَ تقويماً شمسياً جديداً يَبدأ تأريخه من وفاة النبي محمد ويَعتمد تسميات خاصة للأشهر مُختلفة عن سائر التقاويم الأخرى (وقد آثار تقويمه هذا انتقادات واسعة في الأوساط العربية). كانت العلاقات عموماً متوترة بين القذافي والغرب خلال مُعظم فترة حكمه، ووصلَ الأمر إلى حد فرض عُقوبات قاسية ضد ليبيا في مجلس الأمن الدولي عام 1989، لكن معَ ذلك فبعدَ رفع المجلس لعقوباته في عام 1998عادت العلاقات بين ليبيا والغرب للتحسُّن بسرعة والتوطد إلى حد كبير، ومن ضمن ذلك دفعه تعويضات بمقدار 2.7 بليون دولار إلى الغرب عام 2003 بسبب التوترات السابقة، ثمَّ تفكيكه لأجهزته النووية وإلغاء برنامجه النووي وإهداء مخططاته ومعداته كافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

الاحتقانات الشعبية في عهد القذافي :
أبرز ثلاث احتقانات وأحداث شعبية شهيرة في عهد القذافي هيَ مجزرة سجن أبو سليم عام 1996 ومجزرة مشجعي كرة القدم عام 1996 ومظاهرات بنغازي عام 2006.
ففي عام 1996 قامت أجهزة الأمن الليبية بارتكاب إحدى أكبر المجازر في عهد القذافي بسجن أبو سليم، وهو سجن يُؤوي المُعتقلين السياسيين في المقام الأوَّل، ويُعد أكثر سجون ليبيا إحكاماً وتحصيناً، وبنقيض باقي سجون البلاد فهوَ لا يَخضع لإدارة وزارة العدل الليبية بل يُدار مُباشرة من طرف الأمن الداخلي. لكن في شهر يونيو عام 1996 تمرَّد عدد كبير من السجناء مُطالبين بأن يُحاكموا بشفافية بدلاً من اعتقالهم قسرا وبأن يَحصلوا على ظروف معتقل أقل سوءاً، وتمكن المتمردون من السَّيطرة على جزء من السجن وطرد الحرس منه، ونتيجة لهذا فقد أطلقت أجهزة الأمن الليبية حملة يوم 28 يونيو من ذلك العام لقمع التمرُّد، واقتحمته في ذلك اليوم ميليشيات القذافي معَ العديد من القادة الأمنيين البارزين مثل عبد الله السنوسي وموسى كوسا. وبعدَ بعض المُفاوضات بينهم وبين المُتمردين، بدأت عملية اقتحام المناطق التي يُسيطر عليها السجناء باستخدام الرشاشات والقنابل اليدوية، وبذلك بدأت المَجزرة، التي قبضوا خلالها على مئات المُتمردين وقاموا بتصفيتهم جماعياً، ويُقدر عدد ضحاياها بحوالي 1170 قتيلاً.

وفي عام 1996 نفسه حدثت مجزرة أخرى أصغرَ حجماً في العاصمة طرابلس أيضاً، إذ انتصرَ نادي الأهلي الطرابلسي على النادي الاتحادي في إحدى مباريات كرة القدم، فتحمَّسَ مشجعو الأهلي وأخذوا بالهتاف ضد النادي الاتحادي وتأييداً للأهلي، وقد كان وقتها الساعدي القذافي ـ ابن معمر القذافي ـ حاضراً في المباراة على المنصة الشرفية، فلم تَرق له هتافات الجمهور لأنه كان عضواً في النادي الاتحادي آنذاك، ولذلك أمرَ قوَّات الأمن بإطلاق النار على المُشجعين فوقعت المجزرة التي راحَ ضحيتها 20 مدنياً ممن كانوا يَهتفون للنادي الأهلي. وقد تسبَّبت هذه المجزرة بإغلاق نادي الأهلي وتجميد نشاط كرة القدم في كافة أنحاء ليبيا لمُدة ثلاث سنوات كاملة.

وفي بنغازي اندلعت أحداث عام 2006 بسبب أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، التي خرج رداً عليها المئات في المدينة في يوم الجمعة 17 فبراير واتجهوا نحوَ القنصلية الإيطالية، وحاولَ المُتظاهرون اقتحام القنصلية فاعترضهم قوَّات الشرطة، ثمَّ صعدَ فتى إلى مبناها وانتزعَ العلم فأطلقت الشرطة عليه النار، وبذلك بدأ الاشتباك بين المُتظاهرين الغاضبين ورجال الشرطة الذي تطوَّر إلى استخدام الرَّصاص الحي وانتهى بمقتل 11 متظاهراً وسُقوط ما لا يَقل عن 35 جريحاً. وبعدَ هذه المجزرة تطوَّرت الأحداث، فاندلعت الاحتجاجات مُجدداً يوم السبت وأحرق المُتظاهرون الغاضبون القنصلية الإيطالية بعدَ أن اتجهوا إليها مُجدداً، وخلال فترة أيام 18 ـ 20 فبراير توسعت دائرة مطالب المُحتجين، فأخذوا بالتوجه نحوَ رموز السلطة بليبيا نفسها، وأحرقوا أربع مقارٍ للشرطة ومبنيي الضرائب والمباحث الجنائية فضلاً عن اقتحامهم لمديرية الأمن في بنغازي، وكانت حصيلة المباني الحُكومية التي أحرقوها في آخر الأمر حوالي 30 مبنى. وفي سبيل احتواء هذه الاحتجاجات أعلنت السلطات الليبية الحداد على "شهداء" مجزرة 17 فبراير وأقالت وزير الأمن العام بالبلاد، كما اهتمَّت بنقل عددٍ من جرحى المُظاهرات للعلاج في الخارج. وبعدَ وُصول الاحتقان إلى هذا المستوى على مدى أربعة أيام من التوترات في مدينة بنغازي، انتهت الأحداث بفرض السلطات الليبية لحالة الطوارئ وإعلانها حظر التجوال في المدينة، معَ إرسال تعزيزات أمنية إليها من المناطق المُجاورة للحرص على عدم تكرار المُظاهرات. كما شهدت مدينة غريان في سنة 1988 انتفاضة ضد أعوان الطاغية (أبوزيد دورده) بعد إعطائه الأوامر بإطلاق النار على مواطنين قاموا بالهجوم على قوات الأمن التي تريد الاستيلاء على قطعة ارض ملك مواطن وتخصيصها لأحد أزلام النظام وقتل نتيجة لذلك مواطن وكان عريس جديد ليس له إي علاقة بالموضوع وأثر ذلك انتفضوا أغلب سكان غريان وقاموا بالهجوم على مركز الشرطة وعلى بيت أبوزيد دورده الذي كان أمين البلدية في ذلك الوقت وهرب دورده إلي طرابلس وقام القذافي بإرسال كتيبة أمنية إلي غريان وقام بقمع المتظاهرين ونقل جميع الأمانات إلى جادو.

كما شهدت مدينة البيضاء في 1 سبتمبر عام 2006 احتجاجاً عارمة أثناء احتفال انقلاب 1969 أو ما يعرف الفاتح، وقام بعض المواطنين بالهجوم على عربات بها دبلوماسيين والعقيد القذافي احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية بالمدينة، مما أدى إلى كسر نوافذ السيارات ولم يصاب على أثرها إي شخص.
أخرها شهدت مدينة يفرن في 24 ديسمبر عام2008 والتي تعد حاضرة أما زيغ ليبيا احتجاجات كبيرة بعدما قام مجموعة لسيف الإسلام نجل القذافي باقتحام المدينة ومداهمة لعدد كبير من منازل الناشطين حول قضية حقوق الثقافة الأمازيغية مما أثار غضب أبناء المدينة وتم حصار المدينة وقطع الكهرباء والإتصلات عنها وهدد القذافي بقصفها بالطائرات.

