أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء














المزيد.....

أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء


ابراهيم زهوري

الحوار المتمدن-العدد: 3692 - 2012 / 4 / 8 - 21:45
المحور: الادب والفن
    


أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء
إبراهيم زهوري
- أما زلت تذهب إلى مقبرة الشهداء وتسقي الورد يا أبو البر !؟
- لم تعد فضاء مفتوحا لممارسة طقس الشوق في حضرة الغياب .
أجبته مبتسما رغم حذري الشديد في زيادة كمية الكلام المباح عنوة على قارعة الطريق , إنه هو ذاته بطوله الفارع كشجرة حو ر ’مسّنة على شاطئ بحيرة طبرية تراقص ريح إكسير الشباب وتفتح صندوق الأسرار, يرميني بصيحاته المرحبة وكيف لا ونحن الإثنين في وقت ما كنا رفيقين في منظمة فلسطينية واحدة يشاركنا اعتباطا اهتمامنا هوس رؤوس أقلام الأدب ومكر التاريخ في عيون البشر , أتهيأ دوما من بعد التحية لهجوم عفوية أحد أسئلته الفطرية في طريق عودتي من نهاية دوامي المدرسي حين أدفع أمامي عربة أطفالي وهم يلتفتون إلى الوراء صوب بيت جدتهم البعيد و إلى ما يستهوذ اهتمامهم الغض من خضم حركات مفاجئة لشارع ينشط كلما غزتنا الفوضى و حرارة اجتماعنا حين تعوزها حكمة الفطنة , وهو من رتابة التقدم في العمر يكسر ضجر بؤس أيامه بالجلوس ساعات طويلة أمام دكان ما يتبادل أطراف الحديث مع أحد أصدقاء الطفولة ويرتحل كلما مر طيف إنسان يعرفه ويلعن بعلو صوته خرابنا في اللجوء ويعلن أيضا الهلاك الأبدي لقرف التنظيمات , هو ذاته المعلم المتقاعد الذي هجرته زوجته الحلبية وتفرق أولاده بينهما , ليس لديه دارا تأويه منذ هجرانه بيته في متاهة السبعة زواريب الضيقة , في كل سنة غابرة وفي كل فصل أو حتى شهر في مكان ما لا على التعيين يقيم وكأنه على بساط سحري يجوب على متنه أرجاء المخيم وفي كل مرة يكتسب جيرانا جدد ويكتسب دون قصد منه أمتع الحكايات وأشدها فتنة وكأن فلسطين من البحر إلى النهر تتشكل فيه وتضفي عليه كرم الغنى رغم فقره المدقع وكأن عدم استقراره يعطيه أطنانا من السعادة التي إليها يرغب سر عشقه و إليها يرنو حنظل نشيده , يستأجر غرفة واحدة يعيش فيها وحيدا يقرأ ما تيسر وما توفر من الكتب القديمة ويحادث بالقصائد نفسه المكلومة على شاشة التلفاز , يستقبل فيها أحفاده ويصلح لهم أعطال دراجاتهم الهوائية كنوع من تسلية ظهيرة الواحد المتوحد, يحاول جاهدا أن يتناسى مرارة تلك اللحظة حيث لم ينفع معها أبلغ الشعر وجزالته ولم يذرف حينها ولا حتى دمعة واحدة , صلبا مشدودا لا تهزه عاصفة ولا تزحزه مصافحات المعزّين وقبلاتهم وهم يتناوبون في طابور طويل كل على حدة كسبيل وحيد للصبر والسلوان , مذهولة به الرايات وعناق الهتاف لصراخ المشيعين , يترك يديه تداعب ذؤابة العلم تربت على جبين من في داخل الكفن وكأنه يجري حوارا بعد انقطاع عشرين عاما مع جثمان إبنه الشهيد البكر العائد رغما عنه إلى لحد لم يرغب به ولم يشتهيه وهو الذي قضى في عملية جريئة ضمن مجموعة فدائية للجبهة الديمقراطية في أصبع الجليل وتنعّم مرارا طهر جسده بتراب فلسطين , لم يهمه أبدا حينها رقما على المكان الذي حرره ودفن فيه , سألني والحرقة تنسل بين شفتيه كشلال موسيقى و وضع يده على كتفي نبعثر خطواتنا البلهاء وراء الحشد نحو المغيب وكأنه يريد استفسارا معقولا لما يجري وهو الذي لا يثق أبدا ببهرجة الاحتفال و إن ارتفع في زحمة العوام واعتلى المنصة أرذل رعديد, قلت له ويهزني حزن عليه وحزن أشد على ما سوف أقول : متى يعود الجنود من الجبهة ؟ أجابني ودمعته على الخد : عندما تنتهي الحرب .



#ابراهيم_زهوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العلاقة بين الدولة والطائفة
- خيمة تضاريس,أشعار مبعثرة وحمّام نبع المنحدر
- بصدد المشروع الوطني الفلسطيني
- في الطائفية السياسية
- سراب فراش أبيض , سلك معدني وحشرات تراب ندي
- هذه الأفواه , والإنجيل المطرز ووشايات الأكياس المغلفة
- حقبة تفريخ الصهيونية
- في الصنم .... ما يشبه صورتي عطر تلك الأغنية وعلى الخارطة صلص ...
- في العناوين الجديدة موّال غياب ميلاد أقنعة والصدى شوق ألف أل ...


المزيد.....




- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...
- مصر.. انتقادات على تقديم العزاء للفنان محمد رمضان بوفاة والد ...
- الإمارات.. جدل حكم -طاعة الزوج- ورضى الله وما قاله النبي محم ...
- ساحة المرجة.. قلب دمشق النابض بتاريخ يتجدد
- جلسة شعرية تحتفي بتنوع الأساليب في اتحاد الأدباء
- مصر.. علاء مبارك يثير تفاعلا بتسمية شخصية من -أعظم وزراء الث ...
- الفيلم الكوري -أخبار جيدة-.. حين تصنع السلطة الحقيقة وتخفي أ ...
- بالاسم والصورة.. فيلم يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زهوري - أرواح تتراقص , مثوى قرى الجليل وحارس يقطع الماء