أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - تضحيات أم














المزيد.....

تضحيات أم


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


هذه ليست قصة من واقع الخيال , ولكن أحداثها حدثت فى الحقيقة , وهذا يبين ما يفعله الآبناء تجاه الآباء , فنحن نحتضنهم ونرعاهم فى صغرهم , ولكن للأسف لم نجد منهم سوى الجحود فى كبرنا .
قال صاحبنا : لى أم حانية , تركض طوال النهار علينا منذ أن توفى والدنا ونحن صغار , أمى كانت تعمل خادمة لدى أسرة ميسورة الحال , وهذه الآسرة كانت تعلم أننا نعيش دون عائل , فكانوا يعطفوا على والدتى ويعطوها بقايا الطعام الذى يفيض عن حاجتهم , وكانت أمى تحضره لى ولآخوتى الآربعة , فكنا نأكله فى سعادة وسرور وكنا نشعر بأن ربنا عوض علينا بهذه الآسرة عن فقد أبينا الذى حرمنا منه .

لكن المشكلة التى كانت تعترينى وتلازمنى دوما وكانت تؤرق حياتى وتسببت فى تأزم نفسيتى , هى أن والدتى كانت بعين واحدة , فأنا كنت أحرج منها وأكرهها لآنى كثيرا ما أشعر بالأحراج أمام زملائى وأصدقائى .
وفى يوم من الآيام حضرت والدتى الى مدرستى كى تطمئن على أبنها فى المدرسة , لكنى شاهدتها ولكن تجاهلتها ونظرت إليها نظرة رفض بعين مليئة بالكراهية وفهمت ما أعنيه , كم كنت فى منتهى الحرج والآحساس بالتعاسة لآن زملائى بالصف شاهدوها .

وفى اليوم التالى لزيارتها لى بالمدرسة بلغنى أحد زملائى فى الصف بأن أمى بعين واحدة , فأنزويت فى أحد أركان الصف وبكيت بحرقة وتمنيت أن تنشق الآرض وتبتلعنى , وتمنيت أن أدفن نفسى أو أن تختفى أمى نهائيا من حياتى , وواجهت أمى بما قاله زميلى ومعايرته لى , وقلت لها أنك يا أمى جعلتنينى أضحوكة بين زملائى وأصدقائى , ولكنها لم تكترث ولا تعيرنى أى أهتمام بكلامى .

وبعد سنوات تخرجت من الجامعة وحصلت على منحة للسفر بالخارج , أستطعت فى الخارج أن أثبت وجودى وحققت كل ما كنت أتمناه , وحصلت على جنسية البلد الذى أعيش فيه وأشتريت منزلا جميلا وتزوجت وأنجبت أطفالا , وكنت أعيش فى سعادة , ولكنى أشتقت الى أمى , فجاءت لزيارتى , وإذا بأطفالى يضحكون عليها , فصرخت فيها ونهرتها أن تبتعد عنهم لآنها تخيفهم , وقلت لها كيف تجرأت على أن تخيفى أولادى ؟ ! وطلبت منها أن تخرج من بيتى وتغادره ... وفعلا أنسحبت بهدوء معتذرة وقالت يا ولدى يبدو أنى أخطأت العنوان .

وأختفت أمى ولكن بعد عدة أيام أخبرنى جيرانى بخبر وفات أمى , ولم تذرف عيناى دمعة عليها وقام الجيران بتسليمى رسالة من أمى قالت فيها :
( أبنى الحبيب , أعتذر لمجيئى إليك وإخافة أولادك وأسفة لآننى سببت لك الآحراج فى حياتك مرات عديدة , هل تعلم ياولدى العزيز , إنك تعرضت لحادث وأنت صغير وفقدت أحدى عينيك , وكأى أم لم أستطع أن أتركك تنمو وتكبر بعين واحدة , ولذا كان لزاما على أمك أن تهبك جزء بسيط من جسدها , لآنك قطعة منى وهى شئ بسيط بالنسبة لك , وكنت أيامها فى منتهى السعادة لآن نور عينيك سيرد لك مرة أخرى , وكنت فخورة جدا لآن أبنى سوف يستطيع رؤية العالم بعين أمه ... مع حبى ... أمك )



#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ست الحبايب
- صناع الخوف
- إنى أعذرك يا إمرأة
- الكذب خيبة
- رسالة الى شهيد غزة
- فى غزة مات شهيدا فرع الصبار
- قضايا شائكة ( الخيانة الزوجية )
- الحب وعلاقته بالغضب
- كلمات من ذاكرة النسيان
- مصر غنية بثرواتها
- قضايا شائكة ( المحلل )
- الغزو البشارى للشعب السورى
- بشار يغتال براءة الآطفال
- قلوبنا مع المناضلة هناء شلبى
- غدر ما كنت أعهده
- حكاوى الليل
- قضايا شائكة ( الزوجة الشكاكة )
- وداع الآحبة
- هدم الدولة عن طريق الفوضى
- خالتى فاطمة قالت لى


المزيد.....




- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - تضحيات أم