أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوري الخيام - تعرية ذاتية... -جهادي -















المزيد.....

تعرية ذاتية... -جهادي -


جوري الخيام

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 10:13
المحور: الادب والفن
    


تبدأ الحكاية مع وصول يد الإرهاب الملقبة بالجهاد إلى تفاحة أمريكا وقلبها النابض. 11 سبتمبر 2001 يوم يعاش في العمر مرة، جاء ذاك اليوم بعد اشهر من انتقالي للعيش بولاية فرجينيا لإتمام دراستي الجامعية ,جاء ليعكر مزاج الحرية .كان يوماً ككل الإيام ذهبت كالعادة الى الكفيتيريا بين الحصة الاولى و الثانية ، كان كم هائل من الطلاب وغير الطلاب يتجمهرون حول التلفاز الصغير المعلق في أعلى الحائط ، التحقت بهم و تفرجنا على الطائرتين يتحطمان ويهوى برج فالأخر . لم نفهم ماذا يحدث ، ظننا لوهلة انها احدى الخدع البصرية لفيلم من افلام سپيلبرغ . كانت كلمة what هي الكلمة الوحيدة التي تفرض نفسها وسط كل ذلك الذهول .غرقت امريكا ولاية ولاية و مدينة مدينة في حداد و خوف داما لسنوات قلل من حدتهما الحروب التي خاضتها امريكا ضد الارهاب و اطفأ نارهما مؤخراً موت بن لادن بطريقة مهينة مصغرة لفخامة القاعدة المرعبة. لكن أثره السلبي على حياتي و حياة الكثير من العرب المسلمين هو شيء دائم لا يزول .

عشت ما يقرب عقداً من الزمن في ولاية فرجينيا حيث تركت قلبي والإحساس بالحرية و الوطن .درست تزوجت ، ارتحلت ،اشتغلت و انجبت و ما ظننت أني يوماً سأعود ،فأنا رغم الإرهاب لم أحس سوى بالإحترام لشخصي ....عايشت جورج بوش طوال مدتي ولايته ،وكان كما قد شن حرباً على الإرهاب خارج الحدود فإنه وحكومته اعلنوا الجهاد على المهاجرين المسلمين والعرب وخاصة منهم طلاب الجامعات و- شددوا الخناق على كل مقيم لاشرعي هارب من إرهاب العرب والمسلمين .كنا نحس اننا في صف طويل كل منا ينتظردوره فيا إما أو الترحيل . وحتى إذا أحسنت الإختباء فإن القوانين ستخنقك كل يوم أكثر ،تجعلك تبحث عن مخرج و المخرج كان واحداً ....الزواج و عندما تهزم تبتاع لنفسك تذكرة ذهاب فقط رجوعاً إلى أرض الوطن . وكانت أذكانا الطائفة التي فهمت ذلك سريعا واختارت الزواج الحقيقي و اختارت الصدق ،وهناك طائفة أخرى اختارت الصدق كذلك عن طريق الإستسلام والعودة بدون أي محاولة رغم أنها كانت تفضل البقاء و لأكون صادقة فقد عرفت بعض الناس الذين عادوا حباً في الوطن وإشتياقاً للوالدين لكنهم قلة وأكيد أن وضعية أسرهم جيدة جداً في بلاده وغالبيتهم يفضلون المشي وراء القطيع و- لا يتأثرون كثيراً للكرامة وإغتصاب الحرية .

أما أنا فكنت من الطائفة الغبية وما أدراك ما الطائفة الغبية . أحببت طالباً مغربياً في الجامعة مثلي، عنده تأشيرة مدة صلاحيتها عامين لكنه لا ينوي الرجوع ،ولا أنا كنت أنوي الرجوع .تزوجنا زوجاً شرعياً إسلاميا شفهياً غير قانوني ، اليوم أنظر ورائي و أقول يا لها من مسخرة !!! لقد جعلتني فطرتي عندما كانت عندي ، و لست أدري أين ذهبت اليوم،أمشي وراء القرأن وأظن أن الرسول والله ووالداي على صواب. هذا ما يريده الرب الجليل ، خرقت كل القوانين الأمريكية وكنت مرتاحة الضمير... يا للخجل !!! فقط لأن الزنا حرام !!! أنا لم أرض أن أغضب ربي وأمي التي علمت أن على علاقة بشاب فجن جنونها، والجنة تحت أقدم الامهات فحتى إذا كان علينا رمي أنفسنا إلى التهلكة واجبنا إرضاؤهن. وان أحب دائماً الإستجابة لواجبي . وكان ما أراد أمي و الله ...أما أنا فقد كنت أريد فقط أن أعيش قليلا.