الدعوة إلى الثورة
أنشأ الناشط "حسن الجهمي" المتخصص في مجال المعلوماتية يومَ الجمعة 28 يناير صفحة على موقع الفيسبوك الاجتماعي تدعو إلى انطلاق ثورة في كافة أنحاء ليبيا يوم 17 فبراير، في ذكرى أحداث مدينة بنغازي عامَ 2006 الخامسة، وللتخلص من الفقر والتعبير عن حقوق الشعب الطبيعية حسبَ وصف صاحب الصفحة لوظيفتها. وسُرعان ما بدأت صفحته بالانتشار، وبدأ بتشكيل شبكة اتصالات معَ ناشطين آخرين في البيضاء وبنغازي وطرابلس يَدعون إلى انتفاضة مُشابهة في البلاد.
وبالتزامن معَ ظهور هذه الدعوات على الإنترنت، في أوائل شهر فبراير ادعى "المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية" أنه علمَ من مصادر مطلعة في السلطات الليبية أن هناك خططاً لاحتواء أي حراك شعبيٍّ مستقبلي مُحتمل بتنفيذ عددٍ من الإصلاحات السياسية والاجتماعية في البلاد، ستتضمن تشكيل حكومة جديدة لوضع دستور جديد وسن قانون للأحزاب. كما قالَ المؤتمر في يوم 4 فبراير أن خطبَ الجمعة في مُختلف أنحاء ليبيا تناولت موضوع أمن واستقرار البلاد وركزت عليه، مما اعتبره مُحاولة أخرى لاحتواء الحراك الشعبي. وفي الأيام الأولى من شهر فبراير أيضاً، اجتمعَ مسئولون في النظام أكثر من مرة معَ ناشطين ومثقفين وممثلين للقبائل الليبية لإبلاغهم بضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار، وحماية الشعب والمواطنين مما يُنشر على الإنترنت من دعوات محرِّضة.

وقبل انطلاق الانتفاضة بقليل، اجتمعت جهات وتنظيمات وقوى مُختلفة من المعارضة الليبية في الخارج لمُناقشة الوضع السياسي في البلاد يومَ الاثنين 14 فبراير، وصفت نفسها بأنها: "تنظيمات وفصائل وقوى سياسية مستقلة وشخصيات وطنية ليبية ومنظمات وهيئات حقوقية مهتمة بالشأن الليبي العام". وأصدرت هذه الجهات والتنظيمات معاً بياناً موحداً طالبت فيه الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتنحي عن الرئاسة ونقل نظام الحُكم بشكل سلمي ليُصبحَ مرتكزاً على أسس الديمقراطية.

وفي النهاية في يوم 14 فبراير وقبل بدء الثورة بيوم واحد ألقت السلطات الليبية القبضَ على المحامي فتحي تربل في بنغازي المُعارض لنظام القذافي والمسئول عن قضية أهالي ضحايا مجزرة سجن أبو سليم في القضاء، بالإضافة إلى عدة ناشطين آخرين بينهم المُدوِّن "فرج الشراني"، مما اُعتبرَ الشرارة الأولى الفعلية للاحتجاجات الليبية ومُفجِّرها الرئيسيّ.

اندلاع الاحتجاجات :
اندلعت الثورة قبل اليوم المحدد 17 فبراير، إذ خرجت مظاهرة في مدينة بنغازي يوم 15 فبراير وأغلبية المتظاهرين كانوا من أهالي شهداء بو سليم الذين كانوا على موعد كل يوم سبت لوقفة احتجاجية والمطالبة بمكان الجثث ومحاكمة المسئول عن القضية وفي يوم 15 فبراير أعتقل محامي هذه العائلات فتحرك الشباب للخروج في مظاهرة مبكرة قبل اليوم المتفق عليه في شبكة الإنترنت وكان المحامي فتحي تربل هو الفتيل الذي بدأت به شرارة الثورة. وبعدَ اعتقال الناشطين فتحي تربل وفرج الشراني، خرجَ الآلاف للتظاهر في مساء يوم الثلاثاء 15 فبراير أمام مديرية الأمن بمدينة بنغازي. وسُرعان ما جاءَت مجموعة من البلطجيين الذين كانوا يَهتفون تأييداً للعقيد معمر القذافي وهاجمت المُحتجين، فتطوَّرت المُظاهرة إلى اشتباك عنيف استَخدم المُتظاهرون خلاله الحجارة والزجاجات الحارقة لإبعاد المُهاجمين. وقد انتهت الوقفة الاحتجاجية عندما وصلت مجموعات من الشرطة النظامية واستخدمت الهراوات وخراطيم المياه لتفريق المُتظاهرين، وكانت حصيلة الاشتباكات في آخر الأمر سقوط 38 جريحاً. وبالتزامن معَ هذه المُظاهرة، خرجت في المقابل مسيرات مؤيدة للعقيد القذافي في مدن أخرى بأنحاء ليبيا منها بنغازي نفسها وسرت وسبها والعاصمة طرابلس. وبعدَ انطلاق هذا الحراك الشعبي المفاجئ لم يَمضي وقت طويل حتى أُعلنَ الإفراج عن فتحي تربل في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، كما وعدت السلطات الليبية بالإفراج يومَ الأربعاء عن 110 سجناء آخرين من معتقلي سجن أبو سليم.

كما انطلقت مظاهرات تطالب بإسقاط النظام في مدينة البيضاء يوم 16 فبراير وهي الأولى من نوعها في ليبيا وسقط بالمدينة حوالي 3 قتلى وتعد من إحدى شرارات ثورة 17 فبراير، وأخيراً انطلقت الاحتجاجات في أنحاء ليبيا يومَ الخميس 17 فبراير تحتَ شعار "يوم الغضب الليبي"، ووصلت إلى ست مدن هيَ بنغازي والبيضاء وطبرق ودرنة وأجدابيا والكفرة والزنتان،، ومناطق مجاورة كيفرن وخلال برهة وصلَ الأمن لفض المُظاهرات، فتطوَّرت بسرعة إلى مواجهات عَنيفة بين الطرفين، وقامَ المُتظاهرون بإحراق العديد من المباني الحكومية في مدن مختلفة، وفي النهاية تعرَّضت العديد من المُظاهرات لإطلاق النار والفض بالرَّصاص الحي، وتراوحت إحصاءات أعداد القتلى من 11 إلى 49 قتيلاً موزعين بين مدن بنغازي والبيضاء وأجدابيا ودرنة. وذلك على الرغم من أن بعض رجاء الأمن قد انضموا إلى المُحتجين وامتنعوا عن إطلاق النار عليهم، فيما كان ردُّ الفعل الحكومي الأول هوَ إقالة مسئول أمنيٍّ في مدينة البيضاء. لكن من جهة أخرى فإن السلطات بدأت حملة اعتقالات في طرابلس ألقي القبض خلالها على 14 ناشطاً على الأقل، وربَّما كان ذلك تحسباً لاحتجاجات مُشابهة مثل ما حدث في مدن أخرى.

ارتفعَ عدد المدن المحتجة إلى 16 معَ قدوم يوم الجمعة 18 فبراير، إذ بلغت المُظاهرات مدن بنغازي والبيضاء وطبرق ودرنة وأجدابيا والمرج وطبرق والقبة وشحات وسبها والزنتان والزاوية ونالوت وجادو والرجبان ويفرن وطرابلس (في تاجوراء وسوق الجمعة وفشلوم). وقد كرَّرَ المُتظاهرون ـ خصوصاً في بنغازي ـ أعمال حرق المباني الحكومية كما في اليوم السابق، فيما وصلَ الأمر إلى حد شنق شرطيَّين في البيضاء. وكما في اليوم السابق أيضاً استخدمَ الرَّصاص الحي ضد المحتجين، فسقطَ 24 قتيلاً موزعين على مدن بنغازي والبيضاء ودرنة. وبنهاية اليوم كانت المُظاهرات قد عمَّت مدينتي البيضاء والزنتان تماماً، وتمكن المُحتجون ـ بعدَ انضمام الأمن والشرطة إليهم ـ من طرد أنصار القذافي بالكامل تقريباً من كلا المدينتين، وأصبحتا تحتَ سيطرة المُتظاهرين

المجازر ضد المحتجين :
وخرجت في يوم السبت 19 فبراير مسيرة بمدينة بنغازي لتشييع قتلى اليومين السابقين، فأطلقت مجموعات من المغاوير النار على المُحتجين بكثافة وقصفتهم بالأسلحة الثقيلة ومضادات الطائرات، مما أدى إلى سُقوط 15 قتيلاً على الأقل حسبَ منظمات حقوق الإنسان الدولية، لكن مع ذلك فقد قال الناشط فتحي تربل أن العدد قد يَصل إلى 200 قتيل في بنغازي وحدها منذ بداية الاحتجاجات، في حين أفادت مصادر طبيَّة يوم الأحد التالي أنه يُوجد في "مستشفى الجلاء" بالمدينة حوالي 300 جثة لقتلى من الاحتجاجات فضلاً عن وُجود قرابة 1، 000 جريح فيه، مما يُمكن أن يَعني أن عدد ضحايا المجزرة أضخم بكثير. كما سقط في مدينة البيضاء وحدها ما يقارب 150 قتيل وسقط قتيل آخر في مصراتة خلال تفريق مُظاهرة. وفي يوم الأحد 20 فبراير استمرَّت الاضطرابات في بنغازي، وخرجَ عشرات آلاف المُتظاهرين إلى الشوارع فهاجمهم مُسلحون وتسبَّبوا بسُقوط 50 قتيلاً.

