أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس يونس العنزي - أوهام ظل ...














المزيد.....

أوهام ظل ...


عباس يونس العنزي
(عèçَ حونَ الْيïي الْنٍي)


الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


لم يكترث الناس إلا بالذي فقد ظله ، أماهو ، ذلك الظل المنسي الأخرق فليس سوى نكرة لم يعرف قط بملامح ترسم هويته رغم أن هامشا لنار الحياة قد اضطرم في سواد شكله ، وبقي موجودا في عالم الضوء والليل معا ، يرقص على إيقاعات تؤججها بواعث الجانب الآخر فانغرست في تكوينه الضوئي نصال الاحلام البعيدة المبددة .
قال بعض العارفين أنه كان وعيا مرسوما بلون واحد ومقيدا بغيره ، وآخرون قالوا أنه محض انتفاضة غريزية تحاول الانفصال والبقاء ، وقد حصل المستحيل ، إذ أن صدفة ما بلحظة ما حطمت ما يجب أن يكون ، فانفلت ذلك الأخرق إثرها من لصيقه في لحظة تمزق مفاجيء مريع ، ساعتها اُعيد ارتكاب الخطيئة ودنس الشجر المقدس وابتدأ زمن حرية غامضة حبيسة وكفراشة باجنحة من ألم مزق أساره المظلم ، أو هذا ما ظنه وارتمى في أحضان الترحال منطلقا الى حدود الزمن تملكه رغبة بالاستبداد دفعته الى تجربة عمياء لا تبصر فيها ، فكان جزءا من لعبة استهتار وخبل مثيرة ، بهرته الأنوار ودوخه ضجيج االمدينة وزحمتها وأخفته عن الأعين ، لكن احساسه بالوحدة كان ثقيلا ومرعبا ، وبين الفينة والأخرى يخضع لنوبة أشبه بنوبات الصرع ، وغدا مخيفا بالفعل ، وفكر أنه ضحية مأساة الوجود ، كان يتطلع للأشياء حوله إذ بدت كأكداس بلا قيمة وضاعت منها الحدود بين الحياة والموت ، فزحف هاربا من نقطة البدء ، ولأنه ليس إلا صدفة كونية لا تحدث في كل حين فليس هناك من يلحظه في تنقله بين الارصفة والشوارع و النفايات المبعثرة والبقايا التافهة إلا من لم يكن له ظل ، الشيطان ، هبطت عليه الفكرة كجيثوم لا استيقاظ بعده ، وراح الخوف يمتد في كيانه ويتغلغل في خطوط تشكيله الضوئي وفكر" من القرف أن أكون عبدا مرة أخرى ولمن ؟ لذاك المخلوق المتعوس المتغطرس الشرير " .
في أنحاء المدينة ، كان الليل ثوبا أسود تمزقه أضواء القناديل المحزونة ، وسكونه حطمته أقدام العابرين وهمهماتهم الحائرة ، ولم يكن للظل إلا لونه الأسود ، ومن المستحيل أن يكون له لون آخر فلم يعرف قط ظل أحمر او أخضر ، لم يدر كيف ينفذ عبر قفص الخوف الذي أحاطه ، أطلق أغنية وسالت روحه شعرا وصعد عبر الألوان القزحية الى الأفق ، تخفى ، تنقل بانشداده الى أجساد خادرة تطوقها أسوار جمال مثير أخاذ ، وأخرى لمدمدمين يستمطرون الألم ، وحتى الأشياء الموصوفة بالميتة كان له معها زمن لقاء ، غير أن الطريق استطال وامتد بعيدا نحو عالم اليأس والملل ، وأحس الطرق تتقطع امامه لتتجمع في مساحة يمر عبرها نحو خيار واحد وحسب ، وتأكد أن حريته ليست سوى هروب متعب مدمر وليس هروبه سوى ارتجاف ذبابة في نسيج عنكبوت محكم ، ولا مفر من أن يقتنصه ذلك الشيطان العنيد الشرس كأضعف فريسة ، فكر " لا فائدة لأذهب إليه في وكره وليكن ما يكون " ، وفي ليلة حالكة ، عندما أسر بغاة الليل الشمس ودفعوها خلف المدارات ، ففقدت بريقها الذهبي وغدت مثل رغيف خبز محترق ، ارتحل الى هناك ، الى الجزيرة النائية التي تعج بالدخان والصقيع ، وتحلق في مداها غربان يملأ نعيقها زوايا الخرائب في كل مكان ، سلك دروبا تعصف بها ريح متضاربة بلا وجهة محددة ، لا تشرق عليها شمس ولا تستبد بها ظلمة وتملأ فضاءها صرخات مكبوتة وصدى أصوات حادة متيبسة كالجثث القديمة ذات الأفواه الفاغرة ، وعندما وصل اندحرت كل فرص العودة ، إلا مع الشيطان .
وهناك في الوكر البارد حيث كل شيء محض صورة من صور الأفيون ، ذهل من منظر آلاف الظلال المرمية تحت أقدام الشيطان ، تتضرع له من اجل رحلة خاطفة الى هناك ، حيث الناس والدفء والأحلام ، كاد يصرخ بتلك الصور ( من أنتم ؟ وما أنتم ؟....) لكن الكلمات تدفقت منه سراعا ( من انا ؟؟ وما انا ؟ ...) .
نظراته اليائسة تسمرت عند ظل قديم كالزمن يعاني من سكرات التلاشي ، فملأت الأرجاء شهقات الموت المؤلمة ، حوله انكساره الى وجود من سأم ، ارتمى بين ظلين مطرقين ، فكر أن لا معنى لكل شيء إن هي إلا أوهام ، وأيقن بعبث كل ما فكر به وكذب ما كان يعيه ، فقرر أن يتلاشى ، فلن يكون أكثر من ظل أخرق منتحر ، ورويدا رويدا خاض ألم العدم ولم يعد موجود للأبد ......!



#عباس_يونس_العنزي (هاشتاغ)       عèçَ_حونَ_الْيïي_الْنٍي#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصفحة الأولى من روايتي - متاهة الحب الأول -
- خريبط وحلمه الضائع - قصة قصيرة
- تحية الصباح الأخيرة - قصة قصيرة
- هلوسات ..
- السلاطين لن يتعظوا ... استذكارا للدكتور علي الوردي
- دلو اللبن ...
- ومضة في أزمة الحقيقة
- مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 7 -
- مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 6 -
- مناقشة اولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -5 -
- هنية
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 4 -
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -3-
- مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني -2 -
- مناقشة اولى لمنطلقات الحركة الصهيونية
- غريزة البقاء والتوريث المعرفي
- مقدمة أولى في فلسفة أصول الإرادة
- الرمز الاسطوري عند حسب الشيخ جعفر
- الموت بين الحق والعقوبة
- الطوطمية - محاولة للفهم والتفسير


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس يونس العنزي - أوهام ظل ...