أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - الدكتور زهير غزاوي في ...















المزيد.....

الدكتور زهير غزاوي في ...


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3685 - 2012 / 4 / 1 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


الدكتور زهير غزاوي في :
الشاعر رياض خليل : الكلمة المحرّضة في سبيل القيم المطلقة للعدالة

لست أدري لم بدت لي هذه المجموعة .. تتسم بالغرابة .. وأنا أمضي في قراءة قصائدها . لقد ذكرتني بشعراء الستينات ، والنهوض القومي العربي ، وذاك الكم من التحريض على الثورة ضد الطغيان ، وإحقاق الحق والعدل . وقي تلك القصائد يكتب الشاعر بذوب قلبه ، وصدق مشاعره ، محتفظا بنكهة الشعر والصورة الشعرية ووحدة القصيدة التي توصف الشعر الحديث .
السمة الرئيسية للشعر في المجموعة الثانية للزميل رياض ، هي التحريض على الثورة ، والسخرية مما هو قائم في الواقع العربي . وأعترف أنني لم أعتد على قراءة شعر كهذا منذ زمن طويل ، إنه يذكرنا بالشباب الذي مضى .
في قصيدته : " عرس الرماد" ص89 ( زحمة وخواء / وشوارع ملأى بأصبغة / وعواء / وعبيد يسوسهم اللقطاء / ودم يتغيب تحت النعال / راسما فوق أرصفة الذل وشم الكرامة / وقرارا من القلب يعلنه / خطوة وقيامة / شارة وعلامة / يقتفي وهجها الشرفاء / آه .. يامدنا .. / بالتنكر والزيف محشوة / تلفظ الأهل .. تحتضن الغرباء ...) .
يتمسك الشاعر بغنائيته في كل قصائده ، بالتفعيلة .. والقافية . يحس القارئ أحيانا أنه يكتب رباعيات موزونة أحيانا ، وفي أحيان أخرى يظل أمينا على الحداثة ، لكنه لاينزلق أبدا إلى قصيدة النثر وهو في سبيله لعرض الفكرة التي تشمل القصيدة كلها .. ويستمر في التحريض : ص92 ( آه .. يامدنا .. برجال من القش محشوة / دونك الموت لو يعتريك الحريق / فانهضي .. وانفضي عنك هذا الهشيم / وافتحي للحياة الطريق / انهضي / ..)
لكن أشد التحريض ، والسخرية المريرة .. نجدها في قصيدته : " منولوج لحاكم عربي " ص41 ، وهو عندما يستعمل كلمة نمرود في توصيفه لهذا الحاكم الطاغية ، فإنه يتكئ هنا على التراث العربي مثل كل الشعراء الذين يحاولون الهروب من المباشرة . ومع ذلك فشعره في هذه القصيدة يتسم بالمباشرة والخطابية السياسية والوجدانية ، متخيلا لحظة صدق للحاكم المستبد أمام ضميره :
( أنا نمرود .. أنا أدعى الخوف المتسلط في أفئدة الجبناء / أنا غول بلاد النهرين وذئب الصحراء/ نمردني الحمقى / وهياكل من لحم لايحوي غير الماء / سحقا .. سحقا / لدم كالماء / لحناجر لاتتقن لغة الرفض .. ولاتعرف غير الضوضاء / لعقول جوفاء .. ) ..
ويستمر الشاعر في وصف القطيع العربي المستكين كالأغنام .. غير القادر قول : لا في وجه الطغيان . هذا القطيع الذي لايستطيع حتى الدفاع عن وطنه في وجه الأعداء . هذا القطيع الذي أصبح يمارس السجود وتأليه الحاكم مهما فعل .. القطيع التائه التافه . وفي الواقع أعترف ثانية أنني لم أجد مثل هذا الكم من المرارة والهجوم على الواقع الراهن كما وجدت لدى الشاعر رياض خليل :
( تبا لرجال صنعوني .. صلوا .. عبدوني / واختاروا لي الألقاب وأنواع الأسماء الحسنى / أنا نمرود التافه / أنا دمية / نفخوا فيها الروح /كبرت كبالون .. وتورمت / وخافوا حجمي / ارتعشوا هلعا / سجدوا / عبدوني صنما / أنا نمرود الطاغوت إله الحمقى والجهلاء )
في هذه القصيدة حقيقة يتقلص الفضاء الشعري الحديث على مذبح الفكرة .. يذكرنا بقصيدة الزّهاوي الشهيرة : ( ياقوم لاتتكلموا / إن الكلام محرّم / ناموا ولا تستيقظوا / مافاز إلا النوّم .. الخ ) .
ورغم ذلك .. فإن قصيدته الجميلة : " فاصلة الشاهدة والقبر " ص71 تبدو مختلفة لجهة طغيان الحالة الشعرية والابتعاد عن المباشرة .. ولنقرأ :
( مرّة زرت قبري / وتفحّصت شاهدتي / فغضبت ../ ليس ثمة حرف ، ولارقم أو علامة / ... هذه الفكرة استخدمها شعراء وأدباء آخرون ، ولكن رياضا هنا يبدو متميزا . فهو ينسج لوحة جميلة حقا ، لإنسان في مواجهة مصيره الطاغي ، في واقع مأساوي محبط .. يلجأ إلى القبور ، يخاطبها في وهج الفجيعة .. كما اعتاد أن يفعل الرسول محمد( ص) قبل رحيله إلى الرفيق الأعلى ، عندما قال : ( ياأهل البقيع هنيئا لكم ماأنتم فيه ) .
