أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - كل عام وأنت بخير يا محمود درويش..!!














المزيد.....

كل عام وأنت بخير يا محمود درويش..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 13:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1-
بعد سنوات من الغياب، تلقى محمود درويش دعوة لزيارة دمشق، المدنية التي أحبها وكتب لها وعنها. كان حينها مقيماً في باريس. في دمشق أبلغه وزير الثقافة أن الرئيس الأسد (الأب) يرغب في مقابلته. فذهب.
يقول: بعد ساعات طويلة أنفقها الرئيس في الكلام عن الوضع، وتحليل ما يجري في المنطقة، شعرتُ أن المقابلة انتهت، فطلبت الإذن بالانصراف. أصر الرئيس على السير معي حتى باب القصر، وبعد عبارات الوداع التقليدية أدرت ظهري متجهاً إلى سيارة رئاسية في الانتظار. في تلك اللحظة، ناداني الرئيس، وكأنه تذكّر شيئاً، فعدت أدراجي لأسمع منه ما يلي: أستاذ محمود، سورية بيتك، أنت تعرف مكانتك في دمشق، وإذا أردت الانتقال للعيش هنا، فأهلا وسهلاً بك.
كانت تذكرة السفر في جيب محمود درويش من باريس إلى دمشق ومنها إلى باريس. ولكن بعد تلك المقابلة كان أوّل ما فعله تغيير الحجز من دمشق إلى تونس، ومنها إلى باريس. لماذا؟
يقول: أدركتُ خلال المحادثة القصيرة المفاجئة على الباب، أن دعوة الإقامة في دمشق كانت جوهر المقابلة، وأن كل ما سبقها من حديث في السياسة كان على هامش تلك الدعوة.
ولكن لماذا ذهبت إلى تونس؟
في تلك الأيام كانت العلاقة بين محمود درويش وياسر عرفات قد توترت بعض الشيء، ويبدو أن سيرة ذلك التوتر بعد تأويلها وتحويرها، وجدت طريقها إلى آذان كثيرة، ثم وصلت إلى دمشق.
وفي هذا السياق فهم محمود الدعوة للإقامة في دمشق، كمحاولة للاستفادة من ثقله الرمزي والمعنوي (وهو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس) في صراع النظام السوري ضد ياسر عرفات. ولهذا السبب قرر العودة إلى تونس.
وماذا فعلت؟
يقول: ذهبت مباشرة من المطار في تونس إلى مكتب ياسر عرفات، دخلتُ عليه قائلاً: أتيتُ لأصالحك.
2-
ها قد أصبحتَ هذا الصباح في الحادية والسبعين من العمر. كل عام وأنتَ بخير، يا صاحبي. أحاول، منذ أيام، أن أكتب احتفاءً بذكرى ميلادك، وأعترف بأنني عاجز عن الإفلات من قبضة الحدث اليومي، الذي يحرّض الضمير على الانحياز، ويمتحن قدرتنا على التفاعل مع الواقع.
الصور القادمة من سورية، وآخرها عن مجزرة وقعت قبل يومين في مكان اسمه كرم الزيتون، تُفسد كل محاولة للكتابة تنأى بنفسها عن واقع بلله الدم. لذا، أكتب لك وعنك في سياق ما يحدث الآن وهنا. فلنبتعد عن مشهد الدم.
ألاحظ، مثلاً، أنهم يذيعون بعضاً من قصائدك في الفضائيات التابعة للنظام في دمشق، فتعود بي الذاكرة إلى دعوة الإقامة هناك، وإلى امتعاضك من مسألة التوريث في سورية ورفضك لها، وإلى ما أبديته من ازدراء إزاء ذلك الشخص، الذي أصبح ذات يوم جزءاً من المدفعية الثقيلة لنظام آل الأسد. بالمناسبة، الشخص المعني انقلب عليهم، وأصبح جزءاً من المدفعية الثقيلة لنظام آخر يناصبهم العداء. وهو في الحالتين يبيع بضاعة لمن يشتري مستفيداً من رهانات كثيرة وكبيرة، ترفعت أنتَ، يا كبيرُ، عنها.