وبعدَ هذه الاشتباكات أعلنت قوَّات من الأمن والجيش انضمامها إلى المحتجين، وسلمتهم مبنى مديرية الأمن بالمدينة فنهبوه وأحرقوه. وبعدَ انضمام الأمن والجيش هذا اضطرَّ أنصار القذافي والموالون له إلى الانسحاب من المدينة، فأصبحت تحتَ سيطرة المحتجين بالكامل هيَ الأخرى مثل البيضاء والزنتان فيما أطلقوا عليه "تحرير المدينة".

وإلى جانب هذه المدن الثلاث، أفادَ ناشطون أيضاً بسيطرة المُحتجين على مدينة رابعة يومَ الأحد هيَ الزاوية بعدَ خروج مُظاهرات حاشدة فيها. وفي العاصمة طرابلس خرجت مُظاهرات بالآلاف في منطقتي سوق الجمعة والدهان شرقي المدينة، وانشقت قوَّات الأمن والشرطة مُلتحقة بالمُتظاهرين فانسحبَ أنصار القذافي، وأعلنت قوَّات الجيش في قاعدة معيتيقة الجوية المُجاورة انشقاقها أيضاً، فوقعَت المنطقة بأكملها بذلك في قبضة المُحتجين، الذين حاصروا مقرَّ الإذاعة وقرُّوا التوجه نحوَ الساحة الخضراء وسطَ العاصمة حيثُ بدؤوا اعتصاماً مفتوحاً. لكن سُرعان ما جاءَ مرتزقة أجانب ليبدؤوا بإطلاق النار على المُعتصمين، ثمَّ انطلقت مُظاهرة مناصرة للقذافي في الساحة واصطدمت معَ المناهضين له. كما قطعت خدمات الإنترنت بالكامل عن ليبيا.

وبعدَ أحداث العاصمة هذه، ظهرَ سيف الإسلام القذافي في خطاب على التلفاز للمرَّة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات، حذر خلاله من إمكانية اندلاع حرب أهلية في ليبيا بسبب طبيعتها القبلية منبهاً إلى أنها "ليست تونس أو مصر"، كما وعدَ بسن قوانين إصلاحية وتعديل الدستور لإرضاء المحتجين. وبعدَ هذا الخطاب تأججت المُظاهرات وخرجت في مَناطق مُختلفة من العاصمة، من ضمنها شارع عمر المختار، وقامت الحشود الغاضبة بإحراق العديد من المباني الحكومية في المدينة.

وقد كان الأهم من انضمام الجيش في يوم الأحد هوَ بروز بعض ردود الفعل المحلية الأولى اتجاه الاحتجاجات، إذ استقالَ مندوب ليبيا في الجامعة العربية معبراً عن انحيازه إلى "الثورة الشعبية"، وفي المُقابل أعلنت قبائل كبرى عديدة من قبائل ليبيا دفعة واحدة عن انحيازها إلى المحتجين وتخليها عن نظام القذافي، أبرزها قبيلتا ورفلة ـ أكبر قبيلة في البلاد بتعداد يَبلغ مليون نسمة ـ وترهونة ـ ثاني أكبر قبيلة بنفس التعداد تقريباً والتي يَنتسب إليها معظم جنود الجيش ـ، فضلاً عن "قبيلة الزوي" في مناطق حقول النفط بالجنوب التي أعلنت أنها ستُوقف ضخَّ النفط إلى العالم خلال 24 ساعة إن لم يَتوقف "سفك الدم الليبي".

خرجت مدن جديدة في يومَ الاثنين 21 فبراير عن سيطرة نظام القذافي وسقطت في أيدي المُحتجين بعدَ انضمام الجيش إليهم وحمايته لهم، من أبزرها مدينة طبرق في الشرق ومدن مصراتة وخمس وبني وليد وترهونة والزاوية وغريان وزوارة في الغرب. أما في العاصمة، فقد دعي ناشطون إلى إطلاق مسيرة مليونية بمشاركة المدن المُحيطة التي اتُفق أن تزحف الحُشود منها نحوَ طرابلس، لكن ذلك لم يَتحقق. إذ بدأت قوَّات من المرتزقة ـ حسبَ إفادات شهود وناشطين عديدة ـ بعد ذلك مُباشرة بارتكاب "مجزرة" في العاصمة بعدَ التحاق الغالبية العُظمى من القوات المسلحة بالمحتجين ومعَ قطع الكهرباء والماء والاتصالات عن المدينة ومُحاصرتها، فتم قصف المدنيين العزل والمُتظاهرين بالمروحيات جواً والآليات الثقيلة براً مستخدمين مضادات الطائرات وغيرها من القذائف في أحياء ومناطق عديدة منها تاجوراء وسوق الجمعة ـ حيثُ نفذ إنزال جوي للمرتزقة وبدؤوا بقصف المدنيين المُحتشدين ـ وفشلوم وحي الأندلس، بالإضافة إلى إطلاق النار على كل من يَمشي في الشوارع في كافة أنحاء العاصمة، وقد انتهت عمليَّات القصف هذه بمقتل 250 مدنياً على الأقل. وأما المدن التي كانت تُحاول الحشود فيها الزحف نحوَ طرابلس كمصراتة مثلاً، فقد تعرَّض المُحتجون فيها للقصف بالطائرات العسكريَّة لإجبارهم على التراجع، مما أوقعَ الكثير من الخسائر في صفوف المتظاهرين.

وفي تطوُّر غير مسبوق في استقالات السلك الدبلوماسي يومَ الأنين، أعلنَ 6 سفراء لليبيا في دول بريطانيا وبولندا والصين والهند وإندونيسيا وبنغلادش استقالتهم دفعة واحدة. فيما وصلت الانشقاقات إلى الوزراء، حيثُ أعلن وزيرا العدل مصطفى عبد الجليل وشؤون الهجرة والمغتربين علي الريشي استقالتهما احتجاجاً على "العنف في قمع الاحتجاجات".

مثال على المُظاهرات الحاشدة التي أصبحت تخرج بحرية في مدن الشرق بعدَ سيطرة المُحتجين عليها، والصورة تُظهر اعتصاماً في مدينة بنغازي يومَ الأربعاء 6 يوليو.

خرجت مُظاهرات عارمة في مدينة صبراتة يوم الثلاثاء 22 فبراير أحرق خلالها المُحتجون مُعظم المكاتب الأمنية في المدينة، فأرسلت السلطات وحدات من الجيش إليها. أما في العاصمة فقد ألقى العقيد معمر القذافي خطابه الثاني، الذي حذر فيه من أنه سيَسحق "المتمردين" كالجرذان، وأنه لن يَتوانى عن استخدام القوَّة إذ اضطر لذلك، كما تحدَّث كثيراً عن تاريخ إنجازاته وأمجاده. وقد كانت العاصمة هادئة قبلَ هذا الخطاب، لكن بعدَه مُباشرة بدأ إطلاق نار في مناطق عدة واندلعت اشتباكات في حي بن عاشور، فيما حاصرت قوَّات المرتزقة المدينة من كل الجهات. وعندَ هذه المرحلة من تطوُّر الاحتجاجات، أصبحَ شرق ليبيا بأكمله وبجميع مدنه تحتَ سيطرة المُحتجين، من طبرق شرقاً قربَ الحدود حتى أجدابيا غرباً مروراً بدرنة والمرج والبيضاء وبنغازي، وزيادة في سيطرتهم عليه انشقت يومَ الثلاثاء كتائب الجيش الليبي في الجبل الأخضر وقبضَ أهالي مدينة البيضاء وحدهم على 400 مرتزق كانوا يُحاولون قمع الاحتجاجات هناك. أما على انشقاقات النظام، فقد استقالَ يوم الثلاثاء سفراء ليبيا في فرنسا وأذربيجان ومنظمة اليونسكو احتجاجاً على قمع المُظاهرات، فيما تفاقمت استقالات الوزراء بانشقاق وزير ثالث هوَ وزير الداخلية عبد الفتاح يونس العبيدي.

