أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم محمود - واقعة دفن حزبيٍّ كردي لا على التعيين














المزيد.....

واقعة دفن حزبيٍّ كردي لا على التعيين


إبراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 22:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثلاث وقائع في واقعة واحدة تتمثل في دفن حزبي كردي لا على التعيين، وسط حشد من الجماهير المعدَّة إضافة إلى الجماهير المأخوذة بغريزة القطيع لهذا الغرض، حيثما جرى دفنٌ هكذا، لأن الكليشية تكاد تكون واحدة: واقعة تتجلى في تلقين رجل الدين، وواقعة تتجلى في طريقة التأبين، وواقعة روح المتوفى الهادرة، ولكل منها ما يقصيها عن الأُخريين: ما يُسمَع من رجل الدين، وما يتردد عبر التأبين، وما يهدر من قبل روح المتوفَّى حديثاً: ما يعيده الملقّن على كل ميْت "ذكر كامل"، حيث يظهر أن الأحزاب الكردية لا تعرف سوى الذكور، وأن ليس سوى الذكور من يموتون ويجري التلقين على قبورهم وتأبينهم في الغالب الأعم، التلقين هو نفسه، بدءاً بـ"يا عبدالله بن أمَة الله اذكر العهد الذي خرجت عليه، ومروراً، بـ: الإسلام ديني، والكعبة قبلتي... والمؤمنين إخوتي، والمؤمنات أخواتي.. إلى نهاية التلقين..،


هو خلاف ما يتردد على لسان عريف التأبين، والكلمات التي تقال في طراديتها وتقابلها بغيرها في مناسبات مشابهة، من قبل الذين تنافسوا في بينهم: خطابيين مختارين، وشعراء نظَّامين مناسباتيين فقط، وحملة شعارات وصور معدَّة مسبقاً، وذلك في واقعة من نوع: كان المرحوم مناضلاً محافظاً على العهد الوحيد الأوحد في أن يظل نموذج الحزبي الكردي الذي لا نظير له، ولا يعرف سوى من العهود سوى هذا العهد. كان مضرب المثل لرفاقه الحزبيين، مرفوع الرأس، حرَّاً ابن حرٍّ، لم يعرف الخضوع لأحد، صلباً كان، ومتفانياً في خدمة قضية شعبه الكردي، محل تقدير من قبل رفاقه الحزبيين، ذا سمعة حسنة في مجتمعه، وخسر الحزب برحيله مناضلاً عقائدياً مقداماً، شهماً، وكل كلمة تبزُّ الأخرى من باب المنافسة التاريخية والمنتظرة ونيل رضا المعنيين بالمتوفى، واعتبار صاحبها نجماً تأبينياً بامتياز! لكن الواقعة الثالثة، كانت الأكثر حضوراً، وكذلك الأكثر جدارة بالتسجيل، وهي تتجلى في الروح التي فارقت جسده، وهي تضطرب وتتوجع، بقدر ما ينضغط عليها، وهي بين الواقعتين الأوليتين، وهي تناوشهما معاً: ما كان المتوفى متعهّد مبدأ ثابت في حياته كما علَّموه، وما كان يعرِف في الله عبداً من عباده، كما تقولون، لقد كان مؤمناً دون إيمان، دنيوياً دون أن يتمثل الشروط الدنيوية كغيره، يغرَّر به على مذبح شهوات الآخرين كثيراً، بنيَّة طيبة دون أن يكون طيّباً مع بني جلدته شأن سواه من المحيطين به في لغات أخرى، ينصاع لإملاءات كما هي توجيهات الأعلى منه في قيادته، ولا كان بعقائديٍّ من النوع الذي تصفون، ولا كان بمتخذ من المؤمنين إخوة والمؤمنات أخوات، لأن إيمانه كان مركَّزاً على ما يضعه في الواجهة، وحيث لم أعهد فيه- أيضاً- ديناً، ولا عقيدة فعلية، ولا قسَماً يمكن تحديده في نوع إيمانه من خلاله، أو اتجاهاً حقيقياًَ للكشف عن موقعه. ولكم كان ينتهز الفرص للنيل من أقرب رفيق له، ويراقب تحركاته لصالح الأعلى مرتبة منه والمكلَّف من قبَله، ولا يمنحني "أنا الروح" فرصة التقاط الأنفاس، وهو يتنقل بين مكلّفه المسئول عنه، وبقية رفاقه الذين يتَّصل بهم . وتستمر الروح في شكواها الهادرة: لكم دعوت الله وتوسَّلْته في أن يحررني من هلوسات جسده، وأن يخرجني من إطاره ليل نهار، لأنني لم أهنأ لحظة واحدة، وهي يتحول كل لحظة، دون أن يحدد اتجاهاً له. لكَم ضاق بي جسم هذا المتوفى، وشعرت بالاختناق، لأنه كان شديد التلون، فكنت أعاني من كوابيسه الليلية، وتقلباته النهارية بقدر ما كنت أُثقَل برغباته الكثيرة وهي أن يزيح أياً كان من طريقه، ليكون هو الآمر الناهي. كان كثير الكلام قليل التفكير اندفاعياً، محدود التماسك النفسي، متردّداً، متوعداً ومهدداً من يخالفه أو يسعى إلى تلويث سمعته كلما شعر بضآلة حجمه أمامه، لا يرى في المختلف سوى القدح، وفي التابع له نموذج العقلاني كثيراً، يتغلب فيه وهْمه على سوية التفكير (كيف يكون التفكير وهو ينوء تحت شعارات وهتافات متراكمة؟)، تميّزه المجاملات في أكثر المواقف مصيرية، هروبي إزاءها، يحب السجال كثيراً ويصدر أحكاماً قطعية، ويطعن في كل من هو خارج دائرته الحزبية، ويشك في الذين يعيشون استقلاليتهم رغم توادده الاستعراضي إليهم. اليوم، واللحظة، أشعر أنني روح حقيقية استعادت عافيتها، وسأعْلِم كل الأرواح التي سألتقيها بما لاقيته من عذابات هذا الكردي، وسوف أشهد عليه يوم الدين، كيف كان يعذبني بتناقضاته، وسأكون خصيمه ما حييتُ!