في خضمّ كثافة الدراما التي ترسم اللوحة .. وهو هنا يرسم طريقا .. يعبر إلى الحياة من بوابة الموت .. نتلمس فكرة ليست جديدة أيضا ، ولكنه أتقن صياغتها ، وهذه ميزة رياض خليل الإبداعية . المنوال الخاص لخلق وعرض فكرة عميقة من خلال قصيدة . يقول رياض خليل :
( وعبرت إلى جثتي وعظامي / وصلت / عرفت / اكتشفت من الموت بوابة للحياة / خطواتي تسابقني .. والطريق ..وقبري ..) .
القصيدة القصة ، أو القصيدة اللوحة .. تعتبر اختبارا هاما لمقدرة الشاعر ، وكان الشعراء غالبا يمدحون لاتقانهم رسم قصة في الشعر ، كما مدحوا الشاعر الحطيئة في قصيدته الشهيرة : ( وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل = ببيداء لم يعرف لها ساكن رسما ) .
إبداع الشاعر هنا أيضا يتوضع في طريقة صياغته للفكرة ، مع محافظته على الغنائية الشعرية ، وفي استعراضه لتفاصيل القبر ، خاصة " الشاهدة " باعتبارها شاهدا أول . يمكن أن نقرأ للتوضيح ص77 :
( قالت الشاهدة : كنت ذاكرة / نزع المجرمون اللصوص ملامحها / سرقوها / وفما ردموه / ولسانا إلى الحلق قد ربطوه / فهلم إليّ / وفكّ وثاقي / وحلّ لساني )
في سياق استخدامه للرمز ( الشاهدة ) الذي يعني خلاصة الطريق إلى أعماق إنسان العصر ، ظل الشاعر أمينا للغنائية ، خاصة البحر العروضي ، وهو الخفيف ، ولم يقع في فخّ الحشو ، إلا عند استعماله لحرف : " قد " في جملة : قد ربطوه . بينما استمر انسياب الشعر سلسلا دون عقبات ، وهذه نقطة تسجل لصالح الشاعر . إن نجاح الغنائية دوما مشروط بانسيابها الموسيقي دون عثرات . أما الرمز بحد ذاته .. فكان جديدا رغم غرابته ، الشاهدة على القبر خلاصة الانسان حقا ، تحمل تاريخ ولادته ورفاته ، وبعض تاريخ حياته ، وأحيانا صورته . هي ملامحه الأخيرة الباقية بعيد رحيله عن هذا العالم . يشاهدها العابرون ، فيدركون مغزى البدايات والنهايات .
يوحّد شاعرنا بين الشاهدة والجثة والقبر في هذه الدراما الشعرية ، وصولا إلى غايته الأخيرة من هذا التوحيد ، وهي ربط مأزق الوجود بغاية هذا الوجود المتمثلة بالنضال من أجل القيم الكبرى للإنسان ، وخاصة الإنسان العربي ، فهو يصر على تفسير قيمة العدالة بالحق . وتفسير الحق بسيادة الناس على مصائرهم دون قمع أو استلاب أو استسلام للغاصبين والأعداء . ليقول : ص 80 :
( ثم تنبئني .. وتقصّ : الجريمة في وضح الشمس . تشرح : والمجرمون .. / الضحيّة في السجن / في القبر منسيّة / وتقصّ: الجريمة قائمة .. حية .. / والعدو .. الجناة .. وموتى بلا جدث / وتحدثني : عن حواجز تفصلنا / عن جواسيس ترصدنا / عن نهار يلوثه الليل .. )
إلى أن يقول : مختتما لوحته القصصية كما يجب أن نخمن أو يتوقع :
( سوف أخرج من غابة الإنس / من بطن مفترس / رافعا رايتي بالبراءة / وورائي جيوش المقابر .. والجثث الغاضبة / والشواهد / كي نوقف الموت في الموت / كي نطلق القبر والموت والشاهدة )
هكذا لم يأت حديثه عن الخلاص ، والبحث عن الأمل ، عن طريق الثورة مباشرة . لقد رسم الشاعر لوحته مبتعدا عن المطبات الفكرية ، وعن التناقض بين الشكل والمضمون ، بين استخدام الرمز وتوظيفه ، أو الوقوع في المباشرة والخطابية .. لهذا جاءت قصيدته فيها الكثير من الشفافية وسمات التفرّد الإبداعي الخاص بالزميل رياض خليل ، وهي ميزة تستحق التنويه .
إن بين أيدينا مجموعة شعرية تستحق القراءة ، لشاعر يشق طريقه بثقة وقوة .. نحو مايستحق من مكانة بين شعراء المقدمة في سوريا .



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكاية الثالثة من حكايات صاحب الجلالة
- الكاتب الفلسطيني طلعت سقيرق في :
- حامل الهوى تعب : قصة قصيرة
- من حكايات صاحب الجلالة : قصص
- المفهوم الملتبس للقوة المدنية السلمية
- الثورة السورية بين السلمية واللاسلمية
- سوريا : الجبهة الدولية المشتعلة
- حكايات صاحب الجلالة
- السلطة الأم: سلطة الشعب
- حتمية انتصار الثورة السورية
- جحا وساميل : (5) ، حلقة جديدة
- إضاءة على الحقبة الأسدية
- الأدب والثورة
- من قصائد الثورة (10)
- جحا وساميلا: الحلقة الرابعة :قصص قصيرة مسلسلة
- قصيدتان : ذاكرة للحب و نجوم الفرح : شعر نثري
- حيث يوجد الحب
- أنا ونعيمة والوحش : قصة قصيرة
- جحا وساميلا (3) : قصة قصيرة
- اليسار السوري: تاريخ فاشل ودعوة لإعادة البناء


المزيد.....




- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض خليل - الدكتور زهير غزاوي في ...