سقطت في يوم الأربعاء 23 فبراير مدية جديدة في أيدي المُحتجين، هيَ مصراتة الوَاقعة شرق طرابلس. وقد كانت العاصمة هادئة خلال اليوم، معَ عدم مُلاحظة وُجود غير اعتيادي للأمن والجيش، على الرغم من أن الشوارع ظلَّت خالية تماماً نتيجة لاستهداف أي شخص يَمشي فيها بالرَّصاص مباشرة. وفي الشرق سيطرَ الثوار على مدينة البريقة بمُساعدة كتائب أمنية مُنشقة. أما عدد القتلى الإجماليِّ في أنحاء ليبيا فقد بلغ بحلول الأربعاء 640 قتيلاً الغالبية العُظمى منهم في بنغازي وطرابلس وحدهما، في حين وصلت بعض التقديرات إلى 2000 قتيل. اقتحمت كتائب القذافي يومَ الخميس 24 فبراير مدينة الزاوية وأطلقت النار برشاشات مضادة للطائرات على المُحتجين المُعتصمين في ساحتها، فسقطَ 16 إلى 23 قتيلاً جرَّاء ذلك، لكن المُحتجين عادوا للتجمُّع وأبقوا المدينة تحتَ سيطرتهم بعد انتهاء الهجوم مُباشرة. وفي مصراتة بلغت كتيبة خميس القذافي المدينة صباح اليوم لتبدأ هجوماً مفاجئاً عليها سيَستمر لشهور لاحقة، وقتلت خلاله منذ اليوم الأول 4 من المدنيِّين. أما مدينة زوارة المجاورة فقد اختفى الأمن منها وسقطت في أيدي المُحتجين. وفي العاصمة اقتحمَت قوات القذافي المستشفيات وقامت بتصفية جرحى المُظاهرات الذين نقلوا إلى هناك سابقاً، فيما اختطفت الجثث، بينما ظلت شوارع المدينة خالية تماماً.

في صباح يوم الجمعة 25 فبراير أغارت كتائب القذافي على مدينتي الزاوية ومصراتة، لكن الأهالي صدوا الكتائب في كلا المدينتين. وقد اندلعت الاحتجاجات بالعاصمة في أكثر من 7 مواقع وحاولت بلوغ الساحة الخضراء، لكن 15 قتيلاً سقطوا بين المُحتجين بعدَ قمع جميع المُظاهرات. كما سقطت في أيدي المُحتجين مدن الزنتان وجادو ونالوت. وتعرَّضت مدينة الزاوية لهجوم جديد يوم السبت 26 فبراير أوقع 50 قتيلاً بعدَ قصف مُتظاهرين بالمدفعية الثقيلة.

وعلى الصعيد الدولي صدرَ أول قرار رسمي بشأن الأحداث في ليبيا من مجلس الأمن الدولي، إذ أصدرَ قرار المجلس رقم 1970 الذي فرض عدداً من العُقوبات على نظام القذافي وقياداته وأسرته وأدان بشدة قمع الاحتجاجات فأدان القذافي بدوره القرار واعتبرَ أنه باطل ورفع بشأنه مذكرة إلى محكمة العدل الدولية. ومعَ هذا التطور الدولي جاءَ تطور محليُّ كبير آخر، إذ شهدَ يوم الأحد 27 فبراير الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي في شرق ليبيا بالمدن التي سيطرَ عليها المُحتجون، الذي أكَّد أن تشكيله كان بالتعاون معَ قيادات الثوار في جميع مدن البلاد، وأن لديه مجالس في كافة المدن وليسَ من الوارد عنده بأي شكل تقسيم ليبيا، فيما أعلنَ ناشطون في غرب البلاد أن مدن الغرب تضع نفسها تحتَ إدارة المجلس الانتقالي

بدء الصراع المسلَّح
حملَ الثوار في يوم الخميس 17 فبراير 2011 الأسلحة النارية للمرَّة الأولى، إذ كان ذلك في مدينة البيضاء ومحيطها عندما انشقت "كتيبة الجارح" التابعة للحرس الجمهوري الليبي وبدأ جنودها بتبادل إطلاق النار معَ الجنود الموالين للقذافي، وبذلك اندلعت معركة البيضاء، فأخذ ثوار البيضاء السلاح من بعض مخازن الذخيرة واتجهوا به إلى موقع كتيبة الجارح في مدينة شحات المُجاورة للبيضاء ولمساندة المُنشقين بالقتال، ومن ثم إلي مطار الأبرق الذي دارت به معارك، حيث تمكنوا الثوار من الاستيلاء على بعض الطائرات التي حطَّت فيه، وتدمير مهابط المطار في 18 فبراير 2011. ولاحقاً في 21 فبراير هاجمت كتائب القذافي المطار لانتزاعه من أيدي الثوار، لكنهم نجحوا في إسقاط طائرة عمودية، فنشبَ أوَّل اشتباك مسلَّح في الثورة الليبية.

وبعدها تكرَّرَ الأمر مرة أخرى في يوم الاثنين 28 فبراير 2011 بمدينة مصراتة، حيثُ دافعَ الثوار بالأسلحة أيضاً عن المدينة التي تعرَّضت لهجوم آخر من طرف كتيبة خميس القذافي، وتمكنوا من إسقاط طائرة حربية تابعة للكتائب وتفجيرها بعدَ معركة قرب قاعدة جوية هامة، كما استخدموا المدفعية المضادة للطائرات في اليوم ذاته بمدينة أجدابيا لصد طائرات كانت تُحاول قصف مخزن الأسلحة القريب منها. لكن معَ ذلك فإن حركة الاحتجاجات لم تكن قد تحوَّلت بعدُ إلى ثورة مسلَّحة عندَ هذه المرحلة، إذ أن استخدام السلاح ظلَّ محدوداً بهاتين المدينتين وبهذه الاستخدامات البسيطة. وفي يوم الثلاثاء 29 فبراير سقطت مدينة مسلاتة في يد الثوار، فيما صدَّ ثوار مصراتة والزاوية والزنتان هجمات مُختلفة لكتائب القذافي.

في مدن الشرق الليبي التي خرجت منذ وقت مُبكر عن سيطرة القذافي، استولى الثوار ـ بطبيعة الحال ـ على عددٍ كبيرٍ من مخازن الأسلحة بعدَ أن أحكموا سيطرتهم على تلك المناطق، وحصلوا منها على كميات كبيرة من الذخيرة التي يُمكنها تسليح آلاف المُقاتلين.

وعلى الرغم من استعداد العديد من الثوَّار للزحف غرباً نحوَ المناطق التي لا زالت خاضعة للقذافي، فإن قادة المجلس الوطني الانتقالي وقتها ـ في أواخر شهر فبراير ـ لم يَتشجعوا للأمر ونفوا أن يَحدث ذلك في الفترة الحالية، خصوصاً بعدَ أن اتصلوا بناشطين وثوار آخرين في العاصمة طرابلس ليَقترحوا عليهم الزحف غرباً لمُساندتهم، فرفض هؤلاء قائلين أن الأوضاع لا زالت تحت سيطرتهم في العاصمة وأنهم ليسوا بحاجة إلى مُساعدة، ولذا فقد توقف الأمر عندَ ذلك الحد. لكن المجلس أخذ معَ ذلك بتشكيل جيش رسميٍّ له للمرَّة الأولى هوَ جيش التحرير الوطني الليبي، حيث أفادَ عسكريون بوُجود متطوعين ومنشقين من الجيش والأمن يُشكلون معاً وحدة عسكرية لنزع سيطرة القذافي عن باقي ليبيا، وقالوا في يوم الثلاثاء 1 مارس 2011 أن عدد المُتطوعين المُجتمعين في مدينة أجدابيا أصبحَ حوالي 10 آلاف مقاتل. وفي أواخر شهر فبراير أيضاً كانَ بعض الثوار في الجبل الغربي بمدن كالزاوية مُسلحين بأسلحة أخذوها من مخازن الذخيرة، وكانوا يُطلقون النار بها في الهواء قائلين أنهم لا زالوا يَتظاهرون سليماً، لكنهم سيُقاتلون عندَ اللزوم.

واندلعت المَعارك المسلحة الحقيقية للمرَّة الأولى بليبيا في يوم الأربعاء 2 مارس 2011 عندما اجتاحت 500 آلية عسكرية من كتائب القذافي مدينة البريقة، فبدأت بذلك معركة البريقة الأولى التي انتهت بعد عدة ساعات بتمكن الثوار من صدِّ الكتائب في اشتباكات أدت إلى سُقوط 18 قتيلاً واستخدمَ الثوار خلالها الأسلحة النارية الخفيفة.

