|
مسيحيو الشرق والمواطنة
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3695 - 2012 / 4 / 11 - 23:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في تصريح صحفي يوم 28/2/2012 قام الان جوبيه وزير خارجية فرنسا باعلان قلقه على وضع ومستقبل مسيحي الشرق ، نتيجة هذا الربيع العربي المتفاعل والمتدحرج، والاضرار التي لحقت بهم او قد تلحق، وطالب بان يؤخذ وضعهم بالاعتبار، وان فرنسا لن تخذلهم . موضوع مسيحوالشرق هذا ليس خطاباً جديداً ، وقد استخدم كورقة للتدخل في الدولة العثمانية ضمن سياسة تدميرها واسقاطها عبر خلق صراعات داخلية قومية واثنية ودينية ، واستمر تأثير هذا النهج حتى اليوم لدى اوساط شعبية ورسمية في الوطن العربي ، من حيث النظر الى المسيحين كجالية لها ولااءت اخرى!!،و بغض النظر عن الصيغة التي يتفاعل فيها ، والاهداف ذاتها ، وهي افساح المجال اوسع للتدخل حتى في الحقل الاجتماعي لضرب الوحدة الداخلية ، واكثر ما يثير الاستهجان في البيان كان خلوه من الاشارة الى المسيحين الفلسطينين ، فهم اصل المسيحية ، والقائمون على ( ام الكنائس ) وانه يمكن القول ان المسيح فلسطينياً ، وهم يواجهون صعوبات حياتية وازمات اخلاقية واستيلاء على ارضهم وحقوقهم بسبب الاحتلال ، والذي نتج عن تلك الممارسات ارتفاع وتيرة الهجرة خاصة الى اميركا اللاتنية بحيث اصبحوا اكبر جالية في التشيلي وغيرها ، وانهم لا يتمكنوا من الوصول الى اماكن عبادتهم ومراكز صلواتهم في القدس دون الحصول على تصريح خاص ، تصدر عن ادارة الاحتلال مرتين سنوياً في اعياد الميلاد واعياد الفصح . بعد الحرب العالمية الاولى ، وخروج تركيا من المنطقة ، انتعشت الروح القومية رغم قيام قوات الحلفاء بتقسيم البلاد العربية ، وارتفعت هامات الشعوب العربية واتجهوا نحو تحقيق الاستقلال الكامل ، قاد العديد من المسيحيون المستنيرن حركة التحرر وليس مجرد المشاركة فيها ، ولم يكن احد يهتم بالمذاهب الدينية على حساب النضال الوطني التحرري ، وهذه كتابات واشعار اليازجي وزيدان والخوري والقروي وسواهم ، بيانات كفاحية وملهم وحدودي لا يعرف سوى الاستقلال واخراج المستعمرين الفرنسين والانجليز في تلك الايام ،وقد اسس ميشيل عفلق حزب البعث ، وجورج حبش القوميون العرب ، وفيما بعد الجبهة الشعبية ، والقائمة طويلة ، وقد نما بين شعارات الثورة تلك الايام نشيد بعنوان ( يا شعوب الشرق هذا وقت رد الغاضبين ...... الخ ) ، والان يقال مسيحيو الشرق ، الفرق كبير جداً ، والمسؤولية كاملة تظل على الانظمة التي قامت برايات وطنية التي انتقلت بنقلتها الطبقية لتصبح برجوازية كبرادورية صغيرة ، ثم اضحت حليفة للمستعمر باشكاله ومسمياته القديم والجديد ، ولتاكيد معاداة حركة تحرر الشعوب العربية ، كان لا بد من الحرص على شقها وخلق تناقض بينها ، ثم جاء امر الاسلام السياسي بمختلف مسمياته ليستخدم لاحتواء حركات التحرر بابعادها اليسارية والقومية ، وهو تيار ديني ( لاوطني ) اسلاموي ، يتوجه بخطابه نحو الامة الاسلامية ، ويرفض شعارات القومية والوطنية ، وليس بيعد الزمن حين شتم القرضاوي مصر والوطنية ، فهو حسب عقيدته الامة اسلامية ووحدتها على قاعدة العودة بها الى ( الخلافة ) حيث الحكم الديني والشريعية حسب الاجتهاد والتاويل والقياس للقائمين عليها وهذا ما ادى الى ضعف الحركة العروبية ، والى غياب برنامج تحرر عربي ، اضافة الى تدمير بلدان كانت مستقرة قيل تلك الاسلاموية، مثل الصومال وقبلها الهند ثم افغانستان، واليوم ايران وظاهرة الصراع بين سنة وشيعة وكان الخاسر الاكبر هو الوطن ، والمباح هو الوطن ، ويستطيع المستعمرون الجدد الافادة من هذا الوضع