كان هو قد توقف هو عن الدراسة وتفرغ للعمل ،أنا كنت ادرس فنون الإعلان وأعمل في محل لبيع السيارات . كان الزواج من أمريكية مقابل من المال هو مخرجه الوحيد أو العودة واحتراف واللاكرمة والدخل المحدود ،إذا كان هناك دخل .أما أنا فلم ارتح أبداً إلى تلك الفكرة و فضلت الحفاظ على اقامتي الدراسية إلى أجل غير مسمى، و كنت أتباطأ و اتقاعس قدر الإمكان في دراستي فلم أكن اسجل أكثر من 3 أو 4 مواد في الدورة . حتى صارت الدراسة والإقامة شيئاً واحداً ولم يعد طموحي هو إتمام الدراسة بل صار حلمي أمريكياً بحثاً و ما أعذبه،، وما أسهل تحقيقه في تلك البلاد.طبعاً يتطلب الأمر جهداً ومثابرة لكنك تحس أنك تأخد ما تستحق وتحس بجدوى المواطنة .

بحلول عام 2004 كانت الكثير من قوانين الهجرة قد تغيرت واصبحت اكثر تشدداً مع الطلاب العرب فمثلاً تم الغاء العديد من تأشيرات لاصدقائي من الخليج و طلب منهم ان يعودوا الى بلدانهم للحصول على اخرى ، لكن أغلبهم لم يرجعوا ،و قد علمت في ما بعد ان طلباتهم للحصول على التأشيرة جديدة رفضت . اما بالنسبة لنا نحن الذين بقينا فقد تعقدت الحياة خاصة بالنسبة للذين انتهوا او توقفوا عن الدراسة ولم يكونوا راغبين في الرجوع الى بلدانهم. صارت قوانين الهجرة تطبق بشدة و صرامة حادتين. و صار من الصعب جداً العمل الى جانب الدراسة جعلنا ذلك نغير عملنا بشكل مستمر لكنه لم يجعلنا نتوقف عنه .صار صعبا اذا لم اقل مستحيلاً ان يتخرج المرء و يجد رب عمل قاراً يقبل ان يضمنه و يسوي له وضعيته .صار من المستحيل ان تحصل على بيت للإيجار أو رخصة السياقة او حتى بطاقة تعريف اذا لم تتبث شرعية وجودك في الولايات المتحدة الامريكية الشئ الذي يمنعك من امتلاك حساب في البنك او هاتف او سيارة .

في سنة 2006 ومع بداية الدورة الدراسية الثانية أوائل شهر يناير وضعت مولودتي الأولى والوحيدة في إحدى مستشفيات نورفولك، لم أكن قدرة على حضور حصصي و المداومة في الجامعة وبما أن قوانين الهجرة لا تحمي الحوامل كما قالت لي المسؤولة عن شؤون الطلبة الأجانب سوزان هانم بكل برود ، و كان الحل المثالي لديها هي أن أعود إلى بيت أهلي في إسبانيا أضع المولود وأقدم طلبي من جديد ربما قبلت من جديد .وإذا حدث ذلك يجب أن أرمي طفلي في القمامة، لست أدري لماذا أهملت قول ذلك . لم تمهلني مدام دي فير فبعد ست غيابات لا يزيدون واحداً وضعت حياتي في ملف وصدرته إلى دهاليز الاعودة واستلمه أحد ضباط الهجرة ، وأحب أن أضيف أنه كان شاباً وسيماً جداً ليس كهلاً عابساً كما تخيلته قبل أن أراه ، وحدث ما كنت أخشاه وصار وضعي غير قانوني وصار يجب أن ارحل .فهناك ليس كدول أخرى طفلك الأمريكي لا يحميك . شئ من الجنون ..ماذا عن عائلتي؟ وحياتي ؟ و حلمنا الأمريكي وكل ما عملنا لأجله ،لم يكن هناك إلا ذلك الحل...الزواج مقابل المال فاليوم حسابات أخرى تفرض نفسها والعودة كانت شيئاً مرفوضاً .... لم يكن وضع زوجي أحسن مني بكثير فزوجته لم تكن تتوقف عن الإنجاب من رفيقها وطبعاً هذا في حد ذاته إتباث أن زواجهما غير حقيقي .