وبعدَ هذه المعركة توجه آلاف الثوار من أجدابيا إلى البريقة لمساندة المُقاتلين هناك. وقد قصفت كتائب القذافي مدينتي أجدابيا والبريقة بعدَ هذه الأحداث في يوم الخميس. في يوم الجمعة 4 مارس 2011 سيطرَ الثوار على بلدتي العقيلة وغراميد وزحفوا منهما إلى مدينة رأس لانوف نتيجة لسماعهم عن انشقاقات في صفوف الكتائب بها، وسيطروا عليها بعدَ معركة عنيفة في المدينة، بينما راحَ 50 قتيلاً على الأقل ضحيَّة الاشتباكات المُستمرة في مدينة الزاوية.

ودارت يوم السَّبت 5 مارس 2011 معارك ضارية بمدينة الزاوية أسفرت عن سُقوط عشرات القتلى، بينما أعلن أهالي قرية النوفلية انضمامهم إلى الاحتجاجات. وفي يوم الأحد اندلعت معارك عنيفة في بلدة بن جواد بعدَ أن بلغها الثوار خلال زحفهم نحوَ الغرب، لكنها انتهت بانتصارهم وسيطرتهم عليها.

واستمرَّت المَعارك العنيفة في مدن الزاوية ومصراتة غرباً وبن جواد شرقاً لمُدة أسبوع كامل بعد ذلك، وفي آخر الأمر استطاعت قوَّات القذافي السيطرة على مدينة الزاوية وإنهاء معركة الزاوية الأولى لصالحها بعدَ قمع انتفاضة المدينة يوم الخميس 10 مارس، فيما تمكنت شرقاً من الانتصار في معركة بن جواد الأولى بالسَّيطرة على البلدة ودحر الثوار بها وبرأس لانوف يوم الجمعة 11 مارس 2011.

أما مدينة مصراتة فقد بقيت تحتَ سيطرة الثوار بعدَ هذه المعارك الطويلة طوالَ الأسبوع. انسحبَ الثوار من مدينة العقيلة بالشرق يوم السبت معَ استعادة ثوار الزاوية بالغرب سيطرتهم على "ميدان الشهداء" وسط المدينة، بينما اندلعت اشتباكات شديدة في البريقة يوم الأحد 13 مارس بعدَ أن بلغتها كتائب القذافي، وانتهت بنتيجة غير واضحة بعدَ وُصول ادعاءات عديدة من كلا طرفي الصِّراع عن سيطرتهم على المدينة. لكن بحلول يوم الاثنين 14 مارس كانت البريقة تحتَ سيطرة الثوار تماماً، وبالمقابل تعرَّضت أجدابيا المُجاورة لها لقصف جويّ، فيما انتصرت الكتائب على الثوار في معركة زوارة بغرب البلاد وتمكنت من قمع انتفاضة المدينة كلياً.

في يوم الأربعاء 16 مارس 2011 نشبت معارك شديدة في مصراتة انتهت بسُقوط زهاء 100 قتيل ما بين ثوار ومرتزقة ومدنيين، وتكرَّرت يوم الجمعة مُتسببة بسقوط 25 قتيلاً آخرين. وفي فترة أيام الثلاثاء ـ الخميس انسحبَ الثوار أخيراً من مدينة البريقة، فتقدَّمت الكتائب شرقاً لكي تبدأ معركة أجدابيا الأولى، واندلعت فيها طوال هذه الأيام الثلاثة اشتباكات عنيفة جداً حاصرت الكتائب خلالها المدينة وقصفتها بالمدفعية براً والسفن بحراً والطائرات جواً، فيما استخدمَ الثوار بدورهم الطيران الحربي للمرَّة الأولى وأغرقوا باستخدامه ثلاث سفن فضلاً عن تفجير العديد من الآليات العسكرية، وانتهت المعركة بسُقوط أكثر من 50 قتيلاً بين الطرفين

التدخل الدولي :
في يوم السبت 19 مارس 2011 انتصرت كتائب القذافي في معركة أجدابيا الأولى وبدأت تقدُّمها نحوَ بنغازي عاصمة الثوار بادئة بذلك معركة بنغازي الثانية. وبعدَ ساعات من الاشتباكات العَنيفة على المشارف الغربية للمدينة (التي انتهت بتدمير عدة دبابات للقذافي وسُقوط طائرة تابعة للثوار)، خرجَ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من مؤتمر حولَ الوضع الليبي كان قد عُقد في باريس ليُعلن إقرار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 وبدء الحظر الجوي على ليبيا بعدة ضربات استهدفت الكتائب المُتمركزة حول مدينة بنغازي. وبعدَ ساعات من الغارات الجوية التي دمَّرت ما لا يَقل عن 15 دبابة و20 عربة مدرعة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نجاحها وحلفاءها في إيقاف الهُجوم على المدينة، مما أدى إلى انسحاب الكتائب سريعاً نحوَ مدينة أجدابيا غرباً. وكانت المدينة بعدَ ذلك مسرحاً لمعركة عنيفة على مدى الأسبوع التالي، منذ يوم 21 مارس وحتى السبت 26 مارس عندما انتصرَ الثوار أخيراً بعدَ سُقوط أكثر من 180 قتيلاً خلال الاشتباكات.

أما مدينة الزنتان فقد شهدت خلال هذه الأيام الستة معارك عنيفة وقصفاً بالدبابات أسفرا عن سُقوط 16 قتيلاً، لكن في نهايتها تمكن الثوار من إجبار الكتائب على الانسحاب وفك الحصار عن المدينة في 24 مارس بعد أن استمرَّ منذ 3 مارس. في مساء 26 مارس وتحتَ وطأة قصف دوليٍّ استمرَّ أسبوع كاملاً على قوات القذافي أجبرت هذه القوات على التقهقر عبرَ الساحل الليبي والانسحاب من مدنه واحدة تلوَ الأخرى، وهنا انطلق الثوار من أجدابيا بعد انتصارهم فيها لكي يَبسطوا سيطرتهم على البريقة فالعقيلة فرأس لانوف فبن جواد، بل إن أنباءً أفادت بانسحاب بعض آليات الكتائب من سرت نحو العاصمة طرابلس.

وفي صباح 28 مارس 2011 تابعَ الثوار تقدمهم فسيطروا على بلدة النوفلية، كما انتشرت شائعات عن سيطرتهم على سرت نفسها، غيرَ أنها نُفيَت لاحقاً. وخلال تقدمهم سُرعان ما فوجئ الثوار بكمين نصبته لهم كتائب القذافي في منطقة الوادي الأحمر على مسافة 30 كم شرق سرت، وتحت وطأة هذا الهُجوم أجبرَ الثوار على التراجع مسافة 100 كيلومتر حتى مدينة بن جواد لكي تبدأ معركة بن جواد الثانية، حيث أبدى الثوار مقاومة في وجه الكتائب التي بدأت بمعاودة تقدمها لاستعادة ما فقدته. لكن لم تستمرَّ المعركة طويلاً، فبحلول نهاية 29 سبتمبر سقطت بن جواد في أيدي كتائب القذافي، وانتقلت بذلك المعارك إلى رأس لانوف، لكن سُرعان ما سقطت تلك الأخرى في يوم الأربعاء 30 سبتمبر 2011 بعد معارك قصيرة.

وأما على جبهة الزنتان فقد عادت الكتائب لقصف المدينة في 28 مارس واستمرَّت بذلك لمدة ثلاثة أيام، ثمَّ فرضت عليها حصاراً طويلاً معَ توقف الاشتباكات تقريباً بينها وبين الثوار.

في صباح يوم الخميس 31 مارس بلغت كتائب القذافي مدينة البريقة خلال تقدمها على طول ساحل البلاد الشرقي، وبذلك استعادت كل الأراضي التي كانت في يدها قبل بدء المعارك المسلَّحة، ثمَّ شرعت في دخول البريقة نفسها، وبذلك بدأت معركة البريقة الثالثة. دارَ أوَّل اشتباك من اشتباكات المعركة في يوم الخميس نفسه، وبعد وقت قصير انسحبَ الثوار مهزومين إلى أجدابيا شرقاً للاستعداد لصدِّ زحف الكتائب المتنامي هناك. وفي 1 أبريل عاودت الكتائب التقدم نحو أجدابيا، لكن الثوار صدوها على الرغم من عدم تمكنهم من العودة إلى البريقة.

