جوائز الابداع والتمييز واشياء اخرى .....؟

سمير بشير محمود النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 3715 - 2012 / 5 / 2 - 19:33
المحور: الادب والفن
    

كنت شابا يافعا بدروب الحياة تقنعني البسمة اللطيفة والكلمة الرقيقة واعتبرها هي المراد ... كنت اطالع صحف زمان ومجلاته وجرائده وانظر باعجاب وانبهار لجوائز الابداع والمتميزين ...
مرت سنوات وكبرنا وراينا الاعاجيب وطرق مجاملات كبيرة ومخاتلات وصداقات تدار بحنكة ودراية وظهر لنا اننا لانعرف العوم في بحر تتلاطم امواجه بقسوة ..
كثير ما جلب انتباهي مسابقات المجلات الادبية العربية وتيقنت بعد حين ان الفوز تدخل به عوامل القرعة لكل بلد وليس للابداع دخل فيه؟؟
مرة سالوا النجم الراحل فريد شوقي وحش الشاشة العربية هل يوجد فنان اجدر منك ولن ينال الشهرة مثلك .. فقال حتما لان ظروفي كانت احسن من غيري فخدمتني وربما يوجد احسن مني ولكن ظروفه لم تخدمه لكي يصل لنجوميتي وربما ظل مجهولا ؟؟
في تسعينات القرن الماضي كنت مستعجلا لقضاء اشغالي فركبت سيارة تاكسي برازيلي تعبانة وكان سائقها ايضا تعبان ويتكلم كثيرا عن كل شيء و اخبرني عن نفسه و انه عائدا للتو من مراجعة اقاربه المسؤول الكبير بحزب البعث وشرح له معاناته مع الحصار و صعوبة ظروفه المادية والعائلية التعبانه فاوعز بترشيحه لدرجة عضو فرقة لكي يستلم شهريا 50 الف دينار وطلب منه الحضور عصر الغد لاجراء انتخابات بمنطقته ليكون الاجراء قانونيا ...
اصابني حديث سائق التاكسي بالاحباط والجزع حزنا على زماننا الخربان ونزلت فورا !!!
خلال سنوات حياتي عرفت ان جائزة نوبل حلم الكبار تمنح بموافقات واتفاقات سياسية وحتى منها بموافقة اللوبي الصهيوني!!!
في اواخر التسعينات شرعت وزارة التربية تعليمات لمنح طلبتها المتفوقين والمتميزين نظام( القدوة ) واحتكرت ابنتي لعدة مرات هذه الجائزة وهي مجرد علامة تلبسها للشهور الاخيرة من السنة الدراسية ولكن في احدى السنوات كانت ابنتي وصيفة وبنت ثانية هي القدوة وعند ذهابي للمدرسة معترضا ولاعرف السبب اخبرتني احدى المعلمات الثقة ان القدوة لهذه المرة لم تكن ذكية أصلا ولا شاطرة ولكن والدها مدير عام الدائرة التي يعمل بها زوج المديرة مما جعلني احتج واقيم الدنيا ولا اقعدها وحين اقنعوني ان جائزة القدوة لا تقدم ولا تؤخر!! حزنت على عصبيتي وحرق اعصابي؟؟
وحين اتفقت ايران والعراق بعد سنين طويلة بتبادل لاسرى الحرب ظهر لدينا فجاءة (الاسيرالمتميز) و لم اعرف ان هناك اسير متميز واسير عادي حتى اطلعت عن الكيفية والطريقة التي يصبح فيها الاسير متميزا وليس عادي حيث تجري صفقات وترتيبات وتزوير وشهود زور بين الاسرى انفسهم بعد دفع مبالغ بينهما ليؤيد كل منها الاخر بالتميز ويحصل الاثنان امتيازات عن تميزهما !! وكنا نضحك بمرارة على العقول التي صدقت تميزهما!!
وعلى ذكر الحرب العراقية الايرانية رايت بعيني عن كثب كثير من المراسلين والطباخين يمنحون اكثر من نوط شجاعة بالاتفاق مع امر الوحدة والجندي على توزيع الامتيازات وكثير منهم منح انواط وهو في بيته لم يرى الجبهة وكثير من الذين بذلوا دمائهم سخية للدفاع عن الوطن لم يحصل حتى على الحصرم !

كثيرا ما شكى لي المتقاعدين بعراقنا العجيب عن تدني رواتبهم برغم خدمتهم الطويلة التي تتجاوز الثلاثين سنة ومن المفارقات التي يحدثوني عنها بمرارة هو استلام بعض المتقاعدين (الجدد) الذين لا تتجاوز خدمتهم ايام او اشهر رواتب مليونية وخيالية لكونهم قد اخذو تزكية من احد الاحزاب اومن العشائر بعد درج اسمائهم ضمن المساهمين في حفظ الامن اوجماعة الاسناد وغيرها من التسميات لكي يستلمون رواتب تقاعدية بدرجة مدير عام واغلبهم اميا لايعرف كتابة سطر واحد وكذلك تقاعد عضو الحكومة المحلية او مجلس المحافظات والاقضية والنواحي وحتى اعضاء المجلس الانتقالي او مجلس الحكم الذي اختاره الامريكان المحتلين او الاحزاب المتنفذة ويقضي بالخدمة سنة او سنتين ويتقاضى راتبا بالملايين وقد سرق الملايين أو ساهم بالتغطية على سرقتها ولم يقدم للوظيفة العامة والمسؤولية الاخلاقية دالة تذكر بغطاء قوانين قذرة سنها الاحتلال وبطانته !!

لم تعد تستهويني جوائز الابداع والتميز بعد مارايته من نفاق
وقد استطعت الاطلاع على القصص والمسرحيات والقصائد التي منح اصحابها جوائز تسمى فائزة بالابداع !!! فهالني الاطلاع على مكنوناتها ولم اعثر على تميزها وابداعها بل كثير من المواد الفائزة لم تكن بمستوى حتى تحت الوسط ؟؟
تيقنت من أن جوائز الابداع تمنح في كثير من المرات للاقناع وللترضية ... وان لم يحالفك الحظ للفوز بجائزة فلا تحزن ؟؟
وترحمت على الشافعي لقوله ::
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا ..... وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ ...... وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ ......... وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا

سميربشيرمحمود النعيمي

#سمير_بشير_محمود_النعيمي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل