أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي شفيق الصالح - هل يحمي القضاء ضحايا تعسف السلطة الادارية ؟














المزيد.....

هل يحمي القضاء ضحايا تعسف السلطة الادارية ؟


علي شفيق الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 09:08
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


هل يحمي القضاء ضحايا تعسف السلطة الادارية ؟
دعوى إلغاء القرارات أفضل وسيلة للردع
د. علي شفيق الصالح
من المؤسف أن بعض المدراء ورؤساء المؤسسات الحكومية عندنا يتصرفون تجاه الموظفين والمراجعين بلا رحمة وبتعالي يتنافى مع قيمنا الحضارية كأن هذه الدوائر ملك لهم, رغم كل التطورات والتحولات العميقة التي حصلت في السنوات الماضية.
وهذه الظاهرة ناتجة عن تقاليد ومفاهيم خاطئة ورثناها عن فترات تخلف وظلم أو افراز طفرات اقتصادية ولدت في المجتمع طباعاً شاذة وخلقت قناعات لدى كثير منا بعلو مكانة الادارات على الناس, وبأنه لا يحق لنا الاعتراض على قراراتها وإجراءاتها حتى لو خالفت الشرعية.
لقد نسينا بأن الزمن قد تغير, بل ونسينا باننا ورثة أول حضارة يحاسب فيها المسؤول كما يحاسب أي فرد في المجتمع, وما وجود "ولاية المظالم" قبل ألف وأربعمائة سنة الا دليل على الرغبة في المساواة والتصدي للظلم, فقد كانت تعتبر نوعاً من القضاء العالي لمواجهة جور الولاة وذوي الجاه والنفوذ.
وتنقل لنا الروايات وكتب التاريخ العديد من القصص التي تؤكد على أن القضاء كان عبر تاريخ حضارتنا يتمتع باستقلال تام وعلو في الكلمة لا يدانيه في ذلك أحد, وبأن الكل كان يحاسب بميزان واحد ويمنع اصحاب النفوذ من الحصول على ميزة على حساب العدالة.
وفي هذا العصر نجد أن الدول المتحضرة تحرص على حسن اختيار مدراء الادارات ورقابتهم, ووضع الضمانات اللازمة للحد من تعسف الادارات لأمر في نفس أو شفايه لغل, وبالأخص تشديد الرقابة القضائية عملاً بالحكمة التي تقول "العدل أساس الملك".
وأفضل وسيلة لرقابة القضاء هي تسهيل عرض المتضرر قضيته وهمومه على المحاكم بدعوى نطلق عليها دعوى تجاوز السلطة أو كما تسمى بلغة الفقه والقضاء دعوى "إلغاء القرارات الإدارية", التي عرفتها حضارتنا قبل مئات السنين , وكانت بداية ظهورها بالشكل العصري في فرنسا على إثر الثورة الفرنسية وإنشاء "مجلس الدولة" عام 1791م.
أن صاحب الشأن يستطيع بهذه الوسيلة المطالبة من القاضي إلغاء القرار اذا ثبت وجود أسباب نظامية تجعله غير مشروع يستحق الالغاء وهي: عدم الاختصاص, او عدم التقيد بقواعد الشكل, أو وجود مخالفة للأنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها, أو إساءة استعمال السلطة, وهذا هو الردع بعينه.
خذ على سبيل المثال, صدور قرار اداري تعسفي بنقل موظف الى مكان آخر يضره بقصد توقيع عقوبة مبطنة عليه, أو رفض الجهات الادارية منح رخصة بناء أو جمعية أو صحيفة يومية رغم توفر كل الشروط في طلب أصحاب الشأن, أو قيام دائرة التجارة بإصدار تعليمات تسويق سلع فيها منفعة لفئة من التجار على حساب فئة أخرى بدون مبرر. في هذه الحالات وأمثالها يحق لأصحاب الشأن رفع دعوى الالغاء.