وفي 2 أبريل 2011 عادَ الثوار أخيراً إلى البريقة وبسطوا سيطرتهم على معظمها بعد اشتباكات عنيفة أسقطت 20 قتيلاً بين الطرفين، لكن بقيت بعض جيوب المقاومة التابعة للكتائب في المدينة. في يوم السبت تراجع الثوار كثيراً، لكنهم استعادوا السيطرة مرة أخرى على معظم مناطق المدينة بحلول يوم الأحد 4 أبريل.

لكن مع ذلك فقد أجبر الثوار على الانسحاب من البريقة تماماً تحت وطأة القصف العنيف في 5 أبريل، ثم عادوا إليها في اليوم التالي. وفي 7 أبريل دارت الاشتباكات الأخيرة في البريقة، لكن مع قتل حلف الناتو 45 من الثوار بغارتين خاطئتين وتجدد قصف الكتائب عمَّت الفوضى صُفوفهم، واضطروا إلى الانسحاب مئة كيلومتر شرقاً نحو أجدابيا، وكان تلك هي آخر معركة على أرض البريقة طوال الشهور الأربعة القادمة من الحرب الليبية.

وفي مصراتة، تسبَّب قصف عنيفٌ واشتباكات على مداخل المدينة الشرقية والغربية والجنوبية دامَا أكثر من أسبوعٍ من 27 مارس إلى 4 أبريل بسُقوط 160 قتيلاً بين المدنيّين، لكن مع ذلك فقد تمكن الثوار من صد جميع هجمات الكتائب. أما في الجبل الغربي فقد أحكمت كتائب القذافي في 4 أبريل سيطرتها على مدينة غريان ومنطقتي ككلة وتاغمة، فيما اشتبكت مع الثوار في مدينتي القلعة ويفرن، وأما الزنتان فاستمرَّ حصارها مع قصف مدفعيٍّ متقطع من طرف الكتائب. واستمرَّت الاشتباكات حول يفرن والحصار والقصف في الزنتان بعد ذلك لمدة يومين حتى 5 أبريل، وفي 6 أبريل سيطر الثوار على منطقة ككلة، فيما استمرَّت حملات الاعتقالات ضد الثوار في مدينتي الزاوية وزوارة منذ قمع الكتائب انتفاضتيهما قبل شهر تقريباً.

بعد انتهاء معركة البريقة بانتصار كتائب القذافي، بدأت هذه بالتقدم شرقاً بادئة معركة أجدابيا الثانية، لكن لم تدم المعركة طويلاً. في 7 و8 أبريل دارت اشتباكات خفيفة حولَ أجدابيا، لكن الكتائب لم تستطع حتى بلوغ مشارف المدينة، ومع ذلك فقد تركها معظم سكانها خوفاً من اندلاع المَعارك، فتحوَّلت إلى مدينة شبه مهجورة. في 9 أبريل بدأت كتائب القذافي هجوماً عنيفاً على أجدابيا من جميع الجهات، وبعد هذا الهُجوم انسحب الثوار إلى وسط المدينة وجهزوا أنفسهم فيه للدفاع بقوة، فيما تركوا الكتائب تدخل أطرافها لكي تبدأ حرب عصابات عنيفة بين الطرفين في الوسط، وفيما أصبحَ الوسط ساحة قتال عنيفة ظلَّ الشرق والغرب هادئين، إذ كان الأول بيد الثوار والآخر بيد الكتائب دون حدوث مواجهات.

في 10 أبريل تجددت المعارك، واستخدم الثوار خلاله مروحيتين عسكريتين للمرة الأولى بالإضافة إلى طائرة، غير أن المروحيتين دمِّرتا خلال المعارك، وأما الطائرة فأوقفَها حلف الناتو قبل وُصولها ساحة المعركة عملاً بالحظر الجوي لكن معَ ذلك فبنهاية اليوم كان الثوَّار قد أحكموا سيطرتهم على مدينة أجدابيا وطردوا الكتائب منها بالكامل، وبذلك انتصروا في معركة أجدابيا الثانية. بانتهاء هذه المعركة، دخلت المعارك على جبهة شرق ليبيا حالة من الجُمود غير المسبوق ببدء صراع البريقة وأجدابيا، فطوالَ الشهور الأربعة التالية لم يَتمكن أي من الطرفين (لا الثوار ولا الكتائب) من إحكام سيطرته على أي من مدينتي أجدابيا والبريقة، إذ كانت الأولى في يد الثوار والثانية في يد الكتائب، واستمرَّت معارك الكر والفر بينهم لمدة أربعة شهور دون نتيجة ولا حسم للصراع، بل إن الاشتباكات نفسها أصبحت أمراً شبه معدوم ونادرَ الحدوث.

على جبهة الغرب، لم يَكن الوضع مختلفاً كثيراً خلال أواسط شهر أبريل. في 9 أبريل قصفت الكتائب مدن يفرن والرجبان والزنتان في الجبل الغربي، لكن عُموماً ظلَّ الحراك العسكريُّ في المنطقة ضعيفاً، باستثناء مصراتة التي استمرَّت الاشتباكات والمعارك فيها طوالَ الوقت. استمرَّت المعارك في مصراتة وبعض الاشتباكات في الزنتان طوالَ الأسبوع التالي لذلك، لكن في 14 أبريل حدث بعض التصعيد، إذ قصفت الكتائب ميناء مصراتة بـ200 صاروخ غراد موقعة قرابة 50 قتيل بين المدنيِّين، وفي اليوم التالي اندلعت اشتباكات عنيفة في جبل نفوسة الغربي بيفرن والرجبان والغنايمة (جنوبَ القلعة) أدت إلى مقتل 7 ثوار، فيما التفت كتائب القذافي نحوهم عبر دخول أراضي تونس من جهة معبر وازن. في يومي 18 و19 أبريل شنت كتائب القذافي حملة عسكرية شديدة العنف على منطقة جبل نفوسة غرب ليبيا، وخصوصاً مدينتي يفرن ونالوت، إذ قصفتها بشدة بالصواريخ متسبَّبة بسقوط أكثر من 110 قتلى فيهما خلال هذين اليومين وحدهما. وأما مصراتة فبحلول هذا الوقت كان قد بلغ عدد ضحاياها أكثر من 1، 000 قتيل و3، 000 جريح. اندلعت بين يومي الثلاثاء والخميس 19 و21 أبريل معارك عنيفة بين الثوار والكتائب على الحدود التونسية الليبية، وتحديداً عند معبر وازن، لكن الثوار نجحوا في آخر الأمر بدحر الكتائب والسيطرة على المعبر وعلى بلدة وازن الواقعة شرقه بمسافة 5 كيلومترات، فيما أجبرت كتيبة تابعة لقوات القذافي تتألف من 200 عسكريّ على الفرار نحو الأراضي التونسية، وسلَّمَ بعضهم أنفسهم إلى السلطات هناك.

في يومي السبت والأحد 23 و24 أبريل اشتد القصف على مصراتة موقعاً 40 قتيلاً، وفي يوم الأحد أيضاً تمكنت قوات القذافي بعد معارك عنيفة طوال أسبوع ونصف من السيطرة على منطقة السوق وهي منطقة المعارك بمدينة يفرن، وأما الزاوية فتجددت معاركها وتمكن الثوار من دخول "ميدان الشهداء" ثمَّ الانسحاب منه سريعاً. في 25 أبريل دارت معارك عنيفة في مدينة نالوت أدت إلى سُقوط 50 قتيلاً من مقاتلي الكتائب قبل أن يُسيطر الثوار عليها، وفي 28 أبريل اجتاحت الكتائب أيضاً مدينة الكفرة في جنوب البلاد ونجحت في انتزاعها من أيدي الثوار بعد أن سيطروا عليها لشهور. استمرَّت الكتائب بقصف معبر وازن الحدوديِّ ومدينة يفرن بعنف طوال أيام بعد ذلك من 24 وحتى 27 من أبريل، وعقبَ هذا القصف بدأت قوات القذافي بالتقدم نحوَ المعبر في ظهر الخميس 28 أبريل لكي تبدأ معركة معبر وازن ـ الذهبية، ودارت اشتباكات اليوم على كلا جانبي الحدود، حتى أن 10 قذائف سقطت حول بلدة الذهبية التونسية، وأما بلدة وازن على الجانب الليبي فقد وقعت في أيدي الكتائب بنهاية اليوم. بعد هذه المعارك أبدت السلطات التونسية استنكارها الشديد لانتهاك حرمة حدودها، لكن الانتهاك تجدَّد مع تجدد الاشتباكات في 29 أبريل، وهُنا دخل الجيش التونسي في معركة مع كتائب القذافي في وسط بلدة الذهبية، وانتهى الاشتباك بانسحاب الكتائب من المنطقة بأكملها وإعلان الثوار سيطرتهم على المعبر الحدوديّ في 28 أبريل، خرجت أولا المظاهرات في العاصمة طرابلس منذ قرابة شهرين، إذ خرجت مسيرات في منطقتي تاجوراء وسوق الجمعة، لكن سرعان ما فرقتها قوت الأمن العودة إلى جبهة الشرق، تعرَّضت مواقع الثوار في أجدابيا إلى قصف طوال يومي 12 و13 أبريل، ولذلك فقد أطلق الثوار في يومي 15 و16 أبريل هجمات على البريقة لإيقاف هذا، لكنهم فشلوا في الاستيلاء عليها. في 17 أبريل بدأت الكتائب هجوماً مضاداً على ثوار أجدابيا وأجبرتهم على التراجع قليلاً، لكنها فشلت في بسط سيطرتها على أيّ أجزاء من المدينة.

