أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثورةُ السوريةُ.. وتطورُ الأمةِ العربية














المزيد.....

الثورةُ السوريةُ.. وتطورُ الأمةِ العربية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3686 - 2012 / 4 / 2 - 10:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت سوريا من الدول التي ترعرتْ وتنامتْ فيها أفكارُ القومية العربية جامعةً بين إرثٍ إمبراطوري عربي وبين الأفكار القومية النخبوية من ألمانيا وإيطاليا، فتشكل مزيجٌ متناقض من الوعي القومي غيرِ الديمقراطي ومن تطلعات الحرية للشعوب العربية، ومن عمليات القفز على الواقع المتنوع المضطرب لتكويناتِ الشعوبِ العربية المفككة في بناها وتطورها.
الرغبة في التسريع والقفز على الظروف وعدم مراكمة البذور الديمقراطية الاجتماعية، وتكوين تحالفات للفئات الوسطى والعاملين متجذرة في أسسٍ ديمقراطية، هي أمورٌ تجسدت في عملية الوحدة مع مصر في الخمسينيات ومباحثات الوحدة الثلاثية في الستينيات وفي هيمنة حزب البعث وأطروحاته حول التوحيد الفوقي للشعوب العربية، ثم في غزو لبنان وفرض إرادة حكومية سورية عليه.
وبهذا فإن قوى الهيمنة البيروقراطية العليا سيطرت على الجمهور السوري نفسه ومنعت تنوعه، وأقامت هيئات توحيدية شكلية، مما حّول الدولةَ إلى أداةِ قمعٍ داخلية وخارجية، بدلاً من أن تكون أداة توحيد وطنية وقومية.
غياب القدرة على توحيد الشعب بشكل ديمقراطي تنعكس في مشروعات قفز على النسيج الداخلي الوطني والمذهبي والقومي المتنوع المشتت وتتحول إلى قفزة للخارج وهيمنة على شعوب شقيقة.
هذا الفشل في نمو التوحيد يعكس الفشل في نمو التوحيد الاجتماعي بين المالكين الديمقراطيين والكادحين، مما يؤدي إلى موت الفكرة القومية العربية، وقيام القوى البيروقراطية الاستغلالية بالتلاعب بمصير الشعب والقيام بقفزاتِ على مسرح المنطقة، والاندماج في مشروعِ الهيمنةِ الشمولية الإيرانية الذي هو ذاته نتاجٌ مماثلٌ لغيابِ التوحيدِ بين طبقات الشعوب الإيرانية الأساسية، وإيجاد نسخة دينية عسكرية مغامرة تتحولُ إلى هيمنة وتوسع في الخارج.
لهذا يتحول الصراع مع إسرائيل إلى مغامراتٍ في لبنان وجمودٍ في الجولان، وهو أمرٌ مشتركٌ يعكسُ موقفاً مشابهاً بين دولٍ ثلاثٍ تعرقلُ تطورَ الأمة العربية وشعوبها.
جاءتْ الثورةُ السورية لتكسرَ بؤرةَ التجمع الثلاثية هذه، وتقوي إرادات الشعوب العربية في النضال المشترك وفي استعادة أراض محتلةٍ وتتصدى لعملياتِ اختراق أجنبية للدول العربية من قبل قوى سياسية متعصبة قومياً ودينياً.
لقد أدتْ الدكتاتورياتُ القوميةُ والدينية إلى تآكل الخرائط العربية في مناطق عدة، تقطيعاً وتغلغلاً وتفجيراً للنسيج الداخلي، وهو أمرٌ ينجح مع وجود تلك الدكتاتوريات التي لم تشكل التطور الديمقراطي التوحيدي بين القوى الغنية والفقيرة، وبين القوميات والمذاهب والأقاليم المتعددة في هذه الدول.
وجاء رد الشعب السوري مفاجئاً وقوياً على هذه الاختراقات، بادئاً من إعادة تأسيس اللحمة الاجتماعية المفككة بفعل الرأسمالية الشمولية الباذخة في دمشق، وهذه اللحمة لم تتشكل حتى الآن بشكل دستوري منهجي علماني، ولاتزال في لغتها السياسية لم تصل إلى قوانين الحداثة الديمقراطية مما يترك الفرص للقوى المعادية لاختراقها وتسعير العداوات بين الطبقات والمذاهب والأديان والمناطق فيها.
إن رد فعل الشعب السوري يتكون من النَفس المذهبي الديني التوحيدي العفوي لكنه لا يصل إلى التوحيد الديمقراطي الحديث بحيث يخرس الأصوات المشككة كافة في وحدته وإقامة نظام ديمقراطي حديث، كما أن قوى الشموليات المناطقية والعالمية نفسها تتكالب لضربه ومطاردة سكان مدنه الثائرة بكل أجهزة الحرب الفتاكة. مما يعبرُ عن خطورةِ المعركة التي يخوضها الشعبُ السوري وحيداً بين مجموعات الذئاب المتوحشة.
