|
حملة العنف الاسرائيلية إلى أين ?
فاطمه قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 08:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حملة العنف الاسرائيلية إلى أين ? د. فاطمة قاسم حملة العنف التي فجرتها إسرائيل يوم الجمعة الماضية ، لا زالت مستمرة ، من خلال تزايد عدد الشهداء ، حوالي ستة وعشرين شهيدا ، وحوالي تسعين جريحا بعضهم في حالة حرجة جدا ، فكيف تدار هذه الحملة العنيفة من جانبنا فلسطينيا ، على مستوى الفصائل ، وتحديدا في قطاع غزة ؟ الجواب محير فعلا ، لأن هذا الثمن الفادح الذي قدمناه في قطاع غزة ، كان يمكن أن يكون مبررا قويا ومشروعا ومنطقيا للسؤال ، ما هي عناصر نجاح التهدئة التي يطالبنا الجميع بها ، والتي نحن نريدها أيضا ، بحيث تكون هذه التهدئة مصلحة للجميع ، وبالتالي بمشاركة الجميع ، وبالتزام من الجميع ؟
قلنا في الرد على هذا السؤال أننا نسعى إلى أن تلتزم إسرائيل – دولة الاحتلال – بشيء مقابل هذه التهدئة ، فتتعهد بإيقاف حملة الملاحقة للمطلوبين ، ولا بأس من البحث عن صيغ معينة لتحقيق ذلك ، لأنه بدون الحد الأدنى من الالتزام الإسرائيلي فإن اتفاقات التهدئة لا تصمد ، بل سرعان ما تسقط ، ويكون الثمن في العادة فادحا ، وتكون الجراح عميقة ، وهكذا دون نهاية . وقلنا لكل الأطراف الفلسطينية ، أنها إذا كانت صادقة فعلا في إدخال تعديلات منطقية على صيغة التهدئة لكي تستمر ، وإذا كانت صادقة فعلا في تثمير المقاومة ، فإن هذا لن يحدث مطلقا بدون إنهاء الانقسام ، وبدون الانضواء الموضوعي والإيجابي الكامل تحت لواء الشرعية الفلسطينية ، وأن يصبح الجميع ، ويقبل الجميع ، بما في ذلك المعارضة – إن وجدت – أن تكون جزءا عضويا من النظام السياسي الفلسطيني ، وليس انتقاء ما يعجبنا ورفضنا ما لا يعجبنا ، فهذه مهزلة بكل معاني الكلمة ، ويجب التخلص من الأوهام التي دفعنا ثمنها كثيرا دون جدوى على الاطلاق . ما هي هذه الأوهام ؟ أولها أن يؤخذ الشعب الفلسطيني رهينة من أجل حصول حركة حماس على الاعتراف بشرعيتها عربيا وإقليميا ودوليا ، وحينئذ سيكون لدينا فيدرالية في أحسن الأحوال . وهذا وهم مجرد وهم ، ولقد حاولت حماس ذلك عدة مرات في الخمس سنوات الأخيرة ، بإيحاءات من هنا وهناك ، وكانت ذروتها في الحرب التدميرية الشاملة ضد قطاع غزة قبل ثلاث سنوات وأكثر ، فماذا كانت النتيجة ؟ النتيجة كانت مؤسفة جدا ، لأن الحصار المفروض على غزة من قبل الإسرائيليين ، تحول إلى حصار دولي بقرار من مجلس الأمن ، يشارك فيه الجميع ، وتحولت قوافل التضامن لفك الحصار عن قطاع غزة إلى عمل غامض ومشكوك فيه ولا يستفيد منه سوى القائمين عليه في الخارج . ومن بين هذه الأوهام أيضا أن تعطي بعض الفصائل نفسها وضعا خاصا ، مثل حركة الجهاد الاسلامي ، فتختار هي ما توافق عليه وما لا توافق عليه ، دون أن تكترث أن هذا الأسلوب يساعد في تكريس الدعاية الإسرائيلية السوداء التي بدأ يصدقها العديد من الأطراف في العالم بأن قطاع غزة تحول إلى حديقة خلفية لإيران ، وقد رأينا أن كيف هذه القضية خطيرة جدا ، وخاصة بعد أن قامت حماس التي كانت تتحمل العبئ ، بتوجيه رسائل قوية إلى الجميع بأنها لم تكون جزءا من الحرب الإسرائيلية الإيرانية إذا اندلعت ، وبعد أن مسح الأخ اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة ، كل كلام أو استنتاج نتج عن زيارته الأخيرة لطهران ، حين أعلن في ميدان الأزهر الشريف أنه يعود تائبا إلى بيت الطاعة السني . وهكذا فإن حركة الجهاد الإسلامي يجب أن تطرح أسئلتها المشروعة حول التهدئة من خلال الكل الفلسطيني ، وتحت سقف الشرعية الفلسطينية ، وليست منفردة هكذا لوحدها ، لأنها حينئذ ستعامل كما لو أنها خارج السرب الفلسطيني ، وقد عاشت حركة الجهاد الاسلامي تجربة قاسية في الأيام الأخيرة ، حيث لم يشاركها أحد تقريبا في قطاع غزة ، ونقلت إليها رسائل التهديد الإسرائيلية كما لو أنها تخصها وحدها . منذ يوم الأحد الماضي ، أصبحت الرسائل التي تتلقاها الشقيقة مصر من إسرائيل ، التي تنقلها إلى حماس ، التي تنقلها بدورها إلى بقية الفصائل في قطاع غزة ، رسائل قاسية جدا ، لا تحتمل أي تأويل ، تحدد بكل وضوح أن من يخترق التفاهم سيدفع ثمن باهظ جدا ، وفي النهاية فإن هذا الثمن الباهظ سيدفعه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة . وهكذا نعود من جديد إلى نقطة البداية ، من أين نبدأ ؟ هل نكرر الأوهام ؟ أم نذهب مباشرة لنكون تحت سقف الشرعية الفلسطينية ، ونذهب مباشرة إلى المصالحة ، وننضوي تحت لواء النظام السياسي الفلسطيني ، فهذا هو الذي يحمينا ، وهذا يعطي المزيد من المشروعية لمطالبنا المحقة ، ويعطي لهذه المطالب وزنا أثقل ، أما التعيش على الدماء التي تسفح في حملات العنف الدموية ، فقد ثبت من التجارب المريرة أنه لا ينفع أصحابه على الاطلاق .
#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحلام خارج السرب
-
وقت أطول للقتل
-
من الزنزانة الى الوطن ومن الوطن الى المنفى
-
حراك الرئيس أبو مازن وافق فلسطيني جديد
-
استحقاق أيلول من تركم الاحباط الى قوة المحاولة
-
نحن و الربيع العربي
-
جميلة صيدم أم صبري جيل الانتماء الانضباط الوطني
-
أين أنت يا حكومة؟
-
في انتظار ميلاد الحكومة
-
علي صوتك لحماية وحدة الوطن
-
المصالحة و اختياراتها الصعبة
-
المصالحة و التحديات
-
علا و الموت من انكسار القلب !
-
أخطر المعارك وأصعب القرارات
-
الخوف قد رحل والربيع على الأبواب
-
المرأة الفلسطينية من الحضور إلى قوة التنظيم
-
و نحن لنا موعد أيضاً
-
المصالحة مناورات مفتوحة و أبواب مغلقة
-
الانتخابات المحلية نحو تجربة ناجحة
-
مصر على مستوى أقدارها
المزيد.....
-
نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية
...
-
شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
-
دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
-
نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص
...
-
اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
-
رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي
...
-
الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق
...
-
شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
-
ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
-
وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|