بعد هذه الأحداث القصيرة، دخلت جبهة الشرق في حالة أكثر مأساوية من ذي قبل من الجمود المتوقع، فحتى أواسط شهر مايو لم يَحدث شيءٌ على الجبهة باستثناء بعض الضربات الجوية للناتو والاشتباكات المحدودة بالمدفعية والصواريخ فيما بين الكتائب والثوار من وقت إلى آخر.

في ليلة 30 أبريل شن حلف الناتو غارة جويَّة على مسكن القذافي في باب العزيزية في العاصمة طرابلس قصفه خلالها قصفاً عنيفاً. وفي اليوم التالي، أعلنت السلطات الليبية مقتل سيف العرب القذافي ـ أصغر أبناء معمر القذافي ـ وثلاثة أحفاد آخرين للقذافي نفسه جرَّاء الغارة، وكان يَبلغ عمره آنذاك 29 عاماً.

في أوائل شهر مايو 2011 بدأت كتائب القذافي بتشديد حملتها على منطقة الجبل الغربي التي كانت قد بدأت منذ نصف شهر تقريباً، فوُضعت بلدات القلعة ويفرن والزنتان تحتَ حصار مشدد في ظل ظروف إنسانية صعبة، فيما قصفت مدن أخرى بشدة منها ككلة والزنتان ونالوت، واستمرَّت الاشتباكات بالاندلاع على معبر وازن من وقت إلى آخر. واستمرَّ الوضع على هذه الحال حتى 7 مايو، عندما بدأ وضع المنطقة بالعودة قليلاً إلى الهدوء، عدى عن اجتياح للزنتان في 11 مايو. وبالجنوب، أعلن الثوار في 5 مايو إحكام سيطرتهم على مدينة الكفرة جنوب البلاد، وذلك بعد أسبوع من سيطرة الكتائب عليها. وأما جبهة الشرق فبعدَ 20 يوماً متصلاً من الهدوء التَّام اندلعت معارك عنيفة فيها قرب أجدابيا يوم 9 مايو، وانتهت بسُقوط 57 قتيلاً من الكتائب وتدمير 17 عربة تابعة لها وفقَ الثوار.

في 8 مايو 2011 بدأ الثوار ما أسموه "انتفاضة" هي الأولى من نوعها منذ شهور في ضواحي العاصمة طرابلس ضد نظام العقيد معمَّر القذافي، وعلى الرغم من إفاداتهم هذه فإن التلفزيون الليبي نفى في المقابل قطعياً هذه الأخبار وصرَّحَ مسئولون بأن الوضع في العاصمة هادئ تماماً.

ووفق مصادر الثوار فقد بدأت الأحداث عندما انشقَّ ضبَّاط من الأجهزة الأمنية في المدينة وسلَّموا ما يَملكونه من أسلحة خفيفة إلى الثوار، فاستخدمها هؤلاء ضد كتائب القذافي، وبذلك اندلعت الاشتباكات في عدة مناطق من طرابلس بينها جنزور في الغرب وتاجوراء في الشرق، ودفعَ ذلك الكتائب إلى فرض حالة استنفار أمنيٍّ في العاصمة، وأدت المعارك إلى سُقوط قتلى وجرحى بين كلا الطرفين. وبحلول 10 مايو أعلنَ الثوار أنهم تمكنوا من رفع علم الاستقلال في قاعدة معيتيقة الجوية شرق طرابلس.

في 11 مايو 2011 أعلنَ الثوار الليبيُّون سيطرتهم على مطار مدينة مصراتة وأنهم باتوا يُحاصرون جيوب المُقاومة المتبقية لكتائب القذافي في مواقع مختلفة من المدينة في أعقاب معركة عنيفة استمرَّت لعدة أيام دارت رُحاها حول المطار، وبذلك أطبقَ الثوار سيطرتهم على مصراتة بعدَ شهور من القتال، وهو ما عدَّه البعض نصراً كبيراً لهم، وخرجَت احتفالات كبيرة في المدينة بعد الإعلان عنه. ونتيجة لسيطرة الثوار على المدينة، فقد بدؤوا سريعاً بالتقدم وراءها خلال الأيام التالية باتجاه الجنوب نحوَ تاورغاء والغرب نحو زليطن. ففي 15 مايو سيطروا على بلدة الدافنية غرباً وبدؤوا بتعزيز مواقعهم بها استعداداً للزحف باتجاه زليطن، فيما بلغوا على جبهة الجنوب مدينة تاورغاء. وقد شهدَ ذلك اليوم أيضاً تسيير قافلة مساعدات إنسانية إلى مناطق الجبل الغربي المحاصرة التي تعاني من حصار مستمرٌّ وأوضاع إنسانية صعبة، كمدينة الزنتان وما حولها من بلدات.

وفي 17 مايو 2011 أعلنت مصادر للثوار عن أن مدينة مصراتة باتت في أيديهم بالكامل وأن القتال فيها ضد الكتائب قد انتهى. وفي وقتٍ لاحق اتَّهمت المعارضة كتائب القذافي بارتكاب جرائم اغتصاب في المدينة خلال الحملة عليها في الشهور الماضية، وقالت أن ما لا يَقل عن 50 عائلة من أهاليها قد سُجلت فيها حالات اغتصاب، وأيَّدت هذه الروايات اعترافات من طرف بعض مقاتلي الكتائب.

وعلى الحدود الليبية التونسية، حاولت قوات تابعة للقذافي في 15 مايو للالتفاف على قوات الثوار عندَ معبر وازن بدخولها عبرَ الأراضي التونسية وتوغلها عدة كيلومترات داخلها، لكنها اصطدمت مع الجيش التونسي الذي استدعى وحدات وتعزيزات وتمكَّن من صدها وإعادتها أدراجها. وإثرَ هذا الهجوم هدَّدت تونس في. كما انشقَّ ـ على الصعيد السياسي ـ في 16 مايو وزير النفط الليبي "شكري غانم" وفرَّ إلى تونس متخلياً عن نظام القذافي. وبالعودة إلى جبهة مصراتة، فقد حاولت كتائب القذافي الإغارة عليها بهُجوم بالزوارق البحرية في 17 مايو، لكن إحدى سفن الناتو الراسية بجوار الساحل تمكَّنت من إيقاف الهجوم.

في ليلة يوم الخميس 20 مايو اتجهت قوَّات ضخمة تابعة لكتائب القذافي مُعزَّزة بدبابات وراجمات صواريخ إلى مدينة نالوت التي كانت خاضعة لسيطرة الثوار وحاصرتها بالكامل، استعداداً لحملة عليها لإعادتها إلى يد الكتائب. وأما ككلة ويفرن فكانتا تحتَ الحصار منذ عشرين يوماً والكتائب تسيطر عليهما جزئياً مع قطع المياه والغذاء عنهما. وعلى أعقاب هذه الهجمات في الجبل الغربي حذَّرَ مسئولو المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي من أن الأوضاع في الجبل الغربي أصبحت على شفى كارثة إنسانية، وطالبوا بإمداداته بالمساعدات والمعونات. وفي الليلة ذاتها شن الناتو غارات عنيفة على موانئ ليبيَّة عدة في طرابلس والخمس وسرت، انتهت بإغراق 8 سفن عسكريَّة ليبية تابعة للقذافي وفقَ بيانات الحلف الرسمية.