ولماذا إذا حضرت أشياء كهذه في الذاكرة تُستحضر في الكتابة؟
لأن من حق الناس في فلسطين وسورية، كما في كل مكان آخر، أن يسمعوا وأن يعرفوا عن أشياء كهذه. يمكن لنا، ويجب، أن نشتغل على نصك تحليلاً وتأويلاً ومحاولة للفهم، ولكن ثمة أشياء أخرى صغيرة تلقي مزيداً من الضوء على النص وصاحبه، خاصة عندما تزعم ملكيته أطراف متناحرة. وهذه الأشياء سيطويها الزمن ما لم يحرص الأحياء على تدوينها.
النظام يذيع بعضاً من قصائدك عن دمشق ولها، وفي المظاهرات يرفع السوريون لافتات تقول: "يا دامي العينين والكفين إن الليل زائل".
أكيد أن الليل زائل. ولو كنت هنا، الآن وهنا، لكانت أهداب قلبك مع المتظاهرين في المدن والقرى والبلدات المنادية بالحرية، وسياط لسانك على النظام والشبيحة في الشارع، والتلفزيون، أو على صفحة الجريدة.
في سيرتك ما يصلح للخطابة والمهابة، ومنها في نظر البعض ما يغسل أكثر بياضاً. يحدث هذا في فلسطين وسورية، كما في كل مكان آخر. ومع ذلك لن يصح في نهاية الأمر إلا الصحيح. ومن حق الناس أن يعرفوا عن دعوة للإقامة في دمشق، في زمن رهانات كثيرة وكبيرة، ولماذا رفضتها. ففي مجرد التذكير بحادثة كهذه رد على مَنْ يذيعون بعضاً من قصائدك في محطات النظام.
3-
ليتك كنت هنا، الآن وهنا.
لا بأس، يا صاحبي. في الثالث عشر من آذار من كل عام سيقول لك شعبك، وتقول لك الحرية، ويقول لك الشعر: صباح الخير أيها الأمير، وكل عام وأنت بخير يا محمود درويش.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنغازي سورية في حمص، ولماذا أحبطها الأميركيون!!
- في رثاء ماري كولفن..!!
- السباحة في الماء بلا بلل..!!
- رسالة إلى الرقم 1842..!!
- لا شيء يفنى أو يُخلق من عدم..!!
- مديح العام 2011..!!
- البيان والتبيين في خلافة المسلمين..!!
- المحبوب والعزيز والوارث، وكلهم زعماء..!!
- صعد الإسلاميون، وماذا بعد؟
- مصطفى موند..!!
- نهاية النظام في الأفق..!!
- سايكس بيكو الجديدة أم أغنياء النفط..!!
- معمّر القذافي، نهاية لا تليق بملك..!!
- في وداع فرانسوا أبو سالم..!!
- لماذا كلما اقتحموا مدينة عادوا إليها، وما وجه الشبه بين ليبي ...
- مبروك يا طرابلس والعقبى لأختك دمشق..!!
- عن العدوان الثلاثي، ومسلسل في حضرة الغياب..!!
- الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!
- والشعب في إسرائيل يريد إسقاط النظام..!!
- مديح العبث..!!


المزيد.....




- قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا بـ-رد قوي- بعد ضرباتها على ...
- رسم بياني يوضح تفاصيل عملية -مطرقة منتصف الليل-
- بعد الضربات الأمريكية إسرائيل لا تسعى لـ-حرب استنزاف- مع إير ...
- ترامب يؤكد تدمير المواقع النووية الإيرانية ويجتمع مع فريقه ا ...
- مركز أصفهان لمعالجة اليورانيوم منشأة إيرانية تعرضت لقصف إسرا ...
- عاجل.. الجيش الإسرائيلي: عطلنا القدرة التشغيلة لستة مطارات ع ...
- العربدة الصهيو-امبريالية تتصاعد ولا حلّ إلا في أن تواجهها ال ...
- منظومة الامتحانات عنوان لفشل المنظومة التّربويّة
- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - كل عام وأنت بخير يا محمود درويش..!!