أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد شاكر شبلي - نظرة المنهج الإسلامي لعلاقة الإنسان بالآخرة















المزيد.....

نظرة المنهج الإسلامي لعلاقة الإنسان بالآخرة


سعد شاكر شبلي

الحوار المتمدن-العدد: 3698 - 2012 / 4 / 14 - 23:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يرتبط الإنسان مع الحياة الدنيا بعلاقة تعرف بعلاقة ابتلاء ، أي الامتحان والاختبار في طاعة الله تعالى وإتباع تعاليمه الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في جميع شؤون الحياة، بمعنى أن يكون الابتلاء هو المظهر العملي لعلاقة العبودية بين الله تعالى والإنسان ، كما في قول الله تعالى [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ] .
ويجد الإنسان في حياته الدنيا نفسه مأموراً للتعامل مع الآخرين من جنسه في علاقة تعرف بالقسط ، وقد كان من بين مهمات الأنبياء والرسل المرسلين من الله تعالى تقويم أسس علاقة الإنسان بالآخرين ، كما جاء في قول الله تعالى في سورة الحديد الآية 25 : [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ] ، ولهذه العلاقة درجات بعضها أعلى وأرقى إيثاراً وشفافية تتمثل بدرجة العدل ودرجات الإحسان ودرجة القربى ، كما في قوله تعالى في سورة النحل الآية 90 : [ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ] ، حيث تتوازى هذه الدرجات مع دوائر انتماء الإنسان ، في وحدة الأصل كونه انحدر من زوجين خلقا من تراب ، وينتمي فكرياً بعلاقات إيمانية وأُسرية تبنى على أساس القربى والتراحم ، ويرتبط بعلاقة مع المجتمع من خلال مدى تعامله بالعدل والإحسان ، بالحد الذي يفرض عليه التعامل بحذر من تجاوز الحد الأدنى لتلك العلاقة ، خاصة عندما تثور الخصومات ويتواجد الغضب ، أو عندما يضعف أثر التربية الإسلامية وتنحصر فضائلها وقيمها عن توجيه العلاقة الإنسانية ، ومن هنا وضع الخالق تعاليمه في عدد كبير من الآيات الواردة في القرآن الكريم ، من أجل تنظيم هذه العلاقة بالقسط وكما جاء في قوله تعالى في سورة المائدة الآية 8 [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ] .
وقد يتعرض الإنسان في تعامله مع الآخرين للوقوع في الظلم والجور عندما تقع النفوس فريسة الانفعال بما يؤدي للكراهية ، أو عندما يواجه الخسارة وفقدان الحاجات والتعرض للازمات أو الشهوات فتصبح النفوس عرضة للهوى ، فيضطر الإنسان لمخالفة القوانين الطبيعية التي يمكن أن تترك أثراً سيئاً في حياة الإنسان والمجتمع ، حيث يؤديه به إلى أن يلاقي جزاءه عاجلاً، وذلك لأن هذه المخالفة ، تحتم إيقاع الجزاء بموجب القوانين الوضعية الجزائية والجنائية ، فالمجرمون الذين يخرجون على القوانين الاجتماعية يجدون أنفسهم أمام عقوبات صارمة كالسجن مع الإعمال الشاقة أو الإعدام عند إصرارهم على ارتكاب المخالفات ، الأمر الذي يجد الإنسان نفسه مضطراً إلى إطاعة القانون واحترامه ، ويحذر من تجاوز حدوده المقررة في إطار هذا القانون.
ولا يخفى على المتابع اللبيب إن الحياة الدنيا للإنسان لا تتحدد ولا تنحصر بهذه الحياة العابرة المؤقتة، كونه لا يبقى فيه حيا إلى الأبد، إذ إن الحياة الآخرة هي الحياة الحقيقية بالشكل الذي لا تستحق معها الحياة الدنيا اسم الحياة قياسا بتلك الحياة، لا إن معنى الحياة الآخرة هو الذكر الحسن او السيئ، او إنها أمر فرضي او اعتباري بل لأن العلاقة بين الحياتين تقوم على (1) :
أولا : إن ما يزرعه الإنسان في الحياة الدنيا يجنيه في الآخرة ، وهذا هو عكس ما يعتقده بعض المحتالين بأن عالم الآخرة عالم مستقل ومنفصل تماما عن الدنيا، وان الأعمال الحسنة او السيئة في هذه الدنيا، ليس لها أي تأثير في النعمة والعذاب في العالم الآخر، فان مثل هذه الشخص لم يؤمن حقا بالمعاد الذي يعتبر من الأصول العقائدية للأديان السماوية، كما في قول الله تعالى في سورة فصلت الآية 50 : [ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ] .
ثانيا : إن النعم الدنيوية لا توجب السعادة الأخروية ، إذ إن اعتقاد بعض الناس بأن المال والبنين ووسائل الحياة المتنعمة الأخرى في الحياة الدنيا، ستوفر الراحة والاستقرار والتنعم في الآخرة أيضاً، ولعل دفن الذهب والفضة والجواهر الثمينة وحتى بعض المواد الغذائية مع الموتى، ناتج عن مثل هذا الاعتقاد.