بعد رحيل الطائفة الإستسلامية و وصول الطائفة العقلانية إلى بر الأمان وجدنا نحن الأغبياء انفسنا في حرب شرسة مع ضباط مكتب الهجرة ، صاروا يقومون بحملات تفتيشية للأماكن المعروف عنها انها تشغل طلاب الجامعات والمقيمون اللاشرعيون ، ويزرون المتزوجين في أوقات غريبة كالصباح جد الباكر مثلاً ، لتفتيش البيوت والتأكد من أن كل تلك الزيجات صادقة وحقيقية وإذا كان العكس صحيحاً أو إرتابهم شك من ناحية أحدنا غدو ضيوفه كل أسبوع مرة أو إثنين أو كما شأووا. وكان ذلك سبباً رئيسيا في رفض الكثير من طلبات الإقامة و كما يقولون "ياما في السجن مظاليم" فقد جرف السيل معه أناساً كانوا صادقين في زيجاتهم بعضهم كان يحب بعضهم لم يحب لكنهم عاشوا العلاقة و تزوجوا بالفعل لكن الأمور إبان الحرب ضد الإرهاب كانت تطول لسنوات فتفتر تلك العلاقة وينتهي ذلك الزواج، وعندما يبدؤون بالتحري يكون كل شيء صار صورياً أو كل واحد يعيش لوحده و في بعد الأحيان يتحول ذلك الزواج إلى بزنس . كما صار لمكتب الهجرة جواسيس بين جاليات و الطلاب ،و قد تأكدت من ذلك حين جاء دوري لأزور سرايا الميگرة ،كنا نطلق على مكاتب الهجرة ،و عرضوا عليا من خلال محاميتي ميندوزا مقابل ان تسير أموري بسلام و بسهولة مقابل ان أدلهم على شخص مغربي يدعى مجد العرب ، اعرفه معرفة مجاملات عرفني عليه أصدقاء مغاربة و كان مجد قد توقف عن الدراسة وتزوج لكنه لم يقدم طلب الإقامة بعد، و كانوا يريدون امساكه قبل أن يفعل لأن ذلك يصعب يقلل فرصته في الحصول على البطاقة الخضراء،ورغم أنهم كانوا يعرفون مكان عمله و مسكنه، لكنهم لشهور لم يتمكنوا من إلقاء القبض عليه ، كانت محاميتي اقد اطلعتني كذلك على لائحة من الأسماء و صور عرفت بعضهم فقط لكني أنكرت حين سألتني ... و على أي فلم يمش شئ على ما يرام أظن أني لم أثبت حسن نيتي إتجاه انكل سام .

في صبيحة من صبيحات ابريل وبعض ثلاثة أشهر من ولادة طفلتي الجميلة ، قرع الباب قبل السادسة صباحا بدقائق ،فتح زوجي، على سنة الله ورسوله انذاك، الباب وإذا بالطارق خمسة اشخاص عرفوا أنفسهم كضباط من مكتب الهجرة ذهب احدهم ليحرس الباب الخلفي، ظل احدهم وقفاً في مكانه أمام الباب و حاول ثلاثة منهم الدخول كأنه حق مشروع وكأن أحداً لا ينوي أن يعترض ،وهم أناس يتقنون الأدب و إحترام الإنسان .... ولحسن حظي وسوء حظهم فتح الباب مواطن في بلد حلال فيها فرض الذات فقد إعترض !! و لم يدخلوا.... سألوه عن زوجته ،قال أنها مسافرة وأنه لوحده في البيت ، ومن حسن الحظ أن ابنتنا تأخرت في النوم على غير عادتها ذاك اليوم فلكي أحملها يجب أن أمر بجانب الدرج المكشوف لهم . كان حاداً و صارماً جداً معهم لم يسمح لهم بالدخول أو تفتيش البيت قال إني لم أعد أسكن هناك وأني أسكن مع زوجي في مدينة أخرى قريبة ، سألوه عن طبيعة العلاقة بيننا فقال أننا أصدقاء من المغرب ومنذ الطفولة وأنني ألجأ إليه حين احتاج أية مساعدة .وكان كل ذلك الكذب ليس في مصلحته فنحن نعرف أنهم يعرفون معظم الحقائق وأنهم قبل أن يطرقوا الباب في ذاك اليوم الشؤم كانوا قد راقبوني جيداً لمدة ليست قصيرة وهم يعرفون أني نائمة بالبيت ومعتمدون على جهله بحقوقه ليضعوا ذرعهم حولي ، ولولا تلك الحقوق ما كنا تشبثنا بتلك البلد إلا حد الجنون .أضف إلى ذلك أن سيارتي كانت أمام الباب وكان بذاخلها حقيبة يدي ولم أكن متعودة أبداً على اقفالها ورغم كل ذلك لم يجدو بداً من الرحيل .....في السابعة صباحاً كانوا يطرقون باب إحدى صديقاتي ،انهكوها وأسرتها بالأسئلة ولما لم يصلوا إلى شيء يذكر تأكدوا أن اقامتهم جميعاً سليمة . قبل الزوال بقليل جاء بعد الأصدقاء يحرسون الشارع حتى خرجت من الحي مستقلة سيارة أخرى وتوجهت الى شقة أجرها زوجي "على طريقة محمد" من صديقه في الصباح ذاته.......

يتبع إن شاء القلم ...



#جوري_الخيام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمينة الفيلالي لن تموت.
- في مصانع الرجال ...
- قليل إعدام الأسد
- زنگة زنگة على نغمات مغربية.
- أنوثة محنطة.
- رفقاًً بالحيوان العربي ...
- حضرت الثورة وغاب الله .
- حلال دم الفكر و الحرية
- المرأة تحت ضلال الله
- الشعب يريد -إسقاط النظام-
- لعنة الحقيبة


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوري الخيام - تعرية ذاتية... -جهادي -