وخلال فترة أيام 19 إلى 29 مايو 2011 تعرَّضت مدن الجبل الغربي وجبل نفوسة مثل الزنتان ونالوت والقلعة ويفرن ووازن إلى قصف عنيف بصواريخ غراد من طرف الكتائب وفقَ المُعارضة، وأدى القصف الطويل والحصار المستمر منذ 3 أبريل إلى سُقوط العديد من القتلى والجرحى من الثوار كما سقطَ قتلى في صُفوف الكتائب خلال المعارك وخسروا بعض الآليات. وأما في مصراتة، فقد اندلعت اشتباكات عنيفة في غربي وجنوبي المدينة في فترة 23 إلى 25 في أعقاب محاولات جديدة للكتائب لدخولها واستعادة السيطرة عليها، وتخلَّل ذلك قصف عنيف لأجزاء عدة من المدينة. وفي 28 مايو أفادت مصادر تونسية بفرار 43 ضابطاً ليبياً برتب عالية نحو تونس فيما بدا انشقاقاً عن نظام القذافي.

بعد جمود كل الجبهات لمدة ثلاثة شهور وجمود جبهة القواليش الاصابعة نظرا المقاومة الشديدة لقوات القذافي في الاصابعة قام الثوار يوم 13 أغسطس2011 بعملية التفاف على الجبل لتحرير مدينة غريان من الجهة الشمالية الغربية بدل الجهة الغربية (الاصابعة).. وقد صعد الثوار الجبل من جهة القواسم راجلين وبآليات وقاموا باقتحام مدينة غريان من عدة اتجاهات ابتداء من منطقة القواسم، ومن ثم انتشروا إلى الشمال والجنوب، وقامت المجموعة المتجهة شمالا بإقفال الطريق القادمة من طرابلس أبو غيلان، واتجهت المجموعة الثانية إلى وسط غريان في منطقة تغسات واستقبلوهم الأهالي بالزغاريد والتكبير، وتم تنفيذ تأمين جميع المنافذ المؤدية من وإلى غريان. وقال العقيد جمعة أن عملية التحرير تمت في ثلاث ساعات بالتحام الثوار من داخل وخارج المدينة حسب خطة مدروسة واتصالات مكثفة وتنسيق كامل، كما أن العملية نفذت بتخطيط عسكري عالي المستوى، من استطلاع وسرية معلومات وتنسيق مع ثوار المدينة. وقال العقيد جمعة أن تحرير غريان خطوة مهمة في إطار تحرير كامل التراب الليبي، وممهد مهم لتحرير العاصمة طرابلس.

وقد تم تحرير الزاوية يوم 14 فبرلير 2011 وتحرير العاصمة طرابلس في 20 أغسطس 2011 وتحرير بني وليد تحرير أخر معاقل النظام سرت. كما تم القبض على القذافي في مدينة سرت، حيث وجد في إحدى الحفر. وبعدها قتل.

الدول المشاركة في الضربات الجوية :
بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1973 القاضي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين، تداعت دول غربية وعربية وأحلاف عسكرية لتنفيذ القرار ألأممي. وأطلقت الدول المشاركة في تنفيذ القرار اسم فجر أوديسا على العمليات التي بدأت بتاريخ 19 مارس 2011. وفيما يلي سرد للدول المشاركة والدول التي عرضت المشاركة وعتادها والعمليات التي نفذت.

دول نفذت عمليات :
الولايات المتحدة: تمتلك طائرات من طراز "أف 15" و"أف 16" في قاعدة "سيغونيلا" بجزيرة صقلية، وحاملة المروحيات "باتان" وسفينتي، فضلاً عن امتلاكها مدمرتين في شرق المتوسط، هما "باري" و"ستاوت"، وكلتاهما مجهزة بصواريخ "توماهوك".
فرنسا: تملك مائة طائرة مطاردة، من طراز "رافال" و"ميراج" 2000، وطائرات "رادار أواكس"، وتوجد حاملة مروحيات من طراز "ميسترال" في المنطقة، ووضعت القواعد الجوية في كورسيكا وتشاد في حالة استنفار، وربما استخدمتها كنقطتي تموين، كما أرسلت حاملة الطائرات "شارل ديغول" نحو السواحل الليبية.
بريطانيا: نشرت طائرات قتال من طراز "تورنيدو" و"يوروفايتر"، المعروفة باسم "تايفون" في القواعد القريبة من ليبيا، وتوجد في قبرص ثلاث طائرات "رادار أواكس"، ولها قاعدة عسكرية في مالطا، لكنها رفضت استخدامها في العمليات، وتجوب حاليا فرقاطتان المتوسط، هما "ستمينستر" و"كمبرلاند".

دول عرضت المساهمة :
إيطاليا: عرضت استخدام سبع قواعد جوية، أهمها في صقلية.
إسبانيا: وعدت بتقديم "موارد بحرية وجوية"، واستخدام قاعدة "روتا" البحرية الجوية، التي تقدم دعما للقوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وتقع قرب مضيق جبل طارق وقاعدة "مورون" جنوب أشبيلية التي تستخدمها قوات الجو الإسبانية والأمريكية.
بلجيكا: أعربت عن استعدادها للمشاركة، متحدثة عن احتمال نشر 4 ـ 6 طائرات "أف 16"، ناشطة حاليا في إطار "الناتو"، وسفينة لتفكيك الألغام.
الدانمرك: اقترحت المساهمة بست طائرات مطاردة "أف 16"، وطائرة نقل.
النرويج: وعدت بمساهمة دون تحديد طبيعتها، وعلى الأرجح قدمت طائرات نقل من طراز "هركيوليس"، وأخرى مقاتلة من طراز "أف ـ 16".

مواقف الدول العربية :
مصر: خصصت قاعدة مرسى مطروح الجوية القريبة من ليبيا محطة للتزود بالوقود.
السودان: قدم السودان دعم عسكري سري للثوار من خلال إرسال عناصر من الجيش السوداني لتدريب الثوار وأرسل السودان عدد من الأطباء والفنيين والأدوية إلى بنغازي للمساهمة في عمليات إنقاذ الجرحى والمصابين، وقد اعتراف السودان بالمجلس الانتقالي بشكل علني، ويذكر إن ليبيا تحت حكم القذافي كانت توفر العتاد العسكري والإيواء لمتمردي دارفور الذين يحاربون الحكومة السودانية.
السعودية: أرسلت طائرة مراقبة "أواكس" وأخرى لتجهيز الوقود.
الإمارات: أرسلت سربين من الطائرات المقاتلة، فضلاً عن طائرات "أباتشي" و"شينوك" وطاقمها في البحث والإنقاذ.
قطر: نقلت تجهيزات وقوات عبر أسطولها من طائرات "سي 17" و"سي 30"، وأرسلت طائرات إغاثة.
الكويت: أعلنت دعمها لوجستيا(الإمداد والتموين) لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما كانت الكويت ثاني الدول العربية التي اعترفت بالمجلس الانتقالي.
الأردن: تقوم الأردن بتقديم الدعم اللوجيستي وتوفير الأدوية ونقل المصابين للأراضي الأردنية ليتلقوا كافة أنواع العلاج، كما اعترف الأردن بالمجلس الوطني كممثل وحيد وشرعي للشعب الليبي.

حسن الشامي
رئيس تحرير مجلة (المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي)
الصادرة عن (مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية)
[email protected]



#حسن_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير التحول الديمقراطي في الأردن عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في لبنان عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في الإمارات عام 2011
- بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة
- تقرير حالة المرأة المصرية بعد ثورة 25 يناير
- جوهر -صراع الحضارات بين الإسلام والغرب-
- تقرير التحول الديمقراطي في مصر عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في موريتانيا عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في المغرب عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في جنوب السودان عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في شمال السودان عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في الجزائر عام 2011
- تقرير التحول الديمقراطي في سوريا عام 2011
- من أجل تعزيز دور الإعلام الجماهيري في الدعوة لتطبيق اللامركز ...
- سعد الدين ابراهيم : في كل دول العالم يطبقون نظاما لحماية الأ ...
- قصيدة إلى مرشحي الرئاسة
- الخبراء يتساءلون : اللجنة التأسيسية للدستور.. نعمة أم نقمة ع ...
- مؤتمر استقلال القضاء بين الحماية الدستورية وقانون السلطة الق ...
- وفاة البابا شنودة خسارة كبيرة للمصريين
- إطلاق شبكة المساءلة الاجتماعية فى العالم العربى


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الشامي - تقرير التحول الديمقراطي في ليبيا عام 2011