ويؤكد القرآن الكريم: أن المال والبنين بنفسها (مع غض النظر عن موقف الإنسان منها) لا توجب التقرب لله تعالى; كما في قوله في سورة الكهف الآية 46 : [الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ] ، وليس لها أي تأثير نافع ومفيد لأحد في عالم الآخرة ، كما في قوله تعالى في سورة الشعراء الآية 88 : [ يوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ] ، ففي ذلك العالم سوف تتقطع هذه العلائق والأسباب والروابط الدنيوية ، كما في قوله تعالى في سورة البقرة الآية 166 : [إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ] ، وسوف يترك كل امرئ ثرواته ومتعلقاته ، كما في قوله تعالى في سورة الأنعام الآية 94 [ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ] ، ويحشر بين يدي الله وحده ، كما في قوله تعالى في سورة مريم الآية 80 [ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ] ، ولا تبقى إلا الروابط والعلائق المعنوية الإلهية .
ثالثا : إن النعم الدنيوية لا توجب الشقاء الأخروي ، إذ إن العلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الآخرة هي علاقة مسؤولية وجزاء ، والمسؤولية تعني بأن يُسأل الإنسان عن تفاصيل ما ابتلي به في الحياة الدنيا ، وفي ضوء ذلك يتقرر جزاءه ومستقره فأما النعيم الدائم في الجنة أو الشقاء الدائم في النار . فهناك الذين يتحاشون ارتكاب الذنوب والمعاصي أو الوقوع في الجرائم ويحبون الأخلاق الحميدة ويريدون بلوغ الفضائل والمثل الإنسانية ، سواء كان الجزاء مؤجلاً أو معجلاً ، وهناك أيضاً مقترفو الذنوب من الذين لا يراعون الله والقيم العليا ، فأنهم يظنون إن الخلاص يكمن في ترك الذنوب ذات الجزاء العاجل ، فتراهم لا يترددون في ممارسة شهواتهم وأهواهم بالنسبة للجرائم التي يكون الجزاء فيها آجلا ، حيث يعتقدون بأن هذا اليوم بعيداً جداً ، لكن الله يراه قريباً جداً ، كما في قوله تعالى في سورة المعارج [ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) ] .
وتتباين درجات المسؤولية بحسب طبيعة التكليف الرباني بالنسبة للمشمولين بها ، إذ لا بد من وجود قوة قادرة على امتلاك أمر الإنسان من حيث نشأته وحياته ومصيره وتراقب أفعاله السرية والعلنية ، فبدون ذلك تصبح جميع أشكال المسؤولية التي يعلن عنها أمام القانون ، أو الشعب ، أو التاريخ ، مسؤوليات معطلة الفاعلية معرضة للاحتواء ، أي لا بد أن تكون المسؤولية مؤثرة فعالة ، كما وتتوازى درجات المسؤولية مع مستويات علاقة الابتلاء ، حيث تتجلى تلك المسؤولية في القرآن الكريم والسنة النبوية عندما يُسأل كل من (2) :-
1. الرسل والأنبياء : حيث توجد أمثلة عديدة على ذلك، منها : عندما سأل الله تعالى سيدنا عيسى عليه السلام في سورة المائدة الآية 116 : [ وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ] ، وعندما يسأل تعالى جميع الرسل في قوله في سورة المائدة الآية 109 : [ يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ] ، كما يسأل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الزخرف الآية 44 : [ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ] .
2. الأمم وتُسأل عن :
أ . موقف الأمة من الرسالات التي بلغتها ، كما جاء في سورة الأعراف الآية 6 : [ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ] ، وفي سورة الأنعام الاية130 : [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ] . حيث يجري تصنيف كل أمة إلى مجموعات حسب انتماءاتها العقائدية والثقافية والسياسية وغيرها ، ثم تنادى كل مجموعة باسم إمامها الذي شرع لها أفكارها وأعرافها وتقاليدها ، فالذين يصرون على الإعراض والعمى في الحياة الدنيا عن طريق الصواب ويتخذون أئمة وقادة مفسدين فهم في الآخرة عُميٌّ ، كما في قوله تعالى في سورة الإسراء : [ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) ] .
ب. مدى تمسك الأمة بحريتها ورفض الخضوع لغير الله ، كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء الآية 97 : [ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) ] .
ج. علاقة الأمة بقياداتها ومدى توافقها مع طاعة الله ، فقد أدان الله قوم فرعون لأنهم سمحوا له الاستخفاف بهم ، كما جاء في قوله تعالى في سورة الزخرف الآية 54 : [ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ] .
د. موارد النعم التي تمتعت بها كيف جمعتها وفيم أنفقتها ، كما في قوله تعالى في سورة التكاثر الآية 8 : [ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ] ، وفي قول نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : [ إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن النعيم أن يقال له: ألم نُصحِّ جسمك ، ونرويك من الماء البارد ؟ ] ، فيما قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عن قول الله تعالى الوارد في سورة التكاثر الآية 8 الوارد سلفاً ، قال : [ من أكل من خبز البر وشرب من الفرات مبرداً ، وكان له منزل يسكنه ، فذاك من النعيم الذي يسأل عليه ] .
هـ. العهود وما بايعت عليه ، كما في قوله تعالى في سورة الأحزاب الآية 15 : [ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا]، وفي سورة الإسراء الآية 34 : [وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ] .
3. العلماء والملوك والأغنياء وغيرهم ، حيث ورد في الحديث الشريف تفاصيل هذه المسؤولية منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ يقول الله عزل وجل يوم القيامة للأنبياء والعلماء : أنتم كنتم رعاة الخلق فما صنعتم في رعاياكم ؟ ويقول للملوك والأغنياء : أنتم كنتم خزان كنوزي هل وصلتم الفقراء وربيتم الأيتام وأخرجتم منها حقي الذي كتبته إليهم ؟ ] ، وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبداً رعية قلت أو كثرت إلا سأله الله تعالى عنها يوم القيامة أقام فيها أمر الله تبارك وتعالى أم أضاعه حتى يسأله عن أهل بيته خاصة ]، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : [ ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته . والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم . والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم . العبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه . ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ] .
4. الفرد يسأل عن نفسه ، فيذكر القرآن الكريم إن الفرد يسأل عن كيفية استعماله للقوى السمعية والبصرية والعقلية ، كما في قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 36 : [ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ] ، فضلاً عما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة التي يسأل فيها الفرد عن البلاء في الحياة الدنيا وعن النعم والمكانة الاجتماعية وجميع أنواع السلوك والمقدرات العقلية والجسدية والنفسية ، وألوان العلاقات الاجتماعية وغيرها .
أما عن صفات الحياة الآخرة فهي عديدة حيث ورد في القرآن الكريم بأنها : -
(1) الحياة الحقيقية : كما في قول الله تعالى في سورة العنكبوت الآية 64 : [ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ] .
(2) دار القرار : كما في قول الله تعالى في سورة غافر الآية 39 : [إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ] .
(3) خير للمتقين : كما في قول الله تعالى في سورة الأنعام الآية 32 : [وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ] .
(4) دار العذاب والخسران للكافرين : كما في قول الله تعالى في سورة النمل الآية 5 : [أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ] .
(5) تتفاوت فيها درجات الناس ومنازلهم : كما في قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 21 : [ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ].
(6) دار مسئولية وجزاء : كما في قوله تعالى في سورة الحجر : [فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)] ، وفي سورة الأعراف الآية 180 : [ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ] ، وفي سورة الفرقان الآية 75 : [ أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً ] .
المراجع
( 1 ) علاقة الدنيا بالآخرة ، الموقع الالكتروني :
http://www.najaf.org/arabic/book/35/inside/52.htm
( 2 ) الكيلاني ، ماجد عرسان ( 2009 ) . فلسفة التربية الإسلامية ، عمان ، دار الفتح للدراسات والنشر .



#سعد_شاكر_شبلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة المنهج الإسلامي الى ظاهرة الفقر -المشكلة الاقتصادية- في ...
- نظرة على موقف المنهج الإسلامي من الفضائل والقيم الروحية والأ ...
- نظرة على موقف الإسلام من مفهوم حقوق الإنسان
- نظرة على علاقة الإنسان بالخالق في المنهج الإسلامي
- نظرة المنهج الإسلامي للتوتر والقلق لدى الإنسان
- نظرة على الوجدان الإنساني في المنهج الإسلامي
- طلب العلم لبناء الإنسان في المنهج الإسلامي
- موقف الفلسفة الإسلامية من علاقة الإنسان بأخيه الإنسان
- نظرة على أصل الإنسان في الفلسفة الإسلامية
- الدور الجديد للحركات السياسية من غير الدول في إعادة مجد المد ...
- حقائق علمية عن بناء صورة الإنسان من وجهة نظر إسلامية
- التربية والتعليم في عالم الانسان
- تأملات في سعادة الانسان من وجهة نظر اسلامية


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد شاكر شبلي - نظرة المنهج الإسلامي لعلاقة الإنسان بالآخرة