والهيمنة على مقدرات الشعوب العربية ، ونهب ثراوتها ، عبر التحالف معها لضرب الحركات الوطنية كما جرى في اليمن واليوم في ليبيا والسودان ومصر واخيراً وليس اخراً سوريا . واضح ان الوطن العربي يتعرض لهجمة امبريالية منسجمة امبريالية راسمالية ومتحالفة مع الاسلام السياسي والسعودية وبلدان الخليج ، لخلق وضع لا يعود يهدد امنها ؟! على طريقة جمال عبد الناصر ، وانهاء دور الاطر السياسية العروبية ، والهروب بالشعوب العربية الى الامام بعيداً ، تحت عناوين مختلفة لكن ليس وطنية ، وتفعيل مفاهيم الاختلافات الذهبية والتكفير ، وبهذا يتحقق نجاح انظمة كان انشائها تاريخياً هو خدمة هذه الاهداف ، والوقوف بديلاً مناسباً كهنوتيا مؤدلجاً دينياً وليس قوميا . وهنا نستطيع ان نلاحظ ازمة المسيحين في الشرق ، او في البلدان العربية فهم لا يجدون ذاتهم بغير المواطنة ، والعروبة وحرية الرأي والتعبير ، والبديل الاسلاموي بصيغه الراهنه ، ينبش في الذاكرة ، تلك الايام الكالحة التي كان المسيحي مضطهد في الدولة الاسلامية ، وليس مواطناً على قدم المساواة ، ويمكن رؤية ذلك ايام الخليفة المتوكل ، والفاطمين ، والظاهر بيرس والقائمة تطول، لا يفيد معها محاولات لي عنق التاريخ بالقول عن السماحة والتسامح ، فالاديان بشكل عام ان اقامة دولة كانت عصبوية ، وهذا الامر ليس قاصراً على الاسلام ، فقد حدث في المسيحية الشيء ذاته ، ابان الخلافات بين الكاثوليك والبروتستنت ، لا زالت اثار ذلك بادية على الاقل في ايرلندا ، لكن النظر الى الواقع الراهن ، يفضح طبيعة تلك الحركات من حيث هي لا تترك الدين للعبادة ، وانما تفسره بطريقتها ، وتستند الى نماذج سالفة في التاريخ والحياة ، وترهيباً من المستقبل ومن الانفتاح ، خاصة تجاه المرأة ، موشحين ذلك باقوال لاشخاص من تاريخ السلف ربما بعضهم واغلبهم لم يكن يملك ثقافة خارج الوعي المعطى له في ذلك المجتمع القبلي البطريركي ، واعتبار كافة ابتكارات وفلسلفة المبدعين في العالم ، اوهام وخرافات !! وان الحقيقة تكون عند العلماء ( المشايخ )؟! ان مواجهة هذا اليتار المتاسلم مهمة وطنية وثورية لاعادة نقش شعار الوحدة العربية على راية شعوبنا ، واهمها وحدة مجتمعنا ، والخروج من دائرة صراع المذاهب المشبوهة ، والالتزام بمفهوم المواطنة ، وهو ما يطمئن كافة الاثنيات والشعوب العربية ومنها المسيحيون العرب ، ومعهم الدروز والاكراد وغيرهم ، ولا يجوز التعامل مع الدين كاداة قهر بل اداة طهر ، ولادراك مفهوم المواطنة تتحقق المساوة والحرية على طريق تجديد المشروع النهضوي العربي .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد اوسلو الان ؟
-
الامن القومي العربي
-
قراءة تاريخية لواقع معاصر
-
قمة بغداد
-
الاممية الاسلامية
-
ربيع الشعوب ام اعدائها
-
عن اذار المراءة والثورة
-
المصلحة والايدولوجيا
-
مطلوب ثورة في الثورة
-
مهام الثورة المضادة
-
سوريا والطريق الصعب
-
العاصفة تقترب
-
استكشاف المفاوضات
-
اتفاق مصالحة ام مصلحة
-
نعم اسرائيل ايضا تتغير
-
سوريا يا ذات المجد
-
الحوار المتمدن متراس للديمقراطية
-
حول الوحدة الفلسطينية
-
عن الحاضر والمستقبل للراسمالية
-
الاسطورة الدينية والواقع التاريخي
المزيد.....
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
-
مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع
...
-
ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة
...
-
تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب
...
-
ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر
...
-
اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|