#إبراهيم_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجريد الدكتور عبدالباسط سيدا من كرديته-
- الأكراد وصراعاتهم
- البطيخ الكردي
- سلالات الطغاة- الكرد ضمناً-
- تعددت الانقسامات والكردي واحد
- هل المثقف عقدة السياسي؟
- في حضرة الآلهة الجدد
- عاء كردي خبيث
- صلاة الكردي خارج الجامع
- كلام مناسباتي جداً للعُزَّل إلا من الحياة جداً جداً
- القامشلي في كتاب عن القامشلي حول كتاب( القامشلي1925-1958) لأ ...
- أقولها لمن يسمع
- انتصار الدم الليبي
- حول مقال(PKK إرهابي حتى النخاع؟!)-
- في البازار الثقافي الكردي
- PKK إرهابي حتى النخاع؟!-
- سرديات القهر، في المجموعة القصصية (غبار البراري) لصبري رسول
- المصحَّة الكردية: ليس من كردي معقَّد إطلاقاً
- النظام يريد إسقاط شعبه
- بين فرعون وطغاة اليوم


المزيد.....




- إيران تعلن -انتهاء- القيود المفروضة على برنامجها النووي بعد ...
- هل تصلح تجربة أيرلندا الشمالية نموذجًا لغزة في فترة ما بعد ا ...
- أسامة حمدان: حماس لن تلقي سلاحها قبل انتهاء الاحتلال ونحتاج ...
- غزة: الدفاع المدني يعلن مقتل تسعة فلسطينيين بضربة إسرائيلية ...
- هل تنتقل واشنطن بالملف الأوكراني من مسار الدعم العسكري إلى ا ...
- دعم صحة الأوعية الدموية يمنع تدهور العضلات لدى كبار السن
- خبير عسكري للجزيرة نت: لهذا السبب لن يمنح ترامب أوكرانيا صوا ...
- الجزائر تبدأ تشغيل مصانع مصادرة من النظام السابق
- قائد انقلاب مدغشقر يتعهد بـ-تغيير عميق- بعد تنصيبه رئيسا
- فرنسا متهمة بالتخطيط لمجزرة جنود أفارقة في 1944


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم محمود - واقعة دفن حزبيٍّ كردي لا على التعيين