هذه الدعوى منتشرة وأصبحت مألوفة عند عموم الناس في كثير من دول العالم وتعفيها القوانين من توكيل محام ومن الرسوم القضائية حماية للمشروعية في البلاد, ونجد يومياً صداها في الصحف خاصة حينما تتعلق بقضايا اجتماعية تخص عموم الناس, كالانتخابات والخدمات الصحية والتعليم والنقل.
وتطبق كل الدول العربية هذه الدعوى رغم الاختلاف في الشروط المفروضة عليها, ففي مصر مثلاً نصت عليها قوانين مجلس الدولة المتعاقبة منذ عام 1946م, وفي السعودية نص عليها والنظام السابق لديوان المظالم الصادر عام 1402هـ ونظامه الحالي لسنة 1428 هـ, وفي العراق نص عليها تعديل عام 1981م لقانون مجلس شورى الدولة, وفي المغرب تسمى دعوى الشطط في استعمال السلطة ونص عليها القانون الصادر عام 2000م.
ورغم كل النصوص النظامية التي نفاخر بها أمام المنظمات الانسانية وحقوق الانسان, فان انتشار دعوى إلغاء القرارات ما زال محدوداً. يا ترى لماذا هل العيب فينا ؟
قد يكون ذلك صحيحاً, ولكن قبل ذلك يجب أن لا ننسى القيود التي تحد من فائدة هذه الدعوى, ولا ننسى أن المواطن عندنا غالباً ما يجهل وجودها, ولا يعرف المسكين الا القليل عن طبيعتها ودورها الكبير في انصافه, وصدق من قال أن الانسان يخاف من المجهول.
والادهى من ذلك أننا كثيراً ما نسكت على الظلم خوفاً من انتقام المسؤولين ! وأكثر من هذا نحن نعيب على كل من يخاصم دائرته أمام القضاء وننبذ تصرفه, رغم انه يخاصم قراراً غير مشروع وليس شخصاً معيناً.
بل نحن نصد عنه وكأن المسكين ارتكب عملاً محرماً, ونتساءل ألا يخجل وهل هذا مجنون؟ كيف يرفع دعوى في المحاكم على مكان رزقه؟ ناسين أن هذا حق منحه القانون للمواطن ليحميه ويحمينا كلنا حتى لا يعم الظلم في المجتمع.
كما ننسى بأن الظلم قد يكون ناتجاً عن وجود مساعدين يستغلون غفلة المدير ويجهل سيادته ذلك حتى يفاجأ بأن قراره قد أصبح تحت مطرقة القضاء, وصدق الشاعر الذي قال : إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة أو كنت تدرى فالمصيبة أعظم.
أرجع فأقول الحق مع الناس أحياناً لأنها تخاف البطش من الذين يستحلون الظلم ويجعلون من الدوائر وسيلة لانتفاعهم الشخصي, لذلك لا بد من حماية المجتمع منهم, ولا بد بالخصوص من تسهيل اجراءات دعوى الالغاء أو تجاوز السلطة, ونشر التوعية, وضمان تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بها, لأنها أفضل وسيلة للردع وتشكل نموذجاً رائعاً لحقوق الانسان.



#علي_شفيق_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد الرافدين في باريس: حضاراتنا العريقة تستعيد امجادها يومي ...
- كنوزنا الأثرية تتصدر متاحف الغرب
- موروثاتنا التشريعية تسابق الزمن والغرب يشهد لها
- وسيلتنا القادمة لحوار الحضارات
- متحف اللوفر والولع الفرنسي بآثار الرافدين
- الشريعة باقية وعلينا نحن التغيير
- الإهتمام الدولي بنشر القوانين العادلة أفضل وسيلة لتقارب الثق ...
- تقارب النظامين الفرنسي والعربي في رقابة القضاء على الإدارة: ...
- من بلاد الرافدين وحوض النيل الى ضفاف السين
- هذا العدل الذي نريده
- القوانين العراقية القديمة أول من كرم المرأة


المزيد.....




- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي شفيق الصالح - هل يحمي القضاء ضحايا تعسف السلطة الادارية ؟