ومن الواضح أن المذهبيات السياسية ذات الاتجاهات اليمينية العربية الإسلامية غدتْ ركيزةَ التحالفات بين دول عدة، وهو أمر تخشى قوى متعددة مناطقية وعالمية من تحوله إلى دولٍ مترابطة أو دولةٍ واحدة أو إعصار ديني جديد.
وكونها كذلك يعني انها جاءت بعد قمعٍ طويلٍ للبذور الديمقراطية التحديثية، وهو ما يجعل التُرَبَ الديمقراطية الجديدة هشةً، وتغيبُ منها التحالفاتُ بين الفئات الوسطى والعمال، وهي الأسسُ التي ضاعتْ في الدولِ الشموليةِ السابقة ولم تتشكلْ في الدولِ الجديدة إلا في أثناء بذل الدماء في الشوارع وليس في الوصول لكراسي البرلمانات وكتابة الدساتير الجديدة.
ومن هنا يمكن أن يكون البعث العربي الإسلامي مغامرات أخرى في الساحات العربية ويمكن أن يكون توحيداً حقيقياً إذا كرس التحالفات الشعبية في كل بلد على أسس ديمقراطية أبعد فيها استغلاله للدين والمذهب والعنصر.
ولهذا فإن الثورة السورية وهي تجابه الهجمات الرهيبة فإنها تجابه كذلك هذه الأسئلة الشكاكة في مدى اقتراب المذهبيين السياسيين من الديمقراطية والحداثة، ومراعاتهم للطبقات المتعاونة المكونة للهيكل الاجتماعي، وللقوميات والمذاهب المكونة للعنصرين الإثني والديني.
فقد غدت بلادُ الثورات قوساً كبيراً بين إفريقيا وآسيا، وصارت ظاهرة عالمية، وعبرت عن تطورٍ عميقٍ مضمرٍ لتحول الأمة العربية من كيانات بلا ملامح متجذرةٍ في الأرض إلى أن غدت تنمو من هذه الأرض العربية نفسها ومن تراثها، وبين أسسٍ قديمة وطموحات ديمقراطية عصرية متقدمة.
عمليات الترابط النضالية التي قامت بها المذهبيات السياسية قد تكون قفزة للإمام وقد تراوح في أحوال الشموليات السابقة، وبهذا فإن التضحيات الجسيمة تذهب أدراج الرياح، كما أنها تضعف الثورة السورية الراهنة المشتعلة الآن التي لم تنتصر بعد وقد تُهزم إذا كانت الأنظمة الجديدة لم تساعدها ولم تقدم نماذج مقنعة للشعوب لكون ما يناضلون من أجله ليس نسخاً بل ولادة حقيقية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكوناتُ الديمقراطيةُ في التراث
- تحدياتُ الحداثة
- الربيعُ العربي والخريفُ الإيراني
- الخيارُ الثالثُ الصعب
- غموضُ خطابِ (الطبقةِ) الوسطى البحرينية (2-2)
- غموضُ خطابِ (الطبقة) الوسطى البحرينية (1-2)
- الليبراليون والطائفيون
- المعبرون عن الشعب
- الظهورُ التحديثي المتبادل
- مرجعيةُ الواقعِ لا مرجعية النصِ الأصفر
- خطأُ المركز
- الثورةُ السوريةُ وتباينُ مواقف الشيوعيين
- الثوراتُ والإتجاهات الدينية
- أثوارٌ أم عملاء؟
- غيابُ البنيةِ الموَحّدةِ وغيابُ الليبرالية
- العنفُ والتحولاتُ الاجتماعية
- مشكلات رئيسية في الديمقراطيات العربية
- الليبرالية فردية جامحة
- الليبراليةُ والماركسية
- الليبرالية والصعابُ السياسية


المزيد.....




- مصادر في الخليج توضح لـCNN موقفها بشأن وقف إطلاق النار بين إ ...
- الحرب الكورية التي لم تنتهِ، كيف بدأت؟
- ثماني طرق تساعدك على التخلص من -المماطلة-
- هل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟
- الموت بحثا عن الطعام في غزة.. استخدام الغذاء سلاحا في غزة جر ...
- سوريا: توقيف عدد من المتورطين بتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق ا ...
- مسلسل موبلاند: حين تحاصر المخاطر أكبر عائلة مافيا في لندن
- عبر الخريطة التفاعلية نتعرف على أبرز الهجمات الإيرانية على إ ...
- رئيس الوزراء القطري: نؤثر دوما الدبلوماسية والحكمة على أي شي ...
- دراسة: التفاؤل يقلل من فقدان الذاكرة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الثورةُ السوريةُ.. وتطورُ